العدد 4129 - الخميس 26 ديسمبر 2013م الموافق 23 صفر 1435هـ

مشروع تطوير ساحل باربار

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

بين كومة الأوراق وقصاصات الجرائد التي تزخر بها ملفات مكتبتنا وتضم بين ثناياها مخزوناً من البيانات والمعلومات عن القضايا البيئية، تفاجأنا بقصاصة منسية تبتسم لنا وتتطاير من بين كلماتها وسطورها أهازيج البحر والبحارة وأناشيد الأطفال وحكايات الساحل، تعبيراً عن فرحها بالإفراج عنها. اكتشاف القصاصة ليس حدثاً عابراً بالنسبة لنا، لذلك توقفنا طويلاً عند محتوياتها وأخذنا نتمعن في عنوانها ونتبحر في سطورها ومعاني كلماتها، وبعدها التاريخي، ونقلتنا محتوياتها إلى تلك الأيام الجميلة، أيام الطفولة والصبا، والحلم الذي تجدد ووجد حضوره في الحراك الاجتماعي العام 2001 توافقاً مع حركة الإصلاح بقيادة جلالة ملك البلاد.

نقلتنا إلى محددات الهدف الذي جمع المجتمع المحلي، إلى ثوابت المبادرات الطموحة التي وحدة المجتمع المدني في باربار لتحقيق حلم أهلها التاريخي. إعلان عن مناقصة، ذلك هو عنوان القصاصة التاريخية الصادرة عن وزارة شئون البلديات والزراعة سابقاً، التي جرى نشرها بإحدى الصحف بتاريخ 23 يوليو/ تموز 2007 وتضمن الإعلان موضوع «مشروع تطوير ساحل باربار»، ويسجل حلم أهالي البلدة الساحلية العريقة بتاريخ أهلها البحري والمعروف مجتمعها بممارسة مهنة الصيد البحري والغوص والبحث عن اللؤلؤ. ذلك الحراك الذي ظلت معالمه التراثية والتاريخية المتمثلة في أسطول الغوص لرجل الغوص المعروف الحاج أحمد الشويخ، جاثمةً على الساحل حتى سبعينيات القرن الماضي تحاكي ذلك الزمن الجميل، تلاطمها أمواج الساحل وتحطمها الأيادي العابثة غير المدركة لقيمة ذلك الموروث الإنساني.

الإعلان يوجز في مضمونه جوهر أهداف المشروع ويشمل، القيام بأعمال تطوير ساحل باربار، من خلال القيام بالأعمال التالية: تسوية الساحل والتشجير، إنشاء أماكن للترفيه العائلي، إنشاء ممشى ومرسى بحري صغير للقوارب، بالإضافة إلى مبانٍ للخدمات على مساحة من الأرض تبلغ حوالي 18،539م حسب التصاميم المعدة للمشروع. مضمون الإعلان يسجل يبن سطوره حكاية دائمة الحضور في أحاديث البحارة ومرتادي الساحل، عن الأمل والألم والحسرة على ما آل إليه ذلك الشريط الساحلي التاريخي من تدهور معالمه البيئية والتراثية، والذي كان من الطبيعي أن يكون ضمن أولويات خطط العمل التنموية للبحرين، ليكون شاهداً على تاريخ تطور بلادنا الحضاري ومعلماً تراثياً وبيئياً وثروة للسياحة في بلادنا.

أهداف ذلك المشروع الحضاري كانت محط حوارنا الذي جرى على الساحل في أحد ليالي يونيو/ حزيران الماضي مع رئيس نادي باربار الثقافي والرياضي سابقاً حسن عبدالله صالح الشويخ، والمهتم بقضية صون معالم الشريط الساحلي، والناشط البيئي علي عبدالله صالح الشويخ. وجرى في سياقه توضيح جهود البحارة للعمل على حفر قناة بحرية لتسهيل حركة القوارب في فترة الجزر البحري، والمصاعب التي رافقت ذلك المشروع. البحارة وهواة البحر بدأوا خطة عملهم بالتوجه إلى إدارة الثروة السمكية للحصول على دعمها ومساعدتها للتمكن من إنجاز مشروعهم وتحقيق هدفهم، بيد أن الرد كان بطيئاً، ما دفعهم إلى العمل على جمع المبالغ المالية من البحارة للبدء بتنفيذ المشروع، وجرى التعاقد مع أحد المقاولين للقيام بأعمال الحفر. ولاستكمال العمل تواصل البحارة مع إدارة الثروة السمكية، واعتمدت مبلغاً مالياً لدعم المشروع، وقام أحد المقاولين بأعمال الحفر ولم ينجز ما جرى التعاقد بشأنه، وتوقفت أعمال المشروع ولم يتمكن البحارة من توفير مرفأ يساعدهم على ممارسة نشاطهم البحري بيسر.

مشروع تطوير ساحل باربار يصلح في أن يصير مادةً لمسلسل درامي، فأحداثه التاريخية والاجتماعية غنية، وهي نهر جارٍ لا ينقطع هديره، تلك هي الحقيقة. فحركة قوارب الصيد والمناشط المجتمعية على الساحل والتصريحات عن المشروع متواترة في صحافتنا المحلية، وتؤكد تلك الحقائق ما نشرته إحدى الصحف (الخميس 21 يونيو2012) تحت عنوان «ارتقاء تنطلق بتطوير ساحل باربار بكلفة 2 مليون دينار» ونشرت أخرى في اليوم نفسه خبراً بعنوان «مليونا دينار لإنشاء ساحل نموذجي في باربار»، أكد في سياقهما المدير العام لبلدية الشمالية يوسف الغتم ضمن حزمة من المشاريع التي تندرج تحت مشروع ارتقاء عن التوجه لتطوير الساحل.

وزير شئون البلديات والتخطيط العمراني جمعة الكعبي أفصح في مقابلة صحفية أخرى (الأحد 2 يونيو 2013) عن توجه الوزارة في البدء «بتطوير ساحل باربار خلال هذا العام مع اعتماد الموازنة الجديدة»، بيد أن مشروع تطوير الساحل لا يزال ينتظر الفرج. وعلى الرغم مما جرى توصيفه من حقائق الإخفاق في إنجاز مشروع تطوير ساحل باربار إلا أنه وبحكم خبرتنا المهنية في مجال العمل البيئي، يمكن القول أن النية في إقامة المشاريع كثيراً ما تصطدم بمعوقات غير مرئية.

وينبغي الاعتراف بأن حزمة التصريحات تشير إلى التوجه الممنهج للحكومة في العمل على انجاز المشروع وفق الرؤية التنموية للمشروع الاصلاحي لجلالة الملك، وذلك ما يأمل أهالي باربار قطف ثماره.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4129 - الخميس 26 ديسمبر 2013م الموافق 23 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:10 م

      إبن باربار

      شكرا جزيلا دكتور. مقال مهم. تسلم إيدك

    • زائر 3 | 10:46 ص

      ابو يوسف

      نحتاج إلى إسكان الشمالية بتجهز بعد عشرين سنة هذا اللي الواحد ينشكر عليه

    • زائر 2 | 3:16 ص

      جمعة مباركة

      الخير جاي تسلم ياسيد شبر على الموضوع المهم وعلى المجهود
      وجمعة مباركة

    • زائر 1 | 2:46 ص

      تحرير

      اقترح استبدال كلمة (تطوير) بكلمة (تحرير)!

اقرأ ايضاً