العدد 4092 - الثلثاء 19 نوفمبر 2013م الموافق 15 محرم 1435هـ

الآخرون... «خَلْهُم يُولّون ونفاد ينفدهم»!

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

يحلو للمتنفذين والمتمصلحين، ما يحلو لهم، من استثارة فاشلة للطائفية، بما ينمّي في ظنهم أنهم منتصرون، لا بل منتقمون، من غدٍ قادم، فما عادت لهم من حيلةٍ إلا أن يستخدموا ما تبقى لهم من وقت، ومن أدوات ومن أشباه الرجال، وأشباه النواب، وأشباه أشباه كثيرة.

إلا أن الستر قد أُسدل، وبانت الثغرات الدستورية والقانونية، التشريعية والقضائية والتنفيذية، مع كثرة المتنفذين، وكلٌ في أحلام رأسه أكثر مما في جعبة يديه، من أحلام لونها لون الدم والحرمان، الذي يعم الجميع، ويزيد على أحد فرعي ساق شجرة الوطن، ليتراءى للحالمين اغتصاب بكارة عذريته.

تناقضات أضحت تنبئ بالمأزق، فمن عدم دستورية وقانونية جملةٍ من القوانين، إلى عدم شرعية نواب التشريع، إلى سياسات تطبيق القوانين في جانب وإغفالها في جوانب، إلى آخر القائمة. وأمثلة بسيطة نسوقها، من مثل انشغال أفراد قوى الأمن والسلامة المرورية، بالحراكات الشعبية، قبالة إهمال احتلال بعض الشوارع وبعض الدوارات في المحرق كمواقف للسيارات، وربما لا ضير في ذلك، في ذهن المسئولين، لسببين، أن التطوير سيطال محو الدوارات وإبدالها بإشارات مرورية، مزوّدة بكاميرات أمنية، وستغلق لأعوام انتظاراً لاستتباب الأمن المحلوم به، أمّا الشارع المعني، فهو بخطين مزدوجي الاتجاه، فما الضير في سدّ مسار واحد لقاء حل مشكلة المواقف، وخصوصاً تلك الانحناءة الحادة في الشارع، التي تحجب رؤية السيارات القادمة من القبالة، التي تجبر السائق المشغول خط سيره، على سلك الخط الآخر للقادم من الاتجاه المعاكس، وأين المشكلة، فالحوادث المرورية تغطيها شركات التأمين، والأمن مشغول بما هو أهم.

ومطار البحرين الدولي، وهو الآخر في المحرق، تجد به مكتباً لشركة اتصالات، يستضيف جمهور زبائنه، واقفين لحالات انتظار الدور، حسب الرقم الذي تمنحك إياه ماكينة، لمظاهر تقدم التكنولوجيا، ويصادف مراراً وتكراراً على مدار ساعات العمل (ربما 24 ساعة يومياً)، أن يفد زبون مصاب بآلام الظهر، أو مجهد من عناء يومه، فيغمى عليه، فما الحاجة لتوفير كراسي مناسبة للمنتظرين، وما المشكلة؟ فالرعاية الصحية متطورة إلى درجة أن المعتقلين والمساجين والموقوفين، يتلقون ليس العلاج فقط، بل الصيانة لأسنانهم، في حين أن التأمين الصحي الذي توفره الشركات لموظفيها، يخلو من هذه الرعاية، وما ضرر الوقوف بسيارتك في موقف المطار، لتدفع إضافة لفاتورة هاتفك أكثر من الدينار، فستقضي ما يزيد على الساعة لإنهاء معاملتك، أو ربما أجدر بك أن تسير على قدميك حين التوجّه للمطار، أو لك أن تتحايل على القانون، فتوقف سيارتك أمام بوابة المغادرين في مبنى المطار فهي تتسع لعشرين سيارة، وما شأنك بالآخرين، أصحاب الحق في إيصال مسافريهم، «خلهم يولون، نفاد ينفدهم».

والبلدية، وأخص أيضاً بلدية المحرق، والعهدة على الراوي، ترتادها الثعابين والزواحف، فقد اغتنت البلدية من توفير أكياس القمامة، بمنعها على المواطنين المعسرين في سداد بعض فواتيرهم، أو ربما عقاباً للبعض المتكلم، التي تشترط البلدية سدادها دفعة واحدة، أو بشيكات مؤجلة، وكأن جميع المواطنين تجارٌ يمتلكون حسابات جارية في البنوك، أو عليهم إمتلاكها، لحجز البنك مبلغ ما بين 150 - 500 دينار رصيداً شهرياً، وإلا خصم البنك من حسابك 5-10 دنانير شهرياً، لتجد أن رصيدك في آخر المطاف قد تآكل وتم تصفيره.

والأهم من كل ذلك، حين يحلم المواطن باستخراج سجل تجاري، يعينه على غلاء المعيشة، يجد البلدية تشاركه رزقه في مبلغ مقطوع شهرياً، يصل إلى عشرات الدنانير، مع أن الرسوم البلدية مربوطة بمبلغ يعادل 10 في المئة من الإيجار الشهري، فما المشكلة؟ حين تستأجر محلاً بستين ديناراً شهرياً، وتتقاضى منك البلدية ثلاثين ديناراً رسوماً، وحين تسأل ما هو القانون الذي يحكم الرسوم البلدية، تتلقى جواباً، القرار الوزاري أو الإداري، وهذا القرار غير مسموح الإطلاع عليه، فهو في درج الوزير أو المدير، والجارور مقفل، والوزير والمدير مشغولان.

لو أسهبنا أكثر، لربما، زارنا زائر الفجر، أسوةً بمن يطالب بالحق المدني والسياسي، فالمواطن إرهابي متى ما طالب بحق، وكله بالقانون، فهناك قانون حماية المسئولين، من الأعمال الإرهابية، عفواً حماية المجتمع، والأعمال تشمل الأقوال وما تخفي الصدور، وهناك المسّ بجهة نظامية، يعاقب عليه القانون أيضاً، فما عليك أيها المواطن العزيز، إلا أن تبلع لسانك، وتضع الكمادات على عينيك، والسدادة في إذنيك، ولا تهتم إلا بأمرك، والآخرين «خلهم يولون ونفاد ينفدهم».

تملأني ضحكة تهكم، «إي والله خلهم يولون ونفاد ينفدهم»!

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4092 - الثلثاء 19 نوفمبر 2013م الموافق 15 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 5:10 ص

      من أدوات الابرياليه المال كما السلاح لكن إرهاب مدعوم ...

      يقال هنا البحرين ونهاية الرأسماليه من الحتميات وليس من المحتمل إحيائها. فرأس المال بدون رأس لكنه كما الثعبان أو الحيه تتلون وملمسها ناعم لكنها سامه. فالإداره الأمريكيه اليوم مغلوب على أمرها – يعني ليست غالبه ولا مغلوبه بينما مسلوبه القرار – يعني لا تستطيع أن تتخلى عن البحرين ما دامت لها مصالح ومصالح مع مصالح حلفائها لا تتصالح وإنما تضاد وتضارب مع شعوب المنطقه. فأين الغالب وأين المغلوب هنا؟

    • زائر 5 | 4:34 ص

      يقال قال الله من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعا لكن الأمر لله وليس للناس

      يقال في البحرين مكون من مجتمع طبقي – يعني طبقات عليا لا يطالها القانون بينما الدنيا يطبق يعني وينفذ عليهم القوانين التعسفيه. قمن الطبقات التي تشكلت وتكونت ليس فعل التعريه وإنما فعل الحمران من الإنجليز والأمريكان وغيرهم من الأجانب من الدول المستعمره. قال جحا ليش فوق القانون كما خلفائهم محصننون بحصانه دبلوماسيه يعني بينما بلا قانون وبلا شرعيه لكنهم عاثوا في البحرين فساد وإطهاد ونشر الرزائل والمهازل والسخريه من الناس كما نظام السخره الجاهلي. هل الأمر لله أو الأمر أمريكي الصنع والقرار لمن يعني؟

    • زائر 4 | 11:36 م

      المعتقلون في البحرين V I P

      >> إلى درجة أن المعتقلين والمساجين والموقوفين، يتلقون ليس العلاج فقط، بل الصيانة لأسنانهم >>> ما تجوز أستاذي عن سوالفك

    • زائر 3 | 11:09 م

      مو مهم

      مو مهم أستاذ كل ما ذكرت عند الحكومة الهم الوحيد القضاء على كل من ينادي ويطالب بالحرية والعدل والمساواة

    • زائر 2 | 9:44 م

      المنامي

      القلب يدمي يا أستاذ يعقوب على ما يجري في بحريننا العزيزة والمتمصلحون ينهشون من جسد الشعب بالفساد الواضح وفي النهاية يخرج علينا من يطلب ان تتستروا عليهم !!

    • زائر 1 | 9:27 م

      واليك بالريايييل اعضاء مجلس نوابنا انموذج بوركت ايها الكاتب الشريف

      وإليك بامتيازات رجالنا البواسل أعضاء مجلس النواب ولسان حالهم يقولون حريقة تحرقهم خلهم يولون والمقصود المواطنين

اقرأ ايضاً