العدد 3854 - الثلثاء 26 مارس 2013م الموافق 14 جمادى الأولى 1434هـ

رسائل مواطن إلى المواطنين... الصفقة السرية (5)

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

في البحرين شهدنا جليّاً عبر السنتين الماضيتين أمرين، الأول نصوص دستورية يتم تجاوزها، والقوانين والإجراءات المنفذة لها تُطبق باختيارية، والثاني رفع القيمة المواطنية عن كل من شارك في الحراك الجمعي، وإنزالهم منازل الخيانة للوطن والارتباط بدولة عدوة، ما يصل بنا إلى تلمّس غياب دولة المؤسسات والقانون.

والأمر الذي توّج القناعة به لدينا، التصريح الشهير الذي على اثره نشطت خلايا كانت نائمة، في القطاعات الحكومية والشركات ذات الصلة، فكان الفصل الجماعي الذي طال جميع القطاعات، وفي الإعلام الرسمي وشبه الرسمي والصحافة الموالية، فكانت الدوائر الحمراء على الوجوه، لتتلوها إجراءات تجاوزت حقوق الإنسان، وفي النشاط السياسي والمدني الحكومي وشبه الحكومي الطارئ، بردات الفعل على الحراك الشعبي، فكانت هناك استثارات للنعرة الطائفية، في محاولة عزل طائفة عن الأخرى في الحراك والمطالب، أو تحريكها عبر أفراد الخلايا النائمة من بعد إيقاظها في الوقت المناسب، من بعد الترويج أن إيران على الأبواب نصرةً لأتباعها البادئين بالحراك الشعبي، مستندين إلى أوهام اختلقوها اعتماداً على التشابه المذهبي ما بين طائفة وإيران.

كان ذلك على المستوى المحلي، وقد كان قمع الحراك في (17 فبراير/ شباط 2011)، الذي على إثره استشهد اثنان من المواطنين وسقط الكثير من الجرحى، ما أشاط الغضب الشعبي، ودعا النظام إلى إعلان الحداد الوطني وتشكيل لجنة وزارية لتَتَبّع مسببات الحراك، إلا أنها ماتت لحظة ولادتها، ما أوجد توتراً بين السلطات والشعب، هدأ قليلا بعد سحب الجيش وقوات الأمن من الشوارع بصورة مؤقتة، والإقرار بحق التجمعات والتظاهرات الشعبية، وطرحت لاحقا مبادرة سمو ولي العهد ذات المبادئ السبعة، والتي سرعان أيضاً ما ماتت دون أن يجتاز عمرها يوماً واحداً. فكان يوم (16 مارس/ آذار 2011) ، وإعلان حالة السلامة الوطنية لفضّ التجمع الشعبي في الدوار.

ثم جاءت التجاوزات الأمنية والإجرائية القانونية، التي تمثّلت في إجراءات القبض دون إذن من النيابة، وتداخل الإجراءات ما بين الأجهزة الحكومية المختلفة، والتي طالت القتل تحت التعذيب، وتوجيه طلق الرصاص الحي والمحرم دولياً إلى المناطق المميتة من أجساد المتظاهرين، والعقاب الجماعي للقرى، وهدم المساجد، وإخلاء الدوائر الوظيفية من خيرة الخبرات بناءً على الهوية والموقف المعارض للسلطات، بما طال الأطباء في التخصصات النادرة، بتهم حقيقتها معالجة جرحى الحراك، دون الإذن من الحكومة.

فما السر وراء كل هذه الإجراءات، واستمرارها إلى اليوم؟

لا يفوت أي حصيف، أياً كان مذهبه، وسواءً كان معارضاً أو موالياً، مواطناً أو من دول الجوار أو الدول الأخرى، أن هذه الإجراءات، لا يمكن لها أن تكون وليدة لحظة، والمحلل لتصعيد وتيرة الإجراءات واستمرارها، يقف على حقيقة أنها معدة سلفاً، استتباعاً لما تسرّب من التقرير الشهير والمثير في سبتمبر/ ايلول 2006، وخصوصاً في عمليات التجنيس، وتغريب الأجهزة الحكومية ذات الصلة بالتعامل مع المحتجين، وخلط زيّ رجالها ما بين الرسمي والمدني، ولبس الأقنعة، بحيث يضيع التشخيص ما بين البحريني وغيره، كل ذلك ينمّ عن وجود توافق على أن يأتي كلٌ بما في جعبته من إجراءات من اجل سحق الشعب أو جزء كبير منه، والبعض يعتقد بأن الشعوب يمكن ان تُشترى وتُستبدل، إن لزم الأمر، فاشترك المتنفذون في إعداد الخطة خارج مؤسسات الدولة وقوانينها، واستندوا إلى قوى تشاطرهم الغاية، وبتنفيذ تلك الصفقة استقوى بعض منهم على آخرين، فتمادوا في إعداد كوادرهم وتكثيرهم، ودرّبوهم على كراهية كل ما هو شعبي، ومترسوهم بأسوأ الطباع، مقابل التمييز، الذي أضحى الشعب يشكّل خطراً عليه، لهم وعليهم، ليس في إيقاف ذاك التمييز فحسب، بل في محاسبتهم على ما اقترفت أيديهم، ما جعل مواجهة الحراكات الشعبية بالنسبة لهم حرب حياة أو موت، وبالتالي لتبدأ هذه الحرب، ما أضعف الآخرين في جمعهم، فبات الأمر غير قابل للعودة عنه، وخصوصاً من بعد كثرة ضحاياهم، وهذا هو سر استمرار التجاوزات والإفلات من العقاب، وفي ضعف مؤسسات الدولة، وضعف غيرهم من المتنفذين الآخرين، فلم تنفع لجنة بسيوني وتقريرها، التي استنجد بها الطرف الأذكى، فبدأ يطبخ الحل على نار هادئة بما يعيد له الصدارة في ذاك الصراع الداخلي، عله يوماً يفوز بالمساندة الشعبية، فتبنى موضوع الحوار، الذي مَيّعه المتنفذون الآخرون، وخصوصاً من بعد الصمود والضغط الشعبي، بمساندة منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية ومفوضية حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، الأمر الذي سانده انكشاف الأحداث والتطورات على حقيقتها لدى أكثرية شعب البحرين بطائفتيه، إلا أن كوادر المتنفذين مازالوا يراهنون على تغييب الإرادة الشعبية العاكسة للشعب مصدر السلطات عبر الصوت الانتخابي المتساوي والدوائر الانتخابية العادلة، والحرية والكرامة، والمعايير التي لابد آتية، وفي قصير الزمان، وإن غداً لناظره لقريب.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3854 - الثلثاء 26 مارس 2013م الموافق 14 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 12:15 م

      كلمة الختام

      وإن غدا لناظره قريب. كم هي كبيرة هده الآية القرآنية الكريمة, إن لكل شيئ بداية ونهاية. إن المطالب بحقه يرى نتيجة عمله قريبة وحتمية وإن طالت المدة, ولنا عبرة في الدول التي شاركتنا الربيع العربي وغيرها. وكما يقال ما ضاع حق وراءه مطالب. ولا يسعني أخي الكريم الدي أكن له الإحترام إلا أن أتقدم إليك بالشكر الجزيل على ما تتحفنا به من مقالات. (محرقي/حايكي)

    • زائر 13 | 8:17 ص

      المصلي

      المشكله في البحرين هو هذا التمييز والطائفية الممنهجه والذي مضى عليها عقود من الزمن ادخلت البلاد والعباد في هذه الموجات من المواجهات بين فئه تمثل غالبية السكان يمارس عليها هذا الحجم من الأقصاء والتهميش وبين هذه والتي تسمي نفسها السلطة التنفيدية وهي في واقع الأمر تجهل أو تتجاهل أن الشعب بكل اطيافه عندما يشعر أن حقوقه مسلوبة سيثور في يوم من الأيام ليطالب بحقه المسلوب مهما كلفه من قتل وتنكيل وأبعاد وأقصاء وسجون وتعذيب وسيعلنها حربا قد تعصف بالوطن والمواطن على حد سواء وبالتالي سينعكس سلبا على استقرار

    • زائر 12 | 6:49 ص

      المظاهر قد تكون في كل لامع

      ليس كل ما يلمع ذهبا من المقولات بينما القانون في البلاد الديمقراطية مثلما كان في اليونان ولم يغيره القرآن بل أكد ذلك مرار وتكرارا. فالقانون أعلى سلطة في جميع البلدان إلا البلاد العربية. هنا سؤال ألايقرءون القرآن؟ هل بسبب تجويدهم للمحكم لم يستحكموا لأنهم يحفظون. وقد يفسرون ما لا يقبل التفسير ويختارون ما يوافقهم ويتكرون ملا يشتهون.

    • زائر 11 | 5:29 ص

      استاذي

      اصبت عندما تحدث على تدريبهم على الحقد و الكراهيه

    • زائر 9 | 4:42 ص

      مقال في منته الشفافيه

      دائما مقالتك اذا قرائه الانسان البحريني تدخل في قلبه الطمانينه ويقول لازالة البحرين بخير وفي مأمن برجالاتها المخلصين من أمثالك. وياريت الناس تفهم ما يدور حولهم.

    • زائر 8 | 4:12 ص

      عشت

      لا فض فوك يا ابن الأخيار الأحرار يا ابن سيادي أنت سيد بروحك الوطنية ونصرة الحق ومحاربة الظلم والفساد لا تخاف في لومة لائم

    • زائر 7 | 4:02 ص

      معكم يد بيد سوف نخرج من هذه الازمة

      بشرفاء الوطن ومخلصيه من سنة وشيعة سوف يخرج الوطن من ازمته رغم عن المؤزمين والاستحواذيين والطامعين والجشعين والعنصريين والاقصائيين هذه صفات ليست للتكرار فكلها موجودة في المجتمع وتعتاش على دم هؤلاء المواطنين.
      سنة وشيعة سوف نتخطى هذه الازمة بإذن الله.
      لن نقبل ان يعبث بعض هؤلاء بوطن الاجداد
      وطن ذا تاريخ عريق يترك لبعض المراهقين ليعبثوا فيه
      العالم كله يتقدم ويتطور ومن يرفض ذلك ويريد البقاء على الوضع الحالي فليذهب الى ادغال افريقيا ليعيش هناك وحتى في افريقيا اصبح العالم حرا لا يقبل الذل

    • زائر 6 | 3:27 ص

      كتاب

      اتمنى ان تخرج هذه الرسائل الرائعة في كتاب يكون من ضمن تحف مكتبتنا

    • زائر 5 | 3:07 ص

      ايها الكاتب الشريف وأصبحت هناك دعوات للقاعدة لتكون البحرين مركزا لها

      بل اكثر مما ذكرت الحمد لله اصبحت البحرين او ستصبح الدولة الحاضنة للقاعدة
      تسابق دول الخليج على استضافة هذا المكون الممقوت عالميا فقطر تريد فتح
      مكتب للقاعدة وبعض صحفي البحرين تدعوا القاعدة للقدوم وتهدد بها وظهرت
      تغريدات تفيد ان هناك بعض خلايا القاعدة نائمة. كل هذا من اجل ان لا يعطى
      هذا الشعب حقوقه ومشاركته في قرار بلده!

    • زائر 4 | 1:49 ص

      الله يحفظ من كل عين

      أدعو الله ان يحفظك مهم

    • زائر 3 | 1:31 ص

      رسال مواطن الي مواطنين الصفحة السرية(5(

      ياسيد سيادي الأصيل ولد الأصول اشكرك علي مقالاتك الجميلة المؤثرة انا انسانة طالبة من كل بحريني أصيل ان يوقف معاي ويساعدني في ظروفي وطلبة منك انت بالذات ياطيب ظروفي وايد صعبة واللة المستعان

    • زائر 2 | 12:52 ص

      يعقوب سيادي

      ياابن المحرق الابيه دمت سالما غانما عمود من اعمدة وطننا الغالي البحرين ,تايلوس,دلمون,اوال.ارادوس ,ارض الخلود هذا هو ابن الوطن نشم فيه رائحة ترابها الغالي الذي نفديه بارواحنا ونسقيه بدمائنا .

    • زائر 1 | 12:26 ص

      شكرا لإم ولدتك أيها الشريف

      لا أستطيع أن أمر مرور الكرام على رسائلك السابقة والحالية ولا أستطيع أن لا أشكرك وما الشكر إلا تقصير في كلمك أيها الشريف فشكرا لكم شكرا لكم ولمن يسير على دربك فهذا هو درب الوطن ومن غيره لا وصول

اقرأ ايضاً