أفاد تقرير لفريق بحوث «سي بي آر إي البحرين» بأن حراك القطاع الخاص من أجل تلبية السكن لذوي الدخل المحدود يظل ضئيلاً مع ارتفاع أسعار الأراضي وكلفة البناء ونقص البنية التحتية في المناطق البعيدة الأمر الذي يصعب من السيطرة على الأسعار، في الوقت الذي تحاول فيه الشركات تحريك سوق الإسكان لذوي الدخل المتوسط.
وذكر تقرير شركة الأبحاث والتقارير العالمية أن الوضع في القطاع العقاري في البحرين اتسم بالهدوء النسبي خلال الربع الثاني من العام 2012، مع مواصلة الحكومة لبرنامج تحديث البنية التحتية والمرافق العامة بينما يعيد القطاع الخاص النظر في العديد من المشاريع التي وضعت على لائحة «الانتظار» على مدى العامين الماضيين.
وبحسب التقرير هناك شعور عام بأن القطاع العقاري في المملكة على وشك الخروج من هذه الدورة الاقتصادية. مما يقدم بطبيعة الحال بعض الفرص مع اتجاه التركيز الآن نحو التخطيط لمرحلة النمو المقبلة بدلاً من إدارة الوضع الراكد الذي آلت إليه معظم المشاريع في الآونة الأخيرة.
وقد وصلت القيمة العقارية إلى مستويات أكثر واقعية مما كانت عليه خلال سنوات «الطفرة»، ونأمل أن يرافق هذا المناخ من الواقعية نهجٌ أكثر عقلانية في المرحلة المقبلة عند اتخاذ المطورين والمستثمرين لقراراتهم.
ورغم تواضع الأرقام نسبيا في الوقت الحاضر، بدأ المطورون في بيع وحدات سكنية بنجاح في قطاعات السوق المستهدفة بعناية من أجل حث السوق على الحراك، وذلك يقتصر إلى حد كبير على الفيلات السكنية المتوسطة القيمة للمواطنين البحرينيين، مع وجود بعض التوسعات الأخرى.
وهناك توقع باستمرار النشاط على نفس المنوال في الربع الثالث من العام مع دخول البحرين موسم الصيف وشهر رمضان، ولكن يمكن أيضا استغلال هذه الفترة لاستعراض وتقييم أوضاع السوق في جميع القطاعات لتحديد فرص التنمية وإدخال تعديلات على المشاريع وفقا لذلك.
وقامت الحكومة أخيرًا بإلقاء تعليقات عامة بشأن استخدامات حزمة المساعدات التي وعدت بها والبالغة 10 مليارات دولار أميركي. وبالتالي تفعيل برامج شاملة للإسكان، ومشاريع التنمية، والتعليم، والصحة، والبنية التحتية والاجتماعية، ومنحها الأولوية في موازنة 2013 - 2014.
كما انخرطت البحرين بشكل هادئ خلال العام 2012 في تحسين موقفها فيما يتعلق بالاستثمارالأجنبي المباشر، وهي الآن موطن لثلاث من أفضل 20 منطقة حرة على الصعيد العالمي.
وأشار التقرير الصادر عن مجلة أف دي آي المتخصصة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في 2012 - 2013، أن منطقة البحرين العالمية للاستثمار (التي احتلت الموقع 15 عالمياً)، وميناء خليفة بن سلمان (الموقع 16 عالمياً)، ومطار البحرين الدولي (19 عالمياً) هي ضمن المناطق الحرة العشرين الرائدة. ويعكس إدراج بهذا المستوى فوائد الموقع الجغرافي الاستراتيجي للبحرين في الخليج ودورها المتنامي كمركز للخدمات اللوجستية والنقل الإقليمي في المنطقة.
وتقترب جميع قطاعات السوق الرئيسية لدورة الإيجار من نقطة التغير في السوق. فقد وصل الوضع الراهن إلى مرحلة يفضل فيها الملاك الإبقاء على عقاراتهم خالية لحين ارتفاع معدلات الإيجار إلى المستويات المرغوبة، كما انخفض معدل المعروض في جميع فئات الأصول ماعدا المساحات المكتبية.
لايزال الطلب الجديد على المساحات المكتبية من الدرجة الأولى متواضعاً، وإن كان الربع الثاني عادة فترة هدوء النشاط في هذا القطاع. لكن لاتزال مخططات العقارات المكتبية الجديدة نشطة، وإن كان يرافق ذلك انخفاض في حجم المساحات الجاهزة للتسليم.
أما من ناحية الموقع، تنتشر المساحات الجديدة في المناطق الرئيسية مثل السيف والمنطقة الدبلوماسية المزدحمة، كما في المناطق الثانوية مثل السنابس، والتي كانت في وقت ما منطقة استيعاب «الطفح» الناتج من حالة عدم التوازن في الطلب والعرض التي مرت على منطقة السيف.
ومن المرجح أن تشكل المساحات المكتبية الجديدة في المنطقة الدبلوماسية أكبر معضلة، نظرا لاستمرارها في توليد سخط المستأجرين الذين يجدون صعوبة في الوصول إلى المنطقة، والتجوال فيها، أو إيجاد مواقف للسيارة. لكن هناك عدد من الحلول التخطيطية الممكنة لتحسين الوضع، كما أن شبكة الطرق السريعة الجديدة التي ستربط هذه المنطقة مع بقية أرجاء البحرين ستسهم في تعزيز جاذبيتها.
وعلى الرغم من أي فشل في نظام التخطيط، وعلى وجه الخصوص تحديد استخدامات المباني، قد يهدد بتقويض المناطق عندما تصبح أحد القطاعات مجزية أكثر من غيرها، إلا أن منطقة السيف واصلت التطوير على نحو مستدام.
وسواء كان ذلك بالصدفة أو عن عمد، فإن هذه المنطقة تتضمن الآن مجموعة واسعة من الوحدات المحددة الاستخدامات تشمل الشقق السكنية والمكاتب ومراكز التسوق والفنادق، مما يعني أنها وجهة يستطيع الناس فيها العيش والعمل والترفيه عن النفس. ومن هذا المنطلق، تستمر مكاتب منطقة السيف في جذب أعلى مستويات الإيجارات ومعدلات الإشغال بسبب خصائص المنطقة.
كما يستطيع الكثير من المستأجرين فيها القيادة لمسافات قصيرة إلى أعمالهم أو حتى الذهاب مشيًا، ولديهم أماكن مناسبة لتناول الغداء براحة، وإمكانية الوصول والتجوال بالسيارة سلسة نسبيا، ويمكن توفير مواقف للسيارات (وإن كان ذلك بشكل غير رسمي في بعض الأحيان)، فلا عجب أن معظم المكاتب الجديدة ذات النوعية الجيدة في البحرين تقع في هذه المنطقة.
وهناك عدة قطاعات آخذة في الظهور مع ارتفاع الطلب على المساحات المكتبية ذات الجودة في المناطق التجارية الرئيسية. فنتيجة لبيئتها المالية الجيدة التنظيم، برزت البحرين بسرعة كمركز إقليمي لصناعة التأمين المتوافق مع الشريعة الإسلامية، كما أن قطاع النفط والغاز المتنامي يقود الطلب الجديد، وهناك أنشطة دمج وإعادة تنظيم واسعة النطاق تجري في القطاع الحكومي.
ومع تعزيز هذه القطاعات لنمو قطاع المكاتب في الوقت الحالي، وسير أعمال تطوير الطريق السريع الجديد لربط المنطقة الدبلوماسية وخليج البحرين مع جميع مناطق البحرين الأخرى، نأمل أن تبدأ المملكة في الخروج من أوضاع السوق الحالية الضعيفة نسبيا في أواخر العام 2012.
شهدت المراكز التجارية بعض التحسن في الأعمال مع ارتفاع أعداد الزوار السعوديين والكويتيين، إلا أن مستوى الأداء يتباين بشكل كبير حسب نوع المركز وموقعه.
وعادة ما يستجيب قطاع تجارة التجزئة ببطء للتغيرات الحاصلة في السوق نظرا لطول عقود الإيجار التي تمتد عادة ثلاث سنوات، على الرغم من تحول البعض مؤخرا لعقود السنتين.
وتستغرق الأحياء السكنية، التي بدأت في التشكل في جميع أنحاء المملكة والتي تتوسطها في كثير من الأحيان محلات السوبرماركت الكبرى، وقتا أطول للوصول إلى إشغال كامل مما كان متوقعا، لاسيما مع رواج مثل هذه المرافق.
كما أن حجم هذه المرافق يمثل وضعا معقدا، كونها أكبر مما هو مطلوب كمتجر محلي، وأصغر بكثير من أن تكون وجهة ترفيهية ملائمة للبيع بالتجزئة. ويأتي بعضها مجهزا بردهات طعام ومناطق ترفيهية كبيرة، لكن تجار التجزئة متحفظون من استئجار المساحات كون استخدامات هذه المراكز لاتزال غير واضحة إلى حد ما.
على الرغم من أن احتياجات القطاع السكني لذوي الدخل المنخفض لاتزال في طليعة القضايا الحكومية، إلا أن هناك حراكاً ضئيلاً من قبل القطاع الخاص في هذه المسألة. فارتفاع أسعار الأراضي، ونقص البنية التحتية في المناطق النائية، وتكاليف البناء المرتفعة تواصل تصعيب تلبية حساسية الأسعار في هذا السوق، ما يوجه التركيز نحو القطاع متوسط الدخل.
وسوف تستخدم الحكومة جزءا كبيرا من حزمة المساعدات التي وعدت بها والبالغة 10 مليارات دولار أميركي لمعالجة قضايا الإسكان والبنية التحتية، وفي ذات الوقت تحفيز الاقتصاد وتلبية احتياجات شعبها الأكثر إلحاحا.
وغالبا ما يكون البحرينيون أنفسهم غير قادرين على الوصول إلى التمويل العقاري المكلِف نسبيا، في حين أظهروا منذ فترة طويلة عزوفهم عن الشقق والتي يعتبرونها حلا مؤقتا. مما يعني أن سوق إيجار الشقق الصغيرة والرخيصة نسبيا ستبقى قوية مع عدم وجود حل للمساكن الدائمة للبحرينيين في الطرف الأدنى من طيف الدخل.
وبشكل مماثل للوضع في المملكة العربية السعودية، يتسم القانون المتعلق بدفع الإيجار بالغموض إلى حد ما مما يعني أن الملاك في كثير من الحالات يفضلون تأجير العقارات للوافدين بدلا من الأسر البحرينية. وهو أمر يؤدي بطبيعة الحال إلى تفاقم مشكلة سكن المواطنين البحرينيين، مع أن الحل يكمن في معالجة ذلك عن طريق التشريع.
وهناك تصور بأن التناقص الجاري في معدلات المواليد وأحجام الأسر في البحرين سيؤدي مع الوقت إلى زيادة قبول البحرينيين من جميع الأعمار لمعيشة الشقق، ولكن في ظل المناخ الحالي، لايزال ينظر إلى الشقق بأنها مجرد حل مؤقت.
كما بدأت مشاريع الإسكان المراعية للسعر لذوي الدخول المتوسطة بتلبية احتياجات قسم منسي إلى حد كبير من السكان الذين طالما شرعوا بإدارة بناء منازلهم الخاصة بأنفسهم خلال السنوات الأخيرة على أراض اشتروها أو ورثوها أو حصلوا عليها عن طريق تمويل طرف ثالث. وقد راجعت المشاريع المتكاملة مخططاتها بشكل أو بآخر سعيا لجذب هذه الشريحة إلى المراحل الأولية للمشاريع، لأنهم يتحلون بدخل ثابت، وإمكانية الحصول على التمويل، ولديهم بعض الحرية في التنقل داخل المملكة.
أما المبيعات للمغتربين والمستثمرين/ المضاربين فلاتزال ضئيلة في الوقت الراهن، ولكن قد ينشط ذلك قريبا مع وجود تصور واضح باحتياجات المملكة الملحة من الإسكان عبر مجموعة متنوعة من القطاعات والمواقع، وقد تمثل الأسعار الحالية قيمة جيدة في سياق الحركات المستقبلية المحتملة.
ولايزال هناك بالطبع، عدد من المشاريع المتعثرة التي تمثل مشكلة للمشترين الذين يحاولون الحصول على منزل، ولكن هناك توجه للحصول على إعادة تمويل وحلول قانونية في ظل ظروف السوق الصعبة.
تجري عمليات تأجير الأراضي والوحدات المسبقة البناء في مناطق الحد الصناعية عموما بشكل جيد للغاية مع استمرار البحرين في تأسيس نفسها كمركز للخدمات اللوجستية الرئيسي في المنطقة.
وتستفيد المناطق الحرة الثلاث المذكورة سابقا في هذا التقرير إضافة إلى منطقة البحرين اللوجستية من الجهود الاستباقية لمجلس التنمية الاقتصادية ومنطقة البحرين العالمية للاستثمار، وكلاهما يعملان بنشاط لتعزيز وتشجيع الاستثمارات الداخلة وإقامة الشركات في المملكة. وتتراوح أسعار إيجار الوحدات المسبقة البناء للأغراض الصناعية الخفيفة ووحدات المستودعات حاليا ما بين 2 إلى 4 دنانير بحرينية لكل متر مربع شهريا شاملا رسوم الخدمات. أما الأراضي المخصصة لإنشاء مرافق متخصصة فهي متوافرة بسعر 500 فلس لكل متر مربع سنويا بعقود استئجار لمدة 30 سنة، ويتم تخليص لوائح تصريحات العمل بشكل إيجابي من أجل تلبية احتياجات الشركات الصناعية واللوجستية التي يجري تأسيسها في هذه المواقع.
ويشكل فريق بحوث «سي بي آر إي البحرين» جزءاً من سي بي آر إي للبحوث والاستشارات العالمية - وهي شبكة من الباحثين والخبراء الاستشاريين البارزين الذين يتعاونون لتقديم أبحاث السوق العقاري، والتوقعات الاقتصادية وحلول الاستشارات العقارية للمستثمرين والمتعاملين في جميع أنحاء العالم.
العدد 3595 - الثلثاء 10 يوليو 2012م الموافق 20 شعبان 1433هـ