العدد 4358 - الثلثاء 12 أغسطس 2014م الموافق 16 شوال 1435هـ

ثانية المصائب في أزمة البحرين

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

ذكرنا أن أولى مصائب الأزمة البحرينية، اعتلال المجتمع بمتنفذين ذوي عقلية إدارية تفردية، من دون أية مشاركة أو رقابة ومحاسبة من أي كان، سواءً من قبل المؤسسات الرسمية، أو مؤسسات المجتمع المدني، كما هو جارٍ في نظام دولة المؤسسات والقانون.

بل يرون أن السؤال والنقد والمحاسبة، تطاول على مكانتهم، فهم يرون ذواتهم فوق النقد والقانون، وأنهم أصحاب حق حين التعدّي على الناس، فتُستثار طبيعتهم العنفية، بالمطالبات الشعبية الجماعية، بدلاً من كونها أصلاً، سعياً بالسلم لإصلاح حال البلاد والعباد، فتلك النظرة المتعالية على الناس، المرتبطة بالمعاملة العنفية القاسية حين الخلاف، وبوسيلة الاستفراد بتملك عناصر وأدوات القوة الجبرية، أوصلت حال العلاقة بين الشعب والسلطات إلى حالة الانفصال التي نراها اليوم.

أما ثاني المصائب، فهي أنه عوضاً عن تدارك السلطات لهذا الخلل، عبر جدية التعاطي مع مسببات ونتائج مراحل الأزمات المتتابعة، كما تبدى مأمولاً في مرحلة الدستور والمجلس الوطني 1973-1975، وتكرار ذلك الأمل بعد أحداث 1994-1999، في مرحلة الميثاق 2000-2002، وثالثاً من خلال مرحلة دستور 2002، لغاية ما قبل حراك 14 فبراير 2011، ورابعاً وما زالت على موقفها حتى اليوم، فوجدنا أن السلطة رغم وعود النصوص، تعود من جديد لما هي عليها، بما أتته من ممارسات إبان مرحلة قانون أمن الدولة، من الاستفراد، وقبلها إزاء حركة الهيئة، بل بالإضافة تَملكّت بالإيجارة من المال العام، كامل مؤسسات وأجهزة الدولة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، لتكون حائط الصد لتلك المطالبات الشعبية.

ولهذه العلاقة بين السلطات والشعب، محصلةٌ نراها اليوم في التمييز الفاضح، لطائفةٍ على حساب أخرى، وقد تبدت الممارسة في هدم بعض مساجدها بدءًا، أيام السلامة الوطنية، وشكرنا الله أن منح سلاح الصبر للمظلوم، بما يغنينا كدليل عن ذكر باقي الظلامات الطائفية، التي تضاعفت بصفتيها الطائفية والسياسية، ليبتلي ببعضها أيضاً المختلفون على الصفة السياسية دون الطائفية، حسب دورة الأزمات، بما تنوعت في التوقيف والاعتقال والتعذيب المفضي إلى الموت، وفي الفصل من الأعمال ومن مقاعد الدراسة، والتعرّض لطلقات الرصاص وعبوات مسيل الدموع، بالإصابة المباشرة المميتة وغيرها.

كل هذه الأعمال انتهجتها السلطة، إضافةً إلى كيل التهم جزافاً، بالخيانة والتفجيرات وحمل السلاح، وهي اتهامات باتت اسطوانةً مكرّرةً إزاء كل الحراكات الشعبية عبر التاريخ، من أجل اختلاق التبريرات، للتغطية على الإجراءات القمعية، بما يتجاوز أكثرها، معاهدات حقوق الإنسان والدستور والقوانين المحلية، إلى درجة أن يذكرها وزير ووزيرة، في التلفزيون الرسمي، وتسقطها اللجنة الدولية لتقصي الحقائق «لجنة بسيوني»، فالسؤال هنا كيف للمعني بالحقوق، معرفة حقيقة الاتهامات من عدمها، التي وجهتها السلطة إلى المطالبين بالحقوق من شعب البحرين، ومنها تهم التعاون مع جهات خارجية، للإضرار بأمن الدولة، والمعنى السياسي والقانوني لأمن الدولة، هو أمن البحرين إقليماً وشعباً بالأصل، وحكومة بالفرع، من مثل إفشاء معلومات عسكرية، أو نداء دولة أخرى للتدخل عسكرياً في البحرين، فأين الخيانة إذاً، في رفع المطالبة مثلاً بحكومة منتخبة؟

وكلما تناولنا ممارسة من ممارسات السلطة، وجدنا أنها مبنيةٌ على شَق شعب البحرين عمودياً إلى قسمين، بالتفريق بين طائفتيه، وبالتمييز لأحداهما، وتحريض إحداهما على الأخرى، من أجل إضعاف الوحدة الوطنية لعدم تكرارها كما كانت في حركة الهيئة، ومن يومها سلكت السلطة استراتيجية الاستفراد بفصيل شعبي معارض عند كل منعطف سياسي، مع الإبقاء على عدم الثقة وعدم الاتكال على الشعب في الأجهزة السيادية، ومن وظّفته السلطة في تلك الأجهزة من البحرينيين من طائفة، من أصغر موظف إلى الوزير، جعلت عليه رقابة يراها حتى في منامه، حتى تم استئناس وضعه واستكانة أمره، فما نال تلك الوظيفة إلا مَن حرص على استفادة شخصية أو فئوية من السلطة. فبدءًا من سياسة توظيف الأجانب في سلك الأجهزة، مقابل المنع على أبناء طائفة من الشعب، بشكل عام وآخرين بشكل خاص، العمل في تلك الأجهزة، خلافاً للنص الدستوري الخاص، وإسقاطاً لحقوق المواطنة العامة لغالبية شعب البحرين، إلى سياسات التجنيس الأمني ثم السياسي، ثم العشوائي غير المفيد وطنياً، والذي أساء للمواطنين بما عجزت عنه السلطة من تطوير الرعاية والخدمات، وبما أنقصتها على المواطن، ومنحتها لمن جَنّسَته، قبالة سياسات سحب وإسقاط جنسيات البحرينيين، إلى تعديلات القوانين العقابية، لجعل التصرف في جنسية المواطنين عقوبة تتخذها الحكومة، لتأتي هذه التعديلات بما تحتاجه السلطة، لتمكينها من المسّ بسلامة الشعب وأمنه ومواطنته، وهي متدثرة بعباءة القوانين، التي سنتها لها السلطة التشريعية التي أجرت عليها ما أجرته، على موظفي الوزارات السيادية عاليه.

لذا ينادي الحراك الشعبي، بإعادة بناء الدولة، لتكون دولة مدنية ديمقراطية حديثة، السيادة فيها للشعب مصدر السلطات، عبر العملية الانتخابية الشعبية، متساوية الصوت الانتخابي لكل مواطن، لانتخاب سلطات الدولة، بدءًا بالحكومة، وبآلية تحفظ للوطن استقراره، وللمواطنين حقوقهم بأكثرياتهم وأقلياتهم.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4358 - الثلثاء 12 أغسطس 2014م الموافق 16 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 7:44 ص

      ضربة معلم

      حقيقة استطاع الكاتب الأستاذ الفاضل يعقوب سيادي الرجل المخضرم الحادق الوطني الصادق ان يضع النقاط على الحروف، غير أنه قد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي..

    • زائر 15 | 4:06 ص

      هؤلاء

      هؤلاء استادى مايفيد معاهم الكلام لقد استحود الشيطان على قلوبهم لايرون الا الشر واخر ضربه للحكومة سرقة ساحل جرداب فاكرين الارض ملكهم وهم يعرفون انه ملك الله ولادايمين ليهه وشكرا للكاتب والله اخلص شعبى من الجهل

    • زائر 16 زائر 15 | 4:38 ص

      شكراً لكم

      شكراً لكم

    • زائر 17 زائر 15 | 7:42 ص

      اصيل يااستاذي

      الدنيا دوارة والظالم له يوم لكن وين اللي يعتبر

    • زائر 14 | 3:07 ص

      المخارقة

      احسنت استاد
      طال الزمن او قصر فنحن لن نسكت

    • زائر 13 | 2:07 ص

      ويلوموننا في كتاب الوسط

      اذا قرأت هذا المقال على طوله نسبيا وانت تستمتع بكم المعلومات ومنطقية التعابير ، وقرأت لأوليك المنافقين الدجالين والذين يكررون الكلام كل يوم ولا تخلوا كتاباتهم من السب والقذف في المعارضين الى ان وصل ببعضهم التهجم مذهبيا ، يا استاذ يعقوب المصائب التي ذكرتها لها مصفقون كثر شيوخ كتاب موظفين منافقين متملقين وهم الفئة المسموع لها ، ولكن دوام الحال من المحال وسيتغير الحال في يوم من الأيام وتدور الدوائر ونحن نرى الأمثلة الكثيرة ولكن أين المتعظين ؟؟ من لا يلوذ بالناس والشعب يخسر حتما .

    • زائر 12 | 2:04 ص

      شيء مضحك

      من يدعي العلمانية يدافع عن الفكر الطائفي الرجعي. ابعدو الدين عن السياسة و امنعوا العمائم و اللحى من السياسة و سيتوحد الشعب

    • زائر 11 | 2:01 ص

      شكرا لمنبتك الطاهر و فطرتك النقية و اصالتك الواضحة

      ما ضاع حق وراءه مطالب و ان غدا لناظره قريب. و تلك الآيام نداولها بين الناس و التاريخ شاهد و قد فاز من أعتبر.

    • زائر 8 | 12:48 ص

      لولا الغطاءالسياسي الدولي لهم لتغير وضعهم

      الدول الكبرى امريكا اساسا وبريطانيا ثانيا عاملين غطاء سياسي كبير لكل التجاوزات التي تحدث لدينا تقسم الشعب فعلا لكن وبال ذلك سينعكس على من لديه القرار خرجنا ولن نرجع خائبين سيلتفت العالم لمطالبنا فهي محقة ويتغير الحال حينها وسنرفض ما رفضوا قد يقول احد انك تحلم وأقول وماضرر بان احلم واسعى لتحقيق حلمي انها الإرادة وايضا لو تقسيم المجتمع عموديا لما استطاع احد ان يستفرد بقرار التجنيس المتضرر منه الموالي لنعش ونرى وارض الله واسعة

    • زائر 7 | 12:38 ص

      الله يساعدك تأذن في خرابه

      كل الشكر والتقدير للكاتب الوطني سيادي وبارك الله فيك وفي أمثالك ممن يحمل أمانة القلم ويدافع عن المواطن ويسعى في رفع المظالم عنه ..
      وكذلك نشكر الجمعيات الوطنية المعارضة وجمهورها العريض بالاستمرار في النهج السلمي بالمطالبه بالحقوق الطبيعية بالعيش الكريم والدولة الحقيقية المؤسساتية واحترام الانسان البحريني أو البحراني وافساح المجال لابداعاته.
      أنت تتكلم مع سلطة شاخت وهرمت واصبحت عمياء بكماء وخرفه لا تستوعب ما تقول وسوف تقبر قريبا وينبلج صبح جديد بإذن الله تعالى وهي سنة كونية أخي العزيز تذكر ذلك.

    • زائر 6 | 12:27 ص

      شكرا سيادي

      نعم هكذا هم الشرفاء التي تريد للبحرين واهلها الخير والعزة والكرامه بكل الطوائف بكل مكوناتها . شكرا سيادي على هذا المقال الرائع

    • زائر 5 | 12:16 ص

      patriot

      انت وطني بمعني الكلمه ارفع للك قبعه الاحترام والتحيه

    • زائر 4 | 11:24 م

      والنعم فيك يا استاذ يعقوب سيادي

      كلام جميل من رجل محنك وعظيم عندما يقول .. التهم جزافاً، بالخيانة والتفجيرات وحمل السلاح، وهي اتهامات باتت اسطوانةً مكرّرةً إزاء كل الحراكات الشعبية عبر التاريخ وشَق شعب البحرين عمودياً إلى قسمين، بالتفريق بين طائفتيه، وبالتمييز لأحداهما، من أجل إضعاف الوحدة الوطنية

    • زائر 3 | 11:00 م

      زائر

      شكراً لك أ. يعقوب في هدا الوطن اصبح المواطن غريباً في وطنه تسحب جنسيته في حين تمنح الى الغرباء بحجج التآمر والاتصال بجهات خارجيه لزعزعة امن الوطن اصبح المواطن لايستطيع ان بطالب بابسط حقوقه وإلا اعتبر ممن يستحق العقوبه والتى نصل الى السجن لعدة سنوات وسحب الجنسيه والفصل من العمل والاتهام بالخيانه ..

    • زائر 2 | 10:41 م

      شكرا استاذ يعقوب

      دائما تكتب مايختلج في صدورنا سدد الله خطاك .

    • زائر 1 | 10:34 م

      خسارة وقتك اللي ضاع أستاذي الشريف

      يقال ان الضرب في الميت حرام، ... فلا ترتكب المحرمات أستاذي بمحاولة ضرب الميت فلا حياة لمن تنادي.
      \nالديمقراطية هي حق يؤخذ ولا يُعطى، فلا نلوم الا أنفسنا اذا طال انتضارنا ونحن نستجدي من له كل المصلحة للإبقاء على حقوق الشعب ومقدرات البلد.

اقرأ ايضاً