العدد 4054 - السبت 12 أكتوبر 2013م الموافق 07 ذي الحجة 1434هـ

العدالة الانتقالية

غانم النجار ghanim.alnajjar [at] alwasatnews.com

كاتب كويتي

لكي يستقر المجتمع لابد من التعامل بجدية مع معاناة ضحايا الانتهاكات وعدم تجاهلها. ذلك هو جوهر مفهوم العدالة الانتقالية.

خلال العشرين سنة الماضية انتقل ما يزيد على 70 دولة من حالة سياسية مركزية، شديدة القمعية، أو من حالة عنف واحتراب أهلي إلى ما يشبه الديمقراطية، أو كانت هناك رغبة عامة تدفع بهذا الاتجاه.

إلا أن الرغبة وحدها لا تكفي للانتقال من حالة هيمنة وتسلط، إلى ديمقراطية، تعددية، يُحترَم فيها الرأي وكرامة الإنسان. فالديمقراطية ليست علاجاً بالكيّ، وليست عملية جراحية، تُستَأصل فيها قيم الديكتاتورية وسيادة اللون الواحد في المجتمع، بين عشيةٍ وضحاها، كما أنها لا يمكن أن تستقر عبر صدمات كهربائية، أو جرعات دوائية، ولكنها عملية طويلة، مملة، وبطيئة، وتتطلب مراناً وتطوراً تدريجياً، وفي بعض الأحيان تبدو كأنها قد فشلت في تحقيق أهدافها المرجوة في الرخاء والاستقرار واحترام آدمية الإنسان.

من هنا برزت مفاهيم جديدة كالعدالة الانتقالية، ففي بعض المجتمعات ظنّ المنطلقون من عبء الزمن الرديء الموغل في القمعية أن بإمكانهم بناء مجتمع جديد «ديمقراطي» دون التعامل بجدية مع ضحايا القمع والعنف وانتهاك حقوق البشر...

صار إذاً أمراً جوهرياً أن ترتكز أسس النظام الجديد على عدم تجاهل مآسي النظام السابق، ومن هنا صار أساسياً التفاهم مع آلام ومعاناة الضحايا، ودون ذلك فإن الديمقراطية تتعثر، وقد تعود الديكتاتورية بثوب جديد.

العدالة الانتقالية ترتكز على جملة تدابير قانونية وإجرائية يتم تطبيقها للتعامل مع تراث قمعي رزح على صدور الناس ردحاً من الزمن، أو حالة عنف حادة، تكون قد أدت إلى معاناة بشر. وتتضمن تلك التدابير، ملاحقة جنائية قضائية لمرتكبي الانتهاكات، وإنشاء لجان حقيقة ومصالحة، وتأسيس برامج تعويضات للضحايا، وغير ذلك من الإجراءات.

من دون تلك التدابير فإن النظام الجديد يبنى على أساس هش، ولا يستقر فيه البناء. ومن هنا جاءت أهمية إدانة رئيس ليبيريا السابق شارلز تايلور بالسجن 50 عاماً لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، كخطوة على الطريق. ومما يؤسف له أن أكثر الدول إعراضاً عن الالتزام بمفهوم العدالة الانتقالية موجودة في منطقتنا العربية.

وللحديث بقية...

إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"

العدد 4054 - السبت 12 أكتوبر 2013م الموافق 07 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:19 م

      الى أين تنتقل العداله؟

      قد يقال إنتقل الى جورا ربه أو إنتقل الى رحمة الله تعالى بينما من الأقوال من ضاق العدل عليه فالجور أضيق! هنا الجور يعني ظلم الناس بمعناها الواسع . فيقال إذا كان الناس لا يعجبهم العجب ولا يرضون على شيء فهل سيرضون بالعدل؟ فكيف الإنتقال من غير العدل الى العدل يعني الصحيح المستوي المنتظم...؟ وكيف يفلت من ظلم الناس مثل فلتمان ومخابرات الس أي أيه وغيرهم من المخبرين والمتجسسين والنواطير و...و؟

    • زائر 1 | 1:46 ص

      احلى واقوى كلام قلته بان اكثر الدول اعراضا عن الالتزام بمفهوم العدالة الانتقالية موجود في منطقتنا العربية

      وازيد وتحديدا في خليجنا العربي لنا سنوات طويلة نطالب بعدالة انتقالية هنا لكنهم يرفضون والأسباب كثيرة مامررنا فيه يحتاج إلى عدالات انتقاليات كثيرة فنحن نتألم بصمت حالمين بتغيير واقعنا المتوحش .كاتبنا العزيز متى نرى طاغتنا في عالمنا العربي الممتد أن تصلهم محاكمة متضرر في إحدى الدول الأوربية وليست محكمة العدل الدولية وكما قلت في مقال سابق أبحث عن أمريكا

اقرأ ايضاً