العدد 4193 - الجمعة 28 فبراير 2014م الموافق 28 ربيع الثاني 1435هـ

قاسم: ندعو السلطة إلى مراجعة نفسها والاتجاه إلى خيار الإصلاح السريع

لا نسترخص حياة الناس ولا نرضى بقتل أحد...

الشيخ عيسى قاسم
الشيخ عيسى قاسم

دعا خطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس الجمعة (28 فبراير/ شباط 2014)، السلطة إلى أن «تراجع نفسها وتتجه إلى خيار الإصلاح الجدي والسريع»، مستدركاً «نحن لا نرجو السلطة وإنما نرجو لمصلحة الوطن حتى تكون مصلحة للوطن».

وتحت عنوان: «السياسة الغربية»، تحدث قاسم عن أن «السياسة الغربية سياسة منسجمة مع نفسها، ومع تطلعاتها، ومع خلفيتها الحضارية، وعمق الرؤية الكونية التي تنطلق منها، وحتى التهافت والكيل بمكيالين بما يقال عنها هي منسجمة فيه مع ذلك كله، والتطلّع إلى هذه السياسة نفعي مادي من مالٍ وشهوةٍ وسيطرةٍ ونفوذٍ واستعلاءٍ واستكبار».

وقال قاسم: «إن الرؤية الكونية جاحدة لله سبحانه، أو لا تعترف له سبحانه بحق التشريع لحياة عباده، ولا بحاكميته عليهم، وترى أن الانسان حرٌّ في تصرفاته لا تتوّقف هذه الحرية عند حاجزٍ من الحواجز وليس عليها إلا ألا تتغوّل على حرية شركائها في الحرية، وهذا الأمر الأخير لا تلتزم به، واذا التزمت به فإنما يكون منطلق هذا الالتزام هو مصلحتها، وذلك عندما يخاف المتغوّل على حرية الآخرين من الغاء حريته كذلك، فهي تذل وتستعبد شعوباً وأمماً من المستضعفين في العالم، ولا تعترف لمسلمةٍ بلبس ما يستر شعرها في بلاد الغرب، وبدأت تمنع - هل تلتزم بحرية الآخر؟ لا... حتى هذه المفردة لا تلتزم بها في الحقيقة - وبدأت تمنع عن المسلم في بعض بلدانها ما هو من الذبح الحلال».

وأوضح قاسم أن «الحضارة التي تنطلق منها السياسة الغربية أوروبية كانت أو أميركية، حضارة أرضية تقدّس المادة وتكفر بالقيم وتصبغ الدين بصبغتها الأرضية، ليست هناك آخرة في نظر هذه السياسة، ولو كانت فلا شأن لها بأمور الشأن العام والسياسة وادارة الحياة الحاضرة للناس من ناحية سياسة، وكل ما له من تأثير فيها هو الجانب التعبدي الفردي الانعزالي، فمن اعتقد ذلك فلا ضير في ممارسته هذا الجانب الذي يخص حياته الشخصية ولا تعلّق له بالسياسة العامة، وبهذا كله تكون السياسة الغربية منسجمة مع نفسها وكل خلفياتها وفلسفتها في الحياة والكون والانسان وعلاقته بربه، أباحت ما أباحت وحرّمت ما حرّمت مما ترى - في كل ذلك هي منسجمة مع نفسها - وفيما تسرق وتنهب وتثير من حروب ظالمة ومن فتنٍ داخلية في الأمم والمجتمعات الأخرى، وفيما تعيث في الأرض من فساد، وما ترتكبه من اغتيالات غامضة وتصفيات واسعة مكشوفة واستغلالٍ حرام واذلال واستعباد، وفيما تأخذ به من تعدد المكاييد في الموضوع الواحد، وفيما ترفعه من شعار الديمقراطية وتخالفه على الأرض في البلدان الأخرى، وتناصر الديكتاتورية والسلطوية ضد طالبي الديمقراطية والساعين إليها، وفي انتصارها لهذه الدولة الاستكبارية المعادية لحقوق الانسان ومحاربتها تلك الدولة المطبّقة للديمقراطية».

وتابع «نعم تكون منسجمة في كل ذلك وفي كل تناقضاتها، مادام ذلك يحقق المصلحة المادية ويؤدي إلى المنافع الدنيوية المنشودة - إذا سألت عن موقف السياسة الغربية من هذه الحكومة أو من تلك الحكومة، من هذا الشعب وحراكه أو من ذاك الشعب وحراكه، فلا تتحير في الاجابة فهي واضحة ومكشوفة وجاهزة، وكل ما في الأمر عليك أن تعرف أنه من الذي سيدفع الثمن المادي ومن سيعطي ثمناً ماديّاً أكبر، من سيقدم وطنه وثروات وطنه ودينه وشرف أمته وعزتها وحرية بلده بدرجة أعظم وأعظم، هذا الطرف أو ذاك-. من كانت تبعيته هي الأكبر كان الموقف الغربي معه - أعطِ تبعية أكبر ممن تواجهه ستكون نصرة الغرب لك-».

ورأى قاسم أن ذلك «هو المورد الرئيس لانتصار السياسة الغربية لهذا الطرف أو ذاك الطرف من طرفين أو أطراف أي صراع، انظر كمثال الموقف العملي الأوروبي والأميركي اليوم من الثورات والحكومات ومنها هذا المثل القريب جدّاً مثل أوكرانيا والطرفين فيها، وأن الانتصار لمن كان، وما خلفية هذا الانتصار؟، وفي مورد أن التابع والأسخى في العطاء للغرب -هذا استثناء وتدارك- بدأ يتضعضع ولم يفد معه الدعم وأخذ وجوده يترنّح ويميل إلى السقوط، يبدأ ابتعاد الغرب عنه والاقتراب من الطرف الآخر الصاعد إلى مركز السلطة والنفوذ، وإن كان لا يتمنى له الغرب سلطةً ولا نفوذاً، ولا تقف السياسة الغربية مع المنادين بالحرية والديمقراطية إلا في هذه الحالة ومن قبل التباشير الجدية بانتصارهم ليمكن للسياسة الغربية أن تقدم إليهم الابتسامة الصفراء والكلمات الناعمة الخادعة والوعود المكذوبة، كل ذلك لتظهر الانسجام الظاهري بين شعاراتها وسلوكها الخارجي ولو بصورة شكلية بعيدة عن الحالة الجدية، ولو واجهت السياسة الغربية ضغطاً جديّاً داخليّاً من المنظمات الحقوقية والمحافل الدولية في صالح الوقوف مع حركة من حركات التحرر وضد ديكتاتوريةٍ فاحشة جاء منها دور المجاملة بمقدار ودور المراوغة والالتفاف -هذا هو واقع السياسة الغربية ولا تغيير-».

وشدد قاسم على أن «كل من لا يأخذ بالدين ولا يحترم منهجه في الحياة ولا يعظّم شأن الآخرة فهو لا يختلف في موقفه عن موقف الغرب في كل مجال سمّيته كافراً أو سمّيته مسلماً، أما قضية الضمير الانساني -هل قضى الضمير الانساني؟ لِمَ يقف مع الباطل ضد الحق؟ لما يقف مع المستكبر ضد المستضعف- الفطري فليست له فاعلية الدين في الردع عن الظلم والفساد ثم أنه تنتهي فاعليته كليّاً تحت تأثير التراكمات الجاهلية في نفس صاحبه فيكون مع وجوده كعدمه، والضمير ولو بقي على مستواه الفطري يصعب أن نقول إنه يدفع للتضحية من غير ثمنٍ جاهز منظور في الحياة الدنيا بالمصالح الكبيرة وما فيه مشقة وحرج شديد على أنه لا يمكن أن يبقى كذلك في ظل التمسك بقيم المادة وشهواتها».

وفي موضوع آخر حمل عنوان: «معركة المساجد»، ذكر قاسم أن «الحكومة لاتزال تخوض معركتها المقدسة الحامية والشجاعة مع المساجد المهدمة، ومن يصلي فيها ومن يقترب منها، هذه الحرب اختارتها السلطة وجدّت فيها وأخلصت لها ويظهر أنها لا تنوي التراجع عنها ما لم تحقق نصراً حاسماً كاسحاً لا يبقي لهذه المساجد ما استطاعت أثراً ولا ذكراً، وكأنها ترى أن الانتصار في هذه المعركة من الانتصارات الضخمة والأمجاد العظيمة التي لا يمكن أن تفوّت، وهل ترى أن معركةً تعطى كل هذا البذل، وكل هذا الجهد، وتنال كل هذا الاهتمام والإصرار والصمود من قبل السلطة هي معركة على مبنىً من المباني الصغيرة يُسيطر عليه ليسوّى مع الأرض وتحوّل أرضه إلى حديقة عامة أو خاصة أو ما ماثل ذلك! لا يمكن التصديق بهذا الأمر، وأنه الهدف لمعركة تفتح على صاحبها باب نقدٍ واسع ومؤاخذة واضحة في الداخل والخارج وفي المدى الطويل من التاريخ. الظاهر أنها معركة مع تاريخ، ومع دين، إنها معركة ذات أهداف أبعد، واذا كانت النية غير ذلك فواقع الموقف الخارجي لا يناسب تلك النية المدّعاة أو المحتملة».

وأضاف «في ظل هذه السياسة، البلد بخير، والإسلام فيه بخير، وكل القيم الرفيعة على أرضه بخير، وحاضره ومستقبله بخير، كل شيءٍ هنا على يد السلطة بخير. ومبروك ألف مبروك على انتصارها في هذه المعاركة ولها المجد والخلود».

وتحدث قاسم في موضوع آخر حمل عنوان: «الجهود إما هنا وإما هناك»، وقال: «حالان، حال الاصلاح وحال بقاء الفساد والإفساد، الحال الأولى تجمع كل الجهود، جهود الحكومة والشعب وتحشدها على طريق البناء والارتقاء، فالوطن كل الوطن على طريق البناء والارتقاء بالوطن كل الوطن وأهله وما فيه. والثانية توظف الجهود المكثفة من الحكومة ضد الشعب ومن الشعب ضد الحكومة وتزيد في التأزم ومن حصيلة الخسائر وتسدّ منافذ الحل وتؤدي إلى الدمار، ماذا تريد السلطة وبيدها أمر الإصلاح وتركه من نتيجتين، لحد الآن نرى أن الاختيار يتجه إلى الحالة الثانية بحسب لسان الواقع العملي الذي يُمارس على الأرض من قبل السُّلطة، ويُرجى لمصلحة هذا الوطن أن تكون مراجعة السلطة - نحن لا نرجو السلطة وإنما نرجو لمصلحة الوطن حتى تكون مصلحة للوطن- لنفسها سريعة في هذا الأمر وأن يتجه خيارها إلى البديل الصالح المتمثل في الإصلاح الجدي والسريع».

وتحت عنوان: «في ملل السعداء»، قال قاسم: «امضِ فيمن مضى من المرحومين السعداء من أبناء هذا الوطن المنكوب مغادرين لهذه الحياة من ظلم وقسوة السلطة في البحرين على هذا الشعب المضطهد الكريم، امضِ كذلك جعفر الدرازي إن شاء الله وأنت آخر هذا الظلم لحد الآن»، واستدرك قائلاً «كيف لا يكون مظلوماً من اشتدت حاجته للدواء والعلاج وكان الحبس يحول بينه وبينهما ولا يجد العناية اللازمة التي تتطلبها آلامه ومرضه المهدد له بالموت. اذا حبس شخصٌ أو جهة شخصاً ومنعه من الطعام والشراب أو من الدواء والعلاج وهو مهددٌ بخطر الموت حتى مات فقد قتله ويتحمّل مسئولية قتله».

وتابع قاسم «تكثر أخبار السجون والسجناء في البحرين بالمنع من الدواء والعلاج وتعطيلهما إلى مددٍ طويلة، لكن الأمر عند السلطة هو أن من أخرجوا من السجن جثثاً هامدة تزف إلى المقابر إنما ماتوا بأمراضهم المزمنة، أما من تشهد آثار التعذيب بأن قتلهم بسببه فإن أمكنت المكابرة أخذ بها ومن ألزم تقرير لجنة التقصي السلطة بأنه قتل تحت التعذيب جاء الجواب بأن موته كان خطأً ولم يكن شيئاً مقصوداً وأن عقاب هذا الخطأ لا يزيد على سجن 6 أشهرٍ أو 3 أشهر، ولا يعلم إلا الله أن هذه العقوبة تُنفذ أو لا تنفذ، وانتهت بهذه قصة وفاة 130 أو 150 مواطناً كما تذكره أرقام المتتبعين، وفي الجانب الآخر ما من قطرة دمٍ تسيل من رجل أمن - ونحن لا نسترخص حياة الناس ولا نرضى بقتل أحد ظلماً- فلابد أن يكون وراء ذلك عند السلطة سبق إصرار ويتطلب أمرها أشد العقوبات والحجّة دائماً للقوي والمحجوج والمغلوب في الحجة هو الضعيف وإن كانت حجته دامغة».

العدد 4193 - الجمعة 28 فبراير 2014م الموافق 28 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 6:08 ص

      زائر رقم14

      صدقت ان سياسة المعارضه فاشله ماذا كسب الناس من هذه الفئه التي تسمي نفسها بالمعارضه غير الخساره الماديه والعمليه والحياتيه.

    • زائر 22 | 5:07 ص

      أبو سامي

      رجل حكيم قل مثيله في هذا الزمان الله يحفظك يا أبا سامي

    • زائر 20 | 4:50 ص

      انت شيخ لا زم ان تكون منصف

      كلام كله معارضه وليس فيه وسطيه نرجو من من يعتلى المنبر ان يكون منصف لا منحاز الى اي جهه

    • زائر 19 | 4:15 ص

      حداوي وكلي فخر

      والله لو عيسى قاسم وعلي سلمان وجمعية الوفاق ما يدخلون في شؤون البحرين بنعيش بسلام هم ساس الفتنه

    • زائر 21 زائر 19 | 4:53 ص

      صدقت

      عياليهم مرتاخين وخارج البخرين وعيالنه يهايجلون في الشوارع

    • زائر 23 زائر 19 | 5:07 ص

      لو ، تفتح عمل الشيطان

      الجهل أنواع ولكن أن يكون الجهل لدرجة أن تطلب الذي طلبته فإنها إذا وصلت لمواصيل الاستحمار والاستخفاف بكل شيء انساني . الله يهديك ياغافل !!

    • زائر 25 زائر 19 | 5:32 ص

      لو

      لو عاطين الشعب حقوقه ابرك لينا من حملكم وحمل .....
      خيراتنا

    • زائر 17 | 3:21 ص

      خاف الله

      " في الجانب الاخر ما من قطرة دم تسيل من رجل امن " ؟؟

    • زائر 16 | 2:37 ص

      كلام درر

      ونعم القائد كل ما يصدر منك يا شيخنا يصب في ترسيخ وحفظ وحدة ومصلحة الشعب

    • زائر 15 | 2:30 ص

      كل كلمة محاسب عليها قالها

      كلام طيب لما يطلب عيسى قاسم من السلطة ان تراجع نفسها ، سؤالي لماذا لا يطلب من المعارضة ايضا ان تراجع نفسها ويكون هنا قد انصف في كلامه؟ نتمنى منك يا عيسى قاسم ان تكون منصف في دعواتك وان تنبذ العنف من الجهاتين مثل ما انت ترى ان هنا عنف امني الاخرين يشاهدوا العنف الاخر من قبل المعارضة.

    • زائر 14 | 2:26 ص

      البحرين

      لماذا لا ترجع المعارضة سياستها الفاشلة.. ما حصل الشعب البحريني او البحراني من مكاسب ؟؟ 3 سنوات من هو المستفيد ؟؟

    • زائر 7 | 11:17 م

      يااارب

      الله يخليك ويحفظك ياشيخ الجليل

اقرأ ايضاً