العدد 3984 - السبت 03 أغسطس 2013م الموافق 25 رمضان 1434هـ

أغسطس شهر حرٍّ وحرّات

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

شهر أغسطس/آب لم نألف فيه غير حرّه الشديد، وحراته المُسْهـِدَة، حرّه قدرنا عليه سنين، فمن منا لا يذكر عين عذاري، بسلسبيل مائها، جمعتنا شباباً نغطس فيها، لنطفوا برؤوسنا نلتفت ذات اليمين وذات الشمال، لنتواصل مع بحريني وغير بحريني. لم يستحوذ عليها أحد، بل تساوينا لإطفاء حر أغسطس بمائها، ذاك الجاري «بسابها»، ليبرد حر أغسطس عن النساء والأطفال، من غير عارٍ في السباحة.

أينها اليوم عذاري، القائل فيها شاعر البحرين الأول في الخمسينيات:

يشقى بنوها والنعيم لغيرهم

كأنها والحال عين عذاري

تم التجهيل بديوان المعاودة، عوضاً عن جعله مادةً للتدريس في مدارس التربية والتعليم، ذلك أنه ربط ما بين، ما لعذاري من البـِر بالبعيد، وحرمان جوارها، بحال أهل البحرين في شقائهم وهم يرون نعيم الوطن يستحوذه الأغراب.

ليأتي الشاعر علي عبدالله خليفة في أوائل السبعينيات ويشدو تأسياً لحال شعب البحرين، فيناجيه باللهجة الدارجة، في رمز عين عذاري:

«عذاري لمتى بهالساب

يجري الماي من دوني

نشف ريق العشق

يا عيب

تركج زرعج الدوني».

كلا الشاعرين خلدا عين عذاري، بما لهذه العين من مساحة وجدانية لشعب البحرين، والتي كانت تعكس حال ناس البحرين، بسقيها النخيل البعيد عبر «سابها» الذي يأخذ ماءها بعيداً عن الأشجار والنخيل حولها، ليس لجحدٍ، بل لما فاض منها عن حاجة ما حولها، إلا أن الشاعرين أبرزا ما يمس شعب البحرين من ظاهر مآسيها، تشبيهاً لما يصيبهم من مآسي الحياة، بفقدهم خيرات بلدهم، ليستمتع بها الغريب البعيد.

مما استلزم عند المعنيين، وجوب محو اسمها ومحو وجودها من ذاكرة الوطن، واستبدالها بمنتزه عذاري، وهكذا كلما ما وُجد في البلاد، ما يرتبط بوجدان أهلها، ولكنه يشير من قريب أو بعيد، إلى معاناة ومظالم شعب البحرين، يتم تشويه التاريخ البحريني بخلافه، وكذلك تشويه التاريخ البحريني مما لا يحمل تمجيداً لطرف ما.

وأغسطس شهر جرى فيه تخليق اليوم الوطني للبحرين، هكذا جاء قدر البحرين، رغم محاولات عرقلة خلقه، ولَمّا فشلت العرقلة، تم محو تاريخ ذاك اليوم من تاريخ البحرين، واستبداله بيوم وشهر آخرين، إلا أن الوجدان الشعبي، يظل محفوراً فيه التاريخ العتيد الذي يحيا ما دام الدهر.

وجرى ما جرى من تغييب لم يفلح، لليوم الوطني للبحرين، وجرى ما جرى لجسر الشيخ حمد القديم، إلا أن الوجدان الشعبي، يمجد حياة ما استماتوا في إماتته.

ودوار مجلس التعاون، ذاك النصب الذي يخلد قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي لم يأت نتيجة إرادة شعبية، بل نتيجة إرادة حكومات الخليج، فقد تسمى بدوار اللؤلؤة، في الوجدان الشعبي، لما للؤلؤ البحريني من صيت، على مستوى العالم، وحينما وقع اليأس من تخليده بمسماه الذي رموا إليه، استغلوا عندما غشاه شعب البحرين لأيام معدودات، للمطالبة بحقوق مهدورة، وروّجوا أن لهم مقصداً بائتاً، آن أوانه، لتحويله إلى تقاطع بإشارات مرورية، تسهل حركة المرور فيه، دون إشارة لتغيير مسماه، من بعد إغلاقه في الشهر الثالث من العام 2011، الذي استمر عبر صراع السنتين والنصف ما بين نوايا المعنيين ووجدان الشعب، فرَوّج المعنيون اسماً جديداً له، فمحوا أصل مغزى إنشائه، وعملوا على محو اسمه من الوجدان الشعبي، وأبقوه مغلقاً من الاستخدام الشعبي العام، على خلاف ما أشاعوا، أنهم عمدوا إلى إخلائه من الجموع، لأنها عطّلت حركة السير في الدوار، وعطلت المصالح العامة، جراء إغلاقه بحشودهم للأيام المعدودة، وها هو معطل لما يربو على السنتين والنصف، ومازال وربما سيظل باسم دوار اللؤلؤة في الوجدان الشعبي.

وفي أغسطس/آب 2013، سجّل التاريخ، وجداناً شعبياً جديداً، بخصوص من تسمّوا بنواب الشعب، في «جلستهم التاريخية»، فوجدت في شعر الشاعر العربي مظفر النواب ما يتلوه:

«الوطن» عروس «نيابتكم»

أدخلتم كل خفافيش العصر لغرفتها

ووقفتم بباب الدار

تسترقون السمع لصرخات بكارتها

وشهرتم كل سلاح أن أصمتي

أولاد ...، هل تسكت مغتصبة؟

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3984 - السبت 03 أغسطس 2013م الموافق 25 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 35 | 4:01 م

      ماللغريب بها يعيش منعما أسفا ونحن بزمرة الفقراء

      أصيل كثر الله من أمثالك

    • زائر 34 | 3:58 م

      سلامي لك أستاذ ابوس ايدك

      سلامي لك أستاذ ابوس ايدك جلاوي688

    • زائر 33 | 3:26 م

      كثر الله من أمثالك

      يعطيك العافيه

    • زائر 32 | 3:12 م

      اشكرك استاذي

      نعم شهر أغسطس هذا العام كشف عن البعض بحقدهم المدفون .. اما دوار الؤلؤة فيبقى اسمه الى الاجيال القادمة بهذا الاسم ولو تبدل اسمه 100 مره.

    • زائر 31 | 10:45 ص

      كلامك يا استاذي عال العال

      افضل مقال قريته في حياتي لحد الآن يبرد على القلب او يمسح على الجرح.

    • زائر 29 | 9:57 ص

      أجدت وابدعت

      بارك الله فيك وادام قلمك الحر وصوتك النزيه ويدك البيضاء للبحرين واهلها

    • البهلة | 9:49 ص

      شكراً

      شكراً لك يا شريف لقد لقد نشبت جراح قديمة

    • زائر 25 | 6:57 ص

      اه

      نعم ايها السيادي الشريف ذكرتنا بالسباحه في عذاري وحال البحرين ايام اول ، لا نعرف من يسبح علي يميننا ولا يسارنا كلنا مستمتعين في مياه عذاري الحلوه وشعبها الطيب وان شاء الله تعود هذه الايام بوجود امثالكم ياريحه الطيب والعنبر والريحان والرازقي والمحمدي بعد.....

    • زائر 24 | 6:21 ص

      تدمير تاريخ البلد بجغرافيته و تركيبتة السكانية متعمدة لمحو هويته

      لأن من خطط لمحو هوية البحرين ليس بحريني و هذه هي عادة الغزاة ! يطمسون كل ماهو أصيل ليصبح البلد هجين و كانهم هم الذين أنشأوة و فتحوه

    • زائر 23 | 6:14 ص

      أستاذنا

      ايها الصحفي النبيل والرجل الحر الشريف.. اخترت بنفسك طريق الإصلاح الذي ابتعد عنه الكثير ولو شئت لرقصت على جراحنا كالاخرين لاجل المال والحظوة
      ولانك ابن عذاري رفضت ذلك لاصالتك وحبك للشعب
      اتمنى من اي موال ان يعلق على ما تفضلت به
      مقالك يخرس الألسن
      هنيئا للشعب بمثلك

    • زائر 22 | 6:00 ص

      اه اه

      مواجع تقلبها يا استاذ ولكن ستدور الايام

    • زائر 20 | 5:26 ص

      قلبي يعورني

      حرات البحرينيين هي كما وصفتها بالضبط بارك الله فيك

    • زائر 19 | 5:24 ص

      محو معالم الوطن

      Hakemah Hakim تسلم الايادي ،والفكر الحر ،والقلم الذهبي الذي صهر من فكرك الامع سلمت من كل مكروه .

    • زائر 18 | 4:54 ص

      وانت كذلك

      وانت كذلك ابن ديرتي استاذ يعقوب ستبقى في وجدان كل شريف بمواقفك وكتاباتك التي تعكس هم المواطن وتكشف عورة السلطة

    • زائر 17 | 4:18 ص

      أين القلوب التي ران عليها أفعالها؟ ولما نهض شريك الوطن ساهمت في ظلامته وشمتت على جراحه..!!

      حال أهل البحرين في شقائهم وهم يرون نعيم الوطن يستحوذه الأغراب ...

    • زائر 16 | 4:15 ص

      نظر

      مقال جميل ولا أروع .... الله يسلم هالأقلام الحرة ... من أروع المقالات

    • زائر 15 | 4:09 ص

      عبق بيت سيادي

      اشم عبق بيت سيادي والياسمين البحرينى وطيبة اهل البحرين وشكيمتهم , اشم رائحة البحر وماء عذارى ومصائف البحرين . ايها المواطن الشريف لقد اختزلت تاريخنا الحقيقي تاريخ البحرين منذ ثورة الغواصين الى ثورة 14فبراير .واضئت على الكثير من محاولة تزييف التاريخ , ولكنه عصي عليهم لانه منغرس فى وجدان وثقافة الشعب وعقله الجمعي .

    • زائر 13 | 3:19 ص

      آه آه يا وطني

      إين النخل ولبساتين السوداء .. إين ذهب وإين رحلت يا وطني

    • زائر 12 | 2:53 ص

      مقال مهم وفي الصميم

      أوجعت القلوب يا أستاذ ومقال يعكس واقع الحال المرير

    • زائر 11 | 2:46 ص

      اوجعت القلوب

      اوجعت قلوبنا بهذا المقال .. و هو من اروع ما قرأت

    • زائر 10 | 2:15 ص

      اغسطس ذو حر.

      صباح الخير هكذا يكون القلم الوطني ذو حدين إيجابيين النقد والنصيحة والا فلا ، شكرًا لكم

    • زائر 14 زائر 10 | 3:32 ص

      نقد

      نعم المقال كلة نقد و لاكن اين النصيحة ؟ ثانيا نقول للكاتب هناك انواع من العمى لاكن عماك حيراني لعلمك هذة هي الحسنة الوحيدة للنواب محاربة الارهاب و لا اعتقد انك تشجع الارهاب

    • زائر 8 | 1:53 ص

      Amazing

      Dear sir,
      you brought tears to my eyes
      and reminded my of the good old day's.

    • زائر 6 | 1:30 ص

      ALI

      BRAVO....MY EYES ARE WET

    • زائر 27 زائر 6 | 9:15 ص

      مساكين اللي دمعت عيونهم!!

      والله كسروا خاطري اللي دمعت عيونهم من المقال ياريت اقدر أوصل كلينكس لكم.. هذا تقاطع الفاروق الحين بعد أن كان دوار مجلس التعاون..

    • زائر 5 | 1:30 ص

      اهات

      استاذ اوجعت قلوبنا ...... ونبشت في الجراح وهي لم تلتئم

    • زائر 4 | 1:30 ص

      اهات

      استاذ اوجعت قلوبنا ...... ونبشت في الجراح وهي لم تلتئم

    • زائر 3 | 1:29 ص

      أنحني توتضعا لرفعتك أيها الشريف

      مقال ولا أروع ليس لي إلا أن أشكرك أيها الشريف شكرا لكم وسيبقى أسمك في قلبي دائما لان قلبي ليس به الا وطن وأنت صنت الوطن يا سيدي شكرا لكم

    • زائر 26 زائر 3 | 8:38 ص

      الوحده

      اشكرك استاذي و الله ينعم على البحرين بالامن و الامان و كلنه اخوان و كما يقولون ( متحدين نقف ----متفرقين نسقط )

    • زائر 2 | 10:00 م

      و الرائعون قليل

      ارفع القبعة تحية اجلال لك سيدي

    • زائر 1 | 9:57 م

      ضربة قلب

      مقالك سيدي أصاب قلبي بضربات . كلماتك موجعة وتدمع العين. الم يحن الفرج؟

اقرأ ايضاً