العدد 4170 - الأربعاء 05 فبراير 2014م الموافق 05 ربيع الثاني 1435هـ

حرمان المعتوق في واحة حقوق الإنسان

محمود الجزيري Mahmood.Ridha [at] alwasatnews.com

.

تابعتُ على مدار الثلاثة أيام الماضية موضوع وفاة والد الممرض المعتقل حسن المعتوق، وما إذا كان سيسمح للابن حضور مراسم التشييع والدفن ومجلس العزاء أم لا. كنت خلالها على تواصل دائم بأخت الممرض المعتوق التي تتولّى متابعة الموضوع وتتخاطب مع مختلف الجهات المعنية للإفراج المؤقت عن شقيقها.

خلاصة الموضوع أن شقيقة المعتوق بقيت ثلاثة أيام معلّقة في الهواء بين إدارة سجن جو وقاضي تنفيذ العقوبة، إذ كانت كل جهة تقذف بالمسئولية والاختصاص على الجهة الأخرى، حتى وصل اليوم الأخير لمجلس عزاء والدها ولم يُسمح لشقيقها بالمشاركة فيه، حيث رفض قاضي تنفيذ العقوبة بشكل نهائي طلب الإفراج عن شقيقها الممرض.

بمنأى عن الوضعية المهنية التي يجب أن يكون عليها الصحافي في التجرّد عند استقاء المعلومة من المصدر وترك مسافة حياد فاصلة بينه وبين الخبر، حاولت أن أتخيّل الحالة التي يمكن أن تعيشها فتاةٌ فقدت أباها، وهي تحاول أن تعوّض لحظات الفقد هذه، بأن تستظل بظل شقيقها الأكبر (المعتقل) ولو لأيامٍ، أو ساعاتٍ معدودة دون أن تتمكن من ذلك. فغدوت أسأل ما الذي يضير المسئولين لو تعاملوا بروح إنسانيةٍ أكثر، وحاولا التخفيف عن العائلة الفاقدة بتسهيل مهمة الإفراج المؤقت عن الابن والشقيق، بدلاً من التعاطي بـ «بيروقراطية» ثقيلة ليس لها داع.

الثابت الذي لا ريب فيه إن حسن المعتوق حُرم من حقه الأصيل في حضور مراسم دفن وتشييع وعزاء والده، كما حُرم قبل ذلك من زيارة والده الذي فتكت به العلة حتى الموت، وهو الأمر الذي يفتح الباب من جديد للحديث عن مدى التزام الجهات المختصة بالوفاء بحقوق النزلاء، خصوصاً السياسيين منهم، وتثبيتها كبنود واجبة التطبيق عوضاً عن تركها لمزاجية هذا المسئول أو ذاك.

الأمر الآخر الغريب هو أن الخبر نُشر على صفحات «الوسط» ثلاثة أيام متتالية بتفاصيله المستجدة يومياً، لكنه مرّ وكأن لم يكن بالنسبة لوزارة شئون حقوق الإنسان، التي يُفترض فيها أن تكون لها موقفاً، وخصوصاً أنها دائماً ما تدّعي أن البحرين واحة لحقوق الإنسان.

وهذا ما يزيد من يقيننا، بأن واحدةً من المآسي التي تعصف بنا في البحرين هي أن وزير شئون حقوق الإنسان انحرف بعمل الوزارة إلى مكتب للعلاقات العامة هدفه تبييض السجل الحقوقي للسلطة والتغطية على الانتهاكات عوضاً عن تقويمها.

أسفاً أقول إن الوزير يظن بأن البيانات العرمرمية والخطب العصماء ولقاءات الطنطنة ومصطلحات مثل واحة وحديقة «حقوق الإنسان»، التي ينثرها في الصحف المحلية على مدار الأسبوع، كفيلةٌ بتجميل الحال الحقوقية في البلاد، وإقناع المواطنين بسلامتها. وإذا كان هذا ظنّ الوزير، فعلى روح والد الممرض المعتوق وحقوق الإنسان في البحرين رحم الله من قرأ سورة الفاتحة.

إقرأ أيضا لـ "محمود الجزيري"

العدد 4170 - الأربعاء 05 فبراير 2014م الموافق 05 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 3:42 م

      --

      شكرا مقال يستحق القراءة

    • زائر 4 | 12:42 ص

      وزارة شئون حقوق الإنسان!

      الغريب هو أن الخبر نُشر على صفحات «الوسط» ثلاثة أيام متتالية بتفاصيله المستجدة يومياً، لكنه مرّ وكأن لم يكن بالنسبة لوزارة شئون حقوق الإنسان، التي يُفترض فيها أن تكون لها موقفاً، وخصوصاً أنها دائماً ما تدّعي أن البحرين واحة لحقوق الإنسان.
      واحدةً من المآسي التي تعصف بنا في البحرين هي أن وزير شئون حقوق الإنسان انحرف بعمل الوزارة إلى مكتب للعلاقات العامة هدفه تبييض السجل الحقوقي للسلطة والتغطية على الانتهاكات عوضاً عن تقويمها.

    • زائر 3 | 12:28 ص

      ابو محمد

      القلب يتفطر ألما بما يجري علي هذا الشعب الطيب من انتهاكات لحقوق الإنسان ولكن ما نقول لك الله يا شعب البحرين

    • زائر 2 | 11:45 م

      أساليب عقابية

      انها من احدى الاساليب العقابية اللا انسانية التي تسخدم لإحداث اكبر اذى نفسي وجسدي للمعتقل مؤملين انه اذا انتهت فترة سجنه فإنه سيعيش السجن النفسي الذي احدث له.

    • زائر 1 | 10:07 م

      وزير ...

      كل الشكر لجريدة الوسط على تغطيتها للحدث وكنت اتمنى ان تقوم الوسط بالاتصال بوزير حقوق الانسان ورمي الكرة في ملعبه وان تجاهل الموضوع فعاودوا الاتصال مرة وعشر وعشرين , واكتبوا ذلك في الجريده ان الوزير لا يرد ليعلم العالم كله ان عندنا وزير ......وليس وزير حقوق الانسان

اقرأ ايضاً