العدد 4175 - الإثنين 10 فبراير 2014م الموافق 10 ربيع الثاني 1435هـ

البحرين في تونس... حضور متميّز ودعم في مستوى الحدث

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

لم يكن يوم السابع من فبراير/ شباط 2014 يوماً عادياً في تاريخ السياسة التونسية، فقد جمعت الخضراء، وتحديداً في قبة المجلس التأسيسيّ، قادة عددٍ من البلدان، أو من ينوبهم، من الدول الشقيقة والصديقة لتونس احتفاء بالدستور الجديد الذي جاء ثمرةً لإرادة التوافق السياسيّ بين أطياف المشهد السياسي في تونس.

ولم تكن الجلسة المنعقدة يومها ممتازةً بهذه المناسبة فقط، بل وأيضاً بحجم الضيوف وتنوعهم مشرقاً ومغرباً، ولربما كانت خارقةً للعادة في أكثر من موقف. غير أنّ ما ميّزها، من وجهة نظري هو الحضور العربي والخليجي لاسيما من خلال كلمة مرزوق علي الغانم رئيس الاتحاد البرلماني العربي ورئيس مجلس الأمة الكويتي، فضلاً عن الحضور البحريني المتميّز من خلال وفدين اثنين ضمّ الأوّل نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة، والثاني رئيس مجلس النواب خليفة أحمد الظهراني.

صحيح أنّ رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني حاول اختطاف الأضواء خلال احتفال تونس بالمصادقة على الدستور الجديد، باتهام الولايات المتحدة الأميركية بأنها «داعمة للديكتاتوريات»، ووصف «إسرائيل» بأنها «سرطان في المنطقة»، معتبراً أنّ أيادي أميركا و«إسرائيل» حاولتا جعل هذه الثورات العربية عقيمة، وهو ما أثار استياء الوفد الأميركي المُشارك في الاحتفال إلى حد الانسحاب، غير أنّ كلمة الوفد الجزائريّ أولاً، ثمّ كلمة رئيس الاتحاد البرلماني العربي ثانياً، كانتا في مستوى الحدث بل ربما فاقتا حدود توقّع المتابع التونسي والعربي عموماً.

فلئن أكّد الجانب الجزائري قوة العلاقة بين القطرين الشقيقين وحاجة كل منهما إلى الآخر في مثل هذه الشدائد، فإن خطاب البرلمانيين العرب حظي بترحيب كبير على المستويين الشعبي والرسميّ، نظراً لما حمله خطاب مرزوق الغانم من معاني الاحترام والتقدير للإنجاز التونسي الذي تميّز برأيه، بطابع «الوسطية، بمعنى التوفيق بين متكاملات، لا التلفيق بين متباينات، وهي الخيار الأصعب، هي خيار الكبار، الذين يقدّمون الدين على الطائفة، ويختارون الوطن قبل الحزب، ويتطلعون إلى الغد بدلاً من التلفّت إلى الوراء».

وتابع مخاطباً أهل تونس:» يا أهلنا في تونس، لقد اخترتم في ومضة تاريخية تحاكي إشراقة الشمس أو تكاد، أن تكونوا روّاد الإصلاح في الوطن العربي؛ يا أهلنا في تونس، ما أروع وما أشجع خياركم، وما أنبل وأخطر مسئوليتكم».

كما تميّز هذا الحفل البهيج بحضور بحرينيّ متميّز، مقارنةً بغيرها من دول الخليج العربي، إذْ تشرفت تونس باستقبال نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة يوم الخميس 6 فبراير/ شباط 2014 ممثلاً عن عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، للمشاركة في احتفالات تونس بالمصادقة على الدستور الجديد، حيث كان في مقدمة مستقبلي سموه لدى وصوله إلى مطار تونس قرطاج رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي.

وخلال لقائهما بالقصر الرئاسي بقرطاج سلّم، ضيف تونس، سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة الرئيسَ التونسي رسالة خطية من أخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين وسبل تطويرها في المجالات كافة، وهو ما يجسد قوة العلاقات بين البلدين. وهي رسالة تحمل أكثر من معنى في مثل هذه الفترة من تاريخ العلاقات بين البلدين الشقيقين؛ حيث أكدت اهتمام مملكة البحرين ودعمها للشعب التونسي الشقيق في مساعيه الرامية إلى بناء مستقبل جديد يرتكز على دستور ينتقل به إلى آفاق أوسع. وقد اعتبر سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة أنّ «الاحتفالية وما شهدته من حضور عربي ودولي واسع تؤكد مساندة الجميع لجمهورية تونس في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، ورغبة الجميع في مساعدتها من أجل الوصول إلى ما تصبو إليه من مستقبل أكثر ازدهارا».

والحقيقة أنّ هذه الزيارة تأتي تأكيداً على عمق العلاقات البحرينية التونسية في المجالات كافة، والتقدير المتبادل بين البلدين حكومةً وشعباً، ولربّما نشعر نحن أبناء الجالية التونسية بالبحرين بقيمة مضاعفة لهذه الزيارة، فكلّنا يذكر الوقفة الأخوية للحكومة البحرينية إبان اندلاع الثورة في تونس يناير 2011، حيث عبّرت الخارجية البحرينية آنذاك في بيان رسمي لها عن «طمأنتها للجالية التونسية في البحرين وأنهم - وبناء على توجيهات عاهل البلاد - يحظون برعاية مملكة البحرين وهم بين ظهراني إخوانهم ولن ينقصهم شيء. وأن البحرين ستعمل جاهدة لتذليل أي عقبات قد تعترض الإخوة التونسيين المقيمين لديها».

إن تونس اليوم تمثل فرصةً تاريخيةً للاستثمار الاقتصادي والسياسي بفضل ما أظهره أبناؤها من رشد وحكمة وحرص على التوافق والاستقرار، ما جعل المجموعة الدولية تعرب عن مساندتها واستعدادها للدفع بهذه التجربة إلى الأمام. وما نرجوه هو أن يكون الجانب العربي أسرع إلى اغتنام مثل هذه الفرص قبل غيره.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4175 - الإثنين 10 فبراير 2014م الموافق 10 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 11:33 م

      شكرا للبحرين حكومة وشعبا

      والحقيقة أنّ هذه الزيارة تأتي تأكيداً على عمق العلاقات البحرينية التونسية في المجالات كافة، والتقدير المتبادل بين البلدين حكومةً وشعباً، ولربّما نشعر نحن أبناء الجالية التونسية بالبحرين بقيمة مضاعفة لهذه الزيارة،

    • زائر 7 | 11:44 ص

      الله يديم المحبة بين تونس والبحرين

      مبروك واحنا وايد فرحانين لكم

    • زائر 6 | 6:11 ص

      فعلا الوسطية هي الحلّ

      الوسطية، بمعنى التوفيق بين متكاملات، لا التلفيق بين متباينات، وهي الخيار الأصعب، هي خيار الكبار، الذين يقدّمون الدين على الطائفة، ويختارون الوطن قبل الحزب، ويتطلعون إلى الغد بدلاً من التلفّت إلى الوراء»

    • زائر 5 | 5:21 ص

      ماذا تريد إيران من تونس؟

      صحيح أنّ رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني حاول اختطاف الأضواء خلال احتفال تونس بالمصادقة على الدستور الجديد، باتهام الولايات المتحدة الأميركية بأنها «داعمة للديكتاتوريات»، ووصف «إسرائيل» بأنها «سرطان في المنطقة»، معتبراً أنّ أيادي أميركا و«إسرائيل» حاولتا جعل هذه الثورات العربية عقيمة، وهو ما أثار استياء الوفد الأميركي المُشارك في الاحتفال إلى حد الانسحاب،

    • زائر 4 | 3:43 ص

      مبروك لكم على الدستور

      واهنيك على المقالة اكثر من رائعة والله يديم المحبة بين البحرين وتونس الشقيق

    • زائر 3 | 2:27 ص

      البحرين في تونس... حضور متميّز ودعم في مستوى الحدث

      أخوة على الدوام

    • زائر 1 | 11:29 م

      أحسنت أستاذ

      نرجو للعلاقات التونسية البحرينية مزيد التطور لاستفادة الطرفين من الإمكانات المتوفرة من الجانبين

اقرأ ايضاً