أكد المجلس الوزاري في دورته الثالثة والعشرين بعد المئة يوم أمس الثلثاء (5 يونيو/ حزيران 2012م) في مدينـة جدة، برئاســة وزير خارجية المملكة العربية السعودية رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، أكد رفضه واستنكاره الشديدين لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية لدول المجلس، في انتهاك لسيادتها واستقلالها، مطالباً إيران بالتوقف الفوري عن هذه الممارسات التي لا تسهم في خدمة وتطوير العلاقات معها، داعياً إلى التزامها التام بمبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشئون الداخلية لدول المجلس، والاحترام المتبادل، والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار المباشر، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، بما يكفل الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.
وكان المجلس الوزاري عقـد دورته الثالثة والعشرين بعد المئة، بمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف راشد الزياني.
واستعرض المجلس الوزاري مستجدات العمل المشترك، مؤكداً تحقيق المزيد من التقدم والتنمية لدول المجلس، ودعم وتعزيز الأمن والاستقرار، كما بحث المجلس تطورات عدد من القضايا السياسية دولياًّ وإقليمياًّ.
ففي شأن التعاون الاقتصادي؛ أحيط المجلس الوزاري بإيجاز عن اجتماعات اللجان الوزارية في المجال الاقتصادي التي عقدت بعد الدورة الماضية للمجلس. ومن ذلك الاجتماع الثالث والتسعون للجنة التعاون المالي والاقتصادي (5 مايو/ أيار 2012)، والذي أقرت اللجنة فيه بتفويض من المجلس الأعلى، النظام الداخلي لهيئة الاتحاد الجمركي، والتي تم إنشاؤها وبدأت عملها في الأول من هذا الشهر تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى في دورته الثانية والثلاثين (ديسمبر/ كانون الأول 2011م).
وفي شئون الإنسان والبيئة؛ قرر المجلس الوزاري رفع النظام الخاص بالمواد المستنفذة لطبقة الأوزون لدول مجلس التعاون بعد تعديله استجابة لتعديلات بروتوكول مونتريال خلال اجتماعه السابع عشر لأطراف البروتوكول للعام 2007م، للمجلس الأعلى، والتوصية باعتماده.
أما في الشئون القانونية؛ فقد وافق المجلس الوزاري على القواعد المنظمة لشعار مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقرر رفعها إلى مقام المجلس الأعلى في دورته المقبلة لاعتمادها.
كما كلف لجنة من المختصين والقانونيين من الدول الأعضاء لدراسة موضوع الإعلانات والبيانات التي تصدر في إطار مجلس التعاون واقتراح قواعد لتنظيم إصدارها وآليات للتنفيذ والمتابعة.
وفي شئون المفاوضات والحوار الاستراتيجي؛ اطلع المجلس الوزاري على تقرير عن التقدم المحرز بشأن ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الوزاري الأول لمنتدى التعاون الاستراتيجي بين مجلس التعاون والولايات المتحدة الأميركية الذي عقد في 31 مارس/ آذار 2012، في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون، وتشكيل اللجان المشتركة ومجموعات وفرق العمل المتخصصة في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية.
وبشأن مكافحة الإرهاب والقرصنة؛ أكد المجلس الوزاري مواقف دول المجلس الثابتة بنبذ الإرهاب والتطرف، بجميع أشكاله وصوره، ومهما تكن دوافعه ومبرراته، وأياًّ يكن مصدره، كما نوَّه بجهودها في اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتفعيل القرارات ذات الصلة في هذا المجال، مؤكداً تأييده لكل جهد إقليمي أو دولي يهدف إلى مكافحة الإرهاب، مُجدداً في الوقت نفسه ضرورة تفعيل القرارات والبيانات الصادرة عن المنظمات والمؤتمرات، الإقليمية والدولية، المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
وفي هذا الإطار؛ رحب المجلس الوزاري بنتائج الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الذي عقد بمدينة جدة بتاريخ 3 يونيو 2012م، بهدف تحقيق أعلى درجات التنسيق والتعاون بين أعضاء المجتمع الدولي في هذا الشأن.
ورحب المجلس بانعقاد المؤتمر الثاني لمكافحة القرصنة البحرية خلال الفترة من 27 إلى 28 يونيو 2012م في دبي، مثمناً جهود الإمارات العربية المتحدة في هذا الشأن.
و في الجانب السياسي خصوصاً بشأن الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث التابعة إلى الإمارات العربية المتحدة، جدد المجلس الوزاري التأكيد على مواقفه الثابتة والرافضة لاستمرار احتلال جمهورية إيران الإسلامية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة إلى الإمارات العربية المتحدة، والتي أكـدتها جميع البيانات السابقة من خلال الآتي: دعم حق السيادة للإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الإمارات العربية المتحدة، والتعبير عن الأسف لعدم إحراز الاتصالات مع جمهورية إيران الإسلامية أي نتائج إيجابية من شأنها التوصل إلى حل قضية الجزر الثلاث بما يسهم في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها، والتأكيد على أن أي ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث لاغية وباطلة ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تجمع على حق سيادة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، والنظر في جميع الوسائل السلمية التي تؤدي إلى إعادة حق الإمارات العربية المتحدة في جزرها الثلاث، ودعوة جمهورية إيران الإسلامية للاستجابة لمساعي الإمارات العربية المتحدة لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
أما بشأن العلاقات مع إيران؛ فقد أكد المجلس الوزاري رفضه واستنكاره الشديدين لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية لدول المجلس، في انتهاك لسيادتها واستقلالها، وطالب المجلس إيران بالتوقف الفوري عن هذه الممارسات التي لا تسهم في خدمة وتطوير العلاقات معها، داعياً إلى التزامها التام بمبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشئون الداخلية لدول المجلس، والاحترام المتبادل، والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار المباشر، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، بما يكفل الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.
وعن الملف النووي الإيراني؛ أعرب المجلس الوزاري عن قلقه البالغ من استمرار أزمة الملف النووي الإيراني، وفي هذا الصدد؛ تابع المجلس نتائج جولتي المحادثات التي جرت في اسطنبول وبغداد بين مجموعة الدول 5 + 1 وإيران، مجدداً التأكيد على أهمية التزام إيران بالتعاون التام والشفاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكد المجلس مجدداً مواقفه الثابتة بشأن أهمية الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وجعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية.
وأكد حق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، في إطار الاتفاقية الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها، وتطبيق هذه المعايير على جميع دول المنطقة، مؤكداً ضرورة انضمام إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وإخضاع منشآتها النووية كافة للتفتيش الدولي، من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وبخصوص الوضع العربي الحالي؛ استعرض المجلس الوزاري تطورات القضية الفلسطينية ومستجدات الوضع الراهن، مؤكداً أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة إلى حدود الرابع من يونيو 1967 في فلسطين، والجولان العربي السوري المحتل، والأراضي التي مازالت محتلة في جنوب لبنان، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وأعرب عن قلقه لتعثر عملية المصالحة الفلسطينية وعدم تنفيذ أيٍّ من الاتفاقات المبرمة، داعياً إلى تنفيذ جميع بنود اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة وتجاوز كل العقبات، مستنكراً المجلس استمرار السياسات والبرامج الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة الهادفة إلى تغيير المعالم الجغرافية وتهويد القدس الشرقية.
وأشاد المجلس باعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة في (22 مارس/ آذار 2012) قراره بشأن «تشكيل أول بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق بخصوص تداعيات المستوطنات الإسرائيلية على الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني».
وفي الشأن العراقي؛ استمع المجلس الوزاري لشرح من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة الكويت الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، عن نتائج الزيارة التي قام بها لبغداد، على رأس وفد بلاده في اجتماعات اللجنة العليا المشتركة الكويتية ــ العراقية، بتاريخ (29 أبريل/ نيسان 2012).
واعتبر المجلس الوزاري الزيارة خطوة جادة نحو التوصل إلى جميع التعهدات بهذا الشأن وترجمتها على أرض الواقع.
وشدد على ضرورة استكمال العراق تنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، ومنها الانتهاء من مسألة صيانة العلامات الحدودية تنفيذاً للقرار 833، والانتهاء من مسألة تعويضات المزارعين العراقيين تنفيذاً للقرار 899، داعياً العراق إلى الإسراع في ذلك، والتعرف على من تبقى من الأسرى والمفقودين من مواطني دولة الكويت وغيرهم من مواطني الدول الأخرى، وإعادة الممتلكات والأرشيف الوطني لدولة الكويت.
وحث الأمم المتحدة والهيئات الأخرى ذات العلاقة على الاستمرار في جهودها القيمة لإنهاء تلك الالتزامات، مؤكداً التزامه التام بسيادة العراق، واستقلاله، ووحدة أراضيه، داعياً الحكومة العراقية إلى القيام بمسئولياتها لتعزيز وحدة العراق واستقراره وازدهاره، وتفعيل دوره في بناء جسور الثقة مع الدول المجاورة على أسس مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في شئون دول المجلس الداخلية.
كما أكد أهمية بذل جميع الأطراف في العراق الشقيق، الجهود لتحقيق مصالحة سياسية دائمة وشاملة، تلبي طموحات الشعب العراقي، وتؤسس لدولة آمنة ومستقرة، تقوم على سيادة القانـون واحترام حقوق الإنسان، لكي يعاود العراق دوره المؤازر للقضايا العربية.
وفي الشأن السوري؛ تابع المجلس الوزاري تطورات الأزمة السورية، والأحداث المأسوية التي يتعرض لها الشعب السوري الشقيق، واستمرار عمليات القتل والمجازر التي لم تستثنِ الأطفال والشيوخ والنساء في جميع أرجاء سورية، والتي كانت مجزرة الحولة مثالاً صارخاً لها.
وأدان المجلس الوزاري عدم التزام النظام السوري بتنفيذ خطة المبعوث الأممي - العربي المشترك كوفي عنان، وشدد على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته باتخاذ إجراءات فاعلة لوقف آلة القتل الوحشية والدمار والتهجير، والعمل على حماية الشعب السوري، ووضع حد لاستهانة النظام السوري بحياة الأبرياء، وعدم السماح له بأن يمارس أسـلوب المماطــلة والتسويف والتنصل من التزاماته.
ورحب المجلس الوزاري بقرار مجلس جامعة الدول العربية، على المستوى الوزاري، في دورته غير العادية المنعقدة بتاريخ (3 يونيو 2012) في الدوحة والذي دعا فيه مجلس الأمن إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التطبيق الكامل والفوري لخطة كوفي عنان.
وأشاد المجلس الوزاري بقرار مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة الصادر في جنيف بتاريخ 1 يونيو 2012م، الذي أدان فيه عمليات القتل، والطلب من لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سورية إجراء تحقيق خاص بشأن المجزرة التي وقعت في الحولة.
العدد 3560 - الثلثاء 05 يونيو 2012م الموافق 15 رجب 1433هـ