العدد 426 - الأربعاء 05 نوفمبر 2003م الموافق 10 رمضان 1424هـ

هناك من يحتكر الاسلام لتلبية حاجاته الخاصة

تركي الحمد في محاضرته بمركز الشيخ ابراهيم بالمحرق:

خالد أبو أحمد comments [at] alwasatnews.com

قال المفكر السعودي تركي الحمد «هناك من يحتكر الاسلام وهو في الحقيقة ليس احتكارا بل هو اختطاف للاسلام حتى يتم استخدامه لصالح الذات وتلبية لحاجات شخصية، كما يتم استخدامه كورقة لعب سياسية واجتماعية وغيرها وبالتالي يعتقد بانه هو الذي يطرح الاسلام كما يجب ان يكون هو الاسلام ولا شيء غيره، ولذلك فان محاولة القراءة المختلفة تعيد الاسلام للجميع، والذي كان للجميع واصبح حكرا على فئة معينة».

واضاف الحمد «هناك حقيقة هي ان الدين في حياتنا العربية هو الجوهر والمحور الاساسي شئنا أم أبينا ولا نستطيع ان نتخلى عنه، ولذا يجب ان يكون الاسلام هو المرجعية، ولكن هذه المرجعية لا بد ان تكون قادرة على استيعاب الواقع والعصر من خلال النص لا نتجاوزه بل نعيد فتحه بحيث يتفاعل مع القضايا المعاصرة».

جاء ذلك ضمن الموسم الثقافي الثالث لمركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والفنون بالمحرق الذي استضاف في فعاليته الثالثة امس الاول الاثنين الباحث والمفكر السعودي تركي الحمد في محاضرة بعنوان «الاسلامية والليبرالية» شهدت اقبالا كبيرا من الحضور الذي انفعل بموضوع الندوة وقدم الكثير من المداخلات الجادة.

وقال الحمد: اعتقد ان موضوع الاسلام والليبرالية موضوع مهم وحيوي وخصوصا هذه الايام، وعندما نتحدث عن الحرية والعلاقة مع الدين بشكل عام وبين الاسلام والحرية بشكل خاص وبين الاسلام والليبرالية بشكل اخص، وان الحديث عن هذه النقاط يقودنا الي نتائج عملية تمس حياتنا اليومية وتنبع اهمية الموضوع من كونه موضوع الساعة عندما نطالب بشرعية القراءة المختلفة للنص القرآني إذ إن الفكرة السائدة لدينا هي ان القراءة الاسلامية واحدة ومحتكرة لنص معين ولكن الحقيقة ان النص القرآني تاريخيا كان ولازال نصا مفتوحا ولكن وصلنا الي مرحلة اغلق فيه واصبح لا يحتمل الا معنى واحدا، وسار هذا الوهم على الجميع وتقبله الجميع، وعلى هذا الاساس اذا نظرنا الي تاريخا لوجدنا ان هناك جماعات سياسية واخرى ثقافية واجتماعية وتيارات فلسفية كلها ذات مرجعية واحدة هي النص الاسلامي القرآني المعروف وكلهم تناولوا منه وتفاعلوا معه ولم يكفر بعضهم بعضا ولم يخطئ بعضهم البعض، الا عندما دخلت السياسة التي خربت الكثير في تاريخنا فاصبح الدين ورقة سياسية سواء كانت في يد الساعي او في يد المتحكم للسلطة، كما ساهمت السياسة بشكل اساسي في هدم انفتاحية النص.

في الحديث عن الاجتهاد يطالب تركي الحمد بعصر تدوين جديد ويقول: يجب ان نعيش عصر تدوين جديد بمعنى ان عصر التدوين القديم كان متعلقا بمشكلات وقضايا تهم ذلك الوقت، واحسب ان السلف لم يقصروا في تقديم الاجتهادات التي واكبت ذلك العصر الذي عاشوا فيه، ولكن هذه الاجتهادات لم تعد تصلح لعصرنا الحالي، ولذا يجب ان نعيش عصر تدوين جديد ونبدأ من جديد، ونجتهد من جديد، ونعيد للنص نقاءه وانفتاحه، وفي ذات الوقت عندما نتحدث عن الاسلام والليبرالية نحاول ان نعطي مشروعية إعادة قراءة النص وشرعية القراءة المختلفة فاتحين بذلك ابوابا للولوج الى عصر الحضارة.

ويضيف الحمد: وفي جانب آخر من المحاضرة يتناول تركي الحمد أهمية الاندماج مع العالم ويتعرض للكثير من التجارب البشرية العالمية في التطور فيقول:

نحن نعيش في عالم متغير وهذا العالم يجب ان ننخرط فية كما يجب ان نتعاون معه، وان نمتزج به، ومن النقاط المهمة في مسالة التطور عندما نقرأ الصحف القديمة والكتابات ما قبل الحرب العالمية الثانية فيجد المرء انه على رغم مرور اكثر من مئة عام على عصر النهضة العربية الا ان الاسئلة ذات الاسئلة ، وعندما نقرأ لخير الدين التونسي أو محمد عبده، أو الكواكبي، او رفاعة الطهطاوي، نجد ان اطروحاتهم كانت متقدمة كثيرا على ما يطرح اليوم على رغم التطور الكبير الذي حدث في البشرية من تقنية وعلوم وآليات وتوسع في التعليم، والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي المشكلة؟ نجد الاسئلة نفسها المثارة لماذا تقدم الغرب وتخلفنا نحن؟وما يتصل بعلاقة الدين بالدنيا، وللاسف لا توجد اجابات.!!

ويبَين الحمد: إذا قرنا وضعيتنا بالاخرين نجد ان الكوريين العام 1952 كانوا من المتخلفين مقارنة بالعالم العربي، فننظر الان الي كوريا بشقيها وننظر الي حالنا لنجد المفارقة العجيبة، وكذلك تجربة تايوان، ثم تجربة اليابان التي ارسلت في عهد محمد باشا ارسلت طلبة للدراسة في مصر للاستفادة من تجربة محمد على التحديثية، الان اين مصر واين اليابان؟؟!!

ولذلك نقول إن هذا العالم لا ينتظرنا ولا يخضع لمطالبنا، ونحن لا نمثل شيئا في عالم اليوم لا اقتصاديا ولا ثقافيا ولا سياسيا ولا اجتماعيا، وذلك لان العقل العربي ساكن وغير متحرك وغير قادر على التعامل مع المتغيرات، كما انه غير قادر على استيعاب المتغيرات، وارى ان السبب لاننا خضعنا خضوعا كاملا لنصوص جامدة أعطيناها معنى واحدا ولا معنى سواه وبالتالي اسرنا انفسنا بهذه النصوص على رغم ان ذات النصوص تمنعنا من الجمود.

ويتحدث عن الحرية والتعددية قائلا: الحرية كقيمة جزء لا يتجزأ من الدين ولا يستقيم الدين من دون الحرية مهما ادعى الاخرون، والدين الاسلامي عندما يتحدث عن العبودية لله انما تعني التحرر من القيود الدنيوية قيصبح الانسان يتحرك بحرية العبودية، وعندما نتحدث عن التعددية يعني ارتباطنا بالمجتمع المتغير ونحن نعيش في دولة حديثة ذات مجتمعات معقدة وتيارات مختلفة ثقافية أو اجتماعية او سياسية، ذات متطلبات مختلفة، وكذلك تعني التعددية اما الصراع واما التنافس واذا تركت التعددية من دون تنظيم ومن دون ارضية مشتركة تتنافس عليها، فانها ستنتهي الى الصراع، ولكن كيف نستطيع تأطير التعددية بحيث نكون دولة حديثة مؤطرة بحيث لا تسمح لهذه التعددية ان تتحول الى اي نوع من انواع الصراع السياسي او العسكري او غيره.

وعندما نتحدث عن التعددية أيضا نتحدث عن حرية الجميع في ان يسعوا الى ما يشاءون على شرط ان لا تتقاطع حريتهم مع حرية الاخرين، وهنا يكمن الجوهر الليبرالي، اذ لا دولة حديثة من دون ديمقراطية، ولا ديمقراطية من دون تعددية ولا تعددية من دون ليبرالية وعندما نضع «الديمقراطية التعددية الليبرالية» يمكننا ان نصل الي مفهوم حقيقي للدولة الحديثة ، اذا اردنا ان نكون جزءا من هذا العالم علينا ان ننخرط في هذا العالم بشكل مشاكله وقضاياه وتطلعاته.

وعن علاقة الديمقراطية بالثقافة العربية يقول الحمد: من المهم للغاية أن نقول إنه لا بد لنا ان نصل بالفهم الصحيح الى الجذور الثقافية والفلسفية للديمقراطية ولا يمكن ان نطبق ديمقراطية سليمة من دون ذلك، والديمقراطية ليست انتخابات، وليست صناديق اقتراع، وليست تصويتا، فالديمقراطية في المقام الاول قيم ثقافية في التسامح والحرية، وفي القيم الفردية وهي جوهرها الفلسفة الليبرالية، واذا لم نعرف هذه القيم وتترسخ في عقولنا فانه مهما اتينا بنظام ديمقراطي سياسي على الارض فاننا لا نستطيع ان ننشئ نظاما لان البنية التحيتة غير قابلة لان يقف عليها هذا النظام السياسي.

وفي محاضرته بمركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة بالمحرق أمس الاول يبين تركي الحمد العناصر الاسياسية التي ترتكز عليها الليبرالية ويوضح : لفلسفة الليبرالية تقوم على ثلاثة محاور أساسية هي الحرية والتسامح والفردية، وهنا اذا نظرنا الي الدين الذي يشكل اساس مرجعيتنا الثقافية والفكرية نجد انه ينفي بشكل واضح ما يقول به البعض في انه دين شمولي لا تصالح له مع الديمقراطية والتسامح والحرية والفردية، واذا اخذنا ذات القيم اللليبرالية هذه نجد انها لا تتعارض مع النص القرآني الاصلي وذلك من خلال التعرض للآيات بالقراءة وإعادة القراءة والتمعن فيها.

فالنص القرآني الصحيح يؤكد ان حرية العقيدة وحرية الضمير والتي اصبحت جزءا من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي نحن نرفضه لاننا نظرنا اليه نظرة خاصة من زاوية تغير العقيدة، هذا في اعتقادي خطأ جسيم وقعنا فيه وبعدنا عن العصر، عن الاندماج في هذا العالم وعن التفاعل مع بقية خلق الله لان ثقافتنا كما ندعي ترفض ذلك.

ويواصل الحمد تفسيره للقيم الليبرالية وفي النظرة الي قيم الليبرالية فيما يخص الحرية والتسامح والفردية وباستطحاب النص القرآني نجد أنه لا خلاف بين ثقافتنا وبين قيم الليبرالية اذا اردنا استلهام النصوص بقراءة مختلفة او بقراءة مفتوحة لا نخالف فيها النصوص لان النصوص لا تحكمنا حكما تاريخيا، وعندما نقول إن الدين الاسلامي صالح لكل زمان ولكل مكان معنى ذلك ان النص مفتوح، واذا اغلقنا النص وجعلناه معبِّرا عن مرحلة معينة او عن مكان معين لا يكون صالحا لكل زمان ولكل مكان، ولذا نرى في تصرفاتنا تناقضات كثيرة قد تدمر الدين برمته، والعكس عندما نحاول قراءة النص القرآني قراءة مختلفة فحينها نتصالح مع انفسنا ومع ديننا ونتصالح مع العصر الذي نعيش فيه

إقرأ أيضا لـ "خالد أبو أحمد"

العدد 426 - الأربعاء 05 نوفمبر 2003م الموافق 10 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً