العدد 4280 - الإثنين 26 مايو 2014م الموافق 27 رجب 1435هـ

التراث الوطني بين الطموحات الأهليّة والتهاون الرسمي

وسام السبع wesam.alsebea [at] alwasatnews.com

كان لقاء رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين عيسى أمين الأربعاء الماضي (21 مايو/ أيار) بالجمعية العموميّة في موعد كان مخصصاً لانتخابات مجلس الإدارة الجديد للجمعية، ولعدم اكتمال النصاب القانوني تقرر التأجيل وبذلك تحولت المناسبة لفرصة سانحة للحديث عن بعض شجون وشئون الجمعية والتحديات التي تعترض طريقها، في ظل شح الامكانيات وغياب الوعي «الرسمي» الكافي بأهمية دور القطاع الأهلي في تطوير هذا القطاع الثقافي المهم والحيوي لبلدنا.

أولى التحديات التي تطرق لها رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين كان تواضع ميزانية الجمعية، فالجمعية تحصل على دعم رسمي ثابت يبلغ 6 آلاف دينار (4 آلاف من الديوان الملكي وألفي دينار من وزارة الثقافة)، أما الحصة الأكبر فتأتي على شكل تبرعات من القطاعين الأهلي والخاص.

أمين أشاد بدور الحاج أحمد منصور العالي الذي تبرع بتشييد قاعة المحاضرات الحالية، كما نوّه بدور المرحوم يوسف الشيراوي (ت 2004) الذي كان يخصص منحة مالية سنوية بقيمة 5 آلاف دينار لدعم مكتبة الجمعية لكنها توقفت بعد رحيله.

ولقد كان رئيس الجمعية شفافاً وصريحاً في حديثه عن المصروفات، وأوضح بأن الميزانية الرسمية المرصودة للجمعية لا تكفي للوفاء بطموحات الجمعية الكبيرة في تعزيز نشاطها وبرامجها الثقافية، حيث تبلغ مصروفات الجمعية سنوياً بين 10 إلى 12 ألف دينار، ما يعني أن أكثر من نصف المصروفات تأتي على شكل تبرعات من جهات أهلية وخاصة.

ونتيجة لنقص الموارد المالية والبشرية اضطرت الجمعية لإيقاف مجلة «دلمون» عن الصدور منذ أكثر من سبع سنوات، وكانت هذه المجلة غير المحكمة تنشر المواد البحثية والمحاضرات التي تقيمها الجمعية في موسمها الثقافي السنوي، وكانت أول مجلة تتكلم عن آثار البحرين للعالم الخارجي. ومع مرور الوقت تحوّلت المجلة التي كانت تطبع 1000 نسخة لكل عدد، إلى مجلة تاريخية أكثر منها أثرية، لأن البعثات الأثرية ما عادت تأتينا بعد أن وُجد المتحف ووزارة الثقافة.

أما التحدي الثاني فيتمثل في التقييد المفروض على بعض الأنشطة الثقافية التي تطمح الجمعية في تنفيذها، من هنا فإن جمعية تاريخ وآثار البحرين تشكو من التهميش الرسمي، الأمر الذي يقيّد نشاطها الثقافي بشكل مريح في ظل حالة الارتياب المزمنة من أي دور أهلي يتصل بموضوع التاريخ والآثار والتراث. وقد كانت للجمعية مبادرة طموحة تهدف إلى تأهيل عدد من الباحثين والمهتمين في مجال توثيق التاريخ والتراث الشفهي، وأقامت في سبيل ذلك ورشة عمل تدريبية لكن شخصيات «متنفذة عليا» وقفت حائلاً دون تنفيذ المشروع وأمرت بوقفه فوراً!

ويؤكد أمين على حالة غياب «تنمية بشرية في الآثار والتاريخ» ويقول: «لا يوجد لدينا منهج تعليمي يحبب الأطفال والكبار في الآثار والتاريخ، ولا يوجد لدينا كرسي للآثار في جامعاتنا، ولا إصدارات محلية مشجعة، وبحوثنا المشهورة كلها متطلبات من جامعات خارجية، وبالتالي أصبح الكلام عن البحرين من الخارج أكثر من الداخل، وهذه مأساة».

أما التحدي الثالث فيتمثل في عدم إشراك الجمعية في القرارات الرسمية المتعلقة بالجوانب الإدارية المرتبطة بالثقافة والآثار والتاريخ الوطني، وهو ما يترك آثاراً سلبية على واقع هذا القطاع المهم. ورغم أن الجمعية لها موسم ثقافي يبدأ في أكتوبر/ تشرين الأول إلى مايو/ أيار من كل عام، وهي تعد أبرز واجهة وطنية أهلية تولي التراث والتاريخ الوطني الأهمية التي يستحقها، إلا أن التعامل الرسمي مع الجمعية لايزال يشوبه الكثير من الشك وعدم الارتياح، وهو ما ينعكس على مستوى التعاون والتنسيق أو فيما تمنحه وزارة الثقافة من موازنة شحيحة.

الآمال كبيرة والطموحات عالية، والقطاع الثقافي والتاريخي يحتاج الكثير من العمل، وهذا ما لا يتحقق إلا بالقبول بالمشاركة الأهلية والمؤسسات غير الرسمية والأفراد وأصحاب الاختصاص أو المتطوعين من طلاب ومدرسين وكتاب وشعراء وفنانين وخطاطين ومؤرخين... والكثير من القطاعات الأهلية في الحفاظ على مصادر الثقافة.

يطمح رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين التي تأسست سنة 1952، وكان تأسيسها موازياً لبداية التنقيب عن آثار البحرين، وكانت البداية مع البروفسور جفري بيبي وبدأت بسبعين عضواً، ومع الوقت أصبح 90 في المئة من أعضاء الجمعية من البحرينيين، ويبلغ الآن عدد الأعضاء 250 عضواً. يطمح رئيس الجمعية بمبنى يحمل اسم «قصر الثقافة» مجهز بكافة الامكانيات التقنية الحديثة ويضم قاعة محاضرات وقاعات عرض وتجتمع تحت قبته كافة الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتاريخ والتراث الوطني والثقافي.

فهل نجد بعضاً من هذه الطموحات تتحقق؟ أو حتى بعضها؟ نرجو ذلك.

إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"

العدد 4280 - الإثنين 26 مايو 2014م الموافق 27 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:45 ص

      احسنت

      احسنت استاذي على الاهتمام بالتاريخ ولقلمك الجميل

اقرأ ايضاً