العدد 4144 - الجمعة 10 يناير 2014م الموافق 09 ربيع الاول 1435هـ

«لحى» الشر الكريهة!

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

على مستوى العالم الإسلامي، وتحديداً في دول الخليج العربي، بدا واضحاً أن الخطاب الديني المتشدد والمتهور والمدعوم من دول وأقطاب ورؤوس كبيرة وهوامير، هو الخطاب الذي تتفتح أمامه الآفاق، لاسيما في مجال الإعلام الفضائي والإلكتروني، لتصل الأمور في المجتمعات الإسلامية إلى ما وصلت إليه اليوم من تناحر وتصادم وتأجيج للطائفية والخلافات المذهبية، والأهم، إعانة الظالم على المظلوم.

ثمة أفعال شنيعة لا يمكن إغفالها أو التغافل عنها، لكن مع شديد الأسف، تمكن أصحاب الخطاب الديني «الوضيع» من أن يؤثر على شريحة كبيرة من المجتمع، وحينما نصفه بأنه «وضيع»، فذلك يعني بالضرورة، أن لا علاقة له بالدين الإسلامي. وسيتطلب الأمر وقتاً طويلاً حتى يستفيق الملايين من أبناء الأمة الإسلامية من موجة التغفيل والتخدير المقصودة على يد «مشايخ الطين»، ليكتشفوا أن أولئك أصحاب اللحي والعيون الحمراء والأصوات الغاضبة ما هم إلا تجار... تجار تنتعش بضاعتهم في الحروب والأزمات، وتمتليء حساباتهم بالملايين، فيما من يصدقهم ويصدق ملائكتهم المحاربة وأحلام يقظتهم ونومهم ما هم إلا قطيع من المضحوك عليهم والمستَغْفَلين.

قبل فترة وجيزة، تساءل الكاتب جلال أمين في صحيفة «الشروق» المصرية عن أسباب التدهور الذي أصاب الخطاب الديني خلال المئة عام الماضية؟ وكان مقتدراً في الإجابة على التساؤل بالقول أن النمو المذهل في أعداد أنصاف المتعلمين هو من أهم الأسباب، فقد كان المجتمع ينقسم إلى أقلية صغيرة جداً من المتعلمين «ولكنهم متعلمون تعليماً راقياً»، وغالبية عظمى من الأميين «ولكنهم أميون يعرفون قدر أنفسهم»، لا مطامح لهم وليس لديهم أية إدعاءات بغير الحقيقة، والباقون صامتون لا يحدثون ضجيجاً ولا يشوشون. الآن لدينا ملايين من أنصاف الذين يمارسون إرهاباً ضد المثقفين والأميين على السواء، وهم يسيطرون الآن على الخطاب الديني ويطبعونه بطابعهم. (انتهى الإقتباس).

ومن المؤسف جداً، أن نجد العلماء الأفاضل من الخطباء والدعاة والباحثين من كل الطوائف الإسلامية، وأقصد أولئك الذين يمتلكون الروح الإسلامية والفكر الديني النقي، وانتشار صيتهم في العالم الإسلامي باعتبارهم أهل «خطاب إسلامي حضاري معتدل». تلك الكوكبة الرائعة من العلماء لا نجد لهم مساحةً لينتشروا فينتشر خطابهم. ومع توافر وسائل التواصل الإعلامي التقني اليوم، لم يجد الممانعون الذي عملوا لسنوات على إبعاد العلماء المعتدلين مجالاً للمزيد من الحجر عليهم حتى لعبت التقنيات الإعلامية ووسائل التواصل دوراً في تعريف أبناء الأمة الإسلامية من الخليج إلى المحيط، وفي كل أصقاع الدنيا، بهؤلاء العلماء، لكن تلك القوى التي تريد أن تجعل المجتمع الإسلامي في تصادم دائم، لايزالون يقدمون الدعم والأموال لكل خطاب (لا ديني ساقط). وذلك يوجب على أبناء الأمة أن يعرفوا أصحاب الخطاب الخبيث الذين يتاجرون من ورائهم ويتكسبون باستخدام أرذل أنواع الخداع والرياء والتمظهر بالصلاح وخدمة الدين والدفاع عن الأمة.

وهناك مقطع آخر يطرحه الكاتب جلال أمين حين يقول: «المسألة بالطبع لا تتعلق بالخطاب الديني وأنصاف المتعلمين الذين سيطروا عليه وإنما يتعلق بالخطاب السياسي والثقافي والاجتماعي الذي تراجع وأصبح (الأنصاف) هؤلاء يتحكمون بها ويحركونها في أي إتجاه يريدون... كيف حدث ذلك؟ أعتقد أن وراء هذا التدهور فهم مغلوط لوظيفة كلٍّ من الدين والثقافة والسياسة. فنحن مثلاً، نختزل «تديننا» في المظاهر والشعائر، ونعبد الله ونتقرب إليه بأجسادنا لا بقلوبنا، ولا نربط بين علاقتنا به تعالى وعلاقتنا مع عباده، وبالتالي يبدو إيماننا معزولاً عن أفعالنا، وما تلهج به ألسنتنا مفصولاً عمّا تمارسه جوارحنا. ونحن أيضاً في ميادين الثقافة والسياسة نمارس الأنماط ذاتها، فالسياسة لدى بعض فقهائها نقيضة للأخلاق، والثقافة هروب من الواقع، والفاعلون فيهما قادهم الإعجاب إلى الزواج وتركوا جمهورهم غارقاً في مستنقع الجدل ومكبلاً بحبل الشد والجذب بين وهم الخيارات وكذبة الاضطرارات». (انتهى الاقتباس).

الحل ليس هيناً، وهو في الوقت ذاته ليس صعباً! متى ما استطعنا تخليص عقولنا وتربية الأطفال والناشئة على فهم الخطاب المعتدل والقيم الإسلامية الرفيعة بما يناسب مراحلهم العمرية، تمكنا مستقبلاً من صد لحى الشر التي تبكي على شاشات الفضائيات وهي تجمع التبرعات، ويغمى عليها وهي تتحدّث عن النار وبئس المصير، ثم تندفع بقوةٍ في بث السموم في جسد الأمة، فالقنوات الدينية الأكثر تشدداً تحصد نصيب الأسد من ناحية تأثيرها على المجتمع الإسلامي، وهي ذات خبرة واسعة وإتقان ومهارة في مجال نشر التطرف الديني والتدهور المجتمعي، وتتمكن أيضاً من الضحك على أنصاف المتعلمين بسهولة ويسر.

اليوم، يدعو بعض المثقفين والباحثين والسياسيين والناشطين إلى أن يتم الكشف عن أسرار المؤامرات، لا تلك التي يحيكها الغرب ضد الإسلام، بل التي يحيكها محسوبون على الإسلام من «مشايخ الدين» و»علماء الناتو» ضد المجتمع الإسلامي، وفي الغالب، هم يخدمون أنظمة معينة وحكومات معينة تغدق عليهم من المال «المذبوح حلالاً».

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 4144 - الجمعة 10 يناير 2014م الموافق 09 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 5:47 ص

      إغلاق الأفواه... هكذا

      لكي يتم إغلاق أفواه تجار الدنيا وأعداء الدين الذين نصبهم الناس في مواقع لا تناسبهم يتوجب علينا أولاً إغلاق خزانات الدول التي تمولهم وتحميهم... في الخليج وفي الدول الإسلامية هناك عينة من علماء الدين تم اختيارها لهذا العمل الشنيع.. الحسرة هي على من يتبعهم

    • زائر 3 | 1:10 ص

      العبء لايقع إلا على أهل الاعتدال

      نقد المتعصب مضيعة للوقت و الجهد. العبء و من ثم النقد و الإثم يقع على " العلماء الأفاضل من الخطباء والدعاة والباحثين من كل الطوائف الإسلامية، الذين يمتلكون الروح الإسلامية والفكر الديني النقي، أهل الخطاب الإسلامي الحضاري المعتدل " ؛ و كأنهم يقولون: لا شأن لنا بالأمة؛ فلتدع الأمة شأننا!! فغدينا نشكوا من المعتدلين و المتعصبين معاً!

    • زائر 2 | 10:43 م

      أمة منقادة ويخطط لها من الخارج

      اكثر دولنا مقادة من الخارج ويخطط لها مايستوجب عمله وحتى رجال الدين بأكثر هم ينفدون مايطلب منهم بعضهم مفتي الناتو والاخر مفتي امريكا والاخر مفتي الحاكم يجتمعون يخرجون الفتاوي حسب المقاس والمزاج وأقول دينهم دينارهم

    • زائر 4 زائر 2 | 1:55 ص

      حقا دينهم دينارهم

      من حسن حظ هذه الزمرة من المشايخ مواسم جمع المال بفتوى رخيصة يضحكون بها على البسطاء مرة للبلد الفلاني ومرة للشعب الفلاني والحصيلة تذهب لجيوبهم الخاصة وكذلك فتوى الجهاد الأرخص وهي فتوى قتل المسلمين بعضهم البعض في الوقت الذي يلهو أولادهم في السفر والمنتجعات وكل ذلك لا يظهر الا من التفكير الوهابي التكفيري وهم سبب مشاكل المسلمين في كل مكان

    • زائر 1 | 10:18 م

      السعيدي في خطبة يوم امس الجمعة قال

      الاوقاف الجعفرية و محاكم الاحوال الاجتماعية يجب ان تلغى و تحال كل القضايا الى محاكم تطبق الشرع برؤية سلفية

اقرأ ايضاً