العدد 3326 - السبت 15 أكتوبر 2011م الموافق 17 ذي القعدة 1432هـ

Think Pink وتراجع التنوير!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في كل عام من شهر أكتوبر/ تشرين الأول تـُطلق حملة Think Pink، لتوعية الناس بسرطان الثدي وأهمية الوقاية منه، عبر الفحص الدوري لذلك، وقد شاركنا في عدة محافل لتنوير الناس عن طريق الإعلانات والمقالات وبيع بعض القناني الخاصة بالحملة من الوقاية ضد سرطان الثدي. إلا أن الأحداث الأخيرة جعلت الناس تتشكك في ريع البيع، وما إذا كان يذهب الى فئات لا تتوافق معهم فكريا أو أيديولوجيا، وبات الجميع يسأل، أين مصدر القناني؟ ومن هو المستفيد من المال؟ وهل هو من هذه الفئة أم تلك؟! وتراجع التنوير شيئا فشيئا بسبب مزجه مع الفتن التي تحدث في مجتمعنا، ما أثر تأثيرا سلبيا على هذه الحملة.

يؤسفنا أن نرى الناس تتحدث بهذه اللهجة الطائفية، لتطئفن قضايا اجتماعية مهمة للمجتمع، كقضية التوعية بسرطان الثدي! وقد أصبح الترويج لهذه الطأفنة شائعا في مجالات أخرى، فالقروض الشخصية على سبيل المثال لا تعطى لأحدهم إذا كان من هذه الفئة أو تلك، ونقصد هنا القروض غير الرسمية!

وصلنا الى طريق أسود فيما بيننا، يؤثر كل منا على الآخر، ويضغط عليه من أجل الترويج لهذا الفكر المريض، وبتنا لا نساند بعض القضايا لأننا نشك بوصول المال المجمع الى المختصين، بل إن نظرية المؤامرة وجدناها صارخة عالية في مجتمعنا الصغير، فكل شيء بات مؤامرة من قبل الآخر، ويجب علينا التصدي له.

في العام الماضي جمعنا الكثير من المال من أجل Think Pink، ولكننا اليوم نجاهد من أجل إثبات هوية هذه الحملة، وأنها لا تخص أحدا وتساعد على الوقاية من سرطان الثدي الذي أقر العلماء بأن نسبته مرتفعة في الآونة الأخيرة بسبب جهل النساء بأهمية الفحص الدوري.

حتى حسن الظن خرج وولى من أوسع أبوابه، وظهر مبدأ التشكيك في كل شيء، في الناس وفي القضايا الاجتماعية... إلخ، والعجلة تدور على عكس الاتجاه الصحيح، وما هي إلا فترة زمنية حتى تتفجر المشاعر أكثر، ويحصل ما لا تحمد عقباه، وقد ذكرنا ذلك في أكثر من مقال.

قضية التوعية بسرطان الثدي تخدم امك وأختك وابنتك، وتحرص على الوقاية من هذا المرض الفتاك، لتجعلنا أكثر قدرة ووعيا حتى لا يحدث لنا ما حدث لنساء أخريات، فالفحص المبكر والاكتشاف المبكر قد يقي النساء من الموت، ولكن هل من مستمع هذه الأيام في ظل نظرية المؤامرة؟!

دعونا من شخصنة القضايا، ودعوا السياسة للسياسيين، وما نحن إلا أناس بسطاء يجمعنا وطن واحد وهوية واحدة ودين واحد، ورفضنا لبعضنا البعض ما هو إلا انقسام يؤدي الى هلاك المجتمع ذاته، فهل هناك من يعي هذا المرض الأكثر فتكا من السرطان؟!

نطالب بعض علماء الدين بعدم تسويق الأفكار الطائفية، فهي ان نجحت اليوم لن تنجح في المستقبل، وهي سلعة مستهلكة تقضي على صاحبها قبل الآخرين، وما تجلب إلا الفتن التي تدمر المجتمع، وقد صدق ابن خلدون عندما قال: أن الفتن التي تتخفى وراء قناع الدين تجارة رائجة جدا في عصور التراجع الفكري للمجتمعات. فوجب علينا أن نكون أرقى من ذلك حتى لا تتراجع مجتمعاتنا وحتى لا نخلط القضايا الاجتماعية المهمة بقضايا طائفية بشعة. فالجميع لا يرضى أن ينساق كالأنعام نحو هذا القناع

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3326 - السبت 15 أكتوبر 2011م الموافق 17 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 3:48 ص

      think pink

      ياريت كل تفكيرنا وردي ولو كان حالماً .. تعبنا من الواقع المر يا اختى مريم .. نبتسم في وجوه بعضنا ونسلم على بعضنا ولكن في الخلف نكشر ونشتم .. نحتاج الى متنفس غير طائفي . نحتاج الى حراك اجتماعي سليم لم يمسه عفن التشرذم والتخوين ..
      think pink.. نشاط جميل يجمع الجميع ولمصلحة الجميع . وقد سعدت بأن ابنتي تساهم بجزء بسيط وسعدت أكثر مشاركتها لمجموعة لا تفكر من انت ومن اين انت .وأصلك وفصلك .

    • زائر 7 | 3:33 ص

      مقتبس((نطالب بعض العلماء بعدم تسويق الافكار الطائفية))

      على ايدك يامريم ....انصحي علماء الدين بالابتعاد عن الطائفية ...وماننسى البرلمانيين فهم في خدمة الشعب وليس تقسيمه ...وكذلك التجار و الاطباء والمعلمين ...وغيرهم
      الصراحة صارت فئة تحرض ضد اخرى
      تجارة رابحة

    • زائر 6 | 3:16 ص

      كبيرة يا شروقي

      يا ريت الكل مثلك يا شروقي يهتم بالخير والمحبة اللي داخلة وما لة دخل بالغير ، والعياد بالله حتى علماء دين صارو سبب للفتن .

    • زائر 3 | 12:43 ص

      صدقت يا أختى.. البعض لا زال يخون ويحرض في أي مناسبة وفي كل جمعة..

      إن نظرية المؤامرة وجدناها صارخة عالية في مجتمعنا الصغير، فكل شيء بات مؤامرة من قبل الآخر، ويجب علينا التصدي له..

      نطالب بعض علماء الدين بعدم تسويق الأفكار الطائفية، فهي ان نجحت اليوم لن تنجح في المستقبل، وهي سلعة مستهلكة تقضي على صاحبها قبل الآخرين، وما تجلب إلا الفتن التي تدمر المجتمع..

    • زائر 2 | 12:27 ص

      ورحل أبن الحد البار محمد الماجد

      الأستاذة الفاضلة مريم الشروقي...أتمنى لو تكتبي عن المرحوم محمد علي الماجد أبن الحد البار الذي رحل عنا أمس مساء السبت 15 أكتوبر 2011م بعد معاناه طويلة مع المرض تاركاً بصماته الكبيرة على الرياضة البحرينية، الحكم الدولي والاداري الفذ الذي قدم الكثير للرياضة في مملكة البحرين.

اقرأ ايضاً