العدد 4131 - السبت 28 ديسمبر 2013م الموافق 25 صفر 1435هـ

مستقبل العلاقة بين مكوني البحرين البشريين

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

واضح أن المكوِّن البشري للبحرين، منقسم إلى مكونين أساسيين، كلاهما مواطنون، إلا أن الأول مع التغيير بالتطوير، والآخر مع الجمود والتبذير، وفي داخل كل مكون هناك مساحات لمجاميع مختلفة من حيث الانتماء الأيدلوجي، الفكري والديني، بشتى مذاهبه وكذلك المَصلحي.

في البدء سنُنَحِّي الانتماء المذهبي والمصلحي جانباً، إذ أنه لب الإشكال كما سنرى لاحقاً، ونتناول الانتماء الفكري، أي العقلي، إذ أن فعله أطوع إلى تلاقي الأطراف حول مساحةٍ مشتركة، فالعقل متى ما تجرد من كل ما عداه، فهو أداة للأداء الإيجابي، لأنه يخلق علاقة بين المحددات (الموضوعات)، تجمع أقصى وأوفق الإخراجات والمعطيات.

ولنطبق هذا على طرفي الحوار الوطني، الحكومة والحكوميين من خارجها في فريق، والمعارضة في الفريق الآخر، فالمعارضة تكبّدت المآسي جراء الأحداث المؤسفة التي أتى بها الجانب الحكومي، عبر التاريخ، والتي تراكمت إلى الحد الذي تفجَّر في فبراير 2011، ولها بالعقل الحق، كما لأي كان، في جبر الضرر، أولاً وقبل المضي في التطوير، وإن كان هناك تضرر لدى الجانب الحكومي، فقد جبر ضرره بأدواته، من تطبيق قوانينه، وفي أحيان كثيرة تجاوزاتها، وأنفذ على المعارضة عقوبات، خارج القانون، تمثلت في الطلق الناري الحي؛ وفي التعذيب في المعتقلات، والذي أودى بحياة الكثيرين، وفي إفلات الجناة من العقاب؛ وفي التضييق على الحريات، بما يسلب المعارضة حقوقها المدنية والسياسية؛ وفي نزع الجنسيات ..الخ؛ وبالقانون عبر المحاكمات وأحكامها ودواعيها القانونية، والتي يثير العقل حولها الشبهات. لذا تتبدى مآسي المعارضة مركّبةً بعنصرين، الأول ما أتاها من الجانب الحكومي، مع الإفلات من العقاب، والثاني مصابها في القتلى والمعتقلين والمهجرين وتضييق الحريات، فلا يستغرب العقل مطالبة المعارضة بإيقاف الحملات الأمنية المفرطة وإطلاق سراح المعتقلين، وتعويض جميع المتضررين من الجانبين، مع محاسبة الجناة، ليتساوى طرفا المعادلة، تلك المعادلة التي تنشئ أرضية صلبة للطرفين للحوار.

إلا أن الطرف الحكومي، ينشد تحقيق أمرين، الأول إيقاع الألم بأشده على المعارضة وقواعدها الشعبية، بغض النظر عن نتائج حوار حقيقي محتمل، والثاني اللعب على عامل الوقت، على أمل أن تنحسر شعبية المعارضة، فتتفرد بها الحكومة وأنصارها، فتستتب للحكومة الأوضاع، لتعيد الكَرّة، بما أسْلفَت، وفي حال نتائج حوار حقيقي محتمل، خيارياً كان أو إجبارياً، يكون الطرف الحكومي، قد تشفّى في الطرف الآخر مسبقاً، فهنا معارضة تنتهج الخيار العقلي، وهناك طرف حكومي ينتهج خيار الانتقام، فشتان ما بين عقل هنا، وغيابه هناك.

ومن بعد قرابة الثلاث سنوات من الأزمة، يخرج علينا المسئولون الحكوميون، ليتودد بعضهم إلى البعض، ولِيُطَمْئِن بعضهم بعضاً، ويشكره على الدعم والمساندة، وأن له الجزاء العظيم.

والعقل يسأل أيضاً، ما القادم في قابل الأيام لكي يلهى الناس في البحث والتقصي، أم هي لحظة لاستنهاض مكون شعبي ضد الآخر، لينجوا بفرقتهم من أضاع بوصلة التاريخ، خصوصاً طمع تكرار البعض أنهم حموا البحرين وشعبها من مؤامرة 2011، إشارةً إلى أن شعب البحرين هو الطرف الآخر الذي لم يشارك في حراك 2011، وأن من قام بالحراك، هو خارج معادلة شعب البحرين.

مع ملاحظة أن الأطراف الأخرى الحكومية من خارجها، وبابتعادهم عن العقل، يتهددون المعارضة، بأن الحوار سيتجاوزها، بانحصاره بالحكومة والأطراف الحكومية من خارجها، وسيخرج بسقف قرارات أرفع مما تطالب به المعارضة، في محاولة لاستدراج المعارضة إلى طاولة الحوار من جديد، دون احتساب لرؤاها، في وضع المعادلة المتساوية الطرفين، كأرضية للحوار، وذلك لعلم الحكوميين ويقينهم، أنهم من دون المعارضة، لن يجرأوا على المطالبة بـِثـَلْمٍ مما تطلبه المعارضة، وفقط بوجودها، وعرض مطالبها، تكون للحكوميين حجة على أنفسهم وعلى الحكومة، بأنهم نصف شعب البحرين، يطلبون نصف ما يطلبه نصفه الآخر، فالعقل إن حكم في هذه الحالة، يجعل الحكومة تتقبل النتيجة وهي ربع ما تطلبه المعارضة، وفي هذا حفظ لماء وجه الحكومة وبالحكوميين، أمام مناصريهم، بأنهم طوروا الحال المزرية الحالية، إلى أحسن منها بالربع، وإذا ارتضت المعارضة تلك النتيجة، يكون للحكوميين باب للمباهاة على الحكومة، بأنهم حموها من مؤامرة المعارضة إلى حين، ومنحوها وقتاً إضافياً لأهداف أخرى، وهم بذلك يستحقون منها الثناء والتقدير، ودفع المعلوم، سواءً المنفعي المباشر أو التمييزي على المعارضة.

وفي حال غياب المعارضة عن الحوار، لن تكون له نتائج تُذكر للتطوير عن القائم، إلا ربما بـ 10 %، ولن يتجاوزها، وهو ما في جعبة الحكومة والحكوميين وبعض الأطراف ما بين الطرفين الأساسيين، مما سيبقي حال الأزمة ويمد من عمرها، بما يضعف الحكومة والحكوميين أكثر وأكثر.

لا أشك في أن عقل المعارضة قطعاً يعي ذلك.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4131 - السبت 28 ديسمبر 2013م الموافق 25 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:12 ص

      مقال .........

      وحتى النخاع ،،، تبي ا............................. غير هذا الطريق

    • زائر 5 زائر 4 | 3:37 ص

      رباه

      انا أذوب في فكرك وبصيرتك وقلمك الحر الشريف

    • زائر 3 | 11:38 م

      اصيل

      صباح ا الخيرات لا ندري اين نحن ماضون فالهوة تتسع واصبحنا علي شفا حفرة..اذ جاؤكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر

    • زائر 2 | 10:42 م

      لايك في ان عقل المعارضة قطعا يعي ذلك

      كما عهدناك ملم بوضعنا الداخلي ومحق وموضوعي في طرحك للازمة ويجب على المعارضة التمعن في خطاباتك فهي خريطة طريق وانا أوفقك الرأي بما تطرق له مقالك وأزيد لاللرجوع لهذه الطاولة حتى إيقاف هذه الحملة الأمنية الغير مسبوقة بتاريخ البلد والتي زادت على قمع قوانين امن الدولة السابقة آلاف المرات ونعاهدك أيها الكاتب الشريف باننا باقون في الساحات مع شدة الألم حتى تحقيق المطالب

    • زائر 1 | 10:38 م

      تراك مب سهل يا ولد سيادي

      المشكلة في تعصب الجاهلية والجاهليين.
      المعارضة تطورت الى الأمام وهاهي تباهل بقيادييها وتتحدى الحكومة الى انتخابات حرة ونزيهة لتمكين الشعب من اختيار من يمثله في السلطة. وهذا في حد ذاته يعتبر ثقة في إمكانياتها وكفائاتها ما بعدها ثقة، وتهرب الحكومة من الرد على أو التسليم لهكذا انتخابات ما هو الا دليل واضح على علم السلطة بعدم استطاعتها مجاراة المعارضة ولا حتى بالرد المنطقي، فتلجأ الى لغة السلاح والتهديد والطعن في الهوية. وهي لغة المنهزم.

اقرأ ايضاً