العدد 3949 - السبت 29 يونيو 2013م الموافق 20 شعبان 1434هـ

تبان علاقة الأنظمة الحاكمة بشعوبها «لين حَجّت حجايجها»

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

في الجانب الشعبي ينقسم الناس إلى مجموعات ثلاث، أبرزها المجموعات الفاعلة، من الجماعات السياسية والدينية ومؤسسات المجتمع المدني المتممة لكلتيهما، والناشطين الإفراد، هذه تنقسم بدورها إلى فروعها الثلاثة، كلاً بحسب تلمسه لسوءات وإيجابيات النظام، إلى معارضين، إصلاحيين وموالين. وثاني المجموعات، الناس المتلقية لنتاج فعل الأنظمة دون الفعل للتغيير، عدا الحديث المتناثر هنا وهناك عن إيجابيات وسلبيات أداء النظام، وهذه لها دور إيجابي يتمثل في تبيان الواقع المعاش، وكلاً بما لامسته إجراءات الأنظمة الحاكمة مباشرة، سواء بالتمييز أو المظلمات. وثالث المجموعات أولئك البسطاء، راضين بما قسم الله لهم، عافّين كافّين خيرهم وشرهم، وهم يمتازون بالنقاء وقصر اليد.

هذه التصنيفات الشعبية، الأساسية والفرعية، تتقاسم الفعل الشعبي سواء المقوِّم أو المساند للأنظمة الحاكمة، فالفصيل المساند لا فعل له إلا مباركة كل خطوات النظام لقاء احتضان النظام له، وتمييزه بالعطايا عن باقي الفئات الشعبية، وبهذا فهو محسوب على أجهزة النظام مدفوعة الأجر، أما الفصيل المقوِّم فله من الوسائل، النصح المرسل، والفعل الضاغط، وفعل التغيير الإيجابي، بناءً على حالة المجتمع، في العلاقة ما بين النظام الحاكم وقوى المجتمع الشعبية.

وينتقل الأفراد ما بين المجموعات وفروعها، تبعاً لأمور ثلاثة، أولاها العلاقة الجدلية ما بين النظام الحاكم والجموع الشعبية من حيث التقارب والتباعد، وثانيها مجموع أفعال النظام في فترات الهدوء السياسي والاجتماعي، وثالثها وهي الأهم، ممارسات النظام وردات فعل القوى الشعبية وقت الأزمات المطلبية والسياسية.

هذه الحالة الأخيرة، تضع النظام الحاكم، أياً كان توصيفه النظري ما بين دكتاتوري أو ديمقراطي، ديني أو مدني، ما بين الاستماتة في التشبث بكرسي الحكم، على حساب الويلات والمآسي الشعبية والوطنية، وما بين ارتباطه وتمثيله لتطور الحاجات والحالات الشعبية المتغيّرة حسب تطور المجتمع في الجوانب السياسية والحقوقية، والاقتصادية والتعليمية والثقافية، بما يتماشى مع مبادئ الدولة المدنية.

وهي أيضاً التي يستخدم فيها النظام جميع أجهزته وأدواته، سواء العسكرية والأمنية والمخابراتية، والخدماتية في التعليم والتوظيف والخدمات العامة، والإعلامية، الدينية والمذهبية والإثنية، ويستخدم فيها المطالبون بالدولة المدنية، جميع أسلحتهم الشعبية، من التوثيق والجرد والحسبة، وطرح البدائل، عبر رفع الشعارات والمطالب، التي تبان فيها التوجهات السياسية المطلبية لإدارة الدولة، لتبدأ الاصطفافات الشعبية في إعادة رسم خارطة القوى الشعبية.

إلا أن الأنظمة، تبان نواياها وإستراتيجياتها، حين تشكيل الوزارات والإدارات الحكومية، لإدارة الدولة، ففي الدولة المدنية المتعددة الطوائف والأحزاب السياسية، حين تلجأ الأنظمة إلى تشكيل الإدارة من أفراد حزبها ومواليها بالاستفراد، دونما اعتدادٍ بالكفاءة والإخلاص الوطني، دون الحزبي، فهي طائفية أو سَمِّها دكتاتورية، في حين أنها في حال التشكيل، عندما تُشرك الآخرين المختلفين، وخصوصاً المعارضين والإصلاحيين، في إدارة مفاصل الدولة، أو أقله من باب الاستشارة والمحاورة، وعلى سبيل المثال، تشكيل فرق من المختصين كلاً في مجال اختصاصه، لإجراء الدراسات ومحاورة الإجراءات والقوانين، المزمع اتباعها وسَنُّها، قبل التطبيق، لأخذ الآراء والتقييمات، لكانت حكومة دولة مدنية بحق، فما بالك بالنفوذ الفردي للمسئولين، الذين لا يسمعون إلا ترديد صدى أفكارهم وملافظهم الضيقة، وما صدى المطالب الشعبية عندهم إلا جعجعة رحى دون طحين.

ولنا في النظامين البحريني والتركي، على تباعد تركيبتيهما، التقليدية في البحرين والمنتخبة في تركيا، على اعتبار أنهما ديمقراطيان ومدنيان، نظرياً بالنص الدستوري والقانوني، إلا أنهما سواء في المظالم الشعبية، والاستفراد بالسلطة والثروة، حين جد الجد في التعامل مع مطالب شعبيهما، فكلاهما انتهج العنف السلاحي، عدا عن الإنصات والتواصل مع جموع الشعب، إلا أجهزتهما الحكومية ومواليهما من المنتفعين بالوضع القائم، وتعاملا مع شعبيهما استتباعاً، لما تم رسمه في الدوائر الغربية، من فرقةٍ وفتنةٍ طائفية، تغذّيها الآلة الصهيونية والجماعات التكفيرية، وينقاد لها الجهلة من بعد المُغرضين، على قاعدة أن المعارضين، روافض، صفويون، خونة، إرهابيون، مأجورون ومرتبطون بدول عدوة، يشكلون خلايا نائمة في سبات، وغافية غفوات الظهيرة المُجْهـِدات، وساهرة سهر الليالي المقمرات، وجميعهم حاقدون على الوطن المتمثل فرادةً في السلطات، حاسدين لعطاياها في أصلها المسلوبات، ولن ننسى سؤال كبيرهم: من أنتم؟

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3949 - السبت 29 يونيو 2013م الموافق 20 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 1:15 م

      لا هي شهبيه ولا مملوكه ولكن كأنها تابعه ونابعه من فكرة..

      أظف الى قائمة الموظفين الدولة والتابعين ولا ينعرف من وين نابعين مو بس المواطنين في بعد ناس تقتي ونا س تفتن وناس تجسس وناس ما يندره وبش إتسوي. يعني لا تدري ما ذا ستفعل عدا عند ما تشرق الشمس؟

    • زائر 9 | 1:09 م

      موجبات وواجبات منزليه بس وين السلطه واجباتها ما تحلهم ليش

      عاد هذه ليست من الأسرار سلبيات أو نهبيات انظمة كشفت عن أنيابها فجئة عند ما خرج المارد من مصباح علاء الدين وقال مو شبيك ولا بيك، لكن سئل متل ما سئل بحر العلوم أين حقي. أكيد سمعتوها بصوت مضفر نواب يعني ألقاها بالنيابة مو في النيابه العامه بس عن بحر العلوم السيد الطباطبائي لأنه ما كان موجود قدس سره.

    • زائر 8 | 1:02 م

      نكتتان ونقطتا نظام قالهما جحا من زمان

      كان يا ما كان في قديم الزمان قال جحا يو ما أعوذ بالله من الشيطان الغوي الرجيم .. رد عليه قرعويه قال ليش ما تقول أن الريجيم المتبع في الدول العربيه لا ينعرف عبريته من عربيته هذه وحد والثانيه يعني إشلون إتصير سلطات ورجيم إمسوي. ضعفان أو سمنان أو متنان مع السلطات الثلاث بدون سلطة القانون يعني خرم برم ما في نظام ولا في سلطه إلا القوه.. ويش مو عدل؟

    • زائر 7 | 7:16 ص

      سلمت اناملك استاذ يعقوب

      "وتعاملا مع شعبيهما استتباعاً، لما تم رسمه في الدوائر الغربية، من فرقةٍ وفتنةٍ طائفية، تغذّيها الآلة الصهيونية والجماعات التكفيرية، وينقاد لها الجهلة من بعد المُغرضين، على قاعدة أن المعارضين، روافض، صفويون، خونة، إرهابيون، مأجورون ومرتبطون بدول عدوة، يشكلون خلايا نائمة في سبات، وغافية غفوات الظهيرة المُجْهـِدات، وساهرة سهر الليالي المقمرات، وجميعهم حاقدون على الوطن المتمثل فرادةً في السلطات، حاسدين لعطاياها في أصلها المسلوبات، ولن ننسى سؤال كبيرهم: من أنتم؟"
      سلمت للوطن يااستاذ يعقوب

    • زائر 5 | 4:27 ص

      ودوا بمعنى أحبوا ... ولا تؤدوا بأنفسكم الى التهلكة

      يدعون الاسلام ويقولون ما لا يفعلون وبعد شوف ليش متلايمين في الفاتح وفي أماكن أخرى تسمع فواتح يقرءون قرآن. فريق في الجنة وفريق في السعير – عذاب مقيم يعني. حروب وفتن وضايعين في الطوشه ما بين طاش و ما طاش وبين خرخشه وقرقشه. يعني إقرشينهم عاطينهم شوية عطايا وهدايا قد يقول البعض والله هذه من فضل ربه ويحمد ربه على القراقشين، لكن عاد ما يدري ويش دراه إن هذه الخريدات الى أين تصيره ويهلك بنفس أو يوديها الى التهلكه بما كسبت يداه. ويش مو عدل؟

    • زائر 4 | 4:18 ص

      عاد هذه لا يفتى فيها ولا قول الا حول قول الحق ولو على نفسك

      ليس من الأسرا ولا من المسكرات أو المنكرات لكن العطايا والهدايا والامتيازات التي يفضل بها فئة على أخرى تسمى سحت. وهل السحت كسب حلال أو من المحللات أكله؟ هذه مسأله فقيه بالغة الأهميه ومن أبسط المسائل. يعني إذا واحد يأكل سحت ويش بسير مصيره؟ لا توجد منطقة وسطى مابين الجنة والناري. عاد لا على هؤلاء ولا الى هؤلاء إشلون بصير؟ يعني ساكت عن حق يكون ملاك أو شيطان مكمم فمه بخرده ومدهون سيره؟ ويش .. يكألون المال حب اللم.. أو يحبون المال حبا جما..

    • زائر 2 | 2:21 ص

      في الشدائد تظهر المعادن

      كلام عن العدالة و الحرية ام التطبيق فهو بعيد
      فلا يريدون عدالة تحرمهم من مناصبهم او تقلل من ارباحهم

    • زائر 1 | 1:34 ص

      قناص

      استاذنا العزيز تعجبني كتاباتك الصريحة الهادفة و هذا ان دل على شيء فانما يدل على طيب أصلك و منبتك الطاهر الذي لا تهمه مظاهر الدنيا ومغرياتها انما همه الدفاع عن حقوق المظلومبن في الارض من أي فئة أو عقيدة أو مذهب كان أشكرك أستاذنا وبارك الله فيك وادام عليك ثوب الصحة والعافية .
      ابن المبارك

اقرأ ايضاً