العدد 4099 - الثلثاء 26 نوفمبر 2013م الموافق 22 محرم 1435هـ

اختلافنا مع المعارضة

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

نزولاً عند رغبة بعض الموالين، بإلحاحهم علينا لنقد المعارضة، ليتيقنوا -أي الموالين- إننا لسنا منحازين إلى غير الوطن والمواطن، قرّرنا أن نُريهم بعضاً مما قد يُصْحيهم ويرشدهم. فإلى ما قبل العام 2000، عام طرح فكرة الميثاق، كان شعب البحرين بمكوّنِيْه، متوافقاً في الابتلاء بقانون أمن الدولة، إلا مَن لم يطله ذاك القانون من الموالين جداً، وذلك من بعد تعطيل الدستور العقدي لعام 1973، وحلّ المجلس الوطني المنتخب آنذاك. وكان شعب البحرين متحاباً جداً يرفع واحدهم الألم عن الآخر، فقد جمعتهم السجون والغربة، وعمل في كليهما سيف الظلم.

وإلى أواخر العام 2004، كان الإجماع السياسي على الموقف من دستور 2002 بالرفض، كونه لم يكن تطويراً لدستور 1973، بما فرض من سوءاته الحقوقية، المدنية والسياسية، والتي أفرزت التمييز والفساد والاستفراد بالقرار الوطني، فكانت المعارضة متوافقةً في التصدي لطروحات السلطات الدستورية والسياسية، فكان هناك المؤتمر الدستوري، الذي تصدى أفراده للمخالفات الدستورية، وتم تعزيز المواقف بالقرار العملي، بعدم الانخراط في العملية الإنتخابية لمجلس النواب 2002-2006. إلا أن ذاك الموقف سرعان ما تم الانقلاب عليه، في شيء من اليأس، ليتهافت الجميع على انتخابات 2006 و2010، بتبريرات مبنية على الوهم، وأمور أخرى، أكثر من التحليل السياسي ومبدئية المواقف، وربما لقصر النفس السياسي الممانع، أو ربما لضبابيته، فكان في العام 2006، وبإغراءات السلاسة، وربما الاستفادة الـ ....، أن تحوّل الموقف السياسي لذات جمعيات المعارضة الوطنية، 180 درجة، إلى الاتجاه المعاكس. فتحت ظل نفس دستور 2002 والدوائر الانتخابية الطائفية، التي حكمت انتخابات 2002، دخلت بعض جمعيات المعارضة الوطنية، انتخابات 2006، لتضفي الشرعية على دستور 2002، بالعمل تحت مظلته، من بعدما كانوا يقدحونه، فافترق أفرادٌ من كل الجمعيات عن جمعياتهم، ومنهم من أسّس له كياناً سياسياً آخر ليظلّ محتجاًً على دستور 2002 ونتائجه، ومنهم من سلك درب الموالاة، افتراقاً عن الإجماع السياسي المتبقي، فنال ما نال من رضا السلطات، ليحجز له مقعداً في مجلس الشورى.

والنتيجة أن الواهمين من المعارضة، احتاجوا إلى ما يناهز الثمان سنوات، ليستعيدوا رشدهم السياسي، ويتضح لهم، أن الأمر ليس كما ادعوا، للإصلاح من الداخل، أي داخل مجلس النواب، فقد كانت معوقات ذلك الإصلاح، ينصّ على حتميتها الدستور ذاته، إلا أن المنساقين وراء الأمل المفقود، استوسلوه، أي الدستور، لتعديله، فخابت آمالهم، إن كانت لهم آمال في ذلك. والمحصلة، أنهم نصروا وشرّعوا ما كانوا يتوهمون حربه، وقد ساهموا بعلمٍ أو بغير علم، بهدف أو بالسعي وراء السراب، في تفرد السلطات وانفصالها عن غالبية شعب البحرين.

رحم الله من عرف قدر نفسه، ورحم الله من ثاب وأصلح، فكان موقف التصحيح إبان حراك فبراير 2011، فقد قاد الحراك، وأجبر جمعيات المعارضة، على اتباع البوصلة الشعبية، بدل من أن تقود بوصلة الجمعيات الحراك الشعبي، ويحسب لجمعيات المعارضة، أن عادت لرشدها، ولكن بعد ماذا؟ بعد رفع كلفة التغيير،الذي كلف أرواحاً فُقدت، وشعب حُرم الأمن والأمان، فبات واحدنا ينظر حين يأوي إلى بيته، إن كان سيؤويه مجدداً في غده، أو سيؤويه أحد السجون، أو أنه ربما الشهيد أو المصاب أو الفاقد التالي. وليس معنى هذا استمرار لوم المعارضة الوطنية إثم الفعل في دخول مجلس النواب، وبالتالي عزلها شعبياً، فقرار الانسحاب منه، في العام 2011، صحّح الإجراء والموقف، على الرغم من تراكم الصعوبات، نتيجة دخولهم في الفصلين التشريعين الأخيرين، ما جعل من دستور 2002، شبه مكتسب الشرعية.

ولو، والعياذ بالله من هذه الكلمة، إلا أن المراجعة تقتضي الإقرار بالخطأ، فقد كانت السلطات في وضع لا تحسد عليه، من الضغوط الشعبية والدولية، إبان الفصل التشريعي الأول 2002-2006، ولو واصلت المعارضة موقف المقاطعة للفصل التشريعي الثاني، لكان سهل مقاطعتها للفصل التشريعي الثالث، الذي لم يكن ليقود الوطن وشعبه، إلى ما حصل في فبراير ومارس 2011 إلى يومنا هذا، ففي الفصلين التشريعيين الأخيرين، تقوّت السلطات، من جراء استحواذ المعارضة في بيتها، مجلس النواب، الذي لم يكن فعلياً بيت الشعب، بما أوصلنا إياه أشباه النواب، الذين عقدوا جلسة غير دستورية، للمجلس الوطني، وأسلموا فيها سلطاتهم التشريعية للسلطة التنفيذية.

وللإجابة على تساؤلٍ محتمل، كثر ترداده، نعم لو لم تدخل المعارضة مجلس النواب، لكان حالنا أفضل بكثير، ولَكان تعديل الدستور أقل كلفة مما نحن إزاءه اليوم، فلا يكون المعتاد مجلس نواب دون المعارضة، معتداً به، لا حقوقياً ولا سياسياً، لا محلياً ولا دولياً، ولَكان ذاك المجلس من دونها، ساءت عطاءاته، بما يوجب أسرع مما كان، إبدال الوضع الدستوري إلى الأفضل، وإنما والحال على ما نحن عليه، فلا بأس من بداية جديدة، فيما يخص انتخابات 2014، آخذة في الاعتبار دروس التجربة المريرة التي مر بها الوطن والشعب، لتزداد المطالبات صلابة، ويزداد النفس الشعبي طولاً وصبراً، فما ضاع بالأمس من آمال، لابد هو آت ومستعاد في القريب القادم.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4099 - الثلثاء 26 نوفمبر 2013م الموافق 22 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 6:21 ص

      تخوين بدون دليل

      في البحرين هناك معارضتان، معارضة تطالب بالعدل والمساواة وعدم الطائفية والعيش الكريم، والمعارضة الثانية تعارض مطالب الاولى.

    • زائر 17 | 4:13 ص

      المعارضة

      المعارضة كانت تعلم بصعوبة التغيير او عدم التغيير من داخل المجلس ، لكن دخولها كان لاقناع الرأي الخارجي بستحالة التغيير وكما قال الاخوة قد اكتسبت المعارضة موقعاً عالمياً واعترفت الحكومة بأغلبية المعارضة ، اخراً الجمعيات المعارضة لديهم خبرة في المجال البرلماني واي تغيير قادم ستكون المعارضة لديها خبرة كافية لادارة البرلمان

    • زائر 15 | 2:04 ص

      يا سيادي ياسيد

      لقد بنيت لك بيت في الاخرة وفي قلوب الناس فقام الناس تقراء عمودك الشريف لك الدعاء في كل يوم يامنشف دموع البحرين لك تحيةمن بني جمرة الابية

    • زائر 10 | 1:36 ص

      الفظل لفتوى القائمة الايمانية .

      لولا فتوى القائمة الايمانية لما كانت لمايسمى بالمعارضة اغلبية , وهي اغلبية للوفاق وبسبب هذه الفتوى , اما جناح اليسار في المعارضة فليس له اغلبية والدليل هو السقوط المدوي لكافة مرشحيه .

    • زائر 14 زائر 10 | 2:04 ص

      اللي تغلب به العب به !

      اليسار لا يمتلك الشارع هذه حقيقة ولكن بالتنسيق مع الجناح الأقوى في المعارضة يستطيعون الوصول إلى البرلمان وليس كما حصل سابقا وخاصة أنهم يمتلكون الخبره السياسية أي يمتلكون النوع وليس الكم ...

    • زائر 20 زائر 10 | 1:41 م

      كاتب المقال

      موجود الفيديو بالصوت و الصورة وهم يتفاخرون بانهم حققوا الكثر و هم في المجلس ولو مازالوا فية لحققوا الكثير لاكن ما يريدونة اكبر من كرسي البرلمان و انتم عارفينة و العارف لا يعرف (القائمة الايمانية )

    • زائر 9 | 1:29 ص

      الواقعية وفن الممكن وعدم تسويق الأحلام !

      الواضح أن انتخابات المجالس النيابية مستمرة بمن يشارك وبأي نسبه والمعارضة ستظل تصارع طواحين الهواء وطرح طموحاتها الغير قابلة للصرف والموالين والمستقلين يحمدون الله على عدم مشاركتهم حتى لا تبور بضاعتهم المطلوبة من الحكومة

    • زائر 8 | 12:41 ص

      لا تنسى الجماعات المتنفذة والمعطّلة من داخل البرلمان

      من احكم الربطة في الدستور الانقلابي كان يعرف ما يريد لذلك لم يجعل لاحد ان يجد خرق ابرة لكي ينفذ منها الى اي تعديل خاصة في ظل وجود مجموعات من داخل البرلمان وقفت نفسها للعمل ضد مصالح الشعب وضد اي تغيير في الدستور يعطي للشعب امكانية النفاذ لاي تغييرات
      هذه الجماعات مارسة دورا خبيثا لم يكن متوقع ان تصل بها القزاحة الى هذه الدرجة

    • زائر 7 | 11:38 م

      اصيل

      ,صبرك الله بالخيراستاذي الجليل رحم الله ثنائي اثاب فاصلح بمعنى راحت الفكرة وجت الفكرة المعارضة بدخولها البرلمان يحذوها وهم التغيير من الداخل وهي تعرف استحالة ذلك خطا كبير مازال الوطن يدفع كلمته صدقت استاذي

    • زائر 6 | 11:21 م

      الثقل السياسي

      اتفق مع الزائر رقم واحد تن حصيلة المعارضة من دخولها المجلس كان معرفة ثقلها السياسي في الشارع و اكتساب شعبية ضخمة ... اضف معرفة الشارع بلجمعيات السياسية و سياسيون ايظا"

    • زائر 5 | 10:45 م

      تجربة الدخول مفيدة

      الدخول كان جيدا من حيث معرفة تفاصيل الأمور وكسب الخبرة واقناع المؤيدين والعالم بأن كل المفاتيح لدى التنفيذية.

    • زائر 3 | 10:10 م

      وجه نظري مختلفة

      عدم دخولها أي المعارضة البرلمان يعني أنك لست موجود على الخارطة السياسية الداخلية ولا على المستوى الدولي

    • زائر 2 | 10:09 م

      وجة نظر

      انت رائع دائما في اطروحاتك يا استاذ يعقوب والمعارضه من وجة نظري غير راغبه في الدخول في البرلمان لو لا اللحاح الدول العظمى والصحافة الصفراء في البلد بان التغيير سيكون من تحت قبة البرلمان رغم قناعة المعارضه انه لايمكن التغيير تحت قبة البرلمان في ظل دستور غير متوافق عليه

    • زائر 1 | 9:40 م

      صح السانك

      كلامك استاذ بالتأكيد صحيح.. مع ملاحظة بسيطة. لو لم تدخل المعارضة البرلمان لما كان لها ان تقول انها تمثل اكثرية وباعتراف الحكومة. بل ان الحكومة لا زالت تطبل ان المعارضة "ثلة" من الناس مع وجود الارقام "الحكومية"!!

    • زائر 16 زائر 1 | 2:40 ص

      تعليق

      أوافقك الرأي

اقرأ ايضاً