العدد 3774 - السبت 05 يناير 2013م الموافق 22 صفر 1434هـ

«مراسلو المدارس» شركاء التربية على حقوق الإنسان

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

يدرك كل من له صلة وثيقة بالمجتمع المدرسي (من طلبة وهيئات إدارية وتعليمية وكتَّاب ومراسلين وعمال وحرَّاس وسائقي الحافلات وغيرهم) أن التربية قبل التعليم هي إحدى أهم آليات وضع نظرية حقوق الإنسان موضع التنفيذ.

ومن الإنصاف بمكان أن نتوجّه بعيون واسعة نفاذة إلى طبقة «المراسلين» بالمدارس الذين هم أول القادمين إليها وآخر المغادرين منها، وقد تراكمت عليهم الأعباء الوظيفية وتضاعفت يوماً بعد يوم جرَّاء تعميم مشروع تحسين أداء المدارس ومتطلبات تمديد اليوم الدراسي وغير ذلك.

إن أفضل فهم لنظرية حقوق الإنسان في المؤسسات التربوية والتعليمية هو الوصول إلى الفئات المنسيَّة في المجتمع المدرسي كالمراسلين والاستماع إلى مطالبهم والتحرّك من أجل الدفاع عن حقوقهم وكرامتهم.

ولسنا نبالغ إذا قلنا ان نوعية العلاقات السائدة بين أفراد الطاقمين الإداري والتعليمي بالمراسلين والحراس والمنظِّفين وغيرهم هي الأساس في تعميق مفاهيم حقوق الإنسان وتأصيلها في نفوس أبنائنا الطلبة، وإبراز مدى جدية المسئولين بالمؤسسات التعليمية ورؤيتهم في تضمين هذه المفاهيم الراقية لتأخذ مداها وصداها الإنساني في مخيِّلة المتعلمين وسلوكياتهم وممارستهم اليومية.

ثمة إدارات تعليمية ناجحة تعي حقوق هؤلاء المراسلين، فتجد سلوكها متسقاً مع روح ثقافة حقوق الإنسان في الاحتفاء بهم في المناسبات العالمية كاليوم العالمي للعمّال على مرأى ومسمع من الجميع في الفضاء المدرسي، والتواضع في التعامل معهم وتحفيزهم نحو تطوير قدراتهم والارتقاء بمستواهم العلمي وإخضاعهم لدورات وبرامج تأهيلية ومنح المجدين والطموحين منهم مكافآت مادية ومعنوية بقصد تشجيع التنافس فيما بينهم وتحسين الإنتاجية ورفع الروح المعنوية لديهم، ليتحقق بذلك مبدأ تكافؤ الفرص على مستوى جميع المنتسبين للمجتمع المدرسي.

بعض الإدارات تظن أن ممارسة الشدة مع المراسلين وعموم العاملين بالمدرسة هي التي تضمن التزامهم وانضباطهم الوظيفي، فتجد انه لا يسمح لهم بالخروج لموعد في المستشفى أو اليوم المفتوح لمتابعة أبنائهم أو لأي ظرف طارئ يمرُّ به أي موظف في الفترة الصباحية؛ بحجة ضغوطات العمل ولجان التقييم والمتابعة في الوزارة وما أشبه ذلك، متناسياً حقوق هؤلاء الأفراد والتزاماتهم الأسرية التي إن تم تفهّمها فإنه يكون قادراً على خلق مساحة من المرونة والشراكة الحقيقية القائمة على مبدأ الاحترام المتبادل ومراعاة حقوق الآخرين.

في قانون الخدمة المدنية، تم توصيف المسمّى الوظيفي لمراسل المدرسة على أنه (مراسل/ فراش)، على رغم أنه كان متداولاً فترة ما مسمى المستخدم أو الفرَّاش، إلا أن الأخيرة تحمل في طياتها إيحاءات سلبية ربما لا تتناسب اليوم مع ثقافة حقوق الإنسان.

والغرض الرئيسي لهذه الوظيفة، هي: خدمة مكتب الإدارة، حيث يقدم الشاي والقهوة للضيوف وموظفي المكتب والمساعدة على ترتيب وتنظيم محتويات المكتب وتوزيع وإيصال المراسلات.

أما الواجبات والمسئوليات الرئيسية للمراسلين فتتمثل في تقديم الخدمات اللازمة لزوار مكاتب الإدارة المدرسية، والمساعدة في عمليات تصوير الوثائق والمستندات، وتوزيع المراسلات الصادرة والواردة، والقيام بعمليات التنظيفات البسيطة والمستعجلة، وتلبية جميع المتطلبات الصادرة من مكاتب الإدارة والعمل على انتظام الخدمات المطلوبة.

من المهم إخضاع التشريعات المتعلقة بواجبات ومسئوليات المراسلين في المدارس للمراجعة والتحديث لتتلاءم مع جوهر مبادئ حقوق الإنسان العالمية، وكمثال على ذلك، فإن بعض البنود فيها تحمل صفة العمومية كالبند (6) المرتبط بالواجبات والمسئوليات الرئيسية للمراسل، بأنه «يؤدي ما يُسند إليه من مهمات في مجال عمله»، وهي عبارة ضبابية تحتمل أكثر من معنى وتحتاج إلى تفسير يضمن حقوق المراسل وعدم التعسُّف في تكليفه بمهمات ليست من صميم عمله.

مع قدوم فترة العطلات والإجازات المدرسية يتساءل بعضهم: لِمَ لا نُمنح إجازة خلال عطلة الربيع (وقت إغلاق المدارس أبوابها)؟ أولسنا بشراً ونعمل بجد واجتهاد كالمعلمين ونحتاج لاستراحة مقاتل؟ وخصوصاً أن هذه الاستراحة ستمنحنا قدرة أكثر على العطاء بعد الرجوع إلى العمل، فالمدارس خالية على عروشها من الطلبة والهيئتان الإدارية والتعليمية في هذه الفترة بالذات، وبالتالي فلا مبرر من بقائنا أو تواجدنا في المدارس بهذه الوضعية دون عمل أو مهمات محددة مع وجود الحراس.

في العام 2007 رفضت الحكومة الاقتراح برغبة المقدم من مجلس النواب بشأن منح العاملين بوظيفة (فراشات/ فراشين) في المدارس الحكومية إجازة في فترة العطلة الصيفية شأنهم شأن المدرسين، مبررة ذلك باختلاف الأعمال المنوطة بهم عن الهيئة التعليمية، ما يوجب استمرار تواجدهم بالمدارس خلال إجازة الصيف التي تشهد أعمال الصيانة الدورية للمدارس الحكومية، ما يتطلب وجود أولئك العمال في المدارس، وأن بإمكانهم الحصول على إجازاتهم السنوية في أي وقت آخر من العام الدراسي.

إلى حد الآن، فإن ما أظهرته شريحة واسعة من المراسلين في المدارس من تفانٍ وجدٍ وإخلاصٍ في العمل دون كلل أو ملل، يستدعي على الأقل منحهم نصف الإجازات الصيفية أو إجازة منتصف العام الدارسي.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3774 - السبت 05 يناير 2013م الموافق 22 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 7:09 ص

      كلامك عين العقل

      أنت صح

    • زائر 3 | 6:33 ص

      الله هداك يا استاذ اي حقوق إنسان

      ما في إنسانية و مجتمعات الغابة افضل من المدراس الحكومية مدرسة سند البنين نموذجا تم طرد المراسلة رغم حاجتها الماسة للعمل ومعاملة المعلمات كانهم خادمات والنفس الطائفي يفوح من الادارات في مدارسنا رغم ما يسمى بالتحسين والجودة الذين زادوا الطين بلة

    • زائر 2 | 2:11 ص

      مشكور

      شكرالك ولمقالك الرائع والانساني وجعله الله في ميزان حسناتك وياليت الوزارة تلتفت لهذه الفئة من كل نواحي الانسانية وابشرك بوجودامثالك الطيبين في الاخيرقررت التربية منح المراسلين اجازة منتصف الفصل واجازة الصيف ونتمنى من الوزارة الموقرة ان تلتفت اكثرلهذه الفئة وشكرالك ولمقالك الرائع

اقرأ ايضاً