العدد 3882 - الثلثاء 23 أبريل 2013م الموافق 12 جمادى الآخرة 1434هـ

الحصانة البرلمانية ما بين الحصافة والصفاقة

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

التحصين ينبع من ذات النفس، ويأتي النظام والقانون، لا ليحصن النائب، بل ليضع أدوات رفعه، متى ما بان من النائب قول أو فعل، يمس ذات الآخرين بالضر. وهذه الأدوات، لا تبحث موضوع الاتهام وأدلته، بل حدّدتها اللائحة الداخلية لمجلسي الشورى والنواب، بالنظر فقط في احتمال الكيدية المؤدية لمنع النائب من أداء عمله النيابي، وما دامت اللائحة الداخلية قد أوكلت إلى وزير العدل أن يرفع طلب النيابة العامة برفع الحصانة إلى المجلس المعني، فوزير العدل وقبله النيابة العامة، تصبح مُساءلةً عن نية الكيدية المفترضة، في حال وجد المجلس، أن طلب رفع الحصانة مبني على اتهام كيدي كما ورد في لائحته الداخلية، من حيث أن من مهمات النيابة العامة حين التحقيق في أي ادعاء ضد النائب، أن تتبين موضوع الكيدية، وإلا لن تصل إلى حالة الإدعاء على النائب، وطلب رفع الحصانة عنه.

النائب في أول اجتماع للمجلس، يؤدي قَسَماً واضح النص والمعنى، كما التالي «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن وللملك، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأن أذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأن أؤدي أعمالي بالأمانة والصدق» (المادة 78 من الدستور).

دعونا نركّز على احترام الدستور وقوانين الدولة، والذود عن حريات الشعب، من حريات نصّ عليها الدستور، مثل حرية التعبير وحرية العقيدة، فها نحن شعب البحرين، نجدنا أمام حالتين، من طلب النيابة العامة رفع الحصانة عن نواب، الأولى كانت بحق النائب السعيدي، والأخرى حديثاً عن النائب الشيخ، والحالتان تم البث فيهما رفضاً للأول وموافقةً للثاني، عند مستوى لجنة الشئون التشريعية والقانونية بالمجلس، ثم للأول رفضه من قبل المجلس وبانتظار بت المجلس في الثاني.

فموضوع الإدعاء على النائب السعيدي، كان التطاول والتحريض على ازدراء عقيدة، والتشكيك في النسب بما يطال الشرف، لطائفةٍ من الشعب تعدادها يزيد عن نصف تعداد الشعب أو يضاهيه، بما يرفع السوء إلى الضر بشعب البحرين بكل طوائفه، ففعله فعل الفتنة بين الطوائف، والفتنة أشد من القتل، والنيابة العامة، ثبت في يقينها، بما دعاها لطلب رفع الحصانة، ولم ترَ في موضوع ودلائل الاتهام، ما يخدشه من حيث الكيدية، وإلا ما واصلت إجراءاتها القانونية.

فتأتي لجنة الشئون التشريعية والقانونية بالمجلس، ومن ورائها المجلس النيابي، لترى أن القضية كيدية لا غير، ومنعت رفع الحصانة عن النائب، وبالتالي الإسقاط المؤقت للاتهام، وحماية النائب، طوال الفصل التشريعي القائم، وبهذا يتشارك المجلس مع النائب في إيقاع الألم النفسي لأصحاب العقيدة، وهو نوعٌ من جرائم التعذيب، التي لا تسقط بالتقادم، حسب العهود الدولية والمحلية لحقوق الإنسان، فهل سنرى النيابة العامة، تعيد توجيه الاتهام والتحقيق في قضية النائب حال خروجه من البرلمان، أو هل رأينا مجلس النواب يحاسب النيابة العامة ووزير العدل، على طلبهما رفع الحصانة عنه، كونهما غفلا عن كيدية الاتهام، كما تَبيّنه مجلس النواب.

وهناك أمر آخر، هل يراهن النواب على عامل الوقت، ليستميتوا على إبقاء الوضع الدستوري والسياسي ومن ثم الحقوقي، على ما هو عليه، في أزمة الوطن الحالية، لكي يضمنوا التقاءً مع الحكم استمرار الآليات والدوائر الانتخابية الحالية، وبالتالي ضمان وصولهم مجدّداً إلى البرلمان، ليطيلوا أمد قبل المحاسبة من المجتمع تمثيلاً في النيابة العامة، حال خروجهم من المجلس، وليطيلوا إنتفاعاتهم الشخصية المتمثلة في مكافآت التقاعد، وبعض المنافع التي يستغلونها في التغرير ببعض الناخبين، من القبضة الحديدية على العمل الخيري، وعلى منح الحكومة لهم مفاتيح بيوت الإسكان، التي تعد بالمئات لكل نائب، يوزّعها كما يحلو له على الناخبين في دائرته، بعيداً عن مبدأ توفير السكن لجميع المواطنين بالعدل وحسب حاجة المواطن وأقدمية طلبه، من خلال الوزارة الخدمية، وزارة الإسكان كما هو متبع؟ أم هو محاولة لتحويل المجلس النيابي إلى مجلس خدمات رسمي، وهل يراهنون على ما ادّعاه البعض، من عدم نضج الشعب لممارسة الديمقراطية والتحول إلى الدولة المدنية الحديثة.

أما قضية النائب الشيخ، فمن بعد طمس بعض الجهات الأمنية، صفة الجرم المشهود، عبر تسريب النائب ومشاركيه إلى خارج مسرح الجريمة، دون التوثيق اللازم في مثل حالاته، أعطى مجالاً للنائب أن يستعين بالحصانة البرلمانية، إذ أن الحصانة تسقط من دون الحاجة للطلب من المجلس رفعها، في حالة الجرم المشهود الذي توثّقه الجهات الأمنية والنيابة العامة، وخصوصاً أن الاتهام الموجّه للنائب، ما تم تداوله هو حيازة واستخدام سلاح ناري غير مرخّص، والإضرار بأجسام الغير، وفي مكان عام.

وهل هي صحوةٌ لأعضاء لجنة الشئون التشريعية والقانونية، لكي يُوصوا برفع الحصانة، لكي لا يشاركوا الآخرين في جرم عدم توثيق الجرم المشهود، خصوصاً أن الجهات الأمنية عادةً ما تتواجد في أماكن مثل مسرح الجريمة، أم أنهم لم يجدوا مخرجاً من رصانة الاتهام وأدلته، التي تقدّمت بها النيابة العامة.

وفي حال النائب السعيدي، هل كان للضرورات فترة الأزمة، في إشعال نار الطائفية، أو محاولة صبغ الأزمة بها، دور في قرار مجلس النواب وقبله لجنته التشريعية والقانونية، صلة بها.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3882 - الثلثاء 23 أبريل 2013م الموافق 12 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 8:27 ص

      ديرة مافيها قوانين

      قوانين فاشلة وتطبق على بعض الناس دون غيرهم وكل ديرة نفس الطينة ،،،
      إذا الناس عاملوا ربعهم نفس المو ربعهم تالي الحكومة بتتعدل أما ولدي كل شي يسويه عادي وولاد الناس يصيرون مو مربيين

    • زائر 8 | 7:29 ص

      شكرا

      مقال اكثر من رائع نفتخر بكم

    • زائر 6 | 4:42 ص

      ياريت توضحلنا ادا يسمح القانون بحجب الثقة

      ياريت توضحلنا ادا يسمح القانون بحجب الثقة عن العضوا عن طريق الشعب.او الدائره. «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن وللملك، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأن أذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأن أؤدي أعمالي بالأمانة والصدق» (المادة 78 من الدستور).

    • زائر 5 | 4:40 ص

      في الصيم

      صح الله لسانك ياسيادي ومانطلب الا من الله العزيز الحليم بأن يحفضك من كل مكروه ويكثر الله من امثالك لكي ينشلون اللاد والعباد من هائلاء المتمصلحين والعائشين على دماء البسطاء ولايهمهم سوى انهدمة الدار ومن بهاء مادامة تمتلى حساباتهم في البنوك من المال العام.ولكن ياأستاذنا العزيز الشره موعليهم الشره على من يصدقهم وينتخبهم ولكن تعرف ليش لان الدوله تركة لهم الشعب يقتات من صناديقهم الخيريه وجمعياتهم السياسيه وجميع دعمهم من خزينة الدوله ولاء كيف ينتخبهم الناس ولاينتخبون الناس الكفاء من امثالك.

    • زائر 4 | 2:53 ص

      يا حجي الشعب ما عاد له ثقة لا بالنيابة ولا بالقضاء ولا غيره

      كل الاجهزة الرسمية محصلة بعضها لا نيابة ولا بطيخ هذا شعورنا نحن البطيخ افضل لنا من النيابة فهي لا تنوب عن الشعب في شيء بل هي من نوائب الشعب
      والقضاء لا يختلف عن النيابة في شيء
      نقول لهم اقضوا ما أنتم قاضون انما تقضون هذه الحياة الدنيا وموقفكم عسيرررررر جدا امام بارئكم المسألة ليست سهلة كما تتصورون

    • زائر 3 | 2:50 ص

      شكرا لقلمك الحر

      ماهي يا دكتور الا سياسه قلب المعايير والازدواجيه (لكن لاحياه لمن تنادي)

    • زائر 2 | 2:45 ص

      أنت في القلب دائما يا يعقوب

      المقال أكثر من رائع فيه جانب حقوقي مهم يجب أن يستند عليه .
      سؤال موجه إلى الأخ العزيز يعقوب سيادي ، هل يحق للشخص أو الأفراد الذين رفعوا قضية على النائب السعيدي بتهمة الإزدراء بطائفة أو مكون من المجتمع والتشكيك في نسبهم هل يحق لهم الاستمرار في القضية بعد انتهاء فترة عضوية النائب في المجلس حتى لو طالت مدة بقائه في المنصب ، وفي حال استمراره في عضوية المجلس إلى أي حد يمكن بقاء القضية معلقة ويمكن رفع التعليق عنها والمباشرة فيها مرة أخرى. تحياتي

    • زائر 1 | 1:04 ص

      شكرا يااستاذ سيادي

      مقال رائع يعطيك العافية على هالقلم الحر

اقرأ ايضاً