العدد 3571 - السبت 16 يونيو 2012م الموافق 26 رجب 1433هـ

«إخوان سنة وشيعة»... اصطكاك الأسنة!

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

ذات يوم، أرسل إلي زميل خليجي، وهو مواجه شرس للطائفيين وأفكارهم ومن الداعمين لمنهج تقوية العلاقات بين السنة والشيعة... أرسل إلي من باب المزاح والمناكفة اللطيفة، مقطع فيديو لأحد المشايخ وكتب في رسالته: «في هذا المقطع يا صاحبي، ستشعر بالسرور والراحة النفسية لوجود علماء ومشايخ في كلامهم روعة... في دعائهم صدق وإخلاص... نحن نحتاج إلى علماء ومشايخ ودعاة ومثقفين يعرفون جيداً المعنى الإنساني للأخوة بين الناس، وقبل ذلك يعرفون معنى الأخوة بين المسلمين في المنهج القرآني... أما هؤلاء فيحتاج إليهم إبليس»!

وعلى أي حال، شدتني الرسالة القصيرة المدهشة لمشاهدة مقطع الفيديو ولأستمع إلى دعاء على لسان أحد المشايخ يقول فيه: «اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك. اللهم عليك بـ (...) (قالها ثلاثاً). اللهم جمد الدماء في عروقهم. اللهم جمد الدماء في عروق مرجعياتهم وأئمتهم وعلمائهم. اللهم سلط عليهم الغلاء والبلاء والوباء. اللهم جمد الدماء في بطونهم وظهورهم. اللهم سلط عليهم السرطان (قالها مرتين)... ثم ذهب في بكاء مرير!

لا بأس... هناك سواد عظيم من أبناء المجتمع المسلمين يؤمنون تماماً بشعار: «إخوان سنة وشيعة... هذا الوطن ما نبيعه»، وفي المقابل، هناك من وضع ذلك الشعار موضعاً لرفع الحراب واصطكاك الأسنة محاولاً إسقاطه بما أوتي من أفكار شيطانية معادية للأخوة، وليس هؤلاء من طائفة واحدة، بل هم من ذوي النزعات والأفكار الطائفية المتشددة من الطائفتين!

في المجتمع البحريني، يرفع الصوت المخلص، من السنة والشيعة، هذا الشعار باعتباره ركن أساس (للأسرة البحرينية ولاستقرار المجتمع)، فيما يحاول الصوت الطائفي إسقاطه كونه (غير ممكن) انطلاقاً من تهم كخيانة الوطن وتحريف القرآن الكريم والخيانة التاريخية... فبالتالي لا يمكن أن يكونوا إخواناً لنا، حتى أن أحد مشايخ الفتنة وصل به الأمر إلى التشكيك في نسب طائفة بكاملها، ولم تحرك الدولة ساكناً لا ضده ولا ضد آخر رفع اثنان من المحامين دعوى إثارة الفتنة الطائفية لدى النيابة العامة ضده! بل تجاوز الأول بغضبه ليدعو الناس: لا تزوروا مرضاهم ولا تهنئوهم في أعراسهم أو مناسباتهم!

على أي حال، لو عدنا إلى أساس شعار «إخوان سنة وشيعة... هذا الوطن ما نبيعه»، لوجدنا مصدره العراق. فالشعب العراقي هو من صاغ ذلك الشعار في أحلك المراحل العصيبة التي مر بها، ولولا صدقهم في تبني ذلك الشعار بقناعة دينية وانسانية ومجتمعية، لانتشرت عصابات الإجرام المسلح بشكل مذهل، ولما ولدت جماعات الصحوة التي أرهقت تلك العصابات وإن عادت من جديد خلال الأيام الماضية لتسفك الدماء بجاهليةٍ همجيةٍ وحشية مدعومة بالتمويل والتسليح من أطراف معروفة، إلا أن الشعار وحد الشعب العراقي.

قبل عدة أشهر، استضافت العاصمة القطرية (الدوحة) ندوة: «دور التنوع المذهبي في مستقبل منطقة الخليج العربي»، ولعل الخلاصة الرئيسية من تلك الندوة هي اتفاق علماء ومثقفين ودعاة من الطائفتين على أن تعزيز مفهوم المواطنة (على حساب الانتماء للطائفة) يمكن أن يمثل حلاًّ للمستقبل، بيد أن أعداء شعار: «اخوان سنة وشيعة»، طرحوا أيضاً ما لديهم من أفكار شيطانية، وانبرى ناشط سياسي خليجي مشهور بطائفيته ليقول: «كلما أصبح الشيعة أغلبية ساموا السنة الويل والعذاب»، وهذه القراءات غير الموفقة كان لها من ينفيها ويسفهها ويسقطها بقوة على هامش الندوة، لكن الحق، أن المشاركين الذين حملوا أنظمة الحكم الخليجية مسئولية تأجيج الصراع الطائفي كانوا مصيبين فيما قالوا، فلا يمكن أن تنتعش الطائفية إلا إذا كانت مدعومةً من الحكومات، ولهذا فإن المطلوب من الحكومات الخليجية، وفق الأصوات المعتدلة في الندوة، هو الوقوف على مسافة واحدة من كل المذاهب.

المجتمعات الخليجية، بل قل المجتمعات العربية كلها تعيش التنوع الديني والمذهبي والقومي، لكن غياب نظام المواطنة بوصفه نظاماً متجاوزاً للتعبيرات التقليدية، جعل بعض هذه المكونات تعيش التوتر في علاقتها، وبرزت في الأفق توترات طائفية ومذهبية وقومية، وهكذا عاشت بعض الدول والمجتمعات العربية توترات مذهبية خطيرة تهدد استقرارها السياسي والاجتماعي.

أين موضع الخلل؟ هنا نتفق مع الآراء التي تركز على أنه حين تتراجع قيم المواطنة في العلاقات بين مكونات المجتمعات العربية، تزداد فرص التوترات الداخلية في هذه المجتمعات؛ لهذا فإن العالم العربي يعيش مآزقَ خطيرة على أكثر من صعيد، وهي بالدرجة الأولى تعود إلى خياراته السياسية والثقافية. فحينما يغيب المشروع الوطني والعربي، الذي يستهدف استيعاب أطياف المجتمع، وإخراجه من دائرة حبسه في الأطر والتعبيرات التقليدية إلى رحاب المواطنة؛ فإن هذا الغياب سيدخل المجتمعات العربية في تناقضات أفقية وعمودية، تهدد استقرارها السياسي والاجتماعي.

ليس هناك من حل أقوى من أن تكون الأنظمة الحاكمة هي (حائط الصد) الأقوى للطائفيين وأفكارهم، لا أن ترعاهم وتحميهم، فالمجتمعات والشعوب الخليجية والعربية تتطلع إلى حكومات وأنظمة سياسية متطورة ومدنية، تفسح المجال للكفاءات الوطنية المختلفة للمشاركة في تنمية الأوطان العربية وتطويرها على مختلف الصعد والمستويات.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 3571 - السبت 16 يونيو 2012م الموافق 26 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 1:59 م

      سؤال لمن يقولون ان الشيعة ليسوا اخواننا

      سؤال لمن يقولون ان الشيعة ليسوا اخواننا: هل انتم تطبقون كلام الله ام تتعبون اهواءكم الطائفية؟ زوجتي من الطائفة السنية الكريمة وعيالي الآن رجال وآخرهم في الثانوية وهم مع اخوالهم وعيالهم واصدقائهم منذ سنوات لأن كل طرف منهم يحترم الآخر فالعلاقة تسير على خير ما يرام يتزاورون يسافرون مع بعض يسهرون مع بعض، فاحترام كل منهم للآخر هو الأساس، اما التحول الى اتهام جماعي فهذا من عمل الطائفيين الذين لا يريدون الخير للناس ولا يؤمنون بالأخوة الإسلامية ويؤججون القلوب.

    • زائر 17 | 1:55 م

      سمعت دعاء الشيخ

      سمعت دعاء الشيخ المقصود وهو مخطيء بصراحة ولا يمثل عامة أهل السنة كما ان الذين يشتمون الصحابة وامنا عائشة رضوان الله عليها لا يمثلون المذهب الجعفري، ولست من دعاة قطع العلاقات مع الشيعة بسبب مواقفهم السياسية ومطالبهم او بسبب ان هؤلاء ليسوا اخواننا فالأصل في الدين هو الأخوة المبنية على الدين والإنسانية، لكن مطلوب من الشيعة ايضاً ان ينصحوا ويقفوا في وجه من يستفز اهل السنة والجماعة، وفي المقابل نحن ضد شتم المذهب الجعفري والحق لم أجد مشايخ الشيعة الكبار في البحرين يشتمون الرموز او اهل السنة بخطبهم

    • زائر 16 | 11:21 ص

      عفن الطائفية

      كل خطباء الفتنة يعيشون على قذارة الطائفية وتأجيج الكلام المهروج السخيف اللي يضحكون فيه على عقول بسطاء الناس بل حتى المثقفين.. هناك مثقفين يعيشون في المجتمع بس عقلهم عقل طائفي بحت.. اللي قاعد اشوفه ان الحياة خاصة بين الناس اللي تخاصموا في الاحداث قاعدة ترجع من جديد طبيعية بس جراثيم الطائفية منزعجة من هالشي وعلشان جذيه يبون يسقطون شعار اخوان سنة وشيعة والله ما نتخلى عن بعضنا بعض

    • زائر 15 | 11:19 ص

      علاقتي مع اصدقائي الشيعة لم تتغير من يوم عرفته

      ولله الحمد علاقتي مع اصدقائي الشيعة ما تغيرت لا قبل الأزمة ولا بعد الأزمة لأن عقلي ليس (صندوق زبالة) ترمي فيه ... الخايس والقذر لا لا ابداً.. وللأخ الذي يقول شتم الصحابة وسيدنا عمر وسيدتنا عائشة كفاكم كذب واستخدام هالكلام اللي ما عاد يقبله احد الا الطائفيين امثالكم عيب عليكم.. كا احنه كل يوم يالسين طالعين ماكلين شاربين مع شيعة لا سمعناهم شتمو ولا هوب مهتمين بالشتم اصلاً.. نعم في بعضهم يسب ترون تتهم المذهب كل شهالفكرة العوية بعد

    • زائر 14 | 11:17 ص

      الشتم

      الى زائر

    • زائر 13 | 11:16 ص

      المشاركة رقم 1 زائر رقم 5

      منطقك معكوس.. تعال يعني لازم تتهم الشيعة بأنهم يشتمون الصحابة وامهات المؤمنين مثل ما يقولون مشايخ الفتنة؟ كل واحد يناظر جاره او صديقه او زميله الشيعي.. اذا كان يشتم الصحابة وعائشة خل يتخذ ضده اجراء او يأدبه اذا قدر.. اما تتكلمون في الهواء هكذا بالاتهام والإفتراء ما يصير.. تقول لي خذ معممينكم واذا طلبنا من البحرين تييبون من العراق وايران احنه شكو فيهم.. واسمع الاستاذ سعيد محمد اصدق منك

    • زائر 12 | 11:13 ص

      اتحدى احد يقول أن عالم من علماء البحرين شتم السنة

      تحديت الكثير من الربع في منتديات وفي بالتوك وغيرها ان يحضرون لي عالم او معمم واحد من البحرين يشتم الصحابة وامهات المؤمنين ام يشتم اهل السنة ولا احد قدر ييب ولا واحد.. في حين ان مشايخ من المتطرفين في البحرين قالوا عن الشيعة (....) والحكومة تشجعهم بوضوح وتدافع عنهم وتحميهم.. شتم الصحابة وامهات المؤمنين ونوايا قتل السنة كلها اسطوانة مكررة مخروبة لتأجيج الحقد والخوف في نفوس ابناء السنة وشكراً استاذ سعيد محمد ورد ولد ورد رحم الله ابوك بوسيعد

    • زائر 10 | 7:42 ص

      نعم اخوان سنه و شيعة.

      نحن اخوان وان اختلفنا عقاءديا. انما فرقت بيننا السياسة والاعيبها.

    • زائر 9 | 7:30 ص

      شتم الصحابة يا زائر رقم 5

      شتم الصحابة وامهات المؤمنين يا خوي زائر رقم 5 موب شي مقرر على الشيعة وانه اعرف كثيرين منهم يحرفون هالشي بس اللي ينحرف ويشتم ويسب ما يصير نعمم على انه كل المذهب وكل الشيعة وبالنسبة للكاتب يمكن انك ما تعرفه عدل ولو حضرت جامع الدير في ندوة التعايش سمعته شنهو قال عن شتم الصحابة وارجع لمقالاته وايد انه ما ادافع عنه بس موب كل الشيعة يشتمون.. وعندي اصدقائي الشيعة كلهم بارك الله فيهم مايشتمون ابد ولا عمري سمعتهم وما يصير نلصق فيهم تهمة غيرهم وذي كلمة حق امام رب العالمين والله على ما اقول شهيد..

    • زائر 7 | 5:43 ص

      الحل في العلمانية

      الاستاد سعيد مع احترامي الشديد لك اعتقد شيعة وسنة هدة المشكلة فلابد من وجود العلمانية وهي التي تنظم حياة الناس لان الوطن للجميع بخصوص ماطرحتة حول تسمية اخوان سنة وشيعة فلدي طرحة العراقيين لكن ماهو لاخبرك الدين جاءوا علي ظهر الدبابات الامريكية انما الدي طرحة هم شرفاء البعث الدي رفضوا بيع الوطن للمريكان والايرانين لان مااكملت العبارة التي تقول انعل ابو املريكاواسرائيل لدلك الاسلام السياسي هو المسؤل عن الطائفية في العراق ماسمعنا تفجيرات الابعد مجيئ الامريكان والايرانين في العراق

    • زائر 6 | 4:56 ص

      غريب

      طيب متطرفي المذهب الأخر .. وش تتوقع يقولون.. اللهم اهدهم مثلا؟؟ ... العلة فينا نحن (بالخليجي).. نعطيهم وجه.. يعيشون على تفرقة المذاهب.. هذا سر تواجدهم ..

    • زائر 5 | 4:52 ص

      لماذا

      ساحترمك كتاباتك اكثر اذا تكلمت عن من يسب الصحابة وسيدنا عمر وسيدتنا عايشة ام المؤمنين وعن المزارات في ايران لقاتل سيدنا عمر ، الصحفى الصادق يجب ان يصدق دائما

اقرأ ايضاً