العدد 4040 - السبت 28 سبتمبر 2013م الموافق 23 ذي القعدة 1434هـ

السر وراء تراجع الوعد بالميثاق (3)

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

لم تكن مخالفات الوعود الأربعة التي أوردناها في مقالتنا السابقة، المتمثلة في إصدار دستور 2002 بإرادة أميرية، دون تفويض في الميثاق بذلك، وفي خروج الدستور على عبارة «على غرار الديمقراطيات العريقة» الواردة ثلاث مرات في الميثاق، وأن الدستور أولى جل السلطات الى الملك والحكومة، نقيضاً لمبدأ الميثاق بأن الشعب مصدر السلطات، وبالخروج على وعد الميثاق كما في النص «... بناءً على الطريقة التي يقرها الأمير وشعبه»، ونضيف مخالفة الوعد الخامس بأن مجلس النواب للتشريع ومجلس الشورى للرأي والمشورة، إلا أن الدستور أتى بما يخالف ذلك بإيكال التشريع وليس المشورة لمجلس الشورى، كما أتى الدستور بالأمر الملكي لتعيين أعضاء مجلس الشورى.

عبر إضافة مواصفة «الذين أدوا خدمات جليلة للوطن» وذلك واضحاً من حالات تناقض تعيين بعض الأفراد الذين فشلوا في انتخابات مجلس النواب، أو بات أمر فشلهم محتما، خلافاً لنص المرسوم بقانون رقم 15 بشأن مجلسي الشورى والنواب في المادة رقم 3 البند (د)، بتحديد الفئات التي يتم تعيينها في مجلس الشورى بحسب الفئة رقم 9 «الحائزين ثقة الشعب»، فنصوصها كما التالي 1 - أفراد العائلة المالكة (وليس «الأسرة الحاكمة» كما الميثاق وليس «الأسرة الملكية» بحكم تغيير مسمى الدولة في الدستور)، 2 - الوزراء السابقين، 3 - من شغل مناصب السفراء والوزراء المفوضين، 4 - أعضاء الهيئات القضائية السابقين، 5 - كبار الضباط المتقاعدين، 6 - كبار موظفي الدولة السابقين، 7 - كبار العلماء ورجال الأعمال والمهن المختلفة، 8 - أعضاء مجلس النواب السابقين.

كل هذه الفئات بما يخالف صفة تمثيل الشعب كما نص الدستور في المادة 89 البند أ، بل بما يؤسس لجعل عضوية مجلس الشورى ليست أكثر من مكافأة لرجالات الدولة.

وفي التعديل على المرسوم عاليه، بالمرسوم رقم 39 لسنة 2012، أضيف الى نص المادة 1 عبارة «ذلك وفقاً للإجراءات والضوابط والطريقة التي تحدد بأمر ملكي» إضافة الى النص قبل التعديل «يتألف مجلس الشورى من أربعين عضواً يعينون ويعفون بأمر ملكي».

كما تم تغيير المادة 3 البند (أ)، ليشمل من اكتسب الجنسية الى البحرينيين بحسب نص التعديل، بما يحول دون شروط، الإجراءات والضوابط والطريقة والفئات في تعيين أعضاء الشورى الى إرادة الملك المطلقة، ويضيف من اكتسب الجنسية، شرط مضي عشر سنوات على تجنيسه، بمعنى عمر التجنيس بمثل عمر الدستور، ليتساوى بالبحريني، البالغ ارتباطه بالوطن خمسة وثلاثين عاماً، وفي ذلك مأرب لمن يفهم.

لم تكن تلك المخالفات محصورة فيها، وإنما أوردناها بتراتبية أحداثها، فتراجعات الوعود بالميثاق، تجلت أكثر فأكثر، في المراسيم التي سبقت إصدار الدستور، ومنها مرسوم مباشرة الحقوق السياسية، ومرسوم قانون الانتخابات لمجلس النواب، الذي رسم الدوائر الانتخابية وأحال الحق الانتخابي لأفراد القوات المسلحة والأمن العام الى قرار رؤساء الوحدات، على خلاف النظام الانتخابي لعام 1973 الذي منع الحق الانتخابي على هذه الفئات، احتساباً لها في عدم حريتها بما يحقق الانتخابات الحرة لمجلس النواب، كل هذه الترتيبات التي حصنها الأمير والحكومة في الدستور في مادته 121 البند ب «استثناء من حكم الفقرة الثانية من المادة 38 من هذا الدستور (استثناء هذه الفقرة جاء لمنع وجوب عرض هذه المراسيم على مجلسي النواب والشورى) يبقى صحيحاً ونافذاً كل ما صدر من قوانين ومراسيم بقوانين ولوائح وأوامر وقرارات وإعلانات معمول بها قبل أول اجتماع يعقده المجلس الوطني ما لم تعدل أو تلغ وفقاً للنظام المقرر بهذا الدستور»، وذلك بما يحقق الفرز التمثيلي لمجلس النواب بالنتيجة المرسومة سلفاً من قبل الأمير والحكومة، لاستيفاء النتيجة الحتمية لما جاءت به جلسة المجلس الوطني الاستثنائية أخيرا وغير الدستورية في عقدها وفي توصياتها، فبالإضافة الى السلطات التي منحها الدستور للملك، وبالإضافة الى الاستحواذ على نصف السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس الشورى المعين، تم تفصيل قانون الانتخابات ليمنح الجهة غالبية ذاتها أعضاء مجلس النواب، وبالتالي تغييب الإرادة الشعبية الحرة.

وإضافة لتقسيم مكونات المجتمع السياسية في الميثاق والدستور الى الأمير والحكومة والشعب، لم يفصل الدستور ما بين الملك والحكومة، بل جمعهما في مكون واحد هو «الأسرة الحاكمة» أو «نظام الحكم الخليفي» كما ورد بالميثاق... كما كان هناك اقتلاع أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن، من المكون الشعبي، وضمه الى تعداد أفراد الحكومة بالتبعية، مع إيكال ممارسة الحق الانتخابي لهؤلاء الى أفراد من الحكومة المترئسين لهذه الأجهزة، اضافة الى سياسة تجنيس منتسبي هذه الأجهزة بعائلاتهم، من غير المواطنين، في البدء خارج القانون، ولاحقاً بالتجنيس القانوني عبر جلب الأقارب والأصحاب للعمل في هذه الأجهزة لطوال الإقامة بالمدد القانونية، وتشجيع التكاثر بالإنجاب، وهذا ما كشفته مؤخراً أخبار وسائل التواصل الاجتماعي وإعلانات وزارة الإسكان لمنح القروض والمساكن، وكذلك إصدارات البطاقات الذكية من الجهاز المركزي للإحصاء.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4040 - السبت 28 سبتمبر 2013م الموافق 23 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 10:46 ص

      كل الاحترام والتقدير للكاتب الشريف

      اللهم احفظ كاتب المقال الشريف

    • زائر 9 | 5:24 ص

      أصيل

      بارك الله فيك أستاذي وضحت الإنقلاب على الميثاق ثبتك الله أعلى الحق ولكني أصبت بالغم منذ الصباح بالرغم من الواقع الذي نعيشه

    • زائر 6 | 3:00 ص

      افرازات

      شكرًا للمقال الرائع والقدرة على التحليل الموضوعي ولكن أستاذي الفاضل هل تتوقع من رشح لمجلس الشورى ومن دخل مجلس النواب بألف قدره وبأقل الأصوات هل هم قادرين على استدراك تلك المخالفات القانونية!! من أخطر الإفرازات هو ملف التجنيس وتأثيره على الدولة والشعب في جميع النواحي ،ولكن من يدرك ذلك!!

    • زائر 5 | 2:20 ص

      ثلاث وتائق مهمة للكاتب

      بأسلوب بسيط وضعت جميع الحجج فيما يحدث من تجاوزات باستغلال السيطرة الفردية على القرار لكل السلطات واقول كما قلت في مقال رقم 1 لوكانت النية حسنة لتم إرجاع المجلس الوطني خلال عدة شهور وليس أكثر من ربع قرن والتي الثانية الميثاق وافرازاته اه اه لويرجع الزمن لكننا مؤمنين بضرورة التغيير وسيحدث وأن طال الزمن والألم والعذبات سيأتي لامحالة

    • زائر 2 | 11:55 م

      الله

      الله على كل ظالم (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).

    • زائر 1 | 11:30 م

      لا يعيها الا من له قلب سليم

      أتمنى أن يقرا فريق المولاة ما هو مكتوب ؟؟؟؟؟؟

اقرأ ايضاً