العدد 3963 - السبت 13 يوليو 2013م الموافق 04 رمضان 1434هـ

الدولة المدنية الحديثة والسلطة الشعبية

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

تناولنا في مقالتنا السابقة، الدولة المدنية في جانب إقرار الدستور وتعديلاته، ونتناول اليوم السلطة الشعبية، وهي ما تنص عادة عليها الدساتير، بـ «إن الشعب مصدر جميع السلطات جميعاً»، وهي أعلاها سلطة، ومهيمنة على باقي السلطات، وفي آنٍ معاً، هي من تفوض السلطات الأخرى، مثل تفويضها السلطة التشريعية لتشريع القوانين والرقابة على السلطة التنفيذية (الحكومة)؛ وتفوّض السلطة التنفيذية لتشكيل الأجهزة الرسمية ومتابعة وإدارة شئون الدولة الإدارية والمالية. وهي أيضاً تفوّض رئاسة الدولة بعضاً من سلطاتها، وكذلك السلطة القضائية تخضع أيضاً للتفويض الشعبي المباشر وغير المباشر كما سيأتي لاحقاً. كل هذه التفويضات الشعبية للسلطات الأخرى، ينظّمها الدستور.

ويعتقد البعض خطأً، أن التفويض الشعبي لأية سلطة، مرهونٌ بمدة التكليف وهي عادة أربع سنوات أو خمس، خلالها يفقد الشعب حقه في تغييرها، وهذا خطأ شائع يسقط السلطة الأولى والأهم، وهي السلطة الشعبية، بافتراض النية، التي قد يحسن الشعب تقديرها أو ينخدع بعضه في تقديرها، بحلو اللسان، والوعود الكاذبة، أو تأثرها بالطبيعة الإنسانية الفردية، فتضل طريق العدالة. لذلك نرى أن تبقى للشعب سلطته على باقي السلطات في جمعها أو بعضها، طوال لحظات أدائها مهامها، فإن أساءت السلطة الأداء بما يؤدي إلى هدم الدولة المدنية، والإضرار الشديد بالمجتمع، مثل تفتيت المجتمع إلى فرق، والتي تتأتى عبر التمييز التشريعي، وتمييز جمع من المواطنين على غيرهم في توزيع خدمات الدولة وثرواتها، وفي التمييز في تطبيق القانون بما يمايز أيضاً بين المواطنين، في فساد بعض من القضاة، أو حتى إن فسدت السلطات أو بعض أفرادها بالتعدي على الأملاك العامة، وثروات الوطن، بالسرقة أو السفد، أو غيبت آلية المؤسسات والقانون، التي تمتاز بها الدولة المدنية والنزوع إلى النفوذ الفردي، (لها شرح لاحقاً)، ففي هذه الحالات يحق للسلطة الشعبية، أن تفرض سيادتها بالمحاسبة والمقاضاة والإعفاء عبر السلطات الأخرى القائمة والمختصة بموضوع المخالفات، كما وجوب وروده في الدستور، من خلال مواد التفويض الطارئ المؤقت، ومحدود المدة الدستورية، لإزاحة وإبدال أي سلطة أو سلطات، إلى حين انتخاب السلطة أو السلطات البديلة، والتي نراها في التفويض الدستوري لسلطات بعينها، مثل السلطة الرئاسية أو الملكية، (رئاسة الدولة)، أو السلطة القضائية (القضاء)، أو سلطة المؤسسة العسكرية، استثنائيّاً (عسكرية)، بالتمازج مع مؤسسات المجتمع المدني القانونية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، والشخصيات الفاعلة في المجتمع كلاً بمجاله، والإعلاميين والصحافيين (مدنية)، والقوى السياسية المدنية بجميع أطيافها (سياسية)، بما وبمن تراه وتقدره تلك السلطات الدستورية، في بعض أو جميع تلك المؤسسات السياسية والمدنية، عبر تقدير تبنيها للدستور القائم، وذلك من دون أيّ مسٍّ بالدستور الذي يستوجب سيادة الشعب في أي تعديل أو إضافة أو صياغة دستور جديد، كما أوردناه في بند إقرار الدستور وتعديلاته سابقاً، بحيث يحدد الدستور السلطة أو السلطات المعنية بإنفاذ الإرادة الشعبية، في إزاحة السلطة أو السلطات، الغادرة بالأمة وبالإرادة الشعبية، من حيث يجب أن ينصّ الدستور، على الحق الشعبي في التظاهر والتجمعات السلمية، وتوقيع العرائض والمطالبات، بتوجيهها إلى السلطات الدستورية المنصوص عليها وعلى مهامها الاعتيادية والطوارئية، في الدستور، ومنها حماية المتظاهرين، من أية مبادرة للعنف من قبل أية سلطة، أو طرف شعبي آخر، والتي عادةً تكون مهامَّ داخلية إضافية للمؤسسة العسكرية في حال المنازعات المدنية الداخلية، عبر قرار مؤسسي، لحالات السلامة الوطنية والطوارئ، بتوافق قيادات المؤسسة العسكرية الوطنية (سنتناولها لاحقاً) ورئاسة الدولة، أو بتوافقها مع السلطة القضائية أو التشريعية أو كلتيهما، بحسب السلطات أطراف التنازع السلمي مع الإرادة الشعبية، أو بانفراد المؤسسة العسكرية في حال النزاع الشعبي السلمي مع غالب السلطات.

ولعدم الخلط بين الجهات العسكرية والجهات الأمنية، فلكل منهما أجهزته المختصة، فالمؤسسة العسكرية الوطنية في وجوب استقلالها عن باقي السلطات، ووجوب التبعية لها إلى جهاز الأمن الوطني والحرس الوطني، هي المعنية بالدفاع عن الأمة والوطن، ضد الاعتداءات الخارجية والنزاعات العنفية الداخلية، بعكس الجهات الأمنية التابعة إلى السلطة التنفيذية، والتي يتبعها جهاز التحقيقات الجنائية، فهي مختصة فقط بحماية المجتمع من آثار الأعمال الجنحية والجرائمية والجنائية، في مخالفة الأنظمة المدنية، وإجراءات القبض التي تصدرها النيابة العامة للصفة الاتهامية ذاتها، وليس لها لا من قريب ولا من بعيد، معالجة الحراكات الشعبية، إلا ربما في إدارة ترتيب السير في الشوارع والطرقات.

والسلطة الشعبية هي المعنية عبر الانتخاب الحر المباشر لانتخاب السلطات وفي تفويضها سلطاتها بحسب الدستور، بمثل آلية التصويت على الدستور كما سبق، بمعنى أن يصوّت جميع المواطنين على كل مرشح، ليتم الشرط للتمثيل الشعبي أو المهني الضميري الكاملين، كما في تفويض الشعب للسلطة القضائية، وليس المناطقي أو الفئوي، لانتخاب رئاسة البلاد مثلاً، (خاص بالنظام الرئاسي، أما النظام الملكي فله شرح خاص لاحقاً)، وأفراد السلطتين التشريعية والتنفيذية.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3963 - السبت 13 يوليو 2013م الموافق 04 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 8:20 ص

      تعليق

      تسقط العلمانية

    • زائر 5 | 8:15 ص

      مقال اكثر من رائع

      ولكن لمن لديه بصيرة ثاقبة

    • زائر 3 | 2:10 ص

      ما على الفرد على المجتمع وعلى الجماعة أيضا ولا مفر

      عصر الناس في مصير واحد مشترك لكل أفراد المجتمع بينما في المجتمع أفراد عندهم مصلحه يضنون من ضيق أفق وقصر نظر، فيضيقون على غيرهم ليتسع عليهم رزقهم .. غالب عليهم الشهوة والشقوة والرغبة ولا يهم أن يسكنوا القصور وغيرهم لا يجدون ما يأكلون. هنا خلل في تنظيم المجتمع - العلاقه البينيه بين أفراد المجتمع الواحد علاقة وصلة الفرد بالمجتمع والفرد بالفرد. فمنظم المجتمعات ليست السلطه وإنما قانون وحدود وقواعد ومباديء وأخلاق للتعامل بين الناس في المجتمع الواحد.

    • زائر 2 | 10:33 م

      حلم جميل

      مقال عميق جميل كامل يستحق أن يحتفظ فى الخيال للإحتلام بتحقيقه.

    • زائر 1 | 10:31 م

      حلو

      مقال جميل و عميق يستحق أن يحتفظ تحقيقه فى الأحلام.

اقرأ ايضاً