العدد 4008 - الثلثاء 27 أغسطس 2013م الموافق 20 شوال 1434هـ

مشتركات ومتضادات رابعة العدوية ورابعة الدوار

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

المجتمع البحريني يتكوّن أساساً، في مكونه الشعبي من طائفتين شبه متناصفتين للمجتمع، الطائفة الشيعية والطائفة السنية الكريمتين، ومن بطنهما انحدر أفراد ليلتحقوا بأحضان السلطات، التي نزعتهم من أصلهم الشعبي، وظنوا أنهم ارتقوا إلى مصافها.

إلا إن الإنسان ليس بحلال ماله إن كثر، فما بالك بحرامه. والحرام لا يقتصر على سرقة أو تشغيل المال في حرام مضر بالناس فقط، بل ينسحب حرامه في المصدر، حين يناله أجراً في عبودية قد لا يستنكرها على نفسه، لكونها مغطّاةً بأرتال أغلى القماش، في قبوله لتمييزه على عامة الشعب، وعلى تابعيه في غيّه، مثل ذلك الذي يتوكل توزيع الزكاة على المحتاجين، فيحفظ غالبها لنفسه وأقاربه، في تَمثـُّل للقول «الأقربون أولى بالمعروف»، ومن أقرب من الذات؟

وهناك الجهات المتنفذة التي استمرأت الاستحواذ على الثروات العامة، في تنافس فردي فيما بين أفرادها، ولإقناع من سأل ممن حولها، أجاب أحد المتنفذين، بأنه يسجل الأملاك باسمه، منعاً لآخر في جماعته، من استحواذها، وأنه يحفظها ليوم الشعب الأسود، الذي طال وتعاقب عليه أجيال وأجيال.

أما في مصر فالشعب ليس ببعيد عن حال الشعب، إلا في تعداده الكبير، الذي ضاعف المعاناة والفقر للجموع الغفيرة، وبها فرق دينية ومذهبية وسياسية وعسكرية، أوجدها النظام الجمهوري، الذي أفرز سلطات تتنازع قوت شعب مصر وكرامته وحريته وإنسانيته، وما خلاف بين البلدين إلا معدل الثروة الوطنية للفرد، في حال توزيعها بالعدالة، هذا المعدل، وإن تفارق، سيرفع من حال الشعبين بما يسرهما.

فبراير ومارس 2011، ضاعف ما أصاب شعب البحرين بالتكرار مرتين، في ما جرى عليه في دوار اللؤلؤة، وأغسطس 2013، ضاعف ما أصاب الشعب المصري بالتكرار مرتين في رابعة العدوية والنهضة ولواحقهما، فأصابت الشعبين الفرقة، جرّاء التعامل الرسمي مع الاعتصامات الشعبية، بالعنف المفرط والتخوين، الخارج عن حدود رؤية بصيرة لحلّ المشكلات، اللصيق بالتعقيد والتأزيم، والمتسبب في انفجار الذاكرة بكثرة تخزين المصائب.

كل من ابتسم ولو سراً لمصاب هذا الفريق أو ذاك، فقد خرج من نطاق الإنسانية، وانحدر إلى أدنى من الحيوان، فما بالك بذاك المهلل على خلفية، مُصاب الآخر، نصراً لي.

فالإنسان هو الإنسان في كل أصقاع الأرض والفكر والعقيدة، ولا يخرج من إنسانيته سوى المتعدي على أخيه الإنسان، والدرس واضح من القول «لقد ذُبـِحتُ يوم ذُبح الثور الأبيض»، فما يفرحك اليوم في آلام غيرك، سيُسَيّـِل دمك غداً.

العنف والقساوة فيه، ليس وسيلة إنسانية ولا نهجاً، والبادئ فيه إنّما يورثه في المجني عليه، عبر إزحام الذاكرة، وخصوصاً حالات القتل، التي تتوارث في أجيال المقتول، فقد تنهي حياة فرد، ولكنها تنجب أفراداَ من صلب عنفك، في تضادٍ بالهمجية، لسياق الإنسانية في الفكر الإنساني المتمدن بالحضارة وحقوق الإنسان، الذي بات اليوم يناهض عقوبة الإعدام، وإبدالها بعقوبة السجن المؤبد مع الإشغال، تلك الأشغال التي تُفرض فرضاً على الجاني القاتل المكبل بالسلاسل، لإفادة المجتمع من قوته التي أهدرها في فعل الجريمة.

العنف والقساوة فيه، هو سلوك الغاب، والغاب ليس هو محل عيش الإنسان، ولا معياراً لسلوكه، فلا يغرك تمكنك اليوم، لتبطش، فتتجرد من إنسانيتك، فغدك سَيُذيقـُك ما أذقت الآخرين، حسب القول «من زنى سيُزنى به ولو في ركن داره»، إشارةً إلى تبوّل الكلب المشرد على ركن خارج الدار.

ما استدعاني لصياغة المقالة أمران، الأول تهليل المختلفين سياسياً للضر بالآخر، والثاني مناصرة البعض للسلطات لإبقاء الوضع الشعبي المأساوي، على ما هو عليه، خشية الآخر بفزاعة المغالبة، في حين أن شِقّه الاجتماعي، يدّعي ويهلل بأنه الأغلبية.

فتعالوا إلى كلمة سواء بيننا، لا تؤخذ الأمور بالمغالبة، بل بالوقوف مع الحق ضد الباطل، فعلمانيتي لا تدعوني إلى مناصرة ظالمٍ في ظلم الديني، وغالبيتي أو أقليتي كذلك، لا تدعوني إلا إلى الحق ونبذ الباطل، فالبوعزيزي التونسي فرداً، استنهض أمة، وأمة إخوان المسلمين في مصر، استنهضت الأمة المصرية وأمماً، فلا تغُرنّـَك بحبوحتك لقاء ضيم الآخرين، فمن ارتضى مظلومية غيره، فقد سنّ شريعة مظلوميته، والدنيا دوّارة. وإن اختلفتَ في وسيلة رد الظلم والظالم، مع غيرك، فلا يستدعيك ذالك لمعاداته، بل إسعَ إلى ما يجمعك به وبشروطك، ولا تخف من بعد رد الظالم، من الطغيان عليك، فأنت قادر على رد الطغيان في كل حين، شرط أنك رددت طاغياً في حينه وحينك، ومهما خشيت من طغيان حليفك المفترض المظلوم، فلن يكون أطغى من طاغي حاضرك باليقين، وبهذا تكون قد نقلت المجتمع، في أقله، من ظلم طاغٍ إلى أقل منه، كما هي عقيدتك في تدرج تحقيق الإصلاح، أما في عملك على إبقاء الوضع على ما هو عليه، فقد يسلُّ هذا الواقع القائم سيفه عليك، في وقت لا ينفع فيه الندم، ولا تركن إلى مقامك في الدنيا، فإنه لا يدوم، وانظر إلى نسلك في الأجيال القادمة، فهل ترضى لهم العيش في ضنك المظالم.

وحين تقييم حليفك الآخر، لا تركن إلى السماع غير المباشر، من إعلام مسيّس مخادع، يخدعك اليوم، ليخدع عليك غداً، بل صل حليفك واسمَعهُ مباشرة وأسمِعهُ، ووثّق ما تتوافقان عليه، ولا تمنع عليه ما لا تستطيعه، ولا تركن إلى فعل طرف ثالث تُخالِف وحليفك إياه، لتتأتيا سوياً ما يسركما ويسر الجميع. اخدم مجتمعك بما تخدم به نفسك، وإلا فإنك من الطغاة.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4008 - الثلثاء 27 أغسطس 2013م الموافق 20 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 8:04 ص

      لمت يداك المرهفات

      لقد تسيدت لبقول يا ابن سيادي ((لا فض فوك))

    • زائر 8 | 5:39 ص

      دررر يا سيادي

      لا فض فوك يا ابن بلدي الاصيل

    • زائر 7 | 3:17 ص

      يعقلون أو لا يعقلون ونشر الفتن ليس لسيادة القانون لكن

      الدين دين الله كما ديان الدين رب العالمين فقد كشفت الفوضى الخلاقة وخرابيط خرائط طرق سريعه ملتويه لإعادة الهيمنه على مصادر الطاقة ومنها الغاز الطبيعي المحول ملكيته من الحدود البحرية البحرينيه الى قطري مشكلة مفتعله لسرقة الغاز الطبيعي. إلهاء وإشغال الناس بإفتعال حرائق داخل المجتمع كان سهلا بسبب تجنيس أو توطين سكان جدد لمكونات الشعب كما حدث قبل قرنين ونيف.بالإضافة الى شراء بعض الناس بمميزات لتميلهم للجانب الذي يدعون أنه رسمي لكنه أقرب على أن يكون شكلي صوري أو نصبي وإحتيال على الدستور.

    • زائر 6 | 2:40 ص

      المعلوم والمفهوم والمبهم وساوي ولا تسوي

      من الناس من يعلم ومنهم يعمل بالباطل يعمل مثل قانون أمن دولة وإتفاقيات بيع وشراء أراضي وتمليك وبناء مستوطنات ومشاريع أخرى خارجه عن العمل بالدستور. فقد شرعوا وشرعوا وشرعنوا ما لا يصح ولا يحق لأحد التصرفيه. فمثلا العقود - إتفاقيه أمنية تؤمن مستقبل علاقة ذات صلة بين طرفين أو شخصين ما دموا لم يخلوا بأساس صدور هذا العقد أو بشروطه ماداما على قيد الحياة. قبول ورضا وافقت وقبلت. الوفاء بما جاء وأساس وأصل التسرع قد يكون من شيطان أومن عمل الشيطان مستعجل ويضن ويشك أن اتفاقيات مبرمه صالحة لمدى الحياة.

    • زائر 5 | 1:53 ص

      طاغي أو باغي أو معتدي على دستور المملكة بإسم الملكه؟

      من الناس وبعض يعض الناس ويدعوهم بالعاطل والباطل وأكثرهم لا يؤمنون. فالمسلم من سلم الناس من يده ولسانه. هذا يعني لا يعتدي على غيرك من الناس. والدين معامله وهذا لقول لقوله تبارك وتعالى وأحسنوا لبعضكم البعض لا تعتدوا فالله لا يحي الخائنين ولا يحب المعتدين. فلا تعتدوا ومطلق - حريه الى من إحتكموا؟ إلى طاغوت أو إلى جبت؟ أو جابوا أحكام ألفوها أو حكام كرة قدم؟ لما لا يردوهالى الله وقد أمروا متى ما إختلفوا. أوواليس المرجع الى الله وقد وضع حدود وقواعد ثابته؟ لما لا يرجع اليها؟

    • زائر 4 | 1:10 ص

      قناص

      بيض الله وجهك واعطاك الصحة والعافية ووفقك في نفسك واولادك ومالك وادام علينا خط أناملك المباركة الصادقة وحفظك الله من كل مكروه.

    • زائر 3 | 11:36 م

      الأخ يعقوب

      انت وجهت نصيحه لقير أهلها لو يعرفون رابعه العدويه أو غيرها من الحكماء ما ضرو البحرين وأهلها حتي الفقاره الآسيويون ماسلمو منهم

    • زائر 2 | 10:27 م

      أحسنت استاذي لا فض فوك

      صغت وجسدت الشعور المعاش واقعا ووضعت يدك على الجرح

اقرأ ايضاً