العدد 4165 - الجمعة 31 يناير 2014م الموافق 30 ربيع الاول 1435هـ

زار «الدوائر الحمراء»

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

كم هو عار كبير أن يؤسس بضع نفر من الناس المهووسين بالطائفية والكراهية موضة «الدوائر الحمراء» على مخالفيهم ثم يصبح المجتمع البحريني هو أكثر المجتمعات، مع شديد الأسف، ريادةً وتميزاً في هذا الفعل الشنيع؟

وكم هو خبيث ذلك السلوك الذي أصبح ملازماً لحفلات زار طائفية بغيضة، بل يمضي أصحابه ضمن نواياهم الخبيثة أيضاً في استمرار ذلك الفعل حتى لو كان هناك بصيص أمل، ولو بنسبةٍ ضئيلة، لإخراج البلد من أزمتها السياسية!

نقاشات كثيرة شهدتها المجالس والمنتديات واللقاءات على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، كان من بين ما ناقشته موضوع التفريق بين «السياسي» و«المذهبي»، إلا أن هذه النقاشات رغم عمق معالجتها من قبل سياسيين وناشطين ومثقفين في مجتمعنا، بقيت في دائرة «الدواويح الحمراء». بمعنى أن هناك نشوءًا لمنهج يقوم على أساس تخوين كل من يختلف مع أصحاب «زار الدوائر الحمراء» مهما كان موضوع الاختلاف، سياسياً أم مذهبياً!

ولهذا، تواصل جراثيم «الدواويح» عملها في مواقع الكترونية وحسابات تواصل اجتماعي لتستهدف كل من وضعته هي بمزاجها، في دائرة التخوين، وبالتالي، وفي وقت تحتاج فيه البلاد إلى العمل المخلص لإنهاء الأزمة السياسية، نجد أن البعض ابتكر بخبثه المعتاد، استهداف من يريد استهدافه تحت عناوين من قبيل: «حتى لا ننسى الخونة»، أو «هؤلاء هم من تريدون التحاور معهم». وقد تجد أسوأ من تلك العناوين من قبيل: «لن نترك الخونة في سلام»، وتتشارك جراثيم الدواويح الحمراء في حفلة الزار بتقديم تشكيلات من الصور في مسيرات واعتصامات وفعاليات وأكثرها بالطبع في دوار اللؤلؤة، تقاطع الفاروق، دوار الشهداء، دوار مجلس التعاون، وسمه ما شئت، ليعود الهوس لدى البعض بتدويح صور من وقع عليهم الاختيار، لتنهال بعدها عبارات التخوين والشتم والدعوات للقتل والدموية والقصاص والتسفير والتدمير.

ثمة ردة فعل مغايرة من جانب المستهدفين أنفسهم، يجدها البعض ردة فعل طبيعية ويجدها فريق آخر أنها «لا تناسب المرحلة والناس تريد تبريد الأجواء وتهيئة المجال للإنصاف والمصالحة»، لكن في كل الحالات، ولطالما أن هناك من يقبل القول بأن عالم المواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي ما هو إلا عالم «افتراضي» تكثر فيه الأسماء المستعارة والنوايا المخبأة والأهداف المشبوهة، عليه أن يطبق هذا القول على من قام برد الفعل من خلال نشر صور وتغريدات ومواقف لأناس عرّضوه للضرر واتهموه وخوّنوه.

وفريق آخر أعاد تذكير الناس بتصريحات وتغريدات لمسئولين وسياسيين وناشطين أسهموا بدرجة كبيرة في تأجيج الاحتقان الطائفي وإحداث شرخ ليس من السهل علاجه، وصل إلى حد التكفير ودعوات القتل المسمومة بسلاح الدفاع عن الوطن، حتى أصبح جلياً لدى الكثير من المواطنين أن هناك فئة من المؤزّمين والطائفيين ممن ملأوا الدنيا صراخاً بدعوات حب الوطن، ما هم إلا تجار أزمات ولا يمكن أن يعيشوا في أجواء سلام وإنصاف وقانون وحقوق. بل ربما اهتزت أركانهم وشعروا بزلزال عنيف حينما يبصرون بأن حقوقاً بالمساواة والمواطنة ستشمل كل المواطنين، ولو فرضاً وتخميناً، فتكون ردة فعلهم إطلاق ذات النيران المدمرة التي تحذر من «الخونة» و»المتآمرين» على حد زعمهم، وإنهم لم ولن يقبلوا بحوار أو تفاهم أو حلول يشارك فيها أولئك الأعداء العتيدون.

لا بأس... من الممكن تجاوز مثل هذا العبث الصبياني في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وما لف لفها باعتباره من أعمال أصحاب البطولات «الكارتونية» من خفافيش الظلام، ومن المقبول أيضاً تجاوز بضع كتابات لعدد من الصحافيين والكتاب الذين تأسست أفكارهم على الصدام الطائفي فأصبحوا أسرى لهذا الطرح والمنهج، لكن أن يكون هناك سياسي أو ناشط أو شيخ دين أو برلماني، حالي أم سابق، ينتمي إلى تجمع أو ائتلاف أو جمعية، وربما يكون عضواً في حوارات ونقاشات ومرئيات، ويقف أمام الناس ليكرر مقولات من قبيل: «تحدّث إلى جماعتك الشيعة... لا علاقة لك بالمواطن السني»، فيما آخر يخطب صادحاً: «حذرنا من الإنقلابيين فلن نضع اليد معهم»، فإن هذه واحدة من النماذج التي تشير إلى تطوّر نمطية «الدواويح الحمراء» لتصبح منهجاً تأزيمياً يلزم إيقافه بالقانون... فهل ذلك ممكن؟

ليس الربط بين التحولات الإقليمية من حولنا ومدى الحاجة إلى إنهاء الأزمة سياسياً بالأمر المغفول عنه، لكن الأمر الأخطر المغفول عنه فعلاً هو أن يتحطم المجتمع البحريني على يد أصوات لا تريد للوطن خيراً ولا سلاماً. إنما تريد لتجارتها وحساباتها أن تتضاعف وتنتعش مع دوام الأزمات. هؤلاء هم من يجب أن توضع على صورهم الدوائر الحمراء وينالوا عقابهم إن كان في النية فعلاً إنقاذ البلد.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 4165 - الجمعة 31 يناير 2014م الموافق 30 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 6:06 ص

      زائر 3

      ماذا تقصد بكلامك هل احنا خونه عبر التاريخ مثل مافهمت من كلامكم

    • زائر 7 | 3:16 ص

      لن تحاسبهم الحكومة

      الحكومة يا استاذ سعيد لن تحاسب فريق الدوائر الحمراء لأنها من دزتهم ودربتهم وفتحت لهم المجال لكن أمر الله واقع نازل على كل من ظلم..حتى لو كنا أنا وانت.. لقد اسهمت الدوائر الحمراء في الانتقام من مواطنين تهمتهم الوحيدة أنهم يطالبون بالحقوق فهل الاختلاف المذهبي وكونهم من طائفة معينة يجعل من الحكومة تستهدفهم متناسبة بأنهم مواطنين؟ واثقون من عدالة رب العالمين والحكومة لن تعاقب عيالها ابداً خصوصاً الطائفيين ومدمري السلم الاجتماعي.. شكراً على المقال استاذ سعيد وننتظر جديدك دائماً..يوسف

    • زائر 4 | 11:20 م

      خله يحطون دواووبح لبن يشبعون

      يفكرونا صرنا نهتم بهم ، عقةل عفنة ونفوس مريضة تستلذ بجراحات الناس والرقص عليها في معركة كربلاء كان الامام الحسين سيد شباب الجنة يذبح من الوريد الى الوريد والحمقى يرقصون ويصفقون ويهللون ويكبرون، فهل دخلوا الجنة او ادخلوا الحسين النار؟!" نحن حسينيون حتئ النخاع مثلما هم يزيدون حتئ النخاع ، فليسعوا سعيهم فما ايامهم الا عدد وما جمعهم الا بدد وسيجمع الله بيننا وبينهم

    • زائر 5 زائر 4 | 1:20 ص

      مراجعة الخطاب المتطرف من جميع الأطراف

      ما هذه اللغة العدوانية والنزعة الانتقامية وهل يختلف هذا الخطاب عن خطاب الطرف الآخر والحقيقة أن هذا ما يثير المخاوف من قبل الأطراف الأخرى من بداية الأزمة والأهداف الخفية ولن أقول الخبيثة التي تنطلق من ورائها

    • زائر 3 | 11:18 م

      أول مره

      كلام سليم الجمعيات المعارضه مثل موقعه كربلا قالوا للحسين تعال ثم تركوه ليزيد ليواجه مصيره

    • زائر 6 زائر 3 | 3:11 ص

      تعقيب جميل زائر 3

      عجبني التعقيب الله يجعله في ميزان أعمالك..مع أنني لا أرى أي مقارنة بين التعقيب ومضمون المقال الرائع المنصف.. عموماً، حبيت أقول لك معلومة، من غدر بالحسين في كربلا صار في مزابل التاريخ..هناك 73 بطلًا ممن صدقوا وأوفوا اصبحوا مخلدين إلى الأبد..هل تعرفهم؟ اذا لم تعرفهم تعرف على أصحاب الإمام الحسين "ع" في كربلاء من مصادر التاريخ المحترمة فقط.
      أم نادر

    • زائر 2 | 10:42 م

      انه المرض المرتبطة أعراضه بما يحدث في المحيط

      مرض وتضيف عليه الحقد يخرج منهما التكفير فهذا حالنا مع هؤولا المرضى الذين ربطوا حاضرهم ومستقبلهم بقضية سوريا وليس فلسطين فان فازوا والله لا يبلغهم مرادهم فان الدم لركب لدينا وانتقامهم كبير وان خسروا وسيخسرون المراهنة ان شاء الله فانهم يعرفون بحلمنا

اقرأ ايضاً