العدد 4095 - الجمعة 22 نوفمبر 2013م الموافق 18 محرم 1435هـ

اشفط... اشفط... ثم اشفط!

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

«ودي أصدق... بس قوية قوية قوية». هذه العبارة ضمن مشهد مسرحي للفنان الكويتي سعد الفرج، تكررت كثيرًا خلال الأيام القليلة الماضية مع حالة التذمر والغضب الشديدين بين أوساط المواطنين الخليجيين الذين طفح استياؤهم بشكل كبير جدًا إثر الشلل الذي أصاب دول المنطقة نتيجة الأمطار الغزيرة.

ولأن عملية (الشفط) مستمرة، والهوامير (يشفطون) ليل نهار بدرجة فاقت عمليات (شفط) مياه الأمطار بواسطة الآليات والصهاريج والمضخات، فإن انتشار مقاطع الفيديو الغاضبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أخذت شكلًا من أشكال التنفيس الناقد! تجد هنا مسئولًا خليجيًا يتحدث عن صرف الملايين على هذه المدينة لتصبح من أكبر المدن النموذجية في العالم، وتجد هناك مسئولًا آخر يتحدث بفخر عن موازنة هي الأولى من نوعها في تاريخ بلاده لإنشاء شبكات الطرق والمجاري والمرافق والخدمات في عاصمة تباهي العالم بتطورها، ثم يفاجئك المشهد المباغت ليظهر الفنان سعد الفرج وهو يقول: «ودي أصدق... بس قوية»! كتعليق ساخر على (الصواريخ) التي يطلقها بعض المسئولين.

الظروف الجوية التي مرت بها دول المنطقة لم تقتصر على تعليق الدراسة في بعض الدول وغرق مناطق سكنية بالسيول وانهيار بعض الجسور وفشل فرق عمل الطوارئ في اتخاذ ما يلزم، بل سجلت حالات وفاة وعمليات إيواء وخسائر هي الأخرى بالملايين إن لم تكن بالمليارات... ربما ذهب الكثير منها في عمليات (الشفط) على مدى سنوات مضت.

في منطقة تعتبر الأغنى في العالم، تذوب التصريحات الصحافية والمانشيتات العريضة في الصحف والكلام (المدهش) في الفضائيات وأطنان التقارير الإعلامية المبهرجة اللامعة عن مشاريع التطوير والتحديث أمام مشاهد السيول الجارفة وغرق البيوت والسيارات وانهيار مرافق حيوية صرفت عليها الملايين أيضاً... ويصبح كلام المسئولين المليء بالتلميع (مسخرة كبرى) أمام مشاهد أولياء الأمور وهم يحملون أطفالهم ليوصلوهم إلى بوابات المدارس، وأمام مشاهد (الإبحار) وسط طرقات الحي السكني باستخدام قطع الفلين أو الـ(بلاي وود) الكبيرة أو القوارب الصغيرة أو... حتى باستخدام قدور الطهي الكبيرة من حجم إكس إكس لارج! كل ذلك وسط استمرار عمليات (الشفط) بكل أنواعها، من تحت الطاولات وفوقها وحولها.

نعم، لا أحد من المواطنين في الخليج يعترض أو يغضب أو يتذمر من المشاكل التي تحدث بسبب تغير الظروف الجوية الطبيعية مثل تكون المستنقعات أو انقطاع التيار الكهربائي أو تعطل بعض المشاريع أو تضرر بعض المرافق... لكن، لا يمكن قبول ظهور هذه المشاكل الكبيرة جدًا والناتجة عن سوء التخطيط وضعف البنية التحتية للمشاريع التي (شفطت) المليارات! ولا يمكن اعتبار (الشلل) الذي أصاب الكثير من المدن نتيجة سوء أنظمة تصريف الأمطار ومواجهة السيول حتى أن بعض الفضائيات استخدمت في تقاريرها عبارات من قبيل: «السيول أغرقت مدنًا خليجيةً بـ «لتر ماء»، وهو ما دعا الكثير من مواطني الخليج إلى أن يصبّوا جام غضبهم على المسئولين في الحكومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبخاصة على صعيد التغريدات في تويتر».

والغريب، أن تقريرًا للـ (سي إن إن)، حين تشاهده وتتأمل في الأحداث، تشعر بأنك أمام كارثة كبرى حقيقية: «تمر دول الخليج في ظروف جوية تصاحبها الأمطار الغزيرة، بينما انشغلت فرق الإنقاذ بعدة مناطق بالاستجابة لنداءات الاستغاثة، ودعت الشرطة الآباء والأمهات إلى ضرورة مراقبة أبنائهم عند الخروج إلى أماكن جريان الأودية والمنتزهات خشية سقوطهم في البرك والمستنقعات والسدود ومجاري الأودية، مؤكدة أن الأيام الماضية شهدت وقوع عدد من حوادث الغرق نتيجة لعبور الأودية وعدم اتباع النصائح التي تبث في وسائل الإعلام المختلفة»، وأغرقت السيول مناطق عدة بل ما كان لافتاً أن غالبية «السراديب» في المباني الضخمة تحولت إلى برك مياه، ما هدد تلك الأبنية، وحذر خبراء من تساهل الحكومات الخليجية تجاه تلك السيول، مؤكدين أن الدول الخليجية تخسر مئات الملايين يومياً بسبب تلك الفيضانات والشلل الذي يحدث جراء تلك الأمطار، وأوضحوا أن الأمطار كشفت عن «فساد» سواء في عدم الإشراف على المشاريع أو سوء التخطيط أو عدم وجود صيانة مطلقاً، وإن انهيار بعض الأجزاء من مبانٍ وأرصفة وغيرها من المرافق يعود لفساد واضح وغياب الرقابة على الذين ينفذون المشاريع، وتتم الموافقة على مشاريعهم ولا تتم محاسبتهم». (انتهى الاقتباس).

ومع استمرار عمليات (الشفط)، ومع ما تعرضت له دول الخليج الغنية من كارثة بسبب موجة أمطار... آن الأوان لأن يتم البحث عن مصادر وآليات (الشفط) التي تعمل بطاقة (الفساد) وايقافها في الحال ومساءلة المتورطين في تشغيلها فما حدث قد أرجع مدنًا نموذجية إلى ما قبل الحضارة.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 4095 - الجمعة 22 نوفمبر 2013م الموافق 18 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 4:50 ص

      ما يبين في عيونكم.. جاحد

      لماذا هذا الكلام السيء كله.. ما يبين في عيونكم ما تقدمه الدولة من انجازات عظيمة من رفاهية وعيش كريم؟ ان الامطار امر طبيعي تحدث مشاكل في كل دول العالم المتطور فلا داعي للاجحاد ونسيان الأمور الكبرى الأخرى..
      بنت الدوسري

    • زائر 17 زائر 16 | 7:16 ص

      الله يعطيش على قد النية يا بنت بلادي

      اللهم لا اعتراض، نعم المطر والصواعق أمور طبيعية وممكن ان تؤثر سلبا على اي بلد مهما تطورت بنيته التحتية. لكن سرقة أموال الشعب والأمثلة هنا كثيرة ،وقضية ألبا الكوا ليست أولها ولا آخرها، ومن ثم مد اليد للدول المجاورة تحت مسميات عدة مثل مكتب تمثيلي ومارشال خليجي وفوق هذا كله تتبرع الحكومة بالنافورات المليونية والمدارس النموذجية الى دول أخرى ولدينا مدارس لا تصلح للتدريس وبيوت لا تصلح للعيش. نعم من حقك ان تتسائلي لماذا الجحود!!!!!

    • زائر 15 | 4:17 ص

      لماذا يسرقون ويكذبون؟

      المسئولون يا استاذ سعيد محمد لماذا يسرقون ويكذبون؟ والله إن كل ما كتبته في هذا المقال الجميل لامس الواقع فنحن نرى منذ سنين وأموال طائلة تصرف على مشاريع البنية التحتية وبالملايين وبعد ذلك حصل لنا ما حصل.. نعم رجعت بعض المناطق الى ما قبل الحضارة كلامك صحيح.. الفساد انه الفساد ولا غير الفساد فكيف يرتاح هؤلاء المسئولين .. الا تخافون الله الا تخافون من الحرام؟ إنا لله وإنا اليه راجعون.

    • زائر 13 | 3:55 ص

      نبغي حملة هيا نشفط معاً

      يلربع خن نسوي حملة هيا نشفط معاً.. يمقن ننجح في مكافحة فساد المسئولين ويمقن لا
      طاع شلون الوظع عندنا بالكويت.. مأساة واحنه دير بالك.. خيرنا وايد.. اللهم لك الحمد والشكر.. وايد حلو موظوعك اخوي

    • زائر 12 | 3:45 ص

      موضوعك جيد

      موضوعك جيد ؟؟ يحتاج للتمعن فيه لسبب الخدمات كانت افضل قبل الخصخصة وممكن محتاجين وزارات للطوارئ ؟ او تحويل الدفاع المدني لوزارة منفصلة عن وزارة الداخلية

    • زائر 10 | 2:29 ص

      فساد في الشفط

      ايقولك ان وزارة الاشغال عندها 90 موقع في البحرين تمتلى بها مياه الامطار منذ اكثر من عشر سنوات وانها تصرف كل موسم اكثر من 25 مليون دينار على سيارات الشفط .. وبحسبة بسيطه انها انفقت اكثر من 250 مليون دينار على سيارات الشفط ...مع العلم ان كلفه تعديل هذه المواقع لا تتعدى 20 مليون دينار ... اشفط اشفط

    • زائر 9 | 1:45 ص

      ومازال الشفط مستمر

      اشفط اشفط اشفط حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 8 | 12:44 ص

      الشفط

      يا اخي في اكثر من شفط ثلاث مليار دولار نورونه الله يخليكم تر عند نواب ياخدون حقوقن من المفسدين

    • زائر 7 | 12:38 ص

      العجب ان المشاكل تتكرر سنويا

      ربما بصورة اقل احيانا ولكنها مشاكل متكررة سنويا مما يعني ان المشاكل كان يمكن علاجها في السنة الثانية او الثالثة او الرابعة او الخامسة او العاشرة او العشرين او او
      نعم بعض المشاكل عمرها اكثر من 30 عاما ونحن نراها تتكرر كل سنة

    • زائر 6 | 12:24 ص

      الشفط افضل من بناء مصارف امطار

      اخي سعيد احييك على ما جاء في عمودك هذا اليوم بعنوان التشفيط فليس بغريبا على جهله يتحكمون في مصائر دول ان يفضلون الشفط عبر صهاريج على بناء مصارف مياه الامطار وهذا الاقتراح تم طرحه من قبل المسئولين ونشر عبر جريدة الوسط بالرغم من كونه مقترحا غبيا الا ان الحكومة تاخذ به وذلك لانه يتوافق مع مبدأ من وافق عليه الا وهو الشفط والتشفيط لموازانات الدوله

    • زائر 5 | 12:18 ص

      أكثر من 30مليون

      دولة خليجية قال المسئولين فيها أنهم خصصوا 38 مليون لتطوير الشبكات... هذا الكلام قبل عشر سنين... وين راحت الملايين ومدنكم غرقانه اليوم غير في البوق.. الصعاب لها رجل واخد فقط إلا وهو... بس كلام

    • زائر 4 | 12:16 ص

      شكرًا على العموام الجميل

      عنوان الموضوع رائع وله أكثر من مغزى كم ان مميز لدرجة تقرأ الموضوع من خلاله.

    • زائر 3 | 11:38 م

      اشفط

      اشفط كلام في الصميم القرار الشجاع مطلب الجميع

    • زائر 2 | 11:18 م

      الفساد نخر في الدول والمؤسسات حتى الهشاشة

      ومع اول زخة مطر تتهاوى مدن الرمل الهشة ومعها تصريحات المسئولين المنمقة. لا احد يستطيع الوقوف في وجه العوامل الطبيعية، حتى أكبر وأقوى الدول المتقدمة مثل أمريكا، لكن الشعوب هناك مقتنعة ان حكوماتها تبذل كل ما لديها لتأمين البنية التحتية وتأمين حياة ومستقبل شعوبها.

اقرأ ايضاً