العدد 4033 - السبت 21 سبتمبر 2013م الموافق 16 ذي القعدة 1434هـ

السر وراء تراجع الوعد بالميثاق (1)

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

تناولنا في مقالتنا السابقة، ديمقراطية 1973، وخلصنا الى أن النية لم تكن أصلاً للتحول الى النظام الديمقراطي، بقدر ما كانت تلك الترتيبات، مرحلة انتقالية، من باب استكمال عناصر الدولة المستقلة، لاستكمال القبول في الأمم المتحدة، العائض لحماية الدولة من الأطماع الشاهنشاهية، من بعد فشل السلطات الحاكمة في استبقاء الانتداب البريطاني الذي وفر لها الحماية، ومن باب كسب الوقت ريثما تتجهز السلطات، بالإمكانيات العسكرية والأمنية، فكان العمل على قدم وساق لإنجازه، الى أن اكتمل بحلول شهر أغسطس/ آب 1975، فكانت نهاية ديمقراطية 1973، ولو لم يكن كل ذلك مرسوماً، لكان يكفي إعلان حالة السلامة الوطنية ربما لثلاثة أو ستة شهور، ولكان يكفي أن تؤجل انتخابات المجلس الوطني سنة أو سنتين، لتعاود الديمقراطية سبيل وجودها وتطويرها، إلا أن الوضع الطارئ بحل المجلس الوطني وتعطيل الدستور وإصدار قانون أمن الدولة، استمر الى العام 2001، لتبدأ مرحلة الميثاق.

لم يبتعد الميثاق كثيراً في نصه، وفي اسلوب العمل به، وفي وعوده، عما كان إبان الاستقلال، وما كان من مقدمات دستور 1973 والمجلس الوطني، إلا أن الأوضاع السياسية، في أحداث أواخر التسعينيات، أفرزت واقعاً جديداً لتقسيم شعب البحرين الى طائفتيه الكريمتين سياسياً، فمن بعد ضرب اليسار السياسي في الداخل في 1975، أطلق العنان للقوى الدينية وخاصة السنية منها، لتأخذ دورها في مؤسسات الدولة، الأمر الذي قاد الى المحاصصة السياسية الطائفية، مع المحافظة للسلطات الحاكمة، الاستفراد بالسلطة والثروة، التي استفادت من ورائها في إدارة وتمويل، المشروع سيئ الصيت، الذي تم تخطيط معالمه الأساسية قبل الإعلان عن الميثاق، والذي واكب توقيته أمران، الأول الضغوط السياسية والحقوقية الدولية، والثاني الحراك الشعبي المعارض في أواخر التسعينيات، الذي غلب على أطراف نشاطه، نشطاء الطائفة الشيعية الكريمة، بحكم إيقاع الإيلام الرسمي، السياسي والحقوقي على أفرادها ومؤسساتها الدينية، وخاصة تلك من المعارضة السياسية، مقابل تحريض تيارات الإسلام السياسي السنية، وإثارة مخاوفها، من احتمال بالوهْم، لغلبة الطائفة الأخرى، ليس في غلبة مذهبها بل في غلبتها السياسية، فانفردت التيارات الدينية السنية بساحة الحراك السياسي وسط الطائفة، وفي تضاد للطائفة الأخرى.

وكان الصراع السياسي، يدور في الخفاء ما بين طرفي التيارات الدينية للطائفتين، باصطفاف السلطات الى جانب الجمعيات السنية، عبر تمكينها السياسي في وزارات الدولة، وخاصة التربية والتعليم والتنمية الاجتماعية، وعبر تحريضها الدائم ضد الآخرين، الذين استشعرت السلطات أنهم أعصى عليها، قبالة ارتماء مواليها.

وهكذا تولد حراك أواخر التسعينيات السياسي بتحالف أطراف المعارضة من الطائفتين بفصائلها السياسية من أقصى اليسار الى أقصى اليمين، ومؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والمهنية، بما قضى على الصورة الطائفية التي سعت السلطات ومواليها الى إبرازها والتسلح بها، لتشويه الحراك لدى المجتمع الدولي، مما أوقع في يدها، واضطرها الى التعامل مع الحراك الشعبي بالتواصل، في الداخل والخارج، وهكذا خرجت علينا السلطات بمشروعها المعلن، ميثاق العمل الوطني، المبني أساساً على المشروع السري، الذي لم يبن إلا بعد أربع سنوات من التصويت الشعبي على الميثاق بالنسبة المعلومة، وذلك حين اختلفت السلطات مع مستشارها للشئون الإستراتيجية، ما حداه الى إعلانه على الملأ، بما أبان للداخل والخارج أن مشروعها الميثاق ما هو إلا على غرار مشروعها الديمقراطي لعام 1973، الموؤود في مهد إطلالته، بتبييت النية بتفاصيل الأحداث بدءًا من أغسطس/ اب 1975 الى العام 2000.

وهكذا دخل المجتمع البحريني في معترك سياسي جديد بين السلطات الحاكمة ومواليها التقليديين، وبين فصائل سياسية وحقوقية ومؤسسات مدنية، الى اليقين بأن الحال لا يمكن أن تستمر أكثر على منوال ابتغته السلطات، بثنائية مشاريعها السياسية، بازدواج المعلن منها، بالتخدير الديمقراطي الى حين التمكن، والسري منها، الباطش بكل الآمال المنشودة في نظام الدولة المدنية الحديثة، بالإبقاء على نظام، الطاغي فيه النفوذ الفردي، بعيداً عن نظام دولة المؤسسات والقانون، بما يحقق للسلطات الحاكمة الاستحواذ على السلطة والثروة، لتسطو في توزيعها بالتمييز وعدم العدالة والمساواة، لصالحها وصالح مواليها، قبالة التضييق على غالبية أفراد وفئات الشعب، مما قاد المجتمع الى أزمة فبراير/ شباط 2011... للمقال بقية.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4033 - السبت 21 سبتمبر 2013م الموافق 16 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 3:57 م

      رائع يا شيخ الكتاب

      مقال رائع جداً ، يستحق أن يُدرس للأجيال القادمة ، لتتعرف على كيف تم التآمر على شعب البحرين الطيب ، القنوع، بارك الله فيك وحماك وجعلك ذخرا وسنداً لهذا الوطن يا الشريف ابن الشرفاء

    • زائر 23 | 9:38 ص

      رائع يا شيخ الكتاب

      مقال رائع جداً ، يستحق أن يُدرس للأجيال القادمة ، ... شعب البحرين الطيب ، القنوع، بارك الله فيك وحماك وجعلك ذخرا وسنداً لهذا الوطن يا الشريف ابن الشرفاء

    • زائر 22 | 8:50 ص

      أصيل

      شكرا لك أستإذي على توضيح الأمور ونحن في انتظار مقالك اللاحق اللهم أرنا الحق حقا حتى نتبعه والباطل باطلا حتى نتجتنبه يا مقلب القلوب والأبصار ثبتنا على رؤية الحق دائما

    • زائر 19 | 6:26 ص

      v

      واقعا هذة هي نظرة المؤامرة التي دفعت القسم الواعي سياسيا من الشعب للمطالبة المشروعة بـ .....

    • زائر 18 | 5:33 ص

      الى زائر رقم 6

      أنا أشكر الكاتب العزيز على كتاباته التي "يتجاهلها" الكثيرون وليس "يجهلونها" لأن هناك فرق بين الجهل والتجاهل. فالجهل أنك لا تعرف ذلك, أما التجاهل فهو أنك تعرف الشيئ ولا تعطيه أهمية. مع تحياتي لك أيضا. (محرقي/حايكي)

    • زائر 16 | 3:34 ص

      سراء وضراء ومكونات مجتمع مجدده او جديدة

      ليس بسر لكن علن إدخل على مكونات مجتمع البحرين عناصر إضافيه لإضرار به وليس إلا. فمن المكونات الجماعات التي تدعي الإسلام لكن مصلحتها أولاً. كما إستوطن أعداد زادت من مشكلة الزيادة السكانية وقلت الأرض وتسببت في طرد السمك عند ما دفن البحر. هنا يمكن القول أن أكثر المشاريع شرع لها أما بإسم الدين تارة أو بإسم الدستور تارة أخرى لكن لا هذا من الدين ولا هذا من الدستور. فما العمل وأكثر المشاريع غير دستوريه وغير قانونيه؟

    • زائر 15 | 3:11 ص

      شكرا

      ونحن بإنتظار باقي المقال

    • زائر 14 | 2:23 ص

      خلق الصراعات الطائفية والعمل على نشر الفتن المذهبية كانت الاسلحة المستخدمة

      لا بد للاستقواء على طائفة ان يكون هناك تقوية لطائفة اخرى وهذا لا يحصل الا بسلب حقوق هذا واعطائها لذاك ومن ثم يتم الاستقواء ويتم اشعال الفتن فمن حصل على ما ليس من حقه لا يريد التخلي عنه ومن سرق حقه واعطي للآخرين لا يمكن ان يسكت وهو يرى حقوقه تسلب منه وتعطى لغيره من هنا يحتدم الصراع وتنشب الفتن ويبقى من اشعل الفتن في موقفع القوة يتفرج. تلك هي الخطط الخبيثة التي لا يعيها الكثير والبعض يعيها ولكن طالما هي تصب في مصلحته فلا تهمه سوى مصالحه

    • زائر 11 | 1:42 ص

      هذا توثيق وليس مقال ( رائع )

      بل هذا المقال يجب تسميته وصاحبه ب ( شاهد على العصر ) معلومات ليست جديدة ولكنها باسلوب راق وموثق وبحرفية الكاتب ... شكرا لك استاذنا العزيز ،،، واريد ان اقول شيء كمواطن ( لو كان البرلمان بجميع صلاحياته وفيه امثال هذا الكاتب ) هل سنرى ما نراه من مهازل في ما يسمى البرلمان اليوم ؟؟؟

    • زائر 10 | 1:19 ص

      شكراً أستاذ يعقوب

    • زائر 9 | 1:18 ص

      مقال مميز وجريئ

      كل الشكر للاستاذ سيادي على مقالاته الصريحة والجريئة التي تكشف لنا تاريخنا السياسي المعاصر على حقيقته .

    • زائر 7 | 1:03 ص

      وللمسلسل بقيه

      اشكر الكاتب، على المعلومات القيمه،،فعلا كنا مخدوعين طوال عشرات السنين،، التمس عذر بعض اطراف المعارضه في رفع مستوى المطالب

    • زائر 6 | 11:48 م

      شكرا

      شكرا للكاتب العزيز على كتاباته التي يجهلها الكثيرون والي تعكس الواقع الماضي والحاضر .. نتمنى من كاتبنا الجليل المزيد من الكتابات في هذا المجال

    • زائر 4 | 11:20 م

      المقال يرقى ليكون وثيقة

      المقال راقٍ

اقرأ ايضاً