العدد 3566 - الإثنين 11 يونيو 2012م الموافق 21 رجب 1433هـ

وزير الداخلية: بالرغم من الخسائر المريرة إلا أن تماسك الدولة واحتواء الأزمة وضع حداً للخسائر البشرية والمادية

قال وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة: "انه بالرغم من الخسائر المريرة التي فرضها الواقع المؤلم الذي مررنا به إلا أن تماسك الدولة و امتصاص حجم الفوضى و احتواء الأزمة وضع حدا للخسائر البشرية و المادية التي كان من الممكن وقوعها".
جاء ذلك في كلمةً ألقاها الوزير اليوم الثلثاء (12 يونيو/حزيران 2012م) في مؤتمر "أمن الخليج العربي: الحقائق الإقليمية والاهتمامات الدولية عبر الأقاليم" والذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة DERASAT بالتعاون مع المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية بالعاصمة البريطانية لندن RUSI) ) يومي 12-13 يونيو/ حزيران 2012 بفندق سوفتيل بمملكة البحرين.
وأشار وزير الداخلية إلى أن "أكبر المخاطر الداخلية التي تهدد الأمن الخليجي أساسها التطرف المذهبي، وهو الأمر الذي تعمل إيران على تغذيته مع الأسف"، مؤكداً على أن "مشكلة الجزر الإماراتية الثلاث لم تعد قضية حدود وإنما هي قضية أرض عربية محتلة، ونقف جميعًا إلى جانب الإمارات من أجل استعادتها بالوسائل المتاحة في إطار القانون الدولي".
واستهل الوزير كلمته قائلاً: "يطيب لي أن أحييكم بتحية الإسلام، وهي تحية السلام ... السلام و الاستقرار الذي تنشده شعوب هذه المنطقة في ظل ظروف متغيرة و أحداث متتالية استهدفت أهم ركن من أركان التطور و النمو وهو ركن الاستقرار الأمني الذي يشكل عماد الحياة ومظلة النهوض".
وأضاف "كما يطيب لي في مستهل كلمتي أن أتوجه ببالغ الشكر لرئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة محمد بن عبد الغفار على دعوته لي للتحدث في هذا المؤتمر الهام الذي يناقش قضايا حيوية تتعلق بأمن الخليج وكافة التطورات الإقليمية والدولية ذات العلاقة، مشيدا بجهود المركز في الإعداد والتنظيم ، كما يسعدني أن أرحب بالمشاركين فيه ودعوة الخبراء والمختصين من الدول الشقيقة والصديقة لتقديم أطروحاتهم ومرئياتهم".
من ثم أكد وزير الداخلية على أن "أمن منطقة الخليج أصبح محلا للاهتمامات الدولية منذ أن غدا النفط والغاز مصادر الطاقة الرئيسية، و عماد النمو الاقتصادي والحضارة الحديثة، وذلك بسبب امتلاك منطقة الخليج نحو ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط وربع الاحتياطي العالمي من الغاز".
وقال: "وانطلاقًا من هذه الأهمية أصبح أمن منطقة الخليج يعني أمن الطاقة العالمي، وتحول ليصبح مكونًا رئيسًا في إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، وهو ما تجسد في حرص الولايات المتحدة الأمريكية على عدم وقوع هذه المنطقة تحت سيطرة أي جهة سواء كانت قوة دولية أو إقليمية، وحرصها على احتواء تفاعلات القوى الإقليمية كأحداث الحرب الإيرانية العراقية في عقد الثمانينيات وما تلاها من أحداث حرب الخليج الثانية في بداية عقد التسعينيات؛ حيث اكتسب أمن منطقة الخليج بعدًا جديدًا بالوجود المباشر للقوات الأمريكية في هذه المنطقة، ثم قيادة الولايات المتحدة في الألفية الجديدة للحرب ضد الإرهاب".
مردفاً: "وفضلاً عن الخسائر المالية التي تكبدتها دول الخليج في حروب وصراعات هذه الفترة والتي جاوزت 47 مليار دولار كمساعدات للعراق في حربها ضد إيران، و65 مليارًا في حرب الخليج الثانية، فان تصنيف منطقة الخليج كمنطقة عدم استقرار بسبب تلك الحروب والصراعات أبعدها عن خريطة تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر، ومن ثم التكنولوجيا الحديثة، فكان ما يتدفق لها أقل من 3% سنويًّا، مما يتدفق عالميًّا، وإضافة إلى هذه الخسائر المادية خسرت المنطقة حياة مئات الآلاف من البشر، كما أشعلت هذه الحروب والصراعات عداوات بين أبناء الدين الواحد، وأدت إلى تفكك اجتماعي وتغذية الانقسام الطائفي، بل وأشعلت العداء بين أبناء الوطن الواحد عربي وكردي سُني وشيعي، وأبناء المنطقة الواحدة عربي وفارسي، وأوجدت خللاً في موازين القوى الإقليمية، وأدت إلى ظهور نوازع الهيمنة والتوسع والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية".
ولفت وزير الداخلية في كلمته إلى أن "انعقاد هذا المؤتمر يأتي في وقت اكتسب فيه أمن منطقة الخليج أبعادًا جديدة؛ بسبب تعدد مصادر التهديد الأمني، كما تشهد الأوضاع الإقليمية عدم استقرار في بعض الأنظمة وتغيرات تمثلت في صعود تيارات وقوى وتعثر تيارات وقوى أخرى، وهذا الوضع المرتبك شجع إيران على التمدد إقليميا: عسكريا و سياسيا و إعلاميا".
موضحاً أن "هذه التغييرات تلقي بظلال من التساؤل حول مدى جدية الحليف الأمريكي في تحقيق أمن منطقة الخليج، خاصة بعد أحداث الأزمة المالية العالمية 2008 وانشغال الإدارة الأمريكية بقضايا الاقتصاد الداخلي، وبعد تبنيها سياسات تخفيف الاعتماد على نفط الشرق الأوسط، وإعطاء أولوية إستراتيجية لمنطقة الشرق الأقصى ومنطقة الباسفيك".
وأكد الوزير على أن "أكبر المخاطر الداخلية التي تهدد الأمن الخليجي أساسها التطرف المذهبي، وهو الأمر الذي تعمل إيران على تغذيته مع الأسف، وكلها سياسات تصب في جانب التفرقة والتفتيت، وفي الوقت الذي احمد فيه المولى بأننا نعيش في بلد تمسك حكمه بترسيخ قيم الدين و التقوى ، إلا أننا نراقب بكل عناية ما يمكن أن يترتب على الأمن الخليجي من تنامي ظاهرة التطرف الديني الذي قام على تديين السياسة والحياة العامة ومحاولات استغلال الدين وتفسيراته لأغراض سياسية، وهذه الظاهرة أساءت إلى الصورة الذهنية للإسلام والمسلمين وجعلت الكثيرين يقرنونه بالإرهاب ، مما يباعد بين المجتمعات الإسلامية وإقامة الدولة العصرية ، دولة التسامح و التعايش السلمي بين مختلف الأطياف و الأديان".
مستدركاً: "وإذا كان الإحساس بخطورة هذا الوضع والمصير المشترك قد دفع دول مجلس التعاون للاستجابة إلى طلب البحرين باستدعاء قوات درع الجزيرة تحسبا لأي تهديد خارجي، فقد وضعت أمام المجلس مسؤولية تاريخية لا تتحقق بغير وحدة أعضائه، فى وقت أصبح النظام الإقليمي العربي يفتقر إلى الوحدة و التماسك، وبات الكيان العروبى مهددًا بالذوبان في نظام إقليمي مغاير".
وعن المشاكل الحدودية، أفاد وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أن "المشاكل الحدودية العالقة بين دول المنطقة تشكل على الدوام قلقًا مستمرًا وحالة قد تفضي إلى مزيد من التوتر والنـزاع إذا لم تُحل بالطرق السلمية. فمشكلة الجزر الإماراتية الثلاث لم تعد قضية حدود وإنما هي قضية أرض عربية محتلة، ونقف جميعًا إلى جانب الإمارات من أجل استعادتها بالوسائل المتاحة في إطار القانون الدولي".
ولم يغفل الوزير التطرق إلى دور الإعلام، إذ قال: "عند الحديث عن أمن الخليج لا بد من الوقوف على دور الإعلام؛ إذْ لم يعد خافيًا على أحد أن هناك جزءًا من الآلة الإعلامية الإقليمية والدولية بدأ يستهدف دول مجلس التعاون من خلال حملات إعلامية تبثها بعض أجهزة الإعلام التي تقدم تقارير منحازة مغايرة للحقيقة ، وتستقي معلوماتها من مصادر تحرص على تقديم رؤيتها البعيدة عن الموضوعية، مما يجعل الحاجة ماسة لوقف التطرف الإعلامي الذي يشجع على الفوضى والانفلات الأمني، وبث الأفكار الهدامة، وهذا يتطلب أولاً تبني موقف جماعي لا يقتصر فقط على رد الاتهامات، بل ويقدم رسالة إعلامية شاملة قادرة على التأثير لإظهار الحقيقة".
مضيفاً: "ويتطلب ثانيًا من وسائل الإعلام العربية مراعاة انتمائها القومي وتوخي الحرص فيما تقدمه من رسالة إعلامية قد تضر بأمن دول المنطقة وبالأمن القومي العربي عمومًا".
وتابع: "ويدخل في نطاق الاستهداف أيضًا الدور الذي تمارسه بعض المنظمات الحقوقية التي تسعى إلى تشويه الإنجاز الذي تحقق في مجال التنمية والإصلاح تحت دعاوى حقوق الإنسان؛ حيث دأبت على تدريب عدد من أبناء المنطقة على مقاومة الدولة و تغيير الأنظمة بصرف النظر عن النتائج و الخسائر، لقد شاهدنا هذه المنظمات و هي تخرج عن دورها الفعلي في حماية حقوق الإنسان وحرياته لتلعب دورا سياسيا للتأثير على استقرار الوضع".
وأشار الوزير إلى أنه "قد ثبت بالتجربة أن بعض المنظمات التي تدعي أنها معنية بحقوق الإنسان تمارس سياسة الكيل بمكيالين، وأنها تتعمد استهداف دول الخليج التي تحترم حقوق مواطنيها، بينما هي تتغاضى عن انتهاكات حقيقية لحقوق الإنسان في دول أخرى، فأين هذه المنظمات من حماية حقوق الإنسان الفلسطيني؟ أين هذه المنظمات من حماية القيم الإنسانية مثل حماية الأخلاق و الآداب العامة و صون المجتمعات من التعصب و الكذب و الإقصاء و ما سواه".
وعن أحداث البحرين، قال وزير الداخلية: "أما الحديث عن الوضع الأمني الذي مر على البحرين فهو بالنسبة لي ليس موضوع محاضرة أو دروس مستفادة ، بل إنها كانت فترة دقيقة و صعبة و مسئولية أمنية و وطنية ، و الحديث عنها أشبه بسؤال المصاب عن ألمه، وسوف يأتي اليوم الذي نتحدث فيه عن هذا الأمر، ولكن من كان على هذه الأرض خلال فترة الاضطرابات الأمنية لا بد و انه أدرك تماما خطورة الوضع العام، وكيف تأزمت مشاعر الطائفية بين المواطنين؟ و التي وصلت إلى درجة القتل، وكان الموقف ينذر بدخول البلاد إلى منعطف الصدامات الأهلية لا محالة".
موضحاً "عندما أقول صدامات أهلية في مثل أوضاعنا الديموغرافية فإنكم تدركون مدى حجم الخسارة الوطنية في مثل هذه الظروف، و الأمثلة على هذا الأمر في وطننا العربي ليست بخافية".
وواصل في كلمته: "انه بالرغم من الخسائر المريرة التي فرضها الواقع المؤلم الذي مررنا به إلا أن تماسك الدولة و امتصاص حجم الفوضى و احتواء الأزمة وضع حدا للخسائر البشرية و المادية التي كان من الممكن وقوعها. وهذا موقف يحسب لقائد الوطن، وهنا أقول بعد الحمد لله إننا ما كنا لنصل إلى هذا الوضع و الخروج من نفق الفوضى و التخريب لولا ثبات قيادتكم سيدي، وهو موقف لا يقفه إلا من هو صافي الذمة و السريرة ومن يبصر بعين اليقين ساعة المحنة. فكان أن أقمتم ميزان العدل و الإنصاف من مقام القدرة و الحكمة و احتكمتم إلى القانون لإنصاف الموقف، وهذه العدالة شجاعة نابعة من محبتكم و أبوتكم للجميع في هذا الوطن".
وخاطب وزير الداخلية في كلمته عاهل البلاد، قائلاً: "سيدي حضرة صاحب الجلالة لقد حفظتم البلاد من الانجراف إلى هاوية المجهول. ومهما قيل من كلمات الشكر و الثناء فإنها لا توفيكم حقكم، وما جلالتكم جدير به و أهل له . إلا أننا في الأخير لا نملك إلا أن نقول و بكل الفخر و الاعتزاز شكرا سيدي".
ومن ثم عرض وزير الداخلية بعض التساؤلات وهي:
"هل آثار الحروب والنزاعات التي شهدتها المنطقة ما زالت قائمة ومؤثرة؟ وهل تمت دراسة الأسباب التي أدت إليها أو الظروف المرشحة لاندلاعها مرة أخرى؟ وما مدى تأثير الملف النووي الإيراني وتداعياته على استقرار المنطقة؟ وما علاقة سياسية الفوضى الخلاقة ومشروع الشرق الأوسط الجديد بالاستقرار في المنطقة ؟ وهل يكون القصد النهائي من الشحن الطائفي و المذهبي هو ضرب الإسلام من الداخل؟ هل هناك علاقة بين أحداث سبتمبر و أحداث الربيع العربي . وهل من المفروض أن تنهار الدولة من أجل التغير ؟ وما مدى تعارض نهج العنف و سقوط القتلى و الجرحى مع مبادئ حقوق الإنسان؟ وما هي حقيقة العلاقة التي تربط المنظمات الحقوقية بالدول التي تنتمي إليها؟".
ولفت إلى أن "معالم خارطة العمليات بالنسبة لي أثناء خدمتي العسكرية كانت واضحة الحدود و الألوان وخصوصا اللون الأزرق و الأحمر ...إما في الخارطة الأمنية اليوم فان الحدود مشتركة ولا يوجد أمامي إلا لون واحد وهو اللون الأزرق وعندما تنتهي مهمتنا الأمنية ...لا يعلن نصر بل يستخدم اصطلاح الأمن مستتب، و نستعد لمهمة أخرى".
واختتم كلمته بالقول: "و هنا أؤكد بأن استتباب الموقف الأمني يتطلب الوصول إلى حالة التعافي و الشفاء التام، و تشمل هذه المرحلة قرارات هامة على مستوي الوطن. فالدولة مسئولة في نهاية الأمر عن صيانة أمنها، ولكن هذا يتطلب أيضا رغبة الجميع في تحقيق الاستقرار الوطني، و أهم ركائز نجاح هذه المرحلة هو التضحية بالتطرف لصالح الوطنية".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 11:16 ص

      ازمة!!!

      هم يستخدمون كلمة "أزمة" هرباً من كلمة "ثورة". فما يحدث في البحرين منذ فبراير ظ¢ظ ظ،ظ، هو ثورة لا تختلف عما حصل و يحصل في باقي البلدان العربية، هدفها الاصلاح و الكرامة، الا انها ووجهت بوحشية و عنف نتج عنها انتهاكات لا مثيل لها و قد اورد تقرير بسيوني بعضاً منها.

      متى تم الاعتراف بهذه الحقيقة فإن الحل سيكون في المتناول، اما التهرب من الحقيقة فلا ينفع شيئا.

    • زائر 6 | 10:47 ص

      عبدالرحمن

      غريب أن يكون التفكير تجاه احتواء الأزمة و ليس حل الأزمة مما يعني ببساطة أن لا نية لحل حقيقي للأزمة !

    • زائر 1 | 10:07 ص

      مستحيل ننسى

      ذكريات الانتهاكات حيه في العقول والقلوب ..

      القصاص مطلب كل المظلومين

      "ولكم في القصاص حياه يا اولي الالباب"

اقرأ ايضاً