العدد 4028 - الإثنين 16 سبتمبر 2013م الموافق 11 ذي القعدة 1434هـ

الأرض تتكلّم صينيّ

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

كثيراً ما تغنّينا مع المطرب سيد مكّاوي «الأرض بتتكلّم عربي الأرض الأرض..». لكنّ الحقيقة التي ندركها اليوم أنّ الأرض تتكلم صيني؛ حيث أدرك المنبهرون بالتطور التقني والنمو الاقتصادي السريع للصين أهمية اللغة الصينية والمنافع التي يمكن أن تجنيها بلادهم عند اكتسابهم لمهارات الاتصال الأساسية لهذه اللغة؛ ذلك أنّ الصين تعد حالياً من أسرع الاقتصاديات نمواً في العالم، ومن المتوقع أن تكون أكبر سوق عالمية في القرن الحادي والعشرين. وعليه فإنّ تعلّم اللغة الصينية سوف يساعد الأفراد والبلدان على تطوير أعمالهم كونها لغة الأعمال المستقبلية، إذ أنّ التمكّن منها سيساعد رجال الأعمال على التواصل مع الشركاء أو العملاء الصينيين المحتملين لتوسعة أعمالهم. كما أنّ التحدث باللغة الصينية سيساعد على إيجاد وظائف في مجالات مختلفة كالتجارة والعلاقات الدولية وتقنية المعلومات والسياحة والتعليم والترجمة وغيرها.

وتنبع أهمية تعلّم هذه اللغة من كونها اللغة التي يستخدمها ربع سكان المعمورة، ليس في الصين وتايوان وسنغافورة وحسب، بل في شرق آسيا وأميركا الشمالية وأوروبا .

وقد تزايد تصاعد حمّى اللغة الصينية؛ حيث أنشأت أكثر من 2500 مؤسسة تعليمية فيما يزيد على 100 بلد في العالم بأسره حصة رسمية في برامجها التعليمية لمادة اللغة الصينية، علماً بأن زهاء 40 مليون أجنبيّ خارج الصين يدرسون اللغة الصينية.

وقد تعاظم الاهتمام الأوروبي التربوي باللغة الصينية من خلال انعقاد مؤتمر المدارس الثانوية حول الصين واللغة الصينية في كوبنهاغن بالدنمارك، حيث اجتمع مدراء ومعلمون من حوالي 100 مدرسة ثانوية العام 2010 لمناقشة جدوى وسبل فتح دورات لتعليم اللغة الصينية.

وقالت المستشارة التعليمية بوزارة التربية والتعليم الدنماركية بنيديكت كيلير خلال المؤتمر «إن الصين أصبحت أكثر أهميةً للعالم، ويتزايد اهتمام الشباب الدنماركيين بالصين، بما في ذلك اللغة الصينية والثقافة الصينية.» وأضافت: «وهدف النظام الدنماركي للمدارس الثانوية يتمثل في تدريب الجيل القادم للتأهل لعمل مربح».

ولا يقل الاهتمام الأميركي، عن نظيره الأوروبي باللغة الصينية، حيث قال المدير التنفيذي لمدارس شيكاغو العامة تيرى مازانى «إن اللغة الصينية تمثل قيمةً أبعد من مجرد تعلم لغة ثانية. إنها تؤهّل أطفالنا للواقع في القرن الحادي والعشرين». ويذكر أن برنامج اللغة الصينية في مدارس شيكاغو العامة بدأ في العام 1999. ويوجد الآن ما يربو عن 42 مدرسة تقوم بتدريس اللغة الصينية، من بينها 25 مدرسة في التعليم الأساسي و17 مدرسة في التعليم الثانوي. ويوجد حوالي 12 ألف طالب مسجّل في البرنامج الذي يعد أكبر برنامج من نوعه في الولايات المتحدة وأميركا الشمالية.

إن ما شهدته الصين من تطوّر سريع في العقود الأربعة الأخيرة من خلال تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح على العالم الخارجي فيها، دفع المزيد والمزيد من الأجانب إلى دراسة اللغة الصينية لأن الناس بدأوا يعون تعاظم أهمية الصين وقوتها المؤثرة على نحو متزايد، ودراسة اللغة الصينية سوف يصب في مصلحة التطور الشخصي المستقبلي للفرد.

وقد اختار عددٌ ليس بالقليل من الدول عند مواجهة الصين التعاون الودي الطويل الأجل معها، ما فاقم في أهمية دراسة اللغة الصينية. بل إنّ بعض المؤسسات اليابانية والكورية الجنوبية اعتمدت مستوى التمكن من اللغة الصينية مقياساً وشرطاً لتوظيف الموظفين والعمال.

وفعلاً انتبه العرب إلى أهمية الصين والتي يتوقع العديد من المحللين أن تصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم بحلول سنة 2041، وبدأ السعي حثيثاً إلى تعليم اللغة الصينية؛ حيث سجلت اللغة الصينية إقبالاً عليها من الطلاب العرب، فكان أنْ تمّ افتتاح معاهد ومدارس في عدة بلدان عربية وفي شمال إفريقيا على غرار مصر والأردن ولبنان وتونس، لتعليم اللغة والكتابات الصينية. وفي هذا السياق قال رئيس اتحاد الناشرين التونسيين محمد الصالح معالج في كلمةٍ له بمناسبة المهرجان الثقافي الدولي الأول للخط الصيني الذي انتظم بالتزامن مع معرض بكين الدولي للكتاب أواخر أغسطس/ آب 201: «الصينية لغة المستقبل، وعلى العرب أن يقبلوا عليها. إنّ التعددية الحضارية هي الميزة الأساسية لتنمية المجتمع البشري ومصدر الحيوية لحضاراته».

لقد بدأ الناس حول العالم يدركون أهمية تعلم اللغة الصينية والمزايا التي يمكن تحقيقها من خلال اكتساب مهارات التواصل الأساسية بهذه اللغة. ولا ريب في أن تعلّم هذه اللغة يساعد على التطور في الأعمال، حيث أنّ اللغة الصينية هي لغة أعمال المستقبل بلا شك.

إنّ الحاجة ماسّة اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى لتعلّم اللغة الصينية ما يدعو إلى إعادة النظر في السياسات اللغوية في وزارات التربية بالدول العربيّة، قصد إدراج هذه اللغة في مستويات التعليم الإعدادي والثانوي والجامعي، لمواكبة تطوّرات اللحظة الراهنة حتى لا نتخلف أكثر فأكثر عن مركب اللغات العالميّ.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4028 - الإثنين 16 سبتمبر 2013م الموافق 11 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 1:28 ص

      الصينية ضرورية فعلا

      وتنبع أهمية تعلّم هذه اللغة من كونها اللغة التي يستخدمها ربع سكان المعمورة، ليس في الصين وتايوان وسنغافورة وحسب، بل في شرق آسيا وأميركا الشمالية وأوروبا .

    • زائر 4 | 3:19 م

      إلى زائر 3

      المصرية لهجة عرببية موش لغة

    • زائر 3 | 9:04 ص

      مش وميش وما ميش!

      يقال ما أكثر الكلام وما أقل العلام لكن ما دام الحلم ببلاش والكلام بدون أو من غيرعلام ببلاش فالسكوت إما من فضة أو من ذهب. قال جحا سمعت شيخ إمام يقول أو يغني الأرض بتتكلم عربي لكن اليوم بتتكلم مصري - صيني ليش مش مصري؟

    • زائر 2 | 5:50 ص

      ومتى نعقد نحن مؤتمرا للغة الصينية؟؟؟؟؟

      وقد تعاظم الاهتمام الأوروبي التربوي باللغة الصينية من خلال انعقاد مؤتمر المدارس الثانوية حول الصين واللغة الصينية في كوبنهاغن بالدنمارك، حيث اجتمع مدراء ومعلمون من حوالي 100 مدرسة ثانوية العام 2010 لمناقشة جدوى وسبل فتح دورات لتعليم اللغة الصينية.

    • زائر 1 | 1:05 ص

      كلام صحيح

      فعلا نحتاج في البحرين أيضا أن نواكب ركب اللغات في العالم

اقرأ ايضاً