إنه لمن المشين أن نفترق كمواطنين، بالتمايز بيننا، فلا يستهوينا تميزنا عن غيرنا، ولا تمايز غيرنا عنا، سواء إيجاباً أو سلباً، فالحكم العادل والاستجابة الإيجابية له، يتأتى فقط حين تسود العدالة والمساواة بين المواطنين، فهم سواء أمام القانون، وسواء في السراء والضراء، في الحقوق والواجبات، فلا يقبل واحدنا أو طائفة منا، أن نحوز حقاً الآخر منه محروم، أو نقبل حرمان الآخر حقاً نحوزه، هكذا المواطنون في الوطن الواحد، متكافلون ومتعاضدون.

فلنا مطالب، فيما يخص التأمينات الاجتماعية، التي هي حق لجميع المواطنين في التكافل الاجتماعي، ويتوجب أن ينظمه قانون يجمعنا كمواطنين بالتساوي في نسب الاقتطاعات، وفي التغطيات التأمينية، في حالات المرض، والعجز والتقاعد، لا فرق في ذلك بين العاملين في الحكومة والعاملين في القطاع الخاص وأصحاب العمل. فجميع المواطنين، يكدون في عملهم كلٌّ في مجاله، ويخدمون الوطن، كلٌّ باستطاعته، ولا يفترقون إلا بتفاوت مردود راتب الوظيفة وعلاواتها، أما نسبة الاقتطاع من الراتب والتي تتحدّد بنسبة مئوية واحدة لكل المواطنين العاملين، فهي التي تحدّد القيمة النقدية للاقتطاع، ارتباطاً بقيمة الراتب، وكذلك سنوات الخدمة المحتسبة لاستحقاق التقاعد بما في ذلك السنوات الافتراضية التي تغطيها الدولة، يتوجب أن تكون متساوية لجميع المواطنين، بغض النظر عن طبيعة الوظيفة ومخاطرها، إذ إن الراتب والعلاوات، هي المعوضة للمواطن لقاء عمله وطبيعته ومخاطره، طوال فترة عمله، أما مرحلة الشيخوخة والتقاعد والعجز، فلا وظيفة فيها ولا مخاطر وظيفية، فيتوجب أن يساوي القانون، بين المواطنين في ذلك، فلا تفريق بين موظف صغير وضابط في الجيش أو الأمن أو وزير أو نائب في البرلمان، في احتساب سنوات عمل، لا أقل ولا أكثر لاستحقاقه تعويض التقاعد، وكذلك نسبة الاقتطاع من الراتب ونسبة مساهمة رب العمل سواء كان قطاعاً خاصاً أو حكومياً، ونسبة الفائدة السنوية على الرصيد، يتوجب توحيدها، فليس جائزاً شرعاً ولا دستورياً ولا قانونياً ولا أخلاقياً، أن يتميّز النائب خاصة في احتساب ما يميزه عن ناخبه من المواطنين، وخصوصاً أن وظيفته كنائب هي وظيفة طارئة متحددة بأربع سنوات، في حدّها الأدنى، وقد تتكرّر بإعادة انتخابه وقد لا تتكرر، وأن النائب، له سنوات خدمة لعمله قبل إنابته، له حق في احتسابها بإضافة سنوات عمله كنائب، حاله كحال المواطن، ومن حيث إن عمله في البرلمان طارئ، فالحق يتوجب أن يتمّ احتساب راتبه التقاعدي باحتساب متوسط رواتبه المختلفة قياساً لمددها المختلفة، وكذلك يطبق المعيار نفسه لجميع المواطنين، فلا يجوز احتساب آخر راتب يتقاضاه الموظف، بشكل طارئ، مما أوجد فساداً في حالات نقل بعض الموظفين وخصوصاً من العاملين في الحكومة، عبر نقلهم بين الوزارات والدوائر مع زيادة رواتبهم، وسرعان ما تمت عمليات تقاعدهم وغالبهم عبر التقاعد المبكر، فيا نواب الشعب في السلطة التشريعية، ويا وزراء في الحكومة، لقد ظلمتم باقي المواطنين، وميّزتم أنفسكم على باقي المواطنين، وفتحتم باباً للفساد استغله المتنفذون، فهلا يحق لنا نحن المواطنين، أن نحسب ذلك فساداً منكم، وأنتم أمامنا مساءَلون.

ولنا مطالب، في أن تدار الدولة عبر المؤسسات والقانون، اللذين لا يمايزان بين المواطنين، في الحقوق والواجبات، لا على أساس الدين ولا المذهب، ولا العرق، ولا الأصل ولا الجنس، ولا يتأثران بتطييب خاطر هذا أو ذاك، ولا بنفوذ أي فرد خارج القانون، في إنقاص حق هذا المواطن أو زيادته لذاك، ولا في إثقال واجب أي مواطن بالتفريق بينه وبين غيره.

ولنا مطالب، في عدم حصر العمل الخيري في الجمعيات الدينية والمذهبية، وخصوصاً تلك التي لها أذرع سياسية، وعوضاً عنها نطالب بإنشاء هيئة مركزية مستقلة، يتولاها أهل الذمة من المواطنين، بالنظام المؤسسي ويحكمها قانون لا يفرق بين المعوزين من المواطنين، بقاعدة الدين والمذهب، ولا بالموقف السياسي، وألا يُستَغل العمل الخيري في توجيه الناس إلى غير قناعتهم ورأيهم الحر، في كل مفاصل الحياة، ولهذا تأتي ضرورة الهيئة المركزية المستقلة، لتلقي التبرعات غير المشروطة، ليتسنى لها تغطية احتياجات المعوزين من المواطنين، وتخضع هذه الهيئة للرقابة المالية والإدارية، أما موضوعات الوقف الديني فلها مؤسساتها.

ولنا مطالب، أهمها مساواتنا جميعاً كمواطنين، في حقّنا السياسي، عبر مساواة صوتنا الانتخابي، فلا يجوز أن تتمثل منطقة انتخابية يقطنها عشرة آلاف مواطن بنائب، في حين أن أخرى يقطنها دون الألف تتمثل بنائب أيضاً. والصحيح العادل، أن يكون للأولى عشرة نواب وللثانية نائب واحد. والأجدى حقوقياً لمساواة الأصوات، أن ينتخب كل مواطن العدد العادل للمنطقة الانتخابية الكبيرة على مستوى المحافظة بنظام القوائم والأفراد، دون تقسيمها إلى دوائر صغيرة يمثل كلاً منها نائب، فهذا جائز للانتخابات البلدية أو الإدارة المحلية، التي تهتم بالتخصص لإدارة وخدمات منطقتها، في جمع لهذه الإدارات المناطقية في مجلس بلدي أو محلي يختص بالمحافظة بتمثيل مناطقها، ولكنها غير جائزة للبرلمان الذي يمثل النائب فيه جميع المواطنين، من انتخبه ومن لم ينتخبه، فهو - أي النائب - يحمل الوطن بجميع مواطنيه أمانةً في عنقه، ولتحقيق هذا الالتزام من الأولى أن يتم انتخابه من غالبية المواطنين على مستوى الدولة، لا على مستوى المحافظة فحسب.

ولنا مطالب، في أن يكون البرلمان المنتخب من كامل شعب البحرين، هو المختص بالرقابة على الحكومة بجميع مؤسساتها، وكذلك مراجعة وتشريع القوانين بما يواكب الصالح العام، ولا يمنع أن يكون له هناك مستشارون يعينهم الملك والبرلمان، من أهل العلم والتخصص والخبرة، لإسداء النصح والمشورة لأعضاء البرلمان. وواجب على عضو البرلمان، أن يتواصل مع المواطنين في كل مساحات الوطن، ويعتبر لمصالحهم جميعاً، ولا يسجن نفسه في منطقة سكنه أو مدينته أو محافظته، فأبعد مواطن، له حق عليه، ولا يتكل على غيره من النواب، القاطنين تلك المناطق، فالنائب لا ينوب عن غيره من النواب في تمثيل كامل المواطنين.

ومازالت لنا مطالب.