العدد 3461 - الإثنين 27 فبراير 2012م الموافق 05 ربيع الثاني 1433هـ

لمصلحة مَن تدمير العلاقة مع الوافدين؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد الفراغ من تشويه سمعة مكوّن اجتماعي كبير، والإضرار بعلاقات الثقة المتوارثة عبر الأجيال بين المواطنين، بدأت الطاحونة تدور لطحن علاقات الثقة مع الوافدين.

البحرين كانت وستظل جزيرةً مفتوحةً على كل البحار، فيها صبت هجرات أنتجت هذا الخليط المتنوع في ثقافتها ولهجاتها وعاداتها، لم تضق قط بوافد، ولم تغلق أبوابها في وجه طالب رزق.

كان البحرينيون يكسبون أرزاقهم من البحر وزراعة الأرض حتى تفجرت أرضهم بالنفط، وكانت لهم تجاراتهم مع بلاد الرافدين وأرض الهند والسند، تحملهم مراكبهم الشراعية إلى هناك منذ القدم. وكان تجار اللؤلؤ يتعاملون بالثقة مع نظرائهم الهنود. طِيبةٌ عُرفوا بها حتى الآن.

في سيرة شاعر البحرين الكبير إبراهيم العريض، مترجم رباعيات الخيّام، أنه وُلد في الهند وتربّى على يد إحدى سيداتها بعد وفاة أمّه وعمره لم يتجاوز الشهرين. وهناك تعلّم لغتها مع الفارسية والإنجليزية، ولم يتعلّم العربية إلا بعد عودته إلى البحرين في سن الرابعة عشرة. كان أبوه تاجر لؤلؤ، وعمل هو أيضاً بها حتى انتقل إلى حقل الترجمة والتدريس والإذاعة والنفط. كانت عبقرية العريض نتاج هذا اللقاء بين بلدين حضاريين عريقين... هما الهند والبحرين.

في البحرين اليوم يشكّل الوافدون أكثر من نصف السكان (53 في المئة تقريباً)، ثلثهم من الجالية الهندية، بعضهم يمثل الجيل الثالث أو الرابع من المهاجرين. وبعض الأسر الهندية مضى عليها أكثر من مئة عام. وفي وسط المنامة القديمة يوجد معبدٌ هندوسيٌ زرته قبل سنوات، لا يفصله عن مسجديّ بن رضي وبشمي أكثر من مئة متر، ولا يفصله عن مأتم بن رجب (الرجالي) ومأتم السادة (النسائي) أكثر من خمسين متراً... حيث تعيش المنامة في وئام وسلام، طبيعةً عرف بها البحرينيون، الذين لم يسجل في تاريخهم حوادث اعتداء أو كراهية لهؤلاء الذين عاشوا بين ظهرانيهم.

إلى جانب من يعملون في المصارف والشركات الكبرى، هناك جزءٌ كبيرٌ من العمالة الهندية تعمل في المهن الصعبة كالإنشاءات والورش وغيرها، وجزءٌ آخر يعمل في البرادات الصغيرة التي تموّن أغلب المناطق والقرى بالمواد الاستهلاكية اليومية.

هذه العلاقة تقوم على الثقة والتسامح والمعاملة الحسنة، وفي مثل هذه المؤسسات التجارية الصغيرة (البرادات) تجرى عمليات إقراض يومي، يسدّدها رب الأسرة نهاية الشهر، دون وثائق ولا شهود ولا أوراق ضمان... فأكبر ضماناتها هو الثقة المطلقة.

اليوم هناك اتجاهٌ مشبوهٌ لدى بعض الأطراف ذات الأجندات المشبوهة، لتلغيم هذه العلاقات التاريخية، ونسفها من الجذور، ولا تدري لمصلحة مَن؟ فبعد الانتهاء من تلغيم العلاقات بين أكبر مكونات المجتمع البحريني، من أجل أهداف سياسية قصيرة النظر، انبرى هذا الاتجاه المشبوه لنسف العلاقة مع الوافدين، وتشويه صورة البحرينيين، واستبدالها بصورة البحريني الشرس العنيف، الذي يُهاجم الوافدين في الطرقات مثل دراكولا، ويسفك دماءهم ويهدّد أرواحهم.

البحرينيون ليسوا شعباً من الملائكة، ولسنا ممن يقدّس الذات الجمعية، ولكننا نرفض تماماً هذه الحملات العنصرية الموبوءة، أو استغلال حوادث فردية معزولة ونادرة الوقوع، لتشويه صورة شعبٍ بأكمله، عرفه العالم بالتسامح والودّ العميق

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3461 - الإثنين 27 فبراير 2012م الموافق 05 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 34 | 11:06 ص

      كما قال

      والا لن تعتدل الامور (انها الغنائم )

    • زائر 31 | 7:34 ص

      الى الزائر 11

      والله ما فيه اصدق من السيد في مقالاته، بس اللي تفكيره اعو ما يقبل كلمة الحق. ومستعد يحرق العلاقات بين السنة والشيعة وكل امم الأرض من أجل بقاء مصالحه الخاصة. متى عاد راح تفهمون؟؟؟؟؟؟

    • زائر 30 | 7:07 ص

      الزائر 11

      لم يدعي احد أو يتهم الطرف الآخر بأي شيء لم يفعله، والاكاذيب تم ترويجها فصدقها من لا عقل له، على سبيل المثال حكاية العامل الذي سقط من فوق سكلة بناء واتهموا الجمهور بقطع لسانه، وأنتم صدقتموهم. متى راح توعون من غفوتكم؟

    • زائر 29 | 6:48 ص

      هذه مهمة المرحلة

      شغلتهم بعد ما لغموا العلاقة بين السنة والشيعة، داروا لتلغيم العلاقة مع الاجانب وافتعال حروب هواء، لتصوير المطالبين بالحقوق السياسية على انهم مخربون ومجرمون.

    • زائر 26 | 6:10 ص

      قصص خيالية: قطع لسان وبتر أصبع وإختطاف وغيرها.. والغريب هناك من تنطلي عليه هذه ويجترها..

      انبرى هذا الاتجاه المشبوه لنسف العلاقة مع الوافدين، وتشويه صورة البحرينيين، واستبدالها بصورة البحريني الشرس العنيف، الذي يُهاجم الوافدين في الطرقات مثل دراكولا، ويسفك دماءهم ويهدّد أرواحهم.

    • زائر 24 | 3:58 ص

      لو تكون صريح يا الحبيب كان احسن

      lمتى يعتدل هذا التفكير الاعوج. بكره بتقولون ان اللي ان اللي يلقون المولتوف ويعتدون على الشرطة بالاسياخ هم من الطائفه الاخرى. !! أيش هالخرابيط. يا قادة الرأى سموا الاشياء بأسمها وانتقدوا اعمال التخريب في القرى بعبارة صريحة وإلا لن تعتدل الامور. بل في هذا ظلم لجماعتكم.

    • زائر 23 | 3:31 ص

      عشان

      اقولون هذلين مخربين ومجرمين وليسو مطالبين بالاصلاح ونسوا انه هذا تشويه لسمعة البلد وسيؤثر على جوانب كثيره احين من اللي يفكر يجي البحرين يفكر البحرين فيه حرررب ومذابح

    • زائر 22 | 3:16 ص

      قل أضحكوا قليلا وابكوا كثيرا

      *** ما عاد أهل البحرين صغيرهم و كبيرهم يعطي للتصريحات الرسمية في مثل هذه المواضيع اي إنتباه . فشعب البحرين غني عن التعريف .
      ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله وسلامتكم

    • زائر 21 | 2:57 ص

      امن وامان

      لدينا حلاق هندي في قريتنا منذ اكثر من

    • زائر 20 | 2:48 ص

      كلام جميل

      ما قدرت ما علق على هذا السرد الجميل عن التعايش السلمي ولكن فيه شئ من اخفاء الرئس في الرمل احيانا كثيره شفناهم ( الاسيوين فقط) ينهانون من الجهال وهم دايما ضحايا اذا كان احد يتكلم في الموضوع الان لاجندات فلا ننكر ان المشكله كانت موجوده وصبر الاسيويين وعدم قدرتهم على المواجهه بسبب ضعف القوانين وتعالي البعض على ادميتهم

    • زائر 19 | 2:44 ص

      للأسف التجييش على كل المحاور ( نونو الصغير )

      اثني على المعلق رقم 1 هناك محاولة وغسل الأدمغة نحو المكون الرئيسي في البلد بعد أن عجز المجيشون عن الرد على المطالب العادلة والتي اعترف بها العالم ، بينما ألئك المجيشون مرة بالطائفية ومرة بتدمير العلاقة الوطنية بين الشيعة والسنة ومرة بين المواطن والوافد ، ونقول للأسف ان هناك فئة مغيبة عن الوعي تماما وتأخذ النتائج دون البحث في الأسباب يبحثون عن أي خبر ليتعاطفوا معه من خارج البلد في دول الربيع العربي بينما يكيلون الشتم والسب لأخوة الوطن والتبريرات جاهزة بل مصبوبة في أدمغتهم صبا وكأن الحال لا يعنيهم

    • زائر 18 | 2:21 ص

      صح

      صح لسانك ياسيدنا

      بس أللي أحب أقوله

      إن محاولة تلغيم العلاقة هذي ماأعتقد إنها تنجح لأن الناس والوافدين مدركين لما يحصل وخصوصاً الأجانب اللي عاشو على أرضنا مدة طويلة


      شكراً لك سيدنا على المقالات الرائعة

    • زائر 15 | 1:49 ص

      نعم

      نعم لمصلحة من؟؟ ماهو المكسب الذي يرنون إاليه

    • زائر 9 | 12:51 ص

      عندي لك مثل قبل يومين

      وهو العتداء على مسجد ومأتم في جرداب من قام بهذا العتداء هم الطائفيون.

    • زائر 8 | 12:48 ص

      موسى الهندي وأبو قوة

      ذهبت في 1/10/2011الى الهند منجلور - منيبال - للعلاج وتعرفت على صاحب مطعم كان يعمل في قرية أبو قوة لأكثر من عشرين سنة وكان يمدح أهل البحرين وخاصة القرى القريبة الى أبو قوة ويبلغهم سلامه .
      وكما القيت مع عبد الله الحلاق في كيرلا- كوشي- حيث كان يعمل في جدحفص مقابل البلدية وهو من عرفني أولا , أخذ يجهش في البكاء من الفرحة لرئيته مع من يعرفهم ويعرفونه وكان يذكر أهل المناطق الذين يأتونه وأخذ يعددهم بأسما أهم وبكا حين علم بوفاة الشيخ سليمان المدني وغيره .

    • زائر 1 | 11:15 م

      كم نحن مظلومون من فئة ظالمة متسلطة على رقاب العباد

      كتاب الوسط رجاءً سمو الأسماء بأسمائها لماذا بعد كل هذا التجييش ... محاولة أقصاء مكون كبير ... الإعتداء على طائفة كبيرة ... طيب خلكم واضحين وكفاية تلميع طرف لا يستحق التلميع والستر عليه بينوا للعالم طائفية هؤلاء الكتاب

اقرأ ايضاً