العدد 4300 - الأحد 15 يونيو 2014م الموافق 17 شعبان 1435هـ

لابد من صنعاء وإن طال السفر

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

«لابد من صنعاء وإن طال السفر»... هكذا كان يردد الشاعر اليمني الزبيري، وهو من أبرز قادة حركة الأحرار اليمنيين وهو في المنفى العدني. وهكذا شددت الرحال إلى صنعاء لحضور المؤتمر الإقليمي للعدالة الانتقالية في اليمن الذي نظمته وزارة الشئون القانونية ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولذلك مقال آخر، حيث سأركز في مقالي هذا على ما يجري في صنعاء وهي تمر بمنعطف خطر بين المضي في خارطة الطريق للانتقال إلى حكم ديمقراطي مستقر، أو الانزلاق مرةً أخرى في فوضى حرب أهلية.

لا تخطئ العين حالة الفوضى والهاجس الأمني في صنعاء. طوابير طويلة من السيارات الواقفة للتزود بالوقود من محطات الوقود التي تعاني من شح الإمدادات، حيث يقضي بعض السائقين الليل نائمين في سياراتهم بانتظار دورهم، فأزمة مشتقات النفط (بترول، ديزل وغاز) أحد أوجه الأزمة. الوجه الآخر في انقطاع الكهرباء، حيث يصل مجموع القطع إلى 12 ساعة يومياً، والنتيجة دوي مولدات الكهرباء الملوثة للبيئة.

أما السير في صنعاء فحدّث ولا حرج، حيث الفوضى بعينها، والاختناقات المرورية ناتجةٌ عن إغلاق العديد من الشوارع لأسباب أمنية. أما الهاجس الأمني تحسباً من هجمات الإرهابيين فيتمثل في حواجز (البلوكات) الأسمنتية الضخمة، والأسوار المرتفعة، والأسيجة الحديدية المحيطة بالسفارات والوزارات والمؤسسات. وقد ترتب على هذا تقطع العاصمة، وإعاقة الحركة وضياع الوقت ما يفاقم من الأزمة الاقتصادية.

لقد أسهم ذلك الشعور بعدم الاستقرار في توقف السياحة، وتوقف تدفق الاستثمارات، وانخفاض الصادرات وخصوصاً النفط والغاز بسبب عمليات التخريب، ما أوصل البلاد إلى وضع اقتصادي حرج، حيث ذكر برنامج الغذاء العالمي أن ما يقارب نصف اليمنيين بحاجةٍ إلى دعم غذائي لما يعانونه من نقص في الغذاء. وبالطبع فقد ترتب على ذلك ارتفاع البطالة التي تعاني منها البلاد أصلاً، واتساع الفقر والأمراض.

أما الوجه الآخر للوضع الخطر، فهي تمدّد تنظيم القاعدة وخصوصاً في محافظات شبوة وحضرموت ومأرب، وبالطبع وجود خلايا لهم في سائر البلاد. وعلى الرغم من نجاح الحملة العسكرية الأخيرة ضدهم في المحافظات الثلاث، إضافةً إلى محافظة أبين، إلا أن تنظيم القاعدة لازال يشن عمليات انتحارية ويشكل عامل عدم استقرار للبلاد.

الجبهة الثانية للقتال تدور بين تنظيم الحوثيين وتنظيمات قبلية وسياسية مسلحة (حزب الإصلاح وبيت الأحمر وغيرهم) ووصلت المعارك إلى عمران، بل وأحياناً في أرحب قرب مطار صنعاء، وهذه الجبهة تشهد حالياً هدنة قلقة.

الحل السياسي يسابق الأزمة العسكرية والأمنية، وقد تمخض الحوار الوطني الماراثوني عن توافق يمني على خارطة طريق للانتقال إلى نظام ديمقراطي لا مركزي جديد. وهو برنامج طموح يفترض أن يحقق أهداف ثورة 11 فبراير 2011 وقطيعةً مع الماضي اليمني القريب الذي اصطبغ بالدماء والحروب والاقتتال والانقلابات، بل واهتزاز الوحدة وشبح انفصال الجنوب. وحتى هذه الخارطة تواجه باعتراضات وخصوصاً ما يخص حل المسألة الجنوبية، وبمقترح تشكيل دولة لا مركزية من ستة أقاليم، حيث تطرح مشاريع دولة اتحادية بين الشمال والجنوب، ويخشى أن يكون مصير اليمن كالسودان.

يحاول الأصدقاء اليمنيون طمأنة أصدقائهم بالقول إنهم تجنبوا الأسوأ، أي الحرب الأهلية، كما حدث في ليبيا ويحدث في سورية، رغم طبيعة اليمن القبلية، وتاريخه الحافل بالصراعات والاقتتال والحروب القبلية والسياسية، ووجود ما يقارب 60 ألف قطعة سلاح خارج المؤسسة العسكرية والأمنية.

لكنهم في الوقت نفسه لا يخفون قلقهم من تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي، ما قد يفجّر ثورةً جديدةً، كما لا يخفون قلقهم من بطء الانتقال إلى النظام الجديد، وإعادة بناء المؤسسات وإصلاحها، والاستناد إلى دستور جديد وقواعد قانونية حديثة، ومنها قانون العدالة الانتقالية، وقانون استعادة الممتلكات المنهوبة، وغيرها مما يتطلبه من قيام وتعزيز هيئات يُناط بها تنفيذ المهام الجديدة، ومنها هيئة العدالة الانتقالية، وهيئة مكافحة الفساد وهيئة حقوق الإنسان.

تلحظ خارطة الطريق الانتهاء من وضع الدستور من قبل الهيئة المعينة من الرئيس والمنبثقة عن الحوار الوطني، ومناقشته من قبل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وإقراره إما باستفتاء أو من قبل مجلس النواب الحالي، وهو جدلٌ لم يُحسم بعد.

وبناءً على الدستور الجديد، تجرى انتخابات رئاسية، ويتبعها تعديل قانون الدوائر الانتخابية ونظام الانتخابات، وإجراء الانتخابات النيابية بناءً على ذلك.

هناك إذاً مشاريع وخطوات للتحوّل الديمقراطي وتحظي بدعم أممي، حيث ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر شبه مقيم؛ وكذلك بدعم الدول الغربية، والمفترض دعم دول مجلس التعاون الخليجي، بناءً على المبادرة الخليجية التي كانت منطلق الحلّ للأزمة.

لكن هناك الخطر الماثل ببطء حكومة التوافق الوطني، بسبب التجاذبات بين مكوّناتها، خصوصاً فريق الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وتحالف أحزاب اللقاء الوطني، وتردد الرئيس عبدربه منصور هادي في تنفيذ خارطة الطريق، والعجز عن حلّ المشاكل الضاغطة مثل أزمة الوقود والكهرباء والبطالة؛ واستئصال تنظيم القاعدة والإرهاب.

بالطبع يتحمل اليمنيون وخصوصاً القوى السياسية، المسئولية الأولى في هذه المراوحة التي تهدّد مسيرة التحول، لكن المجتمع الدولي، والذي عقد أكثر من مؤتمر لأصدقاء اليمن، لا يفي بتعهداته ومساعداته لليمن، وهو مشغولٌ حالياً بالأزمة السورية وتحوّل اهتمام مجلس التعاون إلى مصر.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4300 - الأحد 15 يونيو 2014م الموافق 17 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 11:16 ص

      للتصحيح

      كميه السلاح لدى الشعب اليمني 60 مليون قطعة وليس 60 الف للتصحيح

    • زائر 1 | 1:59 ص

      جبل صابر

      هذا اليمن السعيد ام التعيس؟لكم في القلب محبه يا اهل الجنوب

اقرأ ايضاً