العدد 4304 - الخميس 19 يونيو 2014م الموافق 21 شعبان 1435هـ

اليوم العالمي للمحيطات والبحار واستراتيجية صون التنوع الحيوي

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

يشكل الاحتفال باليوم العالمي للمحيطات والبحار محطة مهمة لتأكيد الأهمية الاستراتيجية لهذا المعلم البيئي كثروة ومقوم مهم لحياة المجتمعات البشرية والأجيال القادمة، لذلك كان لهذا الحدث البيئي موقع الصدارة في ما تشهده بلدان العالم في 8 يونيو/ حزيران من حراك بيئي وتصاعد دعوات منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال البيئي إلى تفعيل ما توصل إليه المجتمع الدولي من اتفاقيات بشأن صون النظام البيئي للمحيطات والبحار.

المحيطات والبحار توصف بالرئة التي يتنفس العالم من خلالها، وتشكل المقوم الرئيس لحياة الشعوب والعنوان المهم في مسيرة التنمية والتطور الحضاري للشعوب والأمم. ويتمثل ذلك فيما تكتنزه من ثروات وموارد حية وغير حية، وبما تتميز به من خصوصية استراتيجية في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية والتنموية للدول، إلى جانب خصوصيتها الحيوية للنظام البيئي لكوكب الأرض.

ومن الطبيعي أن يكون لتلك الخصوصية أثرها الفعلي في دينامية الأنشطة البشرية المختلفة الاقتصادية والسياحية والمعيشية، وأيضاً العسكرية، وتلك عناصر مهمة ضمن السياسات المختلفة للدول التي ميزت علاقاتها بالنظم البيئية للمحيطات والبحار، والتي تركت أثرها السلبي على المكون البيئي والتنوع الحيوي للمحيطات والبحار، وكذلك على مخزون ثروتها الطبيعية والحيوية والإخلال بتوازنها الطبيعي. ويشكل ذلك نتيجة طبيعية للاستغلال غير الرشيد لثرواته ومخزونه الحيوي، وتنفيذ الخطط التنموية غير المرتكزة على الثوابت والمقاييس العلمية لأسس التخطيط البيئي، إلى جانب تصاعد وتيرة معدلات الأنشطة البشرية الاقتصادية والصناعية والعسكرية التي لم تُراع في آليات نشاطها خصوصية العلاقة مع النظم البيئية للمحيطات والبحار.

وتسببت تلك الممارسات في حدوث الكوارث البيئية الشاملة التي أدت إلى تلويث واسع وتدهور عميق للمنظومة البيئية للعديد من البحار في العالم، ويمثل حوض الخليج العربي أبرز تلك البحار التي تجدر الإشارة إليه، لما يتميز به من خصوصية معيشية ومعنوية في ثقافة القطاعات المختلفة للمكون الاجتماعي للشعوب القاطنة على ضفاف حوض الخليج العربي، وفي استراتيجية دول منطقتنا. وتشكل تلك العناصر عوامل رئيسة ومقوماً مهماً في تحفيز المجتمع الدولي للإعلان عن تنظيم اليوم العالمي للمحيطات والبحار، الذي جري تنظيم فعالياته الأولى في 8 يونيو 2008، وجاء الإعلان عن تنظيم هذا اليوم تتويجاً لجهود المجتمع الدولي التي شملت اعتماد مجموعة من الإجراءات والمبادئ القانونية والإدارية التي حدّد بموجبها الإطار المنهجي لنشاط الدول بشأن الحفاظ على النظم البيئية للمحيطات والبحار، والحد من الأنشطة التي تتسبب في تدهور مكونها الطبيعي وصون تنوعها الحيوي. ويتمثل ذلك الجهد في منظومة الاتفاقيات الدولية المتنوعة في موضوعاتها ووظائفها وأهدافها وآليات عملها الخاصة بحماية المحيطات والبحار، التي من أهمها اتفاقية الأمم المتحدة الثالثة لقانون البحار للعام 1982 والاتفاقية الدولية لصون التنوع البيولوجي والاتفاقيات الدولية الأخرى المتنوعة في اختصاصها، والتي لا يتسع المجال للحديث عنها؛ إلى جانب مبادئ المواثيق الدولية، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مبادئ مؤتمر ستوكهولم للبيئة 1972 ومبادئ مؤتمر ريو دي جانيرو للبيئة والتنمية للعام 1992، ومؤتمر قمة الأرض للعام 2002، ومؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريو+20).

وتشكل منظومة القواعد والمبادىء القانونية والتعاقدية ركيزة القيم الدولية لتنظيم الأنشطة الرشيدة للدول في علاقتها مع النظم البيئية للمحيطات والبحار. وبالتوافق مع جهود العمل الدولي البيئي وسعياً للحد من تصاعد وتيرة التدهور البيئي الذي تصاعدت وتائره في سبعينيات القرن الماضي نتيجة جملة من العوامل والمتمثلة في الأنشطة التنموية والاقتصادية وما صاحبها من تلوث واسع لحوض الخليج العربي، عملت الدول الخليجية على التوقيع على اتفاقية الكويت الإقليمية لحماية البيئة البحرية للعام 1978، ودعمتها بمجموعة من البروتوكولات المختلفة في وظائفها واختصاصاتها، إلى جانب إنشاء المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية التي تمثل الإطار التنظيمي لإدارة العمل الإقليمي لصون النظم البيئية في حوض الخليج العربي، والتي أمكن في إطار عملها تنسيق الجهود البيئية للدول الخليجية ووضع وتنفيذ العديد من الخطط البيئية لمواجهة كوارث التلوث النفطي للبيئة البحرية في ثمانينيات القرن الماضي.

استراتيجية العمل الإقليمي البيئي ليست محصورة في قرارات المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية وحسب، بل أكدت أهميتها وحضورها الفعلي في صلب السياسات البيئية لدول مجلس التعاون الخليجي حيث عملت في العام 1998 على إصدار النظام الموحد لاستغلال وحماية الثروة المائية الحية بدول مجلس التعاون الذي حدّد جملة من القواعد بشأن تنظيم الجهود الخاصة بإدارة الثروة المائية الحية وخطط تنميتها، والمتمثلة في الكائنات النباتية والحيوانية التي تعيش في مياه الصيد وجميع ما تنتجه هذه الكائنات. وفي إطار ذلك النهج عملت دول المجلس في تنشيط جهودها المشتركة في وضع الخطط لمنهجة عملها وفق المعايير البيئية للتمكن من تحقيق المنجز في صون التنوع الحيوي في مياهها البحرية، وبالاتساق مع ذلك النهج يجري العمل على تنظيم ورش العمل المشتركة التي تعالج منهجيات العمل في مجالات أنشطة البيئة البحرية.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4304 - الخميس 19 يونيو 2014م الموافق 21 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً