العدد 4322 - الإثنين 07 يوليو 2014م الموافق 09 رمضان 1435هـ

فلسطين... لكلّ حادث... نفس الحديث

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

«اليومَ تنطلق السنة الدولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وسيكون هذا العام عاماً حاسماً لتحقيق حل الدولتين، بإنهاء الاحتلال (...) وتأمين قيام دولة فلسطين كدولة مستقلة (...)، وإنني أدعو جميع أعضاء المجتمع الدولي، ولاسيما الإسرائيليين والفلسطينيين، إلى العمل معاً من أجل تحقيق العدالة وإحلال سلام دائم. (...) وإنني أتعهد ببذل قصارى جهدي لدعم جهودهم». (16 يناير/كانون الثاني 2014).

بهذا البيان الجميل دشّنت الأمم المتحدة عامها الحالي، لتواصل مع المجموعة الدولية سلسلة من دعوات التضامن مع الشعب الفلسطيني، دعوات كانت قد بدأت مع بدايات التخطيط لصهينة فلسطين وتهويد أرضها الطاهرة، أي منذ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في سويسرا العام 1897. ثم كان بعده وعد بلفور سنة 1917، وعد من لا يملك لمن لا يستحقّ، الذي مثّل مفصلاً جديداً لتكثيف التضامن مع الشعب الفلسطينيّ، ثمّ كان الانتداب البريطاني على فلسطين العام 1918، ثمّ قيام دولة الكيان الصهيوني العام 1948، فالاعتراف بها وقبول عضويتها بالأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين وحتّى اليوم لا تزال دعوات التضامن تتهاطل، والأيام التي تذكر بحقوق الشعب الفلسطيني تتوالى لتنتشلها من غياهب التناسي ومسلسلات التنازل، حتى كان هذا العام (2014) الذي أقرّته الأمم المتحدة سنة دوليّة للتضامن مع الشعب الفلسطيني. لكن ما الجديد؟

بعض الأحداث، خلال هذا العام، تمثّل علامات مضيئة في تاريخ القضية الفلسطينية، لعلّ أبرزها تجسّد في التوافق الفلسطيني الأخير على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتحقيق المصالحة بين فتح وحماس. لكن، هيهات ثمّ هيهات أن تهنأ أيّها الفلسطيني بمثل هذه المحطات التاريخية؛ فالسرطان المزروع في جسد هذه الأمة سيظلّ ينخر وينخر، ولا يكتفي بالتحذير والتهديد، بل سيمرّ، ضارباً عرض الحائط، كل المواثيق التي وقّع عليها، إلى تنفيذ أجندته المعهودة؛ أجندة القتل والحرق والخطف بواسطة شرذمة من المستوطنين الذين كشفتهم كاميرا مثبتة على محل ملاصق لمنزل الفتى الشهيد محمد أبو خضير (17عاماً) في شعفاط بالقدس الغربية يوم الاثنين الماضي؛ حيث قام مستوطنون باختطافه وهو في طريقه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، ومن ثمّ إدخاله عنوةً إلى السيارة ولاذوا بالفرار. ثمّ تعثر شرطة الكيان الصهيوني على جثّته محترقة في غابة قرب بلدة دير ياسين. وقد أكّدت النتائج الأوليّة لعملية تشريح جثمان الشهيد الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير وجود مادة «شحبار» في المجاري التنفسية بالقصبات والقصيبات الهوائية في الرئتين، ما يدل على استنشاق هذه المادة أثناء الحرق وهو على قيد الحياة، إضافةً إلى تعرّض رأسه إلى إصابة برضوض.

هكذا تقترن السنة الدولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني باختطاف فتى فلسطيني وحرقه حيّاً وتعذيبه حتى الموت، لتضيف دولة الكيان الصهيوني إلى سجل جرائمها الحافل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل صفحة جديدة تفضح حقيقة نواياها تجاه ما تسميه عملية السلام.

وهكذا أيضاً تمنح دولة الكيان الصهيوني المجتمع الدولي فرصة جديدة ومناسبة متجددة لتفعيل التضامن مع الشعب الفلسطيني، خصوصاً ونحن في السنة الدولية للتضامن مع الشعب الفلسطينيّ. وفعلاً هبّ هذا المجتمع الكريم كالعاصفة مندّداً وبشدة بعملية الاختطاف والحرق والقتل: فها هو مجلس الأمن يندّد بأشد العبارات، وكذا الخارجية الأميركية، ولم تتأخّر أرض الكنانة عن الإدانة ولا شقيقتها الجزائر أو تونس و... وحتى الحكومة الفلسطينية أيضاً أدانت بشدة هذه الجريمة، بل حتى «نتانياهو» الصديق اللدود أدان واعتبر قتل الطفل الفلسطيني جريمة. وهكذا لكل حادث نفس الحديث ولم يتغير شيء سوى أن المثل العربي القديم والقوي (لكل حادث حديث) قد انزاح به العرب والمجتمع الدولي عن لفظه ومعناه ليصبح معهم (لكل حادث نفس الحديث).

لكن فيم العجب؟ فدار لقمان على حالها؛ تستمتع بفطور رمضان وتتابع سهرات المونديال الكروية، وكما قال لي صديق يوماً ما: «المونديال يأتي مرة كل أربع سنوات...»، بينما قتل طفل فلسطيني يتكرّر أربع مرّات في الشهر. فَلِمَ العجلة فاليوم سهر وغداً أمر، وأيّ أمر!

صدقت والله! ففي السنة الدولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتحديداً منذ بداية العام وحتى الآن، قتلت سلطات الاحتلال 35 فلسطينياً ما بين قطاع غزة والضفة الغربية، منهم 13 استشهدوا في شهر يونيو. وليس ذلك بغريب ولا جديد، فمنذ 14 سنة قتلت يد الاحتلال المجرمة 1500 طفلاً فلسطينياً، ناهيك عن الجرحى والمعتقلين ومن تُركوا بعاهات جسدية مستمرة وأمراض نفسية مستعصية، وما هذا العدوان الممنهج على الطفولة الفلسطينية إلا استراتيجية مبرمجة ومقصودة وموجهة ضد النشء والفتيان الفلسطينيين بغرض ردعهم وإرهاب ذويهم لثنيهم عن النضال، فضلاً عن الهدف البعيد المتمثل في التأثير المستقبلي في التركيبة السكانية، خصوصاً أنّ قادة الاحتلال يذكرون فارق عدد السكان كعامل استراتيجي مهدّد للكيان الصهيونيّ.

بعد الأيام الدولية والأسبوع الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أتت السنة الدولية لتحقيق هذا التضامن وكأنّ إقراراً عالمياً بأنّ يوماً لم يكف، وأنّ أسبوعاً لا ولن يكفي، وكأن الكيان الصهيوني يتحدّى العالم قائلاً: «بقدر ما تتضامنون مع الشعب الفلسطيني سنعاقبه، وبقدر ما تشعلون للسلام شموعاً، سنحرق أزهاركم ونقطع دابركم.»

العام 2014: سنة دولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني في كلمة واحدة (نُنَدِّد) اُختُصِرتْ، وعملية السلام وبعد مخاض عسير وُئِدتْ، والطفولة الفلسطينية على أرضها أُحرِقتْ، والبيوت على أصحابها هُدِّمتْ، وحقوق الشعب الفلسطيني أُجِّلتْ... فلأيّ يوم أجّلتْ؟ ليوم العرب، وما أدراك ما يوم العرب!

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4322 - الإثنين 07 يوليو 2014م الموافق 09 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:17 ص

      وإنني أتعهد ببذل قصارى جهدي لدعم جهودهم». (16 يناير/كانون الثاني 2014).

      حشي فاضي

    • زائر 4 | 2:29 ص

      عار على جبين الدهر

      هكذا تقترن السنة الدولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني باختطاف فتى فلسطيني وحرقه حيّاً وتعذيبه حتى الموت، لتضيف دولة الكيان الصهيوني إلى سجل جرائمها الحافل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل صفحة جديدة تفضح حقيقة نواياها تجاه ما تسميه عملية السلام.

    • زائر 3 | 6:03 ص

      هذا التضامن ولا بلاش!!!!!!!!!!

      ففي السنة الدولية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتحديداً منذ بداية العام وحتى الآن، قتلت سلطات الاحتلال 35 فلسطينياً ما بين قطاع غزة والضفة الغربية، منهم 13 استشهدوا في شهر يونيو. وليس ذلك بغريب ولا جديد، فمنذ 14 سنة قتلت يد الاحتلال المجرمة 1500 طفلاً فلسطينياً،

    • زائر 2 | 2:51 ص

      معذرة

      هل توجد بقعة أسمها فلسطين!!!! وأين موقعها في الخريطة؟؟ شكلك علطان خوك، راجع معلوماتك

    • زائر 1 | 1:08 ص

      فلأيّ يوم أجّلتْ؟ ليوم العرب، وما أدراك ما يوم العرب!

      وهل للعرب يوم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اقرأ ايضاً