العدد 3871 - الجمعة 12 أبريل 2013م الموافق 01 جمادى الآخرة 1434هـ

56 ساعة من الكلام بين العرين والجفير

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«بعيداً عن زخم المدينة وضوضاء السيارات وفي قاعة فخمة، تعقد اليوم أولى جلسات استكمال حوار التوافق الوطني في المحور السياسي بمنتجع العرين بالصخير. وتقبع هناك طاولة مستديرة منضدة بـ 28 كرسياً تكتسي باللونين الأحمر والأبيض وبعض الأزاهير، فيما وضع أمام كل كرسي كافة التجهيزات اللازمة لبدء وانطلاق الحوار الوطني الجاد بين مكونات المجتمع البحريني كافة، ويتبقى اكتمال والتئام عقد المشاركين عصر اليوم».

كانت هذه اللوحة السريالية التي رسمتها بعض الصحف يوم الأحد 10 فبراير/شباط 2013 عن أولى تحركات ما يُعرف محلياً بـ (National Dialogue ( كما كتب باللغة الانجليزية، أو كما كتب بالعربية «حوار التوافق الوطني». وللمصادفة العجيبة أن يأتي بعد حوار البحرين في الأطراف الشرقية لشبه الجزيرة العربية، تحرك آخر للحوار في الأطراف الجنوبية لشبه الجزيرة في اليمن ولكن بهدف أكبر وأوسع إدراكاً لما يجري في تلك البلاد، فهو حوار وطني مفصلي يهدف إلى وضع دستور جديد لليمن وحل مشاكله الكبرى بحضور الرئيس اليمني كما بدا في 18 مارس/آذار 2013، وأطلق عليه «مؤتمر الحوار الوطني»، وشعاره هو «بالحوار نصنع المستقبل».

أما هنا في البحرين فبعد حوالي 56 ساعة من الكلام الذي يسمى حواراً، وبين جلسات مكبّرة وأخرى مصغّرة، استغرقت حوالي شهرين متتاليين؛ فإن أهم ما تم التوصل إليه في نهايتها هو نقل موقع الحوار من أجواء المنتجعات الرومانسية إلى أجواء المواقع الثقافية، وهو مركز عيسي الثقافي بالمنامة، موقع جلسات التجمع الأول في العام 2011 والذي انسحبت منه القوى الوطنية آنذاك.

ويبدو أن هذا الانجاز المهم الذي تمّ في الجلسة الثانية عشرة المكبّرة لم يعترض عليه أحدٌ لأول مرة، وذلك لشعور الجميع بأن الأجواء الرومانسية في المنتجعات ساعة الغروب أو الفشق، كما يعلق عليها عادل أمام، لم تكن في صالح المتحاورين باعتبار أن هناك هموماً سياسية تشغلهم لا يستطيعون خلالها التوافق مع منتجعات مرفهة في ظل أوضاع مكفهرة.

ولكن مازال كل الكلام الذي قيل لم يخرج عن ألف باء البدء، ومازالت اسطوانات الائتلاف بتكرار تشغيلها أسبوعياً على نفس النغمة تزعج المعارضة. وحتى لا يخرج المتحاورون كعادتهم في كل جلسة من دون تصريحات نارية هنا وهناك، فقد صرّح الناطق باسم ائتلاف جمعيات الفاتح، كما يسمونهم، بأن المعارضة رفضت اقتراح جمعيات الفاتح بتخصيص جلسة لمناقشة الخلافات وأخرى لمناقشة جدول الأعمال، واستنتج بشكل سريع وتحليل دقيق في ذات اللحظة، أن معنى ذلك المعارضة تريد إفشال الحوار، الذي لم يبدأ بعد حقيقةً، لتقول للعالم أن الحوار فاشل، ومن ثم المطالبة بتدخل أجنبي، وليس إيراني خليجي الحمد لله، لإيجاد بديل للحوار. وهو يعلم بأن المعارضة الوطنية رفضت مطلبهم هذا لأنها تعي بأن الموافقة عليه تعني البدء بأجندة الحوار والسير فيها دون حسم الملف الأصل وهو تمثيل الحكم والاستفتاء الشعبي، وبذلك لن تستطيع المعارضة حل الملفين في الوقت ذاته مع كل هذه العراقيل التي يعرفها القاصي والداني اليوم، ما سيضعها في موقف محرج جداً أمام الشارع ومشروعها الذي وضعته في النقاط التسع بدايةً.

وحتى لا يبقى من يطلق عليهم «مستقلين» صامتين ولا يثيرون أية عواصف كلامية بلا «طوز»؛ فقد قام أحدهم ليضيف إزعاجاً آخر لموقف المعارضة قبل الانتقال الميمون بإذن الله، بتصريحه أنه لا يتوقع أن يكون لتمثيل الحكم في جلسات الحوار المتوقفة عليه حالياً الأثر الايجابي المتوقع. فردّد وراءه بقية المستقلين: يا جماعة نقطة تمثيل الحكم في الحوار محسومة! ولم يوضّحوا للجمهور الفقير لله كيف هي محسومة «والهواش عليها صار له شهرين».

ويتوقع المراقبون لمجريات مشروع الحوار بعد الانتقال للموقع الجديد وسط عاصمة السياحة العربية المنامة يوم الأربعاء القادم؛ أن تخفّ حدة اتهام الجمعيات الوطنية المعارضة، من قبل بعض أطراف طاولة الحوار المخملية، بذات الوصف الذي ما زال يجري على الألسن النشاز كعلكة رخيصة الثمن وهو «الخيانة».

الجمهور، الشارع المحلي، والقوى الخليجية والعربية والدولية كلها تنتظر حراكاً حقيقياً وجاداً، كما وصفته الصحيفة في البداية، فوق طاولة الحوار ليذيب الجليد ويحرك المياه الراكدة منذ 10 فبراير الماضي. مع أن كل القوى تعرف من هم الذين يريدون لتلك المياه ألا تتحرك لتصبح آسنةً أكثر، ولا يريدون لصيف البحرين أن يأتي كغيره هذا العام ليذيب جليد الجمود وليصيّف الناس وعلى وجوههم علامات الفرح، وليصوموا رمضان القادم ولسان حالهم يلهج بالدعاء لحفظ البحرين وشعبها من كل مكروه رغم كل النوائب والصروف، ويحضنوا بعضهم البعض عند المساجد المهدّمة وغير المهدّمة.

فهل تتحقق الأماني بمجرد نقل الطاولات من العرين إلى الجفير وبعض العقول مازالت متحجرة، وبعض القلوب مقفلة كشركة مساهمة؟

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3871 - الجمعة 12 أبريل 2013م الموافق 01 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:40 ص

      هههههههه

      يوم الاحد الجاي بيودونهم سوق المقاصيص علشان الحوار يكون اكمل واشمل
      عندي سؤال : ليش مكتوب بالعربي حوار توافق وطني وبالانجليزي حوار وطني ؟
      عسى القي جواب شافي لهذا السؤال البريء!!!!!!!!!!!!

    • زائر 2 | 10:56 م

      الآن هل تسمعون الغرب يزن بضرورة الحوار ؟

      لقد حقق الحوار ما تصبو له السلطة الا وهو وقف مطالبات الغرب لها باجراء حولر مع المعارضة ولا يهم ان يتمخض عن شئ بل ليس مطلوبا ان يتزحزح موقف السلطة

    • زائر 1 | 10:23 م

      أتوقع لأنهم محتاجين للمكان في أيام الفورمولا

      ولهذا ربما تم نقل المكان -ستراوي

اقرأ ايضاً