العدد 3942 - السبت 22 يونيو 2013م الموافق 13 شعبان 1434هـ

هل أضحت سورية أرضاً للميعاد

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

تكرّر كثيراً منذ بدء الأزمة البحرينية في فبراير/ شباط 2011، أن حلحلة الأوضاع في البحرين مرتبط اتجاهها بما ستؤول إليه الأوضاع في سورية، ولم يفصح العليم الخبير، عن روابط وارتباطات الحالتين هنا وهناك، ولم يفصح عن احتمالات النتائج في سورية لكي يشير لنا عن اتجاهات الحل في البحرين، فظلّت مأساة البحرين وسورية في صندوق مقفول على التحريض على الطائفية والتحارب المذهبي.

وللحق نقول، أن الأطراف المتلقية نتائج التحريض في البحرين من أطراف المعارضة، صبرت وواصلت حراكها الوطني، بل وأصرّت على مطالبها الديمقراطية في الدولة المدنية، دولة المؤسسات والقانون، وأبانت عبر توثيقاتها للأحداث، كم تبعد المسافة ما بين النص والتطبيق، ما بين القوانين وإنفاذاتها حسب الأهواء والنفوذ، وحسب الموقف ما بين المعارضة والموالاة، وغزوات محلات جواد الواحدة والستين، الموثّقة فيها عناصر من بعض الجهات الأمنية، وبزيهم الرسمي بنياشينها، شاركوا بالسرقات وكانوا يقودون السُرّاق والمخرّبين، ولا قانون يطالهم، والمعذِّبون في السجون الذين اغتالوا المواطنين تحت التعذيب، تم تكييف إنفاذ القانون فيهم بما يحفظهم من العقاب المنصوص عليه لقاء فعلتهم، مع إفراط من أمَرَهُم ومن علِم بفعلهم وصمت، من العقاب، لتتكرر مثل هذه الأفعال لتصبح ظاهرةً. إنه أمرٌ بات واضحاً تجاوزه السياسة التي بدأ بها، إلى الطائفية.

وكذلك الوضع في سورية، فقد بدأ بحراكات شعبية، واجهها النظام بقساوة القتل، تماماً كما حدث عندنا، مع فارق المساحة وتعداد المدن، من خمس محافظات كما المدن بقراها، يقطنها قرابة الستمئة ألف مواطن في البحرين، إلى مئات المدن والقرى السورية التي يقطنها قرابة 80 مليون نسمة. مع تشابه النظام السياسي من حيث الشمولية، واختلاف الملكية مثلها مثل دول الخليج عامة في نظام الحكم السياسي، عن الجمهورية في سورية (الحاكم حزب واحد)، وما يعنيه هذا التشابه من استحالة التداول السلمي للسلطة، المعيار الأساسي للدولة المدنية.

إلا أن ما تُعاب به أميركا والغرب من الكيل بمكيالين، انتهجه الطائفيون، ففي البحرين انتهجه الموالون للنظام، الذين يواجهون المعارضة، فاستعرت تحريضاتهم الطائفية والتخوينية للمعارضة، لاستكمال الحلقة الطائفية في مواجهة الحراكات الشعبية؛ أما في سورية، فالوضع مقلوبٌ من حيث أطرافه، ومطابقٌ من حيث طائفيته، فالموالون في البحرين، هم نفس الطرف المعارض في سورية، من حيث الانتماء الطائفي البغيض، فلم يجدوا حرجاً باتهام النظام السوري بالفعل الطائفي ضد طائفتهم، فتنادوا للجهاد، وجيّشوا المجاهدين من كل أصقاع بلاد المسلمين المنتمين لطائفتهم، وكافأوهم بالمال، والنكاح والسلاح، ووعد بالجنة وحور العين، عبر الفتاوى بما ليس في الإسلام. فالوضع في البلدين متشابه، والمكيال الطائفي واحد، إلا أن الكيل به متناقض، ما بين التحليل هنا والتحريم هناك.

لذا بتنا نعرف الآن ترويج فكرة ارتباط الحالة البحرينية بالحالة السورية، نتيجة تمويه الحالة السياسية في كلا البلدين، ونقلها إلى الحالة الطائفية، عبر الكذب الإعلامي الرسمي الموجّه، فإن أعاب مثيرو الطائفية على خصمهم استخدام التقية، التي تعني عدم المجاهرة بما في النفس، ومجاراة الأمور، إلا أنهم مارسوا الكذب والتطاول على الدين، والإنابة عن الله بما ليس لهم فيه، بالجهاد الإسلامي ضد مسلمين، ونحرهم وممارسات أخرى لا صلة لها لا بالدين ولا الإنسانية، «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل»، (الحجرات، 9)، فأين فعل مثيري الاحتراب الطائفي من نصّ هذه الآية، التي تبدأ وتنتهي بالأمر الإلهي «أصلحوا بينهما».

وهكذا أصبحت سورية أرض الميعاد، التي تلتقي فيها جيوش الجهاديين المسلمين من كل أصقاع الأرض، من القاعدة والنصرة، والفرق المتسماة بأسماء الصحابة والقادة الحربيين المسلمين الأفذاذ، تستحثهم الجهالة وفتاوى الموتورين من الدينيين، المهووسين بالزعامة السياسية، سعياً لها على أرتال جثث قتلى عامة المسلمين البسطاء، ومال وجيوش الأنظمة الاستبدادية العربية والإسلامية، وسلاح وجيوش «إسرائيل» والغرب والشرق والشمال والجنوب الأوروبي، ليُفني المسلمون بعضهم بعضاً قدر ما يكون لهم من حرابهم الطائفي، في اعتداءٍ ورد اعتداء، وردّ رد الاعتداء، وهكذا ما أن ينتصر أهل طائفة، حتى يتكالب عليهم آخرون من أهل الطائفة الأخرى، وهكذا دواليك، لتدور رحى الحرب باستدامة لا ينهيها إلا فناء الجميع.

سورية أرض الميعاد، لحرب المتأسلمين ضد الإسلام، والله ناصر لدينه، فما فتاويهم بالجهاد ضد الفرق المسلمة المختلفة وجهاد المناكحة، وفتاوى النحر وأكل الأكباد، إلا خروج من الإنسانية قبل الخروج من الإسلام، ولا يناصر أصحاب الفتاوي الكافرة، إلا كافرٌ بالله والإنسانية، صاحب مصلحة ذاتية ضيقة، يمد أذاه من المسّ بمسلمٍ جاوره، إلى التدخل في شئون الشعوب الأخرى، في حين أنه يتباكي وينوح، ثم يزمجر بالجهاد، حين مناصحته من أهل العقل والدين، فيتقول بأنهم يتدخلون في شئونه.

فهل تحلم «إسرائيل» بأكثر من أن تكون سورية أرضاً للميعاد.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3942 - السبت 22 يونيو 2013م الموافق 13 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 25 | 1:17 م

      سورية أرض الميعاد

      شكرا أخي الكريم على مقالك الصائب, وأنا أرى من وجهة نظري المتواضعة أن ما يقوم به المتأسلمون الجدد مما يحملونه من رايات تحت أي مسمى ما هو إلا خدمة للكيان الصهيوني للإستقواء على المسلمين وتحقيق حلمه لقيام دولته الممتدة من النيل إالى الفرات. إن الإقتتال في سورية بين سوريين, بين نظام ومعارضة, فما دخلهم بمساندة المعارضة في سورية؟ ألا يعتبر ذلك تدخل في بلد مستقل؟ لقد تكالب الكل على سورية لأن الكفار يريدون ذلك. (محرقي/حايكي)

    • زائر 24 | 12:26 م

      ذكرني مقالك بالحروب الصليبية على المسلمين

      حين تنادت الأمم المسيحية كلها بإسم الدين و الملوك بحجة تحرير القدس من يد المسلمين و النتيجة أن جيوشهم أبيدت بالقتل و الأمراض و البرد و الحرارة

    • زائر 23 | 9:16 ص

      قتل الانسان ما أكفره..

      أضحك وأبكى أمات وأحي وخلق الزوجين الذكر والانثى.. وقال إعملوا بالحسنى.. لكن ما يلاحظ في سوريا وما كان في العراق وفي الصومال وفي الجزائر وفي اليمن وفي أفغانستان ودارفور الا من الجاهليه. فهل السفياني من بيت أبو جهل أو أبوجهل مو من الجهال يعني؟ كيف يسيل الدم وهو قد حرم .. وحرمنا عليكم الدم .. أو ناسين. فهل يقدمون مساعدات الى الشيطان أو الى أعوان الشيطان ويتبعون خطواتهم؟

    • زائر 22 | 7:22 ص

      جرئ يا استاد

      جرئ والنعم ولكن تضيق الصدور كما تضيق العقول حتى الحقائق المعروفة تتحول الى اراء شخصية وجهاد النكاح تحول الى تهمة كاذبة

    • زائر 21 | 7:20 ص

      هم وشيوخ الفتنة زعران الدين

      أرسلوهم لسوريا للتخلص منهم كي يتم استنزاف سوريا لمصلحة الصهاينة بمن فيهم عربان الصهاينة....النصر قادم...سيتم نحرهم ودحرهم على ايدي المقاومة بكل طوائفها ومذاهبها.

    • زائر 20 | 7:07 ص

      تشكر :)

      مقالٌ يَستحقُ النشرْ علىْ أبعدِ نطاقْ ؛ فَ هُناكَ الكثِير منْ استولتْ علىْ عُقولِهم أصواتُ الفتاويْ و صاروا يَسيرونْ وراءها بُدونِ وَعيْ بل وَ يشتمُونَ كلَ من يَنصحهم وَ يَقذفونه بالإتهاماتْ ! شكرًا لكَ أيها الإستاذ ؛ شُكرًا منْ أعماقِ قلبيْ

    • زائر 19 | 6:57 ص

      والله

      والله هادلين التكفيريين لو اصيدون النبى محمد شان اقطعونه اتقطع لانهم كفار وعبيد الدينار لا اتهمهم الى مصالحهم ومستعدين اسون اى شى باسم الاسلام

    • زائر 16 | 4:28 ص

      قناص

      شكرا استاذنا العزيز على هذا المقال المنصف حقا واما بالنسبة لهؤلاء اصحاب الفتاوي الاجرامية كرضاعة الكبير ومعاشرة الزوجة بعد موتهاوتحليل اللواط وتوسعة دبر الرجل للتفجير وذبح البشر ومعاشرة الطفلة الصغيرة والاعتصاب والقتل وكثير من القتاوى الاجرامية ليسوا من الديانات السماوية بشيء وانما هذه عقيدة شيطانية لهدم الدين الاسلامي وجميع معتنقي هذا المذهب من الفاشلين في حياتهم الدراسية والاجتماعية . وأغلبهم من المطعون في شرفه .

    • زائر 15 | 3:38 ص

      نصروا وتفازعوا وتعاونوا بس مو على البر ولا على التقوى ليش؟

      بعد كشف بيت العنكبوة وأن إسرائيل شبكة تجسس عالميه تربط تجار بتاع كلوا يعني. لأمان إسرائيل لو حتى تحترق المنطقه أو العالم لا يوجد مشكله. تمويل العصابات من قبل جمعيات وجماعات أظهر الاستطلاع العام أنهم لا هم إلي ملة إبراهيم ولا على دين محمد ولكن أقرب الى ملة اليهود والنصارى. يعني ما ينعرف ليهم مضلين أو مضللين أو من المغضوب عليهم أو من الذين لا يهتدون؟ لكن ويش إتسوي عمرانه المساجد ومشايخ وأئمه. يقولون أنهم على هدى من ربهم. بعد واحد مقتنع إن الاعتداء وتمويل عصابات القاعدة - يعني ينصر الشعب السوري.

    • زائر 14 | 3:10 ص

      اليوم كما الامس

      سوف يتم بيع هؤلاء المسلحين في سوريا كما تم بيع الافغان العرب في افغانستان كل رأس بغشرة دولارات وتم شحنهم الى غوانتنامو انهم لايتبرون ولا يتعلمون من دروس الماضي القريب انهم مجرد ادوات يعمل بها وعندما ينتهي العمل يتم التخلص منها او يتم تدويرها ان كانت قابلة لاعادة التدوير

    • زائر 13 | 2:56 ص

      بالله المستعان

      يااستادنا الفاضل اصبح الأسلام مجرد مطيه يركبها كل افاك وظالم لتحقيق مطامعه الشخصيه وتحقيق حلمه للاثراء واستعباد الناس باسم الدين . اقول بصراحه المسلمين اصبحو عاله علي السلام وصبح العالم عدوا لنا بسبب اعمالهم ومظهرهم القبيخ . كل دلك بسبب الملتحين الجهله والفاشلين والفضائيات ما تقصر لسماحها لهم بقدف سمومهم .

    • زائر 12 | 2:55 ص

      ليس معنى ان اكون ضد المليشيات ان اكون مع النظام

      الوضع في سوريا معقد شبهته سابق كأب عربيد ( النظام) يلاقي ابنائه ( الشعب ) الويل منه ان ابدوا رأي ولكنه معيلهم و هذا الاب له خصم يريد قتله و قتل عشيرته ليس لانه يضطهد عياله بل لانه خصمهم ويريدون تحطيمه حتى لو قتل نصف عياله و هدم بيته

    • زائر 9 | 2:09 ص

      للأسف يا استاذ

      سوريه صارت ساحة حرب بين الشيعه اللي ضد اسرائيل وامريكا والسنه وحكام الخليج وامريكا وإسرائيل ولمصلحت إسرائيل

    • زائر 8 | 12:44 ص

      ليس بعد المقال كلام

      اصبح هؤلاء يسيئون للإسلام و الانسانية
      الرسول و الاسلام رحمة للعالمين
      شكرا للكاتب

    • زائر 5 | 12:02 ص

      سكان سوريا ؟؟

      " إلى مئات المدن والقرى السورية التي يقطنها قرابة 80 مليون" هذا الرقم كبير. عدد سكان سوريا 23 مليون+ او -ز

    • زائر 11 زائر 5 | 2:48 ص

      رقم كتب خطء

      25 مليون شكرا على التصحيح

    • زائر 2 | 11:16 م

      تسلم أناملك على هذا المقال ألي أكثر من رائع

      ناس تقاتل تحت راية النبي الأعظم ص و تحت راية أبناء النبي ص وناس تقاتل تحت راية أمريكا و أسرائيل هذا هو الفرق بين الحق والباطل

    • زائر 1 | 10:58 م

      امريكا والغرب مؤسس هذه الجماعات التكفيرية

      التاريخ يعيد نفسه بالامس في افغانستان امريكا حاربت الروس بالقاعدة وطالبان واليوم في سوريا يآكلون الافئدة باسم الجهاد .

اقرأ ايضاً