العدد 4014 - الإثنين 02 سبتمبر 2013م الموافق 26 شوال 1434هـ

التراث الطبيعيّ في الوطن العربيّ

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

ينظّم المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي بالتعاون مع الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUNC) ابتداء من يوم 1 سبتمبر/ أيلول 2013، ورشة عمل في المنامة، بحضور ممثلين عن 10 دول عربية لغاية إطلاق برنامج إقليميّ للتراث العالميّ الطبيعيّ. ويهدف هذا البرنامج إلى تعزيز إمكانيات الدول العربية في الحفاظ على مواقع التراث العالميّ الطبيعية واستدامتها، قصد إيصالها إلى قائمة التراث العالميّ لليونسكو. لكن ما المقصود بالتراث العالمي؟ وما الفرق بين التراث الثقافي والتراث الطبيعيّ؟ وما المخاطر التي تتهددهما؟ ثمّ ما أهميّة هذا المركز العربيّ الإقليميّ للتراث العالميّ؟

التراث العالميّ هو التراث ذو القيمة العالمية الاستثنائيّة، سواءً أكان تراثاً ثقافيّاً أم طبيعيّاً، والمدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالميّ وعلى جميع دول العالم أن تشترك في حفظه والعناية به.

ومواقع التراث العالميّ هي معالم تقوم لجنة التراث العالميّ في اليونسكو بترشيحها ليتمّ إدراجها ضمن برنامج مواقع التراث الدولية الذي تديره اليونسكو. هذه المعالم قد تكون طبيعيّةً، كالغابات وسلاسل الجبال، وقد تكون من صنع الإنسان، كالبنايات والمدن، وقد تكون مختلطة.

وقد انطلق هذا البرنامج عن طريق اتفاقية حماية التراث العالميّ الثقافيّ والطبيعيّ التي تمّ توقيعها خلال المؤتمر العام لليونسكو والذي عقد في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1972، وقد صادقت على هذه الاتفاقية 189 دولة، من ضمنها البحرين. ومن خلال هذه الاتفاقية، تحصل المواقع المدرجة في هذا البرنامج على مساعدات مالية تحت شروط معينة. وقد بلغ عدد المواقع المدرجة على هذه القائمة حتى العام 2011 (936) موقعاً، منها 725 موقعاً ثقافياً و183 موقعاً طبيعياً، و28 موقعاً يدخل ضمن الصنفين، ويعتبر كل موقع من مواقع التراث ملكاً للدولة التي يقع ضمن حدودها، ولكنه يحصل على اهتمام من المجتمع الدولي للتأكد من الحفاظ عليه للأجيال القادمة.

وللتمييز بينهما، يُطلق التراث الثقافي على التراث ذي الطابع الحضاري والثقافي الذي تدخل في صنعه الإنسان، بينما يُطلق التراث الطبيعي على التراث الذي لم يتدخل الإنسان في صنعه بل هو من صنع الطبيعة. ويعد التراث الثقافي والطبيعي كنزاً من كنوز الأرض للإنسان ومصدراً للحياة والاستقرار ومرجعاً لهوية تلك الشعوب التي استوطنت تلك الأماكن وثقافتها.

وبالعودة إلى اتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي الصادرة عن منظمة اليونسكو في نوفمبر 1972، يعنى التراث الثقافي لأغراض هذه الاتفاقية كما ورد في المادة الأولى منها: الآثار(الأعمال المعمارية، وأعمال النحت والتصوير على المباني...) والمجمعات (مجموعات المباني المنعزلة أو المتصلة...) والمواقع (أعمال الإنسان، أو الأعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة...) التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر التاريخية، أو الجمالية، أو الاثنولوجية، أو الانثروبولوجية.

وأمّا التراث الطبيعي لأغراض هذه الاتفاقية، وكما جاء في المادة الثانية، فيعني: المعالم الطبيعية المتألفة من التشكّلات الفيزيائية، والمناطق المحددة بدقة مؤلفة موطن الأجناس الحيوانية أو النباتية المهددة بالانقراض، والمواقع الطبيعية أو المناطق الطبيعية المحدّدة بدقة، والتي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر العلم.

وقد أصبحت الحاجة إلى حماية التراث الثقافي والطبيعي أمراً مهماً بسبب تعرض الكثير من المعالم الأثرية ذات الطابع الحضاري والموروث الإنساني خلال الحربين العالميتين إلى انتهاك ودمار. ولم يتوقف الأمر عند الحربين العالميتين، ذلك أنه لا يخفى على أحدٍ ما تعرّضت له بعض المعالم في العراق وأفغانستان والهند، وما تتعرّض له العديد من هذه المعالم اليوم، وخصوصاً في سورية، من تدميرٍ جرّاء القصف العشوائي والاحتماء بهذه المعالم. ولا يقتصر الأمر على الأسباب التقليدية للاندثار فحسب، وإنما أيضاً للأحوال الاجتماعية والاقتصادية المتغيّرة يدٌ في تفاقم خطورة الموقف بما تحمله من عوامل الإتلاف والتدمير الأشد خطراً. ويمثّل اندثار أو زوال أي بند من التراث الثقافي والطبيعي إفقاراً ضاراً لتراث جميع الشعوب.

وأثناء رئاسة مملكة البحرين للدورة الخامسة والثلاثين للجنة التراث العالمي، تمّ تفعيل تأسيس المركز الإقليمي للتراث العالمي في البحرين؛ حيث افتُتِح خلال فعاليات شهر «التراث» ضمن برنامج «المنامة عاصمة الثقافة العربية للعام 2012»، وأكّدت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة آنذاك «أن هذا المركز سيخدم جميع البلدان العربية ويعزز الاهتمام بالتراث في منطقتنا العربية طبقاً للأسس المعتمدة في اتفاقية التراث العالمي»، مبرزةً دور المركز في الإشراف على استضافة المختصين وتدريبهم، وإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بهذا المجال لخدمة المنطقة العربية. ويهدف المركز إلى مساندة مركز التراث العالمي لليونسكو في تطبيق اتفاقية التراث العالمي في المنطقة العربية وترويجها، وتوحيد الطاقات والخبرات العربية في مجال المحافظة على التراث الطبيعي والثقافي، وتوفير الدعم والمساندة لصالح مواقع التراث العالمي في البلدان العربية.

ويُعتبر المركزُ الإقليميّ العربيّ للتراث العالميّ في مملكة البحرين إنجازاً غير مسبوق في منطقة الشرق الأوسط، «حيث يوفّر الخبرة إلى جانب الأساليب والتقنيّات العالميّة، بهدف قيادة التراث العربيّ إلى العالميّة والحفاظ على الموروثات الإنسانيّة التراثيّة»، بنسيجها الثقافي والطبيعيّ. وهو بذلك يقود معركة ثقافية حضارية طبيعية، حيث سيسعى إلى بناء قدرات إقليميّة عربيّة في مجال التراث العالميّ والطبيعيّ، فضلاً عن تعزيز التعاون وتبادل الخبرات.

وينتظر، بفضل هذا المركز، أن تحدث نقلةٌ نوعيّةٌ في مجال حماية التراث الإنسانيّ والطبيعيّ، وبذلك يمكن القول إنّ التراث الطبيعيّ في الوطن العربيّ بدأ يلامس خطواته الأولى للوصول إلى العالميّة.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4014 - الإثنين 02 سبتمبر 2013م الموافق 26 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 11:57 ص

      التراث الطبيعي في الوطن العربي

      لماذا لا ننظم زيارات لأبنائنا من البحرين إلى دول عربية لزيارتها والاستمتاع بالتراث الطبيعي فيها بدل السفر إلى الدول الأوروبية والآسيوية لعلنا ندعم السياحة العربية

    • زائر 4 | 12:44 ص

      يا ريت لو كتبت عن معايير ترشيح معلم أو مكان طبيعي ضمن التراث العالمي

      التراث العالميّ هو التراث ذو القيمة العالمية الاستثنائيّة، سواءً أكان تراثاً ثقافيّاً أم طبيعيّاً، والمدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالميّ وعلى جميع دول العالم أن تشترك في حفظه والعناية به.

    • زائر 2 | 6:38 ص

      التراث الطبيعيّ في الوطن العربيّ

      موضوع جيد لأننا بدأنا نكره مواضيع السياسة المباشرة

    • زائر 1 | 1:30 ص

      ننتظر إنجازات أخرى فالثقافة في البحرين نشيطة مقارنة بغيرها من القطاعات

      ويُعتبر المركزُ الإقليميّ العربيّ للتراث العالميّ في مملكة البحرين إنجازاً غير مسبوق في منطقة الشرق الأوسط،

اقرأ ايضاً