العدد 3471 - الخميس 08 مارس 2012م الموافق 15 ربيع الثاني 1433هـ

الطلاق... دمار أُسرة... وانهيار مجتمع

في دراسة استقصائية أجرتها طالبة في البحرين

في دراسة استقصائية أجرتها طالبة في جامعة دلمون، فاطمة حسن عبدالواحد، حول الطلاق في البحرين، قامت باستطلاع آراء حقوقيين وقانونيين ورجال دين حول مشاكل الطلاق وكيفية وجود الحلول لها، وأفادت إحصائية من وزارة العدل والشئون الإسلامية أن حالات الزواج هي 2435 بينما حالات الطلاق للعام 2011 بلغت 678 حالة.

فالأسرة تعتبر هي اللبنة الأولى في بناء اي مجتمع فإذا ما صلحت صلح الأفراد وبالتالي صلح المجتمع، وإن فسدت ترتب على ذلك خلل وفساد في المُجتمع، ومن أبرز العوامل المؤدية لفساد الأسرة هو التفكك الأسري الذي هو غالباً نتيجة للطلاق، وقد ارتفعت حالات الطلاق في وقتنا الحالي بشكل كبير، الطلاق آفة تنهش وجدان الزوجة، وبركان يُشعل الرجل، وزلزال يذهب ضحيته الأبناء، الطلاق هو عاصفة هدامة.

ويبقى السؤال من هو السبب، الرجل أم المرأة، أم ان كلا الطرفين سبب في الوصول إلى هذه النتيجة؟ وهل لتطور العصر يد في ازدياد هذه الظاهرة، ثم ما الحل لتقليل انتشار هذا الوباء ما المناعة التي يجب ان نغرسها في عقول الشباب والفتيات من المقبلين على الزواج؟

المطلقات يُرجعن السبب إلى الاختيار الخاطئ، والقضاة يؤكدون أن اغلب العلاقات الزوجية الفاشلة سببها إهمال الطرفين للحقوق والواجبات.

تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة، الطلاق يقود مجتمعنا إلى التراجع. لنقف اليوم على الأسباب المؤدية لانتشار هذه الظاهرة، وهذا التحقيق لمن يهمه الأمر.

تُصرح «ش» بألم يكتسي ملامحها، تزوجت بطريقة تقليدية، ولم يستمر زواجي سوى عام واحد فقط، إذ أقمت وأهل زوجي في بيت واحد، ما جعل المشاكل تنبت بيني وبين زوجي بسبب تدخل الأهل في كُل صغيرة وكبيرة، ولم أتمكن من الاستقلال إذ ان من عادات تلك الأسرة وجود الأبناء مع الوالدين في بيت واحد، وها أنا ذا اليوم أقصد المحكمة لتسلم وثيقة طـلاقي.

انقلاب في الشخصية

يُقال إن الزواج يقتل الحُب إذ إن في الحب غالباً ما يكون الشخص يرتدي ثوب المثالية والكمال، أما بعد الزواج فتظهر الشخصية الحقيقية بكل إيجابياتها وعيوبها، وحول هذا الموضوع تسرد «م.ع» تجربتها بقولها: «تزوجته بعد علاقة حُب قوية، وواجهنا صعوبات لإقناع الأهل بموضوع الارتباط، إلا أنه وبعد الزواج فوجئت بانقلاب في الشخصية، إذ تغيرت صِفاته ومعاملته معي ووصل به الأمر إلى حد الاعتداء علي بالضرب، إضافة إلى تقصيره من ناحية النفقة إذ فصل من عمله لِفترة وأصبحت انا المعيل».

وتضيف: «أما الآن وقد عاد لعمله فمن المفترض التزامه بالنفقة أو الطلاق»، وتتابع بذهول إن من أحببته لم يكن هو وإنما الشخصية التي كان يختفي وراءها... حالياً هو يرفض الطلاق بسبب المؤخر رغم انه لا يُعد مبلغاً كبيراً».

تدخل الأهل والطلاق

يُرجع أمين سر بالمحكمة محمد عيسى سعيد، أسباب فشل العلاقة الزوجية وحدوث الطلاق إلى تدخل العوائل في المشاكل البسيطة، مما يجعل المشاكل تتفاقم ويصل الطرفان في نهاية الأمر إلى الانفصال، سواء أكان التدخل من جانب أهل الزوجة أو الزوج.

ويضيف، أما بشأن المرأة فإن فئة النِساء هي الأكثر تردداً على المحكمة وذلك لعدم سداد الرجل للنفقة.

اختلاف الآراء والطلاق

فني معلومات أول بالمحكمة عبدالله المقهوي يقول، ارتفعت قضايا الطلاق في وقتنا الحالي والسبب هو عدم توصل الطرفين إلى حل للمشكلة التي بينهما وتمسك كلا الطرفين برأيه الخاص والمختلف تماماً مع رأي ومطلب الطرف الآخر ما ينجم عن نِهاية العلاقة الزوجية فالطلاق هو الحل الأسهل بالنسبة إليهم.

ويضيف، إن المرأة اكثر مراجعة للمحكمة ليس من أجل النفقة فحسب وإنما للمطالبة بتوفير السكن.

إهمال الرجل يهدم العلاقة الزوجية

ومن جهتها، تقول «م-ج» موظفة، إن إهمال الرجل لأسرته وعدم إنفاقه عليها هو ما يقود المرأة للقضاء، كما تعتبر انعدام لغة الحوار بين الطرفين سبباً في فشل العلاقة وحدوث الطلاق.

الشك شرارة تُدمر الأسرة

ومن ناحية أخرى، يقول مشرف قِسم بالمحكمة وليد شاهين، ارتفعت دعوات الطلاق ومن قِبل المرأة تحديداً لوجود خلافات بين الطرفين تكون فيها المرأة هي الطرف الأضعف، كما وأن عدم التزام الزوج بالإنفاق على المرأة والأبناء يعد سبباً للخلاف إضافة إلى سوء المُعاملة، ويتابع شاهين ليذكر أن الشك وانعدام الثقة بين الزوجين عامل لا يستهان به في هد العلاقة الزوجية.

الرأي القانوني

وحول قضايا الطلاق يقول الاستشاري القانوني جاسم السرحان: إن «المرأة في مجتمعنا هي الأكثر ضرراً من فشل العلاقة الأسرية، إذ من الممكن ان تتعرض للإهانة والاعتداء الجسدي من قِبل الزوج، مما يجعلها تلجأ للقضاء للحصول على الطلاق، أما بشأن قضية الحضانة فهي من حق الأم إلى حين بلوغ الطفل سبع سنوات، وحول نِسبة المترددين على المكتب من اجل قضايا الطلاق قال: تبلغ 30 في المئة تقريباً من إجمالي القضايا».

إما استشارية قانون «أمل»، فترجح السبب في ارتفاع قضايا الطلاق والنفقة إلى الزواج المبكر، إذ يكون الأشخاص غير ناضجين بما فيه الكفاية لتحمل مسئولية الزواج وتتابع لتقول الأفضل هو الزواج في عمر 22 فما فوق. وحول الصعوبات التي تواجهها المرأة في الحصول على الطلاق تُرجع السبب إلى مماطلة وعناد الزوج في التطليق أما بالنسبة لأمر النفقة فغالباً ما تُحدده المحكمة في ضوء إمكانيات الزوج.

وتتفق المحامية زينب الزامل، مع سابقتها إذ تقول إن قضايا النفقة والطلاق منتشرة بشكل كبير، أما عن الأسباب فيرجع الأمر إلى الإهمال الذي تعانيه المرأة من قِبل الزوج، الهجران، وعدم الالتزام بالنفقة وفي بعض الأحيان قد يصل الأمر إلى الاعتداء بالضرب ما يجعل المرأة تطالب بالطلاق.

بينما يختلف المحامي أيمن عبدالحميد، اذ يرى ان الطلاق سببه كثرة الخلافات الزوجية وعدم احترام الزوجين لبعضهما البعض ما يؤدي الى ضرر يقع غالباً على الطرف الأضعف.

رأي المحاكم الشرعية

أمين سر المحكمة الشرعية السنية ياسر محميد، يتحدث عن الطلاق فيقول إن عدم التزام الفرد بواجباته الأسرية هو سبب رئيسي للخلاف الذي يؤدي بدوره للطلاق، فالأفراد غالباً ما يكونون غير مؤهلين لدخول تجربة الزواج.

ويضيف، قانون اُصدر في احدى دول شرق آسيا للحد من حالات الطلاق مفاده أنه يجب على الفرد دخول دورة تدريبية قبل الارتباط إن اجتاز هذه الدورة بسلام خوله ذلك لدخول قفص الزوجية وإن لم يجتز فهو غير قادر على تأسيس اُسرة، وينطبق القرار على الرجال والنِساء. أما بالنسبة للبحرين فقد تم إصدار قانون الأسرة وتم تطبيقه في العام 2009، ويضيف أن الزواج من جِنسيات مختلفة يُعد سبباً ايضاً في حدوث الطلاق.

كما وتنتشر حالات الخلع، والمخالعة هي تنازل الزوجة عن الشيء المادي الملموس مقابل حصولها على الطلاق، قد يكون مبلغاً من المال أو سيارة أو ذهباً أو حتى عن حضانة الأطفال.

ويتابع، أن الزواج التقليدي هو أفضل بكثير من الزواج بعد التعارف، ولتطور العصر يد في ذلك فقد اصبح التعارف عن طريق الهاتف، الإنترنت، إضافة إلى مراكز التسوق، ويضرب في هذا مثلاً «علاقة حب تبدأ في المجمعات التجارية، وتنتهي في المحكمة بالطلاق»، فمن الأفضل دِراسة مشروع الزواج قبل الإقبال عليه، وعدم التعجل في اختيار شريك الحياة.

ويضيف «أن المحكمة تتعمد التأخير في تقاضي حالات الطلاق وذلك لإعطاء فرصة للطرفين لمراجعة الموضوع والصلح خصوصاً وإن كان بينهما أطفال، وغالباً ما تكون هذه الفترة من شهر إلى شهرين، إلا انه وفي بعض الحالات يكون سبب التأخر في الحكم عدم الالتزام بالحضور من الطرفين، كما وأن كَثرة عدد القضايا يعد سبباً ايضاً في تأخر مواعيد الجلسات، أما عن دور المحكمة فهي تعطي النصيحة السليمة دون تحيز لأي طرف وذلك من خلال نقل الطرفين لمكتب التوفيق الأسري، إذا رأت المحكمة انهم يحتاجون لذلك، أو في حال احب الزوجان الحل الودي بدلاً من الطلاق، وتتم محاولة معالجة الموضوع من قِبل اخصائيين اجتماعيين ونفسيين».

وعن البرامج الإعلامية فيرى أنها غير هادفة ودورها تحريضي يُسبب العنف الأسري وذلك لكثرة مشاهد العنف فيها.

ويختم حديثه، بأن فقدان الزوج لسلطته داخل إطار الأسرة وبالتحديد مع زوجته سبب في دمار العلاقة الأسرية إذ ان هذا من شأنه أن يجعل الزوجة تعتقد سراً أو علانية أن هذا الزوج ضعيف الشخصية فهو يترك لها مُطلق الحرية في إدارة مقود حياتها وحياة اُسرتها، ويسرد قضية في هذا الصدد بقوله: جاءتنا امرأة تطلب الطلاق من زوجها فبحثنا معها في الامر لنجد في النِهاية أن المشكلة هي انه لا توجد مشكلة سوى طيبة الزوج وكرمه المُفرط وغياب سلطته عليها، الأمر الذي بدوره اشعر المرأة بضعف شخصية الزوج وانعدام رجولته! وبالفعل تم التطليق.

آخر دواء الكي

وحول موضوع الطلاق يرى أمين سر المحكمة الجعفرية حسين الشويخ، انه يجب إيجاد أسباب مقنعة قبل التسرع بالتطليق ويجب إثبات الضرر وحتى مع وجود ضرر في بعض الحالات نحاول الإصلاح فإذا لم يتم إيجاد حلول ودية نقوم باتخاذ الاجراء الذي هو بمثابة «آخر الدواء الكي»، ولو فتحنا باب الطلاق على مصراعيه لما بقيت علاقة زوجية.

ويضيف، بأن جهل الطرفين للحقوق والواجبات سبب في حدوث الطلاق، كما وأن المرأة بطبيعتها رقيقة تحتاج الى كلام عذب تحتاج الى حُب يشعرها بقيمتها وإلا فهي حساسة لأقل وأبسط خلاف تقوم بطلب الطلاق وللحد من هذه المشكلة يُفضل وجود مكاتب استشارية للتوجيه ما قبل الزواج من اجل إرشاد الافراد وتوعيتهم للحقوق والواجبات وكيفية المحافظة على العلاقة من قِبل كلا الطرفين، ويتابع من اسباب الطلاق ايضاً هو إقبال الزوج على الزواج من ثانية، فالزوجة لا تحتمل وجود شريكة حتى وإن حلل الشرع ذلك إذ تبقى الغيرة في فِطرة المرأة.

ويقول، في بعض الحالات يكون الطلاق بمثابة يد رحيمة للأبناء تنقذهم من الصراع النفسي الذي يعيشونه في ظل أم وأب غير متفاهمين ما يؤثر على حالتهم النفسية، الاجتماعية والدراسية،

الطلاق بمثابة يد رحيمة للأبناء تنقذهم من الصراع النفسي الذي يعيشونه في ظل أم وأب غير متفاهمين ما يؤثر على حالتهم النفسية، الاجتماعية والدراسية، فالطلاق قد يعيد للأبناء الاستقرار في ظل وجودهم مع طرف واحد قد يكون الأم أو الأب.
ويتابع، ان الإعلام يغيب عن القضايا الاجتماعية فهو لا يستعرض الجوانب الأسرية، ويتساءل اين دور الإعلام؟ مناشداً بأنه يجب ان يقوم الإعلام بوسائله المختلفة بدوره في الإرشاد والتثقيف والتوعية.
 

 التأثيرات الاجتماعية والنفسية


ومن منطلق اجتماعي نفسي يتحدث أستاذ عِلم الاجتماع ناصر ابوزيتون: فيقول: «تُساهم العوامل الاجتماعية في الوصول إلى الطلاق منها عدم القدرة على تحمل المسئولية، أو وجود الهوة الثقافية التعليمية الاقتصادية بين الزوجين، إضافة إلى تدخل الأقارب».
ويضيف ان الأسرة النووية (الصغيرة التكوين) ترتبط بحجم أقل وأسرة تسودها الهدوء والاستقرار ويكون لديها القدرة على إشباع احتياجاتها النفسية والاجتماعية. وأن التفكك الأسري هو من أبرز الآثار، إضافة إلى التنشئة العرجاء ما يعني اتكاء الأبناء على طرف واحد في عملية التنشئة، وايضاً الانحراف الناتج من عدم تلقي الأبناء تنشئة سليمة واهتزاز الثقة بالنفس المؤدي الى تكوين شخصية غير مُستقرة للأبناء.
ولتفادي المُشكلة ينصح الأهل اولاً بتيسير الأمور المُتعلقة بالزواج من حيث (المهر، والمُتطلبات المادية التي تقف عائقاً امام الشاب المقبل على الزواج وبالتالي ينعكس سلباً على عملية الزواج)، كما ويجب التهيئة النفسية للشباب عن طريق الأسرة، المؤسسات الاجتماعية، المؤسسات التعليمية عن طريق الإعلام.
دراسة المجلس الأعلى للمرأة
وفي دراسة اجراها المجلس الأعلى للمرأة، فيما يتعلق بتأثير الطلاق على تحصيل الأبناء الدراسي والسلوك العام في المنزل وخارجه كشفت الدراسة وجود تفاوت في تأثير انفصال الأبوين على تحصيلهم الدراسي وصحة وسلوك الأطفال.
اذ أكدت الدراسة بأن حوالي 67 في المئة من أبناء المطلقين يعانون من تأخرهم دراسياً، ومن ناحية تأثير الطلاق على اهتمام المرأة بتحصيل أبنائها الدراسي تبين أن 51 في المئة من المطلقات لم يتأثر اهتمامهن سلبياً بل في بعض الأحيان تأثر إيجابياً في ظل بيئة خالية من المشاكل والنزاعات الزوجية. وعلى النقيض من ذلك صرحت 46 في المئة أن الطلاق أثر سلبياً على اهتمامها ومتابعة تحصيل الأطفال الدراسي، أما بالنسبة لصحة الأطفال تبين أن 30 في المئة من عينة الدراسة قد تأثرت صحتهم سلباً، وأغلبها في صورة أمراض عضوية مرتبطة بالحالة النفسية وبعض منها أمراض مزمنة.
وبعد كُل ما سبق يتبين لنا أن للطلاق تأثيرات نفسية واجتماعية جمة على كلا الطرفين إضافة إلى المتضرر الرئيسي في الموضوع ألا وهو «الأبناء».

العدد 3471 - الخميس 08 مارس 2012م الموافق 15 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:26 ص

      اكثر الطلاق سببه الرجال

      لانه هو الذي يبدأ بإهمال بيته وبعدها يوصل للطلاق وإذابدأت المشاكل والتحلطم يحدث للزوجة انهيار عصبي وبعدها يمكن ترووح بيت اهلها او تكلم واحد ثاني ولكن اكيد جهل الرجال لا يعجبهم المسؤلية وبعدها يريدون الطلاق ويقولون لا نريد شريكة

    • زائر 2 | 1:36 ص

      اكثر الطلاق سببه النساء

      لانها هي التي تبدأ با المشاكل وبعدها يوصل للطلاق واذا بدأت با المشاكل والنكد يحدث للزوج انهيار في العصبيه وبعها يمكن ان يتوجه الي ضربها لتأديبها او يذهب للزواج من اخري مع ان الشرع والقرآن معه ولكن كيد وجهل النساء لا يعجبهم كلام الله وبعدها يريدون الطلاق ويقولون لا نريد شريكه

اقرأ ايضاً