«مرسيدس بنز»... هو اسم تاريخي في رياضة السيارات، وصممت المرسيدس أولاً بوصفها آلة السباقات المفضلة في العام 1901 والتي وضعت معيار النجاح للأجيال المقبلة، ومن بين الإنجازات التي حققتها منذ انطلاقها الكثير من الانتصارات في الجائزة الكبرى العام 1908 و1914، وحققت الفوز في سباق جائزة أوروبا الكبرى أعوام 1935، 1937، و1938، بالإضافة إلى انتصارات في سباقات 24 ساعة في لومان، ميل ميليا، وتارغا فلوريو وبطبيعة الحال أيضاً بطولة العالم للفورمولا 1 عامي 1954 و1955.

وتجسد فريق مرسيدس في الفترة الأخيرة بفريق براون جي بي الذي بزغ نوره على أنقاض فريق هوندا السابق فقط بإعادة التسمية للبراون، وهذا ما أعطى العلامة التجارية لمرسيدس فرصة العودة للفورمولا 1 وعالمها الكبير من بوابة جائزة البحرين الكبرى وبعد توقف دام لأكثر من 55 عاماً، وحملت العودة في طياتها الصبغة الألمانية بتواجد مايكل شوماخر العائد هو الآخر وكان يقصد بهذه العودة أشياء كبيرة وعظيمة تحدث الآن.

الأمور العظيمة لم تظهر في سيارات العام 2010 أو 2011 ولم تبدو سلسة بالقيادة، ولم يتمكن العائد للفورمولا 1 شوماخر من إظهار بريقه ونجوميته كما في سابق عهده. ومع ذلك مازال الجو التفاؤلي يسود الأوساط الفنية المتابعة للفريق في العام 2012، إذ يحاول روس براون أن يتصيد مجدداً في الأنظمة ويوجد بها الثغرات الممكنة لكي تضعه أمام الفرق الأخرى، ويبدي كِلا السائقيَن نيّة جادّة وواضحة في تحسين حظوظهما في التسابق من جهة مايكل شوماخر ومحاولة الفوز أو الوجود المستمر لنيكو روزبرغ.

لا يمكن لأحد أن يقف بشموخ وكبرياء كما يفعل مايكل شوماخر مع أرقامه الأسطورية فهو مثال متكامل عن الرياضي المثالي للفورمولا 1. فبعد تحقيقه لبطولته الأخيرة العام 2004 ضمن بشكل أشبه بالقطعي أن تبقى إنجازاته التي سطرها في عالم الفورمولا 1 خالدة.

قدمّ صغير كيربن «مسقط رأسه» لنفسه اسماً مع سرعته وعزمه الذي لا ينقطع مع أولى بدايته عندما فاز في سباقات «الكارتنج» و»الفورمولا فورد» و»الفورمولا 3» واقتيد بعد ذلك للمرسيدس في العام 1990 أثناء محاولاتهم العودة المرتقبة للفورمولا 1 كمحرك داعم.

كان ثلاثي المرسيدس الشاب مايكل شوماخر، هاينز - هيرالد فرينتزين، وكارل فيندلينغير من شأنهم أن يدخلوا الفورمولا 1 في المستقبل القريب مع فريق ساوبر لكن القدر أبى إلا وأن يتدخل ليقدّم لشوماخر فرصة القيادة مع فريق جوردان في سباق جائزة بلجيكا الكبرى العام 1991، إذ أدّى أداءً ساهم في التقاط فريق البنيتون له.

وحقق مع فريق بينيتون لقبين لبطولة العالم عامي 1994 و1995، وبعدها بعام انضم لفريق الفيراري، إذ أدى سنوات صعبة من العمل المجهد المضني إلى أن أحرز لقب البطولة للمرة الثالثة العام 2000 ولم يتوقف بعدها لأربع مرات متتالية عن تحقيق اللقب، وحتى عندما كانت سيارته ليست بالمستوى المطلوب ولم تكن سريعة كان يؤدي بشكل مميز وينافس بها بقوة حتى اعتزل في نهاية العام 2006.

كان من الواضح مدى انزعاج مايكل شوماخر بالنظر لسوء النتائج عندما قرر العودة مع فريق موطنه الأصلي مرسيدس العام 2010، إذ أمضى عامين يكافح بسيارة في وسط الترتيب أقل ما يقال عنها مكسورة الأجنحة وهو كان بالأمس البعيد يملأ أركان المدرجات صيحات وهتافات باسمه وبأدائه الخارق فمن الطبيعي أن يكون لديه خيبة أمل، لكن هنا الآن في العام 2012 ومع تحسن المستوى التقني للفريق من الممكن أن نشاهد قفزاته المشهورة على المنصات مجدداً.

من جهته، قضى ابن بطل العالم «كيكي روزبرغ» نيكو روزبرغ سنواته التكوينية في بطولة الفورمولا 3 الأوربية وأيضاً في سباقات الجي بي 2 مع زملاء له من طينة لويس هاميلتون، فلا عجب أن العمل الذي قام به سابقاً ساعده ليقود جنباً إلى جنب مع مايكل شوماخر في المرسيدس.

قدم روزبيرغ أول سباق له في بداية موسم 2006 في البحرين، إذ أمضى 4 سنوات مع فريق ويليامس، فكانت للأسف هذه السنوات ضعيفة لفريق ويليامس الذي كان يدور في حلقة مفرغة، وزادت الضغوط على الشاب الألماني حول وتيرة أدائه على رغم أنه قدم لمحات تألق في بعض سباقاته.

كان الانضمام للمرسيدس بمثابة «ضربة معلم» قام بها روزبرغ بهذا الصدد لأنه ببساطة سيكون في فريق يتضمن عقلية أسطورية عبقرية تستطيع تقديم أفضل سيارة ممكن ونتكلم هنا عن روس براون، أو حتى في شرف القيادة جنباً إلى جنب مع بطل العالم الأسطوري لسبع مرات مايكل شوماخر.

هذا العام سيكون مايكل شوماخر على أتم الاستعداد للمنافسة وتحقيق الانتصارات مرة أخرى وهو ما سيشكل تحدي جديد وصعب يواجهه روزبيرغ الذي يتسم بالأداء المحافظ وعدم المجازفة.