العدد 3970 - السبت 20 يوليو 2013م الموافق 11 رمضان 1434هـ

سلطة رئاسة الدولة والسلطة التشريعية في الدولة المدنية

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

ما يجري في مصر وغيرها من بلدان المنطقة يعيد طرح مفاهيم سلطة رئاسة الدولة والسلطة التشريعية في الدولة المدنية.

رئيس الدولة في النظام الرئاسي، يستلزم انتخابه انتخاباً شعبياً حراَ مباشراً بنفس المعايير التي تنطبق على انتخاب السلطات الأخرى، من بعد إقرار الدستور أو تعديلاته، بالآلية الواردة في شأنه، وليس قبل إقرار الدستور أو تعديلاته، ليتسنى تطبيق أحكامه على انتخاب جميع السلطات، وتحديد صلاحياتها، ولرئيس الدولة بعضٌ من الصلاحيات الشعبية، إذ أنه ذات مصونة بالدستور، شرط تعاطيه مهامه تمثيلاً لكامل الشعب، بما ارتضاه له تفويضاً في الدستور، وله إصدار القرارات والمراسيم الرئاسية اعتماداً للقوانين والتشريعات التي تصدرها وترفعها له السلطة التشريعية، وتصدر الأحكام القضائية بإسمه، ومن مهامه أيضاً الحلول مؤقتاً محل السلطة التنفيذية في ظروف غيايها أو تعطيلها حسب الدستور مؤقتاً، شرط إحالة التصرف إليها حال انعقادها. وهو كما أي سلطة أخرى منتخبة، عليه القسم بتطبيق الدستور، وخدمة الشعب بالمساواة والعدالة، دون تفريق كما نص الدستور، فإن حاد عن ذلك في أي مفصل، سياسياً كان أو حقوقياً أو حتى إجرائياً، فقد وضع نفسه موضع المساءلة أمام شعبه، وبطلب من نسبة معقولة من الكتلة الانتخابية العامة، التي أوصلت الرئيس للرئاسة وفوضته بعض صلاحياتها المحددة في الدستور، (هذه النسبة يحدّدها الدستور)، ولنا في ذلك رأي، أنها تحتسب بناء على نصف نسبة المصوتين للرئيس، باعتبار أمور ثلاثة:

1 - احتمالية انصراف بعض من المصوتين له، إلى منع أصواتهم عنه، وتنطبق هذه الحالة أيضاً على تحوّل من منع صوته عنه قبلاً.

2 - أن هناك عادة أصواتاً شعبية لم تشارك في التصويت، تحتفظ في حقها في التصويت بناءً على اختلاف أوضاع المرحلة، وأن هناك أصواتاً تكون قد اكتسبت حق التصويت، ولم يكن لها ذلك قبلاً.

3 - الطلب بحد ذاته ليس ملزماً، والقرار لكامل شعب المرحلة المكتسب حقوقه السياسية حسب الدستور، من خلال عملية الاستفتاء.

فعلى الرئيس حينها أن يستفتي شعبه في بقائه أو انصرافه، إذا أنه المعني بالتصريح بإجراء الاستفتاءات الشعبية، في المواقف المفصلية للدولة، حيث تدير وتشرف على الاستفتاء السلطة القضائية المستقلة.

والملك في النظام الملكي لا تفرق سلطاته عن سلطات رئيس الدولة في النظام الرئاسي، إلا في موضوع التوارث الملكي، الذي يحدّد انتقال المَلَكية في نسل الملك من الذكور (ولا يمنع ذلك الانتقال في الإناث)، إلا أن الأمر منوطٌ بالملك في نقل المَلَكية حسب قانون التوارث المَلَكي.

السلطة التشريعية: يجري انتخابها بالمعيار الديمقراطي المدني، الوارد لانتخاب جميع السلطات، وخصوصاً حق التصويت من قبل جميع أفراد الشعب المسجّلين في جداول الانتخاب حسب القانون، على جميع المترشّحين، فرادى أو بقوائم، حيث يحق للمواطن اختيار القائمة أو أفراد منها أو أفراد آخرين، وبالصوت الواحد لكل مواطن، في كامل مساحة الوطن كدائرة إنتخابية واحدة لا تتجزأ، لكي يمثل النائب جميع الشعب حقيقةً، وليس نصاً مكلِّـفاً له في الدستور، ينساه حال تخصيص كرسيه النيابي، ولنا في تجربة العشر سنين منذ الميثاق ما غثنا من تصرفات النواب، تمثيلاً فقط لرعايا دوائرهم الانتخابية الخدماتية الضيقة على حساب كامل شعب البحرين، وعلى حساب أصل الدور التشريعي والرقابي للسلطة التشريعية، وعلى حساب مبدأ الفصل بين السلطات.

والسلطة التشريعية مختصٌ تفويضها الشعبي، في أمرين لا ثالث لهما، الرقابة على السلطة التنفيذية (الحكومة)، وتشريع القوانين المنظمة لحقوق وواجبات أفراد المجتمع، بما لا يخرج عن الدستور، أما موضوعة التعديلات الدستورية، فهي من اختصاص السلطة الشعبية، والدستور هو الحاكم لسلطات السلطة التشريعية وباقي السلطات، فلا يجوز لأية سلطة عدا عن السلطة الشعبية في جمعها، إقرار الدستور، وإجراء أية تعديلات عليه، مع حق الشعب، تفويض السلطات الأخرى ومنها السلطة التشريعية أو الرئاسية، أن تصوغ مسودة التعديلات، وتدعو الشعب للاستفتاء أو التصويت على مسودة الدستور وتعديلاته، والسلطة القضائية المستقلة هي المعنية دون غيرها بإدارة عمليات الاستقتاءات والتصويتات والانتخابات، بتسخير إمكانيات السلطة التنفيذية، المسهلة للعمليات الإجرائية والإحصائية والأمنية.

وينطبق الحق الشعبي في عزل السلطة التشريعية أو بعض أفرادها، بمثل حقها في عزل رئاسة الدولة كما ورد عاليه، وبنفس الآلية بما يخص السلطة التشريعية.

ودور السلطة التشريعية في رقابة السلطة التنفيذية (الحكومة)، لا يتيح لها أن تتدخل في أداء السلطة التنفيذية في ما شرعته لها السلطة التشريعية، إلا في بابي التقصير أو التجاوزات، لذا فالمجلس التشريعي في مقره (المكان) وفي الأوقات الطبيعية لاجتماعاته (الزمان)، وفي الآليات الدستورية (الأداة)، وبالنظام المؤسسي للسلطة التشريعية وليس الفردي في أشخاص النواب (النظام المؤسسي)، هو ما يتوجب اتباعه في محاسبة ورقابة السلطة التنفيذية (الحكومة)، وبهذا كل إجراء خارج هذا النطاق، فهو باطل، ويعرض النائب للمحاسبة الشعبية.

والدور الرقابي للسلطة التشريعية على السلطة التنفيذية (الحكومة)، مخصوصٌ في أداء الحكومة على مستوى الوطن، في توزيع مساحاته الجغرافية والشعبية، على حد سواء، يتولاها المجلس التشريعي كمؤسسة، لا بمبادرات فردية من تواصل بعضٍ من النواب ببعضٍ من الوزراء والمدراء الحكوميين، في المكاتب الحكومية، فساحة الرقابة هي المجلس التشريعي بأدواته الدستورية، من مُساءلة واستجواب وطرح ثقة، ولجان تحقيق، بقرار من مؤسسة السلطة التشريعية.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3970 - السبت 20 يوليو 2013م الموافق 11 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً