العدد 3959 - الثلثاء 09 يوليو 2013م الموافق 00 رمضان 1434هـ

الدولة المدنية الحديثة

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

تتمحور الدولة المدنية الحديثة، حول المبادئ الإنسانية المدنية، المتلخصة في الحرية والعدالة والمساواة، بأدواتها المدنية السلمية البحتة، والتي أولى أدواتها، الفصل بين السلطات، دون تأثير أي منها على قرارات الأخرى، ولكل منها سيادتها في تخصصها، على باقي السلطات، ولكل منها آلية تشكيلها المستقلة عن آلية تشكيل غيرها.

وعلى هذا المنوال، في الدولة المدنية الحديثة هناك خمس سلطات، أكثر أو أقل حسب ما ينص عليه الدستور، فهناك أساساً سلطة الشعب، وهناك السلطات الأربع التقليدية المتمثلة في سلطات تتخلى لها السلطة الشعبية، عن بعض سلطاتها، وهي السلطة الرئاسية، والسلطة القضائية، والسلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية (الحكومة). كما يمكن إضافة سلطات تخصصية أخرى، حسب التطور الديمقراطي للدولة المدنية، مثل السلطة الإعلامية (الشائع عنها تسمية السلطة الرابعة)، ويمكن الحديث في مرحلةٍ ما عن سلطة الجيش، بناءً على مستحدثات أحداث مصر في 30 يونيو/حزيران 2013، وبما هو متعارف عليه، حين تدخل الجيش إضافةً لمهامه التقليدية في الدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء خارجي، لحفظ وحدة الوطن، في حالات التصادم ما بين المكونات الشعبية، فبدلاً من استخدام الجيش من السلطة الرئاسية أو السلطة التنفيذية، كأداةٍ تستنفع بها لصالحها، يكون للجيش سلطته الخاصة التي يتوجب أن تسخّر لصالح الأمة، وينص بذلك الدستور الذي يقره الشعب.

إقرار الدستور وتعديلاته

الدستور هو أبو القوانين، والذي له السيادة على باقي القوانين مهما تفرعت، بمشروطية عدم خروجها عن روح النص الدستوري، وهو النص الجامع لعلاقة السلطات ببعضها وتفويضاتها الشعبية وآلية إنشائها وصلاحياتها ومحاسبتها، والمختص بإرساء الحقوق الخاصة والعامة، وتحديد هوية الدولة ونظامها السياسي والإداري. ويختص الشعب دون أية سلطة أخرى في المجتمع، بإقراره وتعديلاته، بالتصويت الحر المباشر وبقوة الصوت الواحد لكل مواطن، وبذات القوة التصويتية على كامل مساحة الوطن، بالتصويت الشعبي على مواده، مادةً مادةً، بتصميم بطاقة التصويت بخيارات شاملة، للقبول بجميع المواد أو برفض جميعها، أو بقبول بعضها ورفض بعضها، ويحق للشعب أن يفوض مجلساً دستورياً (مجلس تأسيسي) يتداول ويعتمد نصوص مواد الدستور في صياغتها النهائية، ثم يستفتي الشعب في مواده، مادةً مادةً كما ورد عاليه، ولا يمكن للسلطة الشعبية أن تنيب أو تفوّض أي سلطة أخرى لاعتماد أي نص دستوري، أو تعديله، ولكنها ربما تفوّض أي سلطة أخرى في إعداد مسودة الدستور أو تعديلاته النهائية، من حيث أن السلطة الشعبية هي السلطة العظمى الدائمة بدوام كينونة الوطن، في حين أن باقي السلطات متغيّرة الأفراد والمعايير، كل فترة زمنية بشكل تدويري، بين كفاءات المجتمع وقبولها الشعبي، نتيجة أدائها لكل فترة تشكيل أي سلطة. ومن هنا فإننا لسنا مع النص الدستوري الذي يفوّض السلطة التشريعية بأية نسبة كانت، في إجراء التعديلات الدستورية، فالتفويض الشعبي لها مختص في تشريع القوانين التي يحكمها الدستور، ومراقبة أداء السلطة التنفيذية في اتباعها القوانين، فلو جاءت صلاحيات السلطة التشريعية شاملة التعديلات الدستورية، لَتمَكّـنـَت السلطة التشريعية دون باقي السلطات، ودون أصلها في السلطة الشعبية الأم، من تغيير الدستور الذي تحتكم إليه في وجودها وصلاحياتها، ولَجَمَعَتْ ما بين سلطتين، السلطة الشعبية والسلطة التشريعية، وهما سلطتان مستقلتان عن بعضهما، ولوجدت أن السلطة التشريعية التي تهيمن عليها غالبية سياسية أو طائفية أو دينية أو مذهبية أو فئوية، تُعَدِّل في الدستور، بما يواكب وجدانها إجباراً لوجدان الجموع الشعبية المختلفة، وهذا يؤدي للفرقة المجتمعية في المغالبة اللحظية، التي تجعل الوضع الدستوري غير مستقر لكل فصل تشريعي عن الآخر.

إضافةً إلى أن التفويض الشعبي للسلطة التشريعية، هو جزء من عموم التفويضات الشعبية لمختلف السلطات، المحدود المدة، والمتوازن الصلاحيات لكلٍّ منها، وما التكامل إلا في تعاونها دون الاستفراد، بحيث لا تزيح إحداها الأخرى، بقرار منها، ومن الجهة الأخرى، استحالة حوز السلطة التشريعية أو أية سلطة أخرى الإجماع الشعبي، فتمثيلها لا يكون تمثيلاً جامعاً لكل مكوّنات المجتمع، فمن فاز في الانتخابات المعنية، فقد فاز فقط بأغلبية شعبية نسبية، ولذا ليست هنا سلطة، تقوم مقام السلطة الشعبية في موضوعة الدستور، الذي يتوافق عليه المجتمع، نسبياً! نعم نسبياً، إلا أن الأصل في السلطات هو الشعب، المتغير في غالبيته، من حيث الثقافة والمعلومة، والحاجات الاجتماعية والسياسية والحقوقية والاقتصادية، والتي يرتبط بتطورها تطورات الحاجة للتعديلات الدستورية.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3959 - الثلثاء 09 يوليو 2013م الموافق 00 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 11:36 ص

      مجتمع متفرق ودولة بمدن أو قرى بس ملة إبراهيم حنيفا لكن وبن ملة اليهود والنصارى يوم الدين

      من المحكم المبين ننتقي: .. لا تموتن إلا وأنتم مسلمون .. وإن الدين عند الله الاسلام.. ومالك يوم الدين.. مالك الملك .. الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار..
      ليس من الأسرار أن في الحياة الدنيا الناس يعملون ويعبدون بينما يوم الدين يوم الحساب، يعني المعاد والبرزخ وجهنم . فما عملتم ومن عبدتم وأطعتم أو كذبتم وتخليتم وتوليتم أو صدقتم الناس وكذبتم الرسل والأنيبياء.. يعني ويش حالة ها الاخوان يوم الدين عند هم دين في الدنيا ويم الحساب أي دين را يكون عندهم؟

    • زائر 4 | 11:31 ص

      الحكومة

      الحكومة لن تطبق ولن تستقيل ولاتريد تريح شعبهه والي اعارضها يحصل ليهه اعتقال جميع المطالبين الحقوق وتسجنهم حبيبى ايها الكاتب الملك عقيم لاكن نقول النصر قادم وستتحقق المطالب

    • زائر 3 | 3:32 ص

      الدولة المدنية الحديثة تبقى حلم في ظل العقول المستحكمة على واقعنا الحالي

      إذا اصبح الأمر بأيد اناس يتعاملون مع الناس معاملة العقول الوسطى من دون ان يهتموا في تطور العالم وتقدمه فلا تنتظر من أمثال هؤلاء ان يساهموا في تحويل البلد الى مدنية حديثة

    • زائر 2 | 2:16 ص

      مدني يعني غير عسكري وسلام يعني إسلام ديمقراطي

      في الديموقراطيه كما في الاسلام السلطة العليا والكلمة الفصل عند القانون. فليس صحيحا أن يكون شعب أو من الشعب من يكون متسلط على الشعب. هذا يكشف عن خلل في المجتمع إما لكون المجتمع طبقي تناحري أو دكتاتوري وهذا ينافي ويجافي دستور البلاد. إذ كان الاتفاق والتوقيع على التعاهد من أيام الانتداب البرياني أن البحرين ذات سياده وقانونها مرجعه وأساسه الانسان ومصدر التشريع قول الله. وليس أقوال الناس. يعني مراسيم كتبت خارج الدستور هل يكون صحيح العمل بها؟ ويش دستور مخيط بس في ما يمكن الأخذ والرجوع اليه؟

    • زائر 1 | 2:09 ص

      مثلث مخدراة تجاره - سياسه - وشبه دين ومثلث بر مو دا

      من الشائعات والذائعات عن دوله معاصرة أو دوله حديثة ودوله قديمه ووليات متحدة وكل عندها ما توصلت اليه تقنيه وتكنولوجيا وعلم مسخر كما إنكشف عنه أنها لا زالت تعيش الاقطاع والاستعباد والجاهلية الاولى. فمتى كانت الولايات المتحده ومثلث بر مو دا أي بريطانيا مو مثل إسرائيل لكن دايخه شويه من أمريكا ومستغلة كل طاقاتها ومستعمره العالم الثالث ومتقاسمته بينها كما يسمى common wealth . فعن أي حداثة يمكن الحديث عن استعادة كمية بترول أو غاز او الماس أو ذهب نهب ولا يعرف الشعوب أبن كان مصيرها؟ فعن سلطه مسغله نفوذ

اقرأ ايضاً