العدد 3872 - السبت 13 أبريل 2013م الموافق 02 جمادى الآخرة 1434هـ

خطأ تعيين أطراف الحوار الوطني

رسائل مواطن إلى المواطنين (10)

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

نخصص هذه المقالة للمواطنين عن طاولة الحوار، ونقرّ بأنهم مواطنون، ونحسن الظن فيهم، وننصحهم ألا يكابروا علينا نحن شعب البحرين الطيب، لأننا لن ننسى لهم، كما فعلنا لغيرهم في أيام غَبَرَت، فقد وعينا الدرس من يوم ولدتنا أمهاتنا أحراراً، وقد أمهلنا ولم نُهمل، وقد وعينا وما عدنا نَجهل، إن اليوم لنا والغدُ، من بعد أمسٍ اصطبرناه.

آخر الفرص منحناها، فها أنتم تأتونا عبر التعيين، الذي تكرّر دون أن نحظى بأجمل الأيام، فتقاسمتم كراسي التوتر والشقاق، ومزقتم لحمتنا الوطنية، التي فرشتموها على طاولة حواركم، واستحوذتم عليل هواء العرين والمآدب، وإني لأَشْهَد أن بعضكم ليسوا من عقلاء القوم، إما لتعنت البعض منكم، وإما لفقر البعض لحجة الإقناع، وإما لأنكم لا تُنصتون لبعضكم بعضاً، وإما لأن لبعضكم أجندته، التي يرى فيها مَقتَلاً له إن حكمها العقل ومصلحة الشعب.

فقد غاب طرفا الحوار المعنيين، جلالة الملك والشعب، فالملك في شخصه أو في من ينوبه بصلاحيات كاملة، والشعب في نوابه في مؤتمر أو مجلس شعبي، ينتخبه الشعب انتخاباً حراً بالصوت المتساوي لكل مواطن، دون تقسيم إلى مذاهب أو طوائف أو مناطق، ودون اختزاله في جمعيات سياسية، فالوطن لجميع مواطنيه، بما فيهم أفراد السلطات. هذان هما الطرفان الحقيقيان مالكا القرار، بافتراض أن نظام الحكم في البحرين، هو المملكة الدستورية الديمقراطية.

فإن كان تفاوضاً، لتقويم اعوجاج وضع مأزوم قائم، فهما المعنيان المباشران بالأمر، وإن كان حواراً لتقريب وجهتي نظر الطرفين، فلكل طرف محاوروه، والقرار للأصل وهما الشعب والملك، وقد يسبق الحوار تفاوضٌ، أو قد يسبق التفاوض حوارٌ، اعتماداً على توافق الطرفين، على ما يحفظ للوطن (باحتوائه لجميع المواطنين) الاستقرار والسلم الآني، والتطور المستقبلي، في جميع المجالات الدستورية والسياسية والحقوقية والقضائية والتشريعية والاقتصادية والاجتماعية، وللطرفين الاستقرار والتطور الدستوري والسياسي.

ولكن الحكم في البحرين ارتأى، لغرض غير معلوم لدينا نحن أفراد الشعب، أن يعيّنكم ناطقين باسمنا، وجعل لكم طاولة لا ندري شكلها الهندسي، واعتبركم نخبتنا، وقسمكم إلى جمعيات سياسية معارضة، بمعنى معارضتكم للوضع القائم، من المعاناة جراء فرط الحلول الأمنية، التي أودت وما تزال بحياة المطالبين بالحرية والمساواة ومحاربة الفساد وغلبة سلطة الشعب، في كونه مصدر السلطات جميعها، وهو ما نص عليه الميثاق والدستور، وممارسة الشعب حقه في التظاهر والمطالبات الجماعية، وهو ما قَرّ به الحكم في شخص سمو ولي العهد، تطبيقاً أيضاً لنص الميثاق والدستور.

وإلى جمعيات سياسية تصف نفسها بالائتلاف الوطني، ترى أن الأزمة مبتسر حلها في زيادة الرواتب وتوفير الخدمات، مع بقاء الحال على ما هي عليه، وترى في الحراك الشعبي خيانةً للوطن، ونزعةٌ طائفية، في حين إنها تجالس المعارضة وتناكفها في جلسات الحوار، ولا مانع لديها من انفرادها بالتحاور مع باقي أطراف الحوار من دون المعارضة، ولا شأن لها بالجوانب الدستورية والسياسية والحقوقية لأسباب الأزمة، وليس على بالها أي اهتمام بما نال الشعب من بطش بالقتل والجرح والاعتقال والفصل من الأعمال على قاعدة الطائفية، التي يعتقدون حقيقتها، وأنهم كطائفةٍ متضررون من تلبية المطالب الشعبية خارج نطاق الراتب والخدمات.

وجعل الحكم بينكما، أنتما الطرفان المتناقضان، من أسماهم بالمستقلين، بمعنى أنهم غير الجمعيات المعارضة وغير جمعيات الائتلاف، وهم، أي المستقلون، من طرفي السلطة التشريعية، يؤكد وجودهم أن الجمعيات السياسية بطرفيها غير منسجمين في تمثيل الشعب، لذا هم بحاجة لطرف منفصل عنهما، لتوازن صفتهم كما تَسْمِيتهم بالمستقلين، وهم غيرها السلطة التشريعية، التي ستحال إليها توافقات الحوار (إن كان هناك توافقات، وهي غير منظورة ولا متوقعة)، لصياغتها في نصوص دستورية بعد استلامها من أطراف الحوار، عبر تمريرها إليهم من خلال جلالة الملك.

ثم أضاف الحكم طرفاً رابعاً، وهو السلطة التنفيذية المعينة (الحكومة)، لتكون طرفاً أساسياً لمخرجات توافقات الحوار في حساب دقيق، لخلق تناقضات حول طاولة الحوار، بما يؤدي إلى استحالة الوصول إلى توافقات إلا بما تراه الحكومة، وهي الطرف المُختَلف عليه أساساً بين الحكم والشعب، والنتيجة «يا زيد كأنك ما غزيت».

هذه هي حال الحوار الوطني في شقه السياسي، وفي جميع تشققاته، كما أعد لها الحكم والحكومة، فهما طرف واحد في دورين مختلفين، استنجدا بطرفين آخرين من السلطة التشريعية المعينة والمنتخبة جراء ترتيبات من قبل الحكم والحكومة، والمرتبطة مصلحة بقائهما بما لا يناكف الحكم والحكومة، ثم أن الطرفين الآخرين، المتمثلين في جمعيات المعارضة وجمعيات الائتلاف، (وربما الأطراف التشريعية إن صحت نواياهم)، مهمشان على قدر المساواة، فليتجادلا فيما بينهما إلى ما شاء الله، فلا يعني ذلك الحكم والحكومة، طالما أنهما ماضيان في حلهما الأمني، وفي قساوة إجراءاتهما، وفي استمرار إفلات المتجاوزين من رجالاتهما من العقاب، وفي استمرار التعسّف ضد المطالب الشعبية، بما فيها أبسطها من المطالب المعيشية في زيادة الرواتب للعاملين في جميع القطاعات العامة والخاصة، وفي التيسير على غير العاملين عبر المعونات الاجتماعية ومعاشات التعطل، بما يحفظ للجميع كرامتهم الإنسانية بمعيار المواطنة.

فهل تعي أطراف الحوار الشعبية، بجميع مشاربها، أنهم ليسوا سوى مشاركين في لعبة سياسية، يتشارك في سيناريوهاتها أطراف الحكم وأطرف إقليمية ودولية، تطيل أمد الأزمة، وتمنح الحكم الوقت الكافي للإجهاز على النشطاء الشعبيين؟ والدليل على ذلك أنهما، أي الحكم والحكومة، يمارسان ما تمارسه الدول المتحاربة بأعتى الأسلحة، في المفاوضات الحربية، فالحرب مستعرة، وطاولة المفاوضات، تدور رحاها في آن واحد، وهل نسوا تجربة التصويت على الميثاق (ولنا عليها مآخذ)، التي جاءت في ظل انفراجات أمنية وسياسية وحقوقية، من بعد تبييض السجون والمعتقلات السياسية، وعودة المنفيين، وإرجاع الجنسيات المسحوبة، والسماح بممارسة الحقوق السياسية الحزبية.

فلا أقل من اشتراط الشعب لمثل هذه الإجراءات، أو مبادرة الملك بها، من بعد استخدامه سلطته الدستورية في حل السلطة التشريعية، وبدء الحوار بين الحكم في جانب والكفاءات الشعبية الدستورية والسياسية والحقوقية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحافية.. إلخ، ودعوة الشعب لانتخاب مجلسه الدستوري لتمثيله بهذه الكفاءات، عبر الصوت الانتخابي المتساوي لجميع المواطنين، المجلس الذي يراجع مع مندوبين عن الملك التجربة الإصلاحية التي بدأت بالميثاق، وتبيان نواقصها القانونية والإجرائية، ووضع الأدوات الدستورية والقانونية، والهيئات اللازمة لإجراءات التطبيق، بما يكفل الاستقرار المجتمعي الدستوري والقانوني والحقوقي والمعيشي.

وهذه الإجراءات تتطلب وقف كل أشكال العنف من جميع الأطراف الرسمية والشعبية، مع المحافظة على حق التجمعات الشعبية السلمية في التعبير عن مطالبها عبر حمايتها من الإجراءات الأمنية، وعبر ضبط قيادات الجمعيات السياسية المعنية، وهم قادرون على ذلك، لأفراد الجموع الشعبية بالتوجيه وتسليم المتجاوزين لقوات الأمن، الذين بدورهم يحفظون حقوقهم الإنسانية في أماكن حجز خاصة، تشرف عليها السلطات والجمعيات السياسية التي تمثلهم، إلى أن تتضح الرؤى، ويتم العفو عنهم أو محاسبتهم حسب القانون والنظام الجديد، برعاية ثنائية بين السلطات والجمعيات السياسية، فهناك من كفاءات أفراد الشعب من غير المنتمين للجمعيات السياسية، وشخصي أولهم، من هم مستعدون للمساهمة في إنجاح كل ذلك.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3872 - السبت 13 أبريل 2013م الموافق 02 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 5:31 ص

      فليسمح لى الاخوة بأن ثلاثه ارباع المجتمعين ليس اهلاص للحوار من الطرفين

      حبدذ يكون الحوار مغلق حتى ان الشعب مل من الحرايق و القتل من الطرفين
      و المواطن العادي اللي ماعنده فى الغتم تيسسسسسسسسس.

    • زائر 16 | 5:31 ص

      ياريت تسمع الحكومه

      بس عمك اصمخ يا اخوي

    • زائر 15 | 4:55 ص

      نتوقف دقيقة

      فهل تعي أطراف الحوار الشعبية، بجميع مشاربها، أنهم ليسوا سوى مشاركين في لعبة سياسية، يتشارك في سيناريوهاتها أطراف الحكم وأطرف إقليمية ودولية، تطيل أمد الأزمة، وتمنح الحكم الوقت الكافي للإجهاز على النشطاء الشعبيين؟
      هل المشاركين لا يعرفون هذا؟؟
      فلماذا يشاركون في قتل امة؟؟
      خلاصة ما سبق ان المشاركين في الحوار المزعوم يتحملون نتيجة اشتداد الهجمة الامنية وكذلك يتحمله مفتي شرعيتهم عمامة وعقال كلهم سواء ومشتركون، والامر من ذلك هو تبعية كل من سلم امره وافرغ راسه بما كرمه الله به.

    • زائر 13 | 3:54 ص

      بربقت

      هاهاهاهاها

    • زائر 14 زائر 13 | 4:16 ص

      مسمار في لوح

      كلامك مسمار في لوح ، وان شاء الله الشعب فولاذ ، وصابر و مرابط و بجهود المثقفين و الواعين من أمثالكم و ثبات سوف تتحقق جميع المطالب

    • زائر 11 | 2:21 ص

      يا دكتور

      لعبه خلط الاوراق هي التي تلعبها الحكومه 3 اطراف مقابل طرف واحد وين يتوصلون الى حل هي مماطله وكسب وقت وتالي المعارضه انسحب احنا بنحقق لهم مطالبهم بس هم انسحب كيفهم وضاعت السالفه

    • زائر 6 | 1:20 ص

      لقد أصبت كبد الحقيقة

      كلامك صحيح يا أستاذنا العزيز ويثبت أن الحوار كله دغلباز وجمبزة في جمبزة

    • زائر 5 | 12:42 ص

      لا طائل من كل المناشدات فالحكم في باله شيء آخر

      أنا ارى ان الحكم يخطط لأمر ما ولا ندري ما هو كما قلت وما نراه في الشارع يدلل على ان هناك طبخة معينة تحتاج الى وقت ربما هذا الحوار الفاشل يوفر
      الوقت اللازم لهذه الطبخة.
      انا كمواطن اقول للنظام والحكم الم تكفي الدماء التي سالت والعاهات التي حصلت لهذا الشعب ان تعرفوا اننا مصرين على الحصول على مطالبنا ولو كلفنا ذلك اضعاف مما حصل؟
      اتقوا الله واكتفوا بما حصل من تدمير لهذا الانسان البحرين فقد طالت يد التدمير النفوس فهل هناك اكثر من تدمير النفوس؟

    • زائر 4 | 12:30 ص

      المؤزمين

      المستفيدون من الازمه هم من لا يريدون الحل والعداله الاجتماعيه . هم على هذا الوضع تضخمت كروشهم وحسابتهم البنكيه لذلك يرى ان العداله الاجتماعيه ستساويه في الحقوق والواجبات مع الاخرين فتدفع به الحكومه لتاجيج الوضع

    • زائر 3 | 11:36 م

      لانريد الحوار

      نريد 1-تنفيد توصيات بسيوني تنفيدا حقيقيا2- تطبيق وتنفيد ما صدر في جنيف حقا 3-تنفيد المملكة الدستورية بما فيها الشعب مصدر السلطات 4- برلمان كامل الصلاحية بدون مجلس الشورى 5- المواطنة المتساوية6- الغاء التمييز 7-الغاء التجنيس السياسي المجحف في حق المواطن الاصيل وهذه امور واضحة لمن يريد الاصلاح الحقيقي وما شعار دولة القانون والمؤسسات الا للتغطية على التعدي والظلم فهو كقولهم لا حكم الا لله كلمة حق يراد بها باطل والحوار حق لكن يرادمنه استمرار الوضع على ما كان عليه

    • زائر 9 زائر 3 | 1:45 ص

      احسنت

      بارك الله فيك ،هذا هو الحچي الصح

    • زائر 2 | 11:06 م

      لماذا لا يقوم الشعب بخطوة

      عبر التواصل الاجتماعي يعلن عن تجمع ... 3 اجتماعات تهيئة تجمع كل مكونات الشعب، سنة ، شيعة، مسيح، يهود، ليبرال، الخ....
      في الاجتماع الرابع .. يتم انتخاب لجنة تنسيقية يمثل فيها جميع مكونات الشعب.
      تقوم اللجنة التنسيقية بالاعداد لانتخابات ممثلي الشعب ..... دائرة واحدة لكل الوطن..
      المهمة الأكبر لمنتخبي الشعب ,,,, الحوار مع الحكم..
      ما رأيكم؟

    • زائر 1 | 10:37 م

      اذا حجت البقر على اقرونه

      اذا حجت البقر على اقرونه يا دكتور

اقرأ ايضاً