العدد 4015 - الثلثاء 03 سبتمبر 2013م الموافق 27 شوال 1434هـ

ما بين الحرب العالمية والثورة في سورية

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

الوضع السوري غدا اليوم في تعقيداته، وتداخل أداءاته، عصيّاً على التبسيط بخلاصة التّقوٌّل، أنها ثورة شعب سورية على نظامه السياسي والإداري المستبد، الأمر الذي للحكم عليه بهذا الحكم المختزل، يستدعي لزوم اقتصار أطراف النزاع في طرفيه الأساسيين، الشعب والسلطة، إلا أن واقع الحرب الدائرة فيها يبسط بالدليل الملموس تعدد الأطراف المتقابلة في رحى حربها، ولا تغيب أجزاؤها الكبيرة والصغيرة إلا عن الأعمى بالجهل، ويتعامى عن حقائقها المتعامي المستفيد.

فقد بدأت الأحداث، امتداداً لحراكات الربيع العربي، الذي أحيى آمال الشعوب العربية المغيّبة الإرادة، والمشطوبة من معادلة «سيادة الشعب ومصدريته للسلطات»، هذا المبدأ المدني الديمقراطي الإنساني السوي، الذي ذُبح في غالب البلاد العربية وحُنِّط، وتم عرضه في صندوق زجاجي، كتب تحته بحروف من الذهب «دستور البلاد».

فكيف للإنسان السوي، أن يطمئن لمحاربٍ من القاعدة وجبهة النصرة، المتعددة الجنسيات، وقلة منهم السوري، تلك المسوخ مدعية الإسلام التي تحلل حرمة الدماء، بناءً على الاختلاف الديني والمذهبي، لتصل الحال إلى نشر الزنا المثوب كما يدّعون بجنة الله، وكيف يطمئن الإنسان العربي إلى جامعة الدول العربية وأنظمة دولها، في تكاملها المتناقض مع أولئك، في الاستنصار بالغرب النقيض، لتوجيه صواريخهم إلى سورية بأرضها وشعبها ونظامها، في محو للوجود العربي السوري، وكذلك تفعل منظمة الدول الإسلامية، لوجه سورية الإسلامي، لتضحى سورية بأرضها وشعبها، مسرحاً تراجيدياً يتنازعه ضحك الكوميديا الخارجية الساخرة ودموع وآلام... الداخلية.

كيف لعاقلٍ أن لا يرى تعدّد الأطراف الإقليمية والدولية في الحرب السورية، وللعد دون الحصر، هناك دول عربية متعددة بتعدد أنظمتها الدكتاتورية والشمولية، وتركيا وأميركا والغرب الأوروبي و»إسرائيل»، وكل منها يحرك جنوداً من جنوده وغير جنوده، سواءً بالمال أو الترغيب بالاستحواذ، في اقتتالٍ لمبتغيات وأهداف معلنة ومستترة، هذا في جانب، وفي الجانب الآخر هناك الدولة السورية وإيران وحزب الله وروسيا والصين.

فهذه الأهداف، هي تفتيت العالم العربي إلى انتماءات طائفية، في عودة إلى الأضعف من القبلية، المنشغلة بإفناء بعضها البعض في الاقتتال بين شعوبها، لتغدو دوله أوهن من خيط العنكبوت، الذي لـ «إسرائيل»، الوكيل العام لأميركا والغرب، بخنصر أصابعها أن تعيثه تدميراً، وتكون لها الهيمنة المستقرة، لتشير بإصبعها لأي رئيس مزعوم أنِ اخمد، فيرتد إلى دثاره.

وهي حربٌ على الثروات الطبيعية، التي يجهل مقتنوها من العرب، حسن انتفاع مجتمعاتهم بها، فتؤول إلى مقتنيات شخصية للحاكم في مجونه السياسي والاجتماعي، وهي حربٌ على تسويق السلاح الذي تتحارب به أطراف الصراع في الشرق الأوسط، والذي يحتاج إلى تجريبه العملي من بعد عرضه في المعارض العسكرية الدولية، لإغراء أطراف الحرب السورية الإقليمية حيازته، لقاء تبذير ثروات وطاقات مجتمعاتها بما يعود بالنفع على منتجيه، والساحة السورية تم إعدادها لتكون أنسب المواقع لإجراء التجارب.

وهي صراعٌ على النفوذ الاقتصادي والعسكري والسياسي الدولي، بين القطبين، أميركا والغرب في جانب، لجره روسيا والصين في الجانب الآخر. إنها ملهاةٌ يعبث فيها الكبار، كما الطفل المدلل، حين يعبث تحطيماً بدميته، التي هي الصغار المشتتين في عالمنا اليوم.

إلا أن الطامة الكبرى على العالم أجمع، ذاك الإرهاب السائد، جراء السياسات القطبية في أحد أطرافها، في الاستعانة به عبر تسليحه، فقط لإقلاق الطرف الآخر، وتشتيت قواه، وذاك الإرهاب بالخروج على الشرعة الدولية، لبعض الدول الكبرى مثل أميركا، للتفرد بالسيطرة على العالم، بنظرة أحادية، فلا تتورع عن الخروج على الإرادة الدولية، في إعلان الحروب، بدعاوي نظرتها الأحادية للأحداث، التي تلتقي مصالح بعض الصغار ومصالحها فيها، لتستدعي إلى النزال في ساحة سورية، الدول الكبرى الأخرى، والدول الصغرى ذات الميل لعداء النظام السوري، لحاجةٍ في نفوسهم، دون الالتفات إلى مآسي الشعب السوري، الذي أحالوه إلى شعب الشتات.

فلا يستوي عند العاقل، تناقض مواقف الأطراف المساندة للإرهاب في سورية عبر مساعداتهم الإنسانية، في آنٍ واحدٍ مع مد الإرهابيين السوريين وغير السوريين بالمال والسلاح، تماماً كما أميركا والغرب، في تعاطيهم مع المطالبات الشعبية في بلادنا العربية مثلاً، فهم في جانب يناصرون قولاً الحقوق الإنسانية، وفي الجانب الآخر يمدون السلطات بالأسلحة المخصصة للبطش بالجموع الشعبية في مطالباتهم بالديمقراطية، ويعتدّون بديمقراطية النظام النظرية في النصوص، وفي إنشاء الهيئات الحقوقية الصورية، ويغفلون عن يقينهم في تجاوزاته الحقوقية والسياسية، في الممارسة، من سياسات الإفلات من العقاب لجميع أجهزتهم الأمنية الرسمية وغير الرسمية، والتي تصل إلى حد الدهس والقتل في الشوارع، واستحثاث تشكيل المليشيات للتصادم الطائفي، ومن مستويات عليا، وتجاوزات القانون في إجراءات القبض والسجون، والتعذيب، والتعامل المفرط القوة، مع المتظاهرين، بحيث ينال الإجراء الآمنين في منازلهم، عبر الإغراق المباشر للمنازل بمسيلات الدموع الخانقة. وكلها ممارسات تتجاوز المؤسسات والقانون، في تأسيس الجديد وتسييد القائم من سياسات النفوذ الفردي، ليطال الشك نزاهة القضاء.

هكذا تتعامل أميركا والغرب، تزرع النزاعات وتؤججها في المجتمعات، لإضعاف طرفيها سوياً، ثم تنقض على كليهما بالهيمنة، عبر المؤتمرات المحلية والدولية المزعومة، المرسومة مخرجاتها سلفاً، كما هو حاصلٌ لمؤتمر جنيف 2 بخصوص سورية، والحوار الوطني في البحرين، بإطالة عمر الأزمات إلى تحقق خوار الأطراف، وإذا قوى طرف على طرف، مثل ما هو جارٍ في سورية مؤخراً لصالح النظام، وهو غير مبتغى لها، نزعت إلى دعاوى غير موثوقة بالتضخيم، مثل الكيماوي في سورية، وأسلحة الدمار الشامل في العراق، وتنظيم «القاعدة» و»طالبان» في أفغانستان، فما كان في العراق إلا أن بطلت دعاويها، وما كان في أفغانستان إلا أن ناصرت نفس تنظيم «القاعدة» في سورية، فماذا سيكون إزاء كيماوي سورية.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4015 - الثلثاء 03 سبتمبر 2013م الموافق 27 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 12:12 م

      تحول وتبدل العملة حسب السوق

      يقد يكون تبديل زيت محرك السيارة ليس كمثل تحويل المعادن مثل تحول مال من ذهب الى ذهب أسود أو متاجرة حتى بالبشر وباللحم المتوسط والأبيض وهز الوسط يعني. قالت واحده هذا من سواد وجه يهود تجار ما خلوا شيء ما نسوا يتاجرون فيه. منهم من تاجروا بالذهب الأسود حتى دمروا البيئه من عوادم السيارات وحرقوا اليابس والأخضر في سبيل تجاره نفط وعائدات نفط كما أظهرته وكشفت عنه الدراسات. لا يخافون ألله ولا يخافون على صحة خلق الله يعني. ويش خلقتهم وا حد سأل مجنون قال يمكن يقول حكمة يعني. كيف تحول تهريب وتخريب مخدرات الى

    • زائر 11 | 8:33 ص

      الطمع يؤرث الطبع كما يقولون

      قد تكون من العلاقات المعقدة قليلا لكن يقال من كثر ماله خسر عياله و يقال إذا كثر عرض بضاعة ما فإن سعرها يقل. وهذا قانون التوازن - ثابت لا يتغير. بينما من متغير هذا العصر أن الثابت ما لا يتوازن أن صاحب رأس مال عنده عشرة عمال لكن يأكل من عرق وتعب العمال. ليش؟ سأل جحا هل التاجر ما يعرف يعمل أو يقوم بعمل مفيد أو أن بيت مال المسلمين تحول بقدرة قادر من مسلمين الى بنوك إسلاميه؟

    • زائر 10 | 8:13 ص

      الدنيا دواره لكن ما يدور في داخل الإنسان

      يقال إذا واحد ما فيه خير في هله - هذا غالبنه الشيطان. وكل شيء عنده شك وضن وريبة خايف يعني. ومن الحقائق التي كشفت عنها فوضى خلاقة بدون حلاقه يعنى ليست محسنه وأخلاقها مثل أخلاق السياسة والساسة ومصنوعة محليا وأجنبيا أن لا تغيير إذا لم يكون الإنسان قادراً على تغيير ما بنفسه. ففي نفس الانسان شر كما فيها خير لكن كيف يغلب الخير الشر؟ من المسائل التي يحلها أو يعقدها وقد يحرمها البعض. فكيف تغير نفسك؟ وهل أنت حر؟ أو مخير أو مسير؟

    • زائر 8 | 7:38 ص

      ليس جنوناً لكن قلة عقل – مرعوبين من الإرهاب في أوربا

      يقال الجنون فنون لكن قلة العقل مصيبة من المصائب. فكما ظهر الفساد في البر والبحر، ظهرت قلة عقل عند بعض البشر. فليس من الأسرار أن ظهور حقيقة قيادة إسلاميه برايات سود لكي يسود الظلم والعدوان على الناس. يعني كما توجد جهات أربع أصليه هناك فروع للإرهاب - مكون من مكونات المجتمع المحلي يعني . تم تدريبه حسب خرابيط طريق عفوا خرائط طريق مشهورة سمعتوا عنها لكن اليوم ظهر باطنها. اليوم يهدد الدمار الشامل لأوربا بهذا السلاح المرتبك والمرتكب لجرائم قتل ونشر السلاح لكن ببنوك إسلامية. ما مصير الإرهاب ؟

    • زائر 7 | 5:24 ص

      حكم الأسد بغض النظر أنه لا يلبي كل طموحات الشعب السوري فإنه النظام الوحيد الممانع والمعادي لإسرائيل.....وبالرغم من انه قد طرح مشروعا إصلاحيا لتصحيح الأوضاع،إلا أن من يدورون في فلك الصهاينة لا يعجبهم ذلك،لأن ذلك يتداخل مع نهجهم الشمولي في استعباد شعوبهم.....المضحك انهم يريدون الديموقراطية لسوريا بينما شعوبهم تقمع بالنار والحديد.....صبرا فإن ارتدادات الوضع في سوريا سترتد عليكم وبالا.

    • زائر 6 | 5:18 ص

      انهإ الردة

      إنها الردة العربية اعمتهم عن التناصر اين قولهم انصر أخاط ظالما أومظلوم اين النخوة العربية

    • زائر 5 | 4:02 ص

      من يطيعون قد لا تعرف لكن

      يقال رب ضارة نافعة وعسى أن تكرهوا شيأً وفيه خير لكم . فقد كشفت الفوضى الخلاقة أنه كما يقولون فقهاء في القانون لكن في قانون دولي وقانون محلي إنما أين قانون حماية البيئة من التلوث الفكري وحماية المستهلك والشعوب من الإعتداء عليها وحماية الناس أن تعتدي على بعضها البعض؟ يعني تورط أمر بمعروف غير معروف ونهي عن منكر متهاون أو متهاود شعب ضد شعب أمريكي. لكنما يقال مواطن أمريكي نسبة الى أمريكه بينما شبه جزيرة لا يقال لمواطنيها أشباه جزيريين ليش؟

    • زائر 4 | 3:55 ص

      صح لسانك

      أحسن إوستاذي و كلام في صميم الواقع

    • زائر 3 | 1:17 ص

      بقاء بشار خير من صعود الهمج الإرهابيين التكفيريين

      نعم نظام الرئيس بشار الأسد ليس نظاماً يوفر للشعب السوري ما يحتاجه فهناك الكثير الذي يجب العمل عليه من أجل إصلاحه داخلياً
      ولكن خارجياً فإن النظام السوري هو النظام المطلوب لتكملة خط الممانحة ومحور المقاومة
      فإذا المعارضة السورية إقتنعت بوضع خطة للإبقاء على السياسة الخارجية لسوريا والإصلاح داخلياً, هنا بشار الأسد هو من سيترك له السلطة
      ولكن الخطة واضحة بأن التكفيريين من المعارضة هم أدوات إسرائيلية

    • زائر 2 | 12:22 ص

      سقوط إسرائيل المدوي قريبا

      كشفت الكثير من الدراسات أن عقول مستوردة وغير قادرة على التفكير الصحيح أو السليم. فكيف تعقل أو يعقل أن منطقها لا منطق فيه إلا أنها لكي تستحوذ على مناطق البترول والغاز كل ما عليها إ إفتعال أو إشعال حرب وتفتيت المجتمع وتجارة سلاح ومخدرات وعبوديه وإستعباد البشر مقابل رأس مال أو رصيد في البنك. فهل ستصمد إسرائيل بعد أن عرفت أن أمريكا غير قادرة على أن تحفظ أمن إسرائيل؟

    • زائر 1 | 11:17 م

      مقال ينم عن تفكير وواعي

      اشكر الكاتب على هذا المقال الذي لم يتحيز فيه الى طرف ونظر للكل بعين واحدة وحلل الامور تحليل صحيح. انه رد جميل على كاتب كتب بلامس فلم يحسن تقدير الامور لربما ولربما عنده بعض الامور مبهمة. كاتبنا اضع يدي في يدك فا امريكا التي تريد ان تقضي على الدكتاتورية في سورية بزعمها تساعدها على بقائها في الخليج واين ما اقتضت مصلحتها

اقرأ ايضاً