العدد 4360 - الخميس 14 أغسطس 2014م الموافق 18 شوال 1435هـ

المعارضة: لا ضمانة أمام التهديدات الخـارجية والاضطرابات الداخلية إلا بالإصلاح

في ندوة عقدتها عشية احتفــائها بذكرى استقلال البلاد...

ندوة المعارضة في «وعد» بمناسبة ذكرى استقلال البحرين - تصوير محمد المخرق
ندوة المعارضة في «وعد» بمناسبة ذكرى استقلال البحرين - تصوير محمد المخرق

 شدَّدت القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة على أنه «لا ضمانة أمام التهديدات الخارجية والاضطرابات الداخلية إلا بالإصلاح». وأكدت في ندوة عقدت بمقر جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) في أم الحصم، مساء الأربعاء (13 أغسطس/ آب 2014)، تحت عنوان «واقع العقد الاجتماعي ومصير الوحدة الوطنية»، جاءت عشية احتفائها بذكرى استقلال البلاد في 14 أغسطس 1971، أن «الإصلاح الحقيقي ضرورة وهو الضمانة أمام الاضطرابات الداخلية والتهديدات الخارجية، وأن ما جرى من تصويت لعروبة البحرين قبل الاستقلال ومن قيام مجلس تأسيسي أصدر الدستور، ومجلس وطني بعد الاستقلال كانت هي الصيغة التوافقية التي أنقذت البحرين قبل أن تنزلق مرة أخرى في الاضطرابات بعد حلّ المجلس الوطني».

 

الموسوي: البحرين تحتاج لحوار جاد


وفي ورقته، قال القائم بأعمال الأمين العام لجمعية وعد رضي الموسوي: «لعل أبرز محطة تاريخية في البحرين هي مرحلة هيئة الاتحاد الوطني التي تأسست في أكتوبر/ تشرين الأول 1954، وتم ضربها مع اعتقال قيادتها وإبعاد ثلاثة منهم إلى جزيرة سانت هيلانة في المحيط الهندي، وذلك في ديسمبر/ كانون الأول 1956، جاءت الهيئة على خلفية المحاولات المستميتة من الحكم والإنجليز تطبيق المبدأ الشهير «فرق تسدط وإشعال فتنة طائفية قبل عامين من تأسيس الهيئة (1952) والتي كانت تعرف بفتنة محرم، وفق ما جاء في كتاب «من البحرين للمنفى» للمرحوم أمين سر الهيئة عبدالرحمن الباكر».
وأضاف «هذه الفتنة التي نفذها مأجورون... لكن الشعب البحريني وعى هذه اللعبة بعد عامين من جهود عبدالرحمن الباكر ومجموعة من شخصيات الطائفتين الذين تمكنوا من إطفاء نار الفتنة ووأدها بالإنجاز التاريخي المتمثل في تشكيل هيئة الاتحاد الوطني التي ضمّت 120 شخصاً من الطائفتين الكريمتين، والتي بدورها اختارت ثمانية (مناصفة) من أعضائها شكلوا اللجنة التنفيذية للهيئة».
وتابع الموسوي «على رغم ضرب الهيئة وإشاعة أجواء القمع والغطرسة، إلا أن الشعب البحريني تعلم درساً مهماً منها رغم قصر فترتها الزمنية، وهو مسألة الوحدة الوطنية، والتي تجسّدت في انتفاضة الخامس من مارس/ آذار 1965، حيث هبّت الجماهير الشعبية لنصرة المئات من عمال شركة النفط الذين قررت إدارة الشركة التخلص منهم وفصلهم تعسفياً من العمل. في تلك الانتفاضة سقط 6 شهداء من المنامة والمحرق وسترة ونويدرات والديه».
وأردف الموسوي «لقد توحّد الدم المسفوك من جميع المناطق، ليؤكد على أن مصير هذا البلد واحد وأن أبناءه الذين يتعرضون لمحاولات مستميتة لتفريقهم على أساس مذهبي وطائفي وقبلي قد باءت بالفشل، وإن حققت بعض الثغرات».
وتحدث الموسوي عن مرحلة ما قبل الاستقلال، وقال: «هذا الوضع أسس للمرحلة التي سبقت الاستقلال وقبيل وصول البعثة الدولية برئاسة السير جوشياري الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الذي توصل وفريقه إلى خلاصات حاسمة مفادها بأن سنة البحرين وشيعتها يريدون دولة عربية مستقلة ذات سيادة، هذه النتيجة حسمت موضوع عروبة البحرين وعدم تبعيتها إلى إيران وإلى غير رجعة».
وأكمل «ويشير علي ربيعة في كتابه القيم «التجربة الموءودة» إلى أنه كان من المفترض بعد صدور قرار مجلس الأمن في 11 مايو/ أيار 1970 أن تعلن حكومة البحرين استقلالها وإنشاء كيانها المستقل».
وهكذا أعلن يوم الاستقلال في 14 أغسطس 1971، وبعدها بيوم وقعت بريطانيا والبحرين اتفاقية صداقة جديدة وتم إلغاء المعاهدات الحمائية السابقة الموقعة في السنوات 1820 و1856 و1861 و1892».
وأفاد الموسوي «وفي اليوم الخامس عشر نفسه من أغسطس صدر بيان رسمي من حاكم البحرين الأمير الراحل سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، حسم فيه مسألة الالتحاق بالاتحاد التساعي وإعلان البحرين دولة مستقلة، وقد جاء نص هذا البيان في كتاب حسين البحارنة «دول الخليج العربي الحديثة»، إذ أكد الحاكم في بيانه على أن هذه المبادئ التي تؤمن بها البحرين تتلخص في ضرورة وضع دستور حديث يقوم على مبدأ فصل السلطات وتوزيع الاختصاصات بين الأجهزة الحكومية ويوفر للمواطنين الحقوق والحريات السياسية والمدنية».
وشدد «كان موضوع العقد الاجتماعي واضحاً وجلياً وضرورياً كجزء من الصورة العامة للاستقلال، وهذا ما يدل عليه خطاب الاستقلال، وبالفعل تشكل المجلس التأسيسي، الذي جاء بدستور 1973 العقدي، ليتم الانقضاض عليه في أغسطس 1975 ليستمر حكم الدولة الأمنية تحت قانون تدابير أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة حتى مطلع العام 2001 عندما تم التصويت على ميثاق العمل الوطني وتتحول البحرين إلى مملكة يفترض أن تكون دستورية على غرار الديمقراطيات العريقة، كما نص الميثاق، إلا أن الإرادة المنفردة جاءت بدستور 2002 لتؤسس لحالة احتقان تراكمت وأدت إلى التحول النوعي في الحراك الشعبي في 14 فبراير/ شباط 2011 ضمن هبّة الربيع العربي».
وتحت عنوان «خطورة ضرب الوحدة الوطنية»، قال الموسوي: «كان السلاح الأكثر فتكاً في مواجهة الحراك الشعبي في فبراير 2011 هو سلاح الفتنة الطائفية، وكما كانت فتنة محرم في العام 1953، جاءت فتن كثيرة قادها الإعلام الرسمي والصحافة المحسوبة عليه بعمليات تسقيط وتخوين ومحاكمات على الهواء بالإضافة إلى استخراج كل الغرائز الحيوانية التي وجدت طريقها بحماية أقطاب في الدولة، حتى كادت الساحة أن تتفجر لولا حكمة قوى المعارضة وجمهورها الذي داس على جراحاته وتلقى القتل خارج القانون والاعتقال والهجرة والفصل التعسفي وإسقاط الجنسية، عبر التمسك بسلمية الحراك، على رغم بعض الثغرات كان كفيلاً بحماية المجتمع من الانزلاق نحو الفتنة الطائفية والمذهبية، حيث تمكن جمهور المعارضة الواسع من قطع الطريق على المحرضين وعلى الإعلام الرسمي وتوابعه».
واستدرك الموسوي «لكن البحرين ليست في جزيرة معزولة، إنما هي في عين العاصفة وفي مركز منطقة الخليج التي تتعرض إلى اهتزازات كبيرة نظراً لتداعيات جملة من القضايا منها الملف النووي الإيراني وتدهور الأوضاع في العراق واليمن وسورية، وارتباط كل هذه التداعيات في المنطقة، حيث الفكر التكفيري يجد له حواضن في بعض بلدان المنطقة، وحيث ذهاب الشباب الخليجي إلى بلدان الصراع للقتال إلى جانب التنظيمات التكفيرية مثل «داعش» و «النصرة» و «القاعدة»، وفي ظل استمرار الأوضاع على ما هي عليه فإن الشحن الطائفي سيستمر وستخسر البلاد الكثير من شبابها وتنميتها المستدامة وستشهد تراجعاً حقيقياً في الأداء الاقتصادي وتفاقماً للأزمات المعيشية».
وتساءل الموسوي «كيف نحافظ على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي؟»، وأجاب «مع الفشل الذريع للخيار الأمني في إدارة شئون البلاد، لابد من البحث عن مخارج حقيقية قادرة على تمتين اللحمة الداخلية والحفاظ على النسيج المجتمعي في البحرين، من خلال ضرورة وضع خارطة طريق ترتكز على التنفيذ الأمين لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وتوصيات مجلس حقوق الإنسان في جنيف، ما يعني الإفراج عن المعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم الأمين العام لجمعية وعد إبراهيم شريف السيد».
كما دعا الموسوي إلى «شطب الدعاوى المرفوعة على معتقلي الرأي والضمير، والشروع في برنامج الإصلاح الجذري وحل القضايا موضع الخلاف بين الحكم والمعارضة والمتمثلة في السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية والدوائر الانتخابية والأمن».
وشدد على ضرورة «الجلوس على طاولة المفاوضات والتحاور بشأن الأجندات الوطنية الجامعة بما فيها الأزمات المعيشية التي تثقل كاهل المواطن، ولجم التمييز الطائفي والمذهبي والقبلي الذي استفحل في السنوات الأخيرة واعتماد مبدأ المواطنة المتساوية، وإصدار تشريع واضح يجرم التمييز على أسس طائفية أو مذهبية أو قبلية».
وحضّ الموسوي على «رفض المحاصصات الطائفية بكل أشكالها وبصورة قاطعة، باعتبارها مدمرة للنسيج المجتمعي وكارثية على وحدة البلاد، والتراجع عن التشريعات المقيدة للحريات العامة والخاصة والمصادرة لحق العمل السياسي، والتوقف عن منح السلطة التنفيذية الصلاحيات المطلقة في معالجة القضايا السياسية».
وحث الموسوي في نهاية كلمته على «إحداث النقلة النوعية بمكافحة الفساد ووضع استراتيجيات حقيقية قابلة للتطبيق للتنمية المستدامة».

خليل: لا مناص عن الإصلاحات الحقيقية


أما القيادي في جمعية الوفاق عبدالجليل خليل، فاستعرض في ورقته تاريخ الوجود البريطاني في البحرين، وتحت عنوان «بريطانيا تحمي خط الملاحة في 1820»، قال خليل: «بدأ وجود البريطانيين في الخليج بشكل فعال بعد إبرام المعاهدة البريطانية في العام 1820 حيث انصبّ اهتمام البريطانيين في هذه المرحلة على تحسين حركة الملاحة عبر المرافئ ومنع القرصنة لحماية التجارة الدولية التي كانت تحت مظلة الاسطول البحري البريطاني، وطبقاً لنصوص اتفاقيات 1880 و1892 أصبحت البحرين محمية بريطانية حيث وافق الحاكم على أن تصبح بريطانيا مسئولة عن سياسة البحرين وتحميها من كل اعتداء خارجي، مقابل أن يلتزم الحاكم بتنفيذ الآتي: عدم الدخول في أي مفاوضات أو أي نوع من الاتفاقيات مع أي دولة دون موافقة بريطانيا، ورفض إقامة قنصلية أو علاقات دبلوماسية مع أي دولة من دون موافقة بريطانيا، وعدم التنازل أو التخلي عن أي جزء من أراضي البحرين لأي دولة غير بريطانيا».
وبدأ عهد جديد من العلاقات مع بريطانيا في 1901 عندما تم ترفيع مستوى المعتمدية في البحرين من وكيل محلي الى وكيل سياسي يتولاه مسئول بريطاني، وبعد ذلك جاءت زيارة نائب الملك البريطاني، حاكم الهند، اللورد كيرزون إلى البحرين في 26 - 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 1903، والذي أصر على إصلاح الجمارك في البحرين، كما تطرق إلى مسألة تطبيق السلطة القضائية على الأجانب في البحرين.
في سبتمبر/ أيلول 1904 وقعت حادثة بين ابن أخ الحاكم وموظف محلي تابع لشركة ألمانية (السادة فون هاوز)، وبحسب ملفات القضية فإن الموظف تعرض للضرب، وعلى إثر ذلك تقدمت الشركة الألمانية بشكوى إلى القنصل الألماني في بوشهر الذي أوصلها بدوره إلى المقيم السياسي البريطاني (المسئول عن الإدارة البريطانية في الخليج). وفي نوفمبر 1904 وقعت حادثة مماثلة بين الشخص ذاته واثنين من الإيرانيين، وتقدم الإيرانيان بشكوى إلى شاه إيران، ووصلت أيضاً تفاصيل القضية إلى المقيم السياسي البريطاني في بوشهر.
على إثر ذلك، في فبراير 1905، وصل المقيم السياسي في بوشهر (رئيس الخليج) الميجور بيرسي كوكس إلى البحرين، وكان مخولاً بسلطات لتقصي الحقائق بشأن المشاكل التي يتعرض لها الأجانب في البحرين، كما كان لديه تخويل باستخدام قوات الأسطول البريطاني إذا لزم الأمر. وقام هذا المسئول البريطاني بإصدار إنذار في 23 فبراير 1905، وطلب فيه تسفير الشخص المتهم بالاعتداء في القضيتين إلى خارج البلاد لمدة خمس سنوات، ودفع غرامة ألفي روبية إلى الذين اشتكوا عليه. كما اشترط على الحاكم الاستماع إلى نصيحة الوكيل السياسي البريطاني في البحرين، وطلب كوكس إلغاء «السخرة» على الأجانب، وهي إجبارهم على العمل من دون مقابل، وأمر بوضع جميع الأجانب تحت السلطات القضائية البريطانية، كما وتولى الوكيل السياسي منذ ذلك الحين إعتاق العبيد من العبودية وتأمين أوضاعهم بشكل مناسب.
وفي 26 يوليو/ تموز 1913 وقعت بريطانيا مع الدولة العثمانية اتفاقية لتحديد حدود الولايات العثمانية في منطقة الخليج، فيما يتعلق بالكويت وقطر والبحرين وشط العرب، وبعد ذلك مباشرة، في 15 أغسطس 1913 صدر مرسوم ملكي بريطاني، وهو مرسوم يحمل قوة القانون Bahrain Order-in-Council ينظم سلطات بريطانيا على الأجانب في البحرين ويوسع سلطات الوكيل السياسي في مجالات حيوية. وبسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى لم يطبق هذا المرسوم بقانون إلا في 1919. ويتألف هذه المرسوم من سبعة أجزاء في تسع وسبعين مادة، بالإضافة إلى ملحق، ولم يخول هذا المرسوم بقانون الوكيل السياسي البريطاني في البحرين بالسلطات القضائية على كل الأجانب في البحرين فحسب، وإنما ومنحه الحق في اختيار نصف أعضاء «مجلس العرف» - لفض الخلافات بين التجار - وفي تعيين قضاة «محكمة السالفة» - لإصدار الأحكام فيما يتعلق بصناعة اللؤلؤ - بالاتفاق مع شيخ البحرين.
وأضاف «وفي 1914 تعهد الحاكم بعدم منح أي امتياز للتنقيب عن النفط دون موافقة بريطانيا، كما تعهد بالقبول بالنصائح البريطانية فيما يتعلق بولاية العهد وشئون الجمارك والتسهيلات الضرورية للمرافئ».
وأردف خليل «وبناء على هذه الاتفاقيات تولت بريطانيا الشئون الخارجية والدفاعية للبحرين، وتشير الوثائق (إننا في العادة نتشاور مع الحاكم في الأمور المهمة ولكن لا يعد هذا ملزماً لنا، وأننا نحمي البحرين من أي خطر خارجي كما نحمي أي إقليم بريطاني ونحمي الحاكم ورعاياه ومصالحهم في الدول الخارجية كما نحمي أي مصالح لمواطنينا، ولاشك أن هذه الشروط قد سلبت من البحرين السيادة في العلاقات الدولية)».
وواصل خليل «وبعد الحرب العالمية الأولى أصدرت الحكومة البريطانية تعليماتها إلى المسئولين البريطانيين بالبدء بالإصلاحات الإدارية والتي بدأت مع تعيين الكابتن (ن ن اي براي) في العام 1918 كمعتمد سياسي وبذلك تحول الدور البريطاني من تقديم النصائح الإصلاحية للحاكم إلى دور تنفيذها مباشرة».
وأوضح «وبعد براي خلفه الميجر (هـ اي ب ديكسون) حيث بدأ في 1919 بإنشاء محكمة مشتركة يرأسها المعتمد السياسي والشيخ عبدالله بن عيسى بن علي، وفي 1920 تأسس المجلس البلدي المؤلف من 8 أعضاء يختار الحاكم 4 يمثلون البحرينيين ويختار المعتمد البريطاني 4 يمثلون الجاليات الأجنبية وعيّن الميجر ديكسون الشيخ عبدالله رئيساً للمجلس البلدي ومحمد روشان الهندي سكرتيراً للمجلس وكان المجلس مسئولاً عن النقل والمواصلات والماء والكهرباء مع فرقة صغيرة من الفداوية حلت فيما بعد».
وفي يناير 1921 عينت بريطانيا وكيلاًَ سياسياً (معتمد) بريطاني جديد في البحرين، وهو كلايف دايلي.
في 6 فبراير 1922 انفجرت انتفاضة شعبية طالبت بإنهاء «السخرة» عن أهل البحرين وإنهاء الضريبة الرقابية والضرائب التي كانت توصف بالاستعبادية.
وفي 26 مايو 1923 أشرف المقيم السياسي بالوكالة ستيوارت نوكس على تنفيذ «الإصلاحات الإدارية» والتي أنهت أسلوب الحكم القديم.
غير أن المطالب استمرت لتشمل الجوانب السياسية، وعلى أساس وطني شامل، وتطورت حتى حركة الهيئة في خمسينيات القرن العشرين. وعن مشاركة بريطانيا في ضرب هيئة الاتحاد في 1956، قال خليل: «أشارت الوثائق تحت بند مطالب الإصلاحيين إلى (أن البحرين دولة استبدادية إذ إن أعضاء بلدية المنامة والمحرق انتخبوا لمرة واحدة، ولكن هذه العملية لم تستمر، وفي أكتوبر الماضي توصل الحاكم لاتفاق مع الإصلاحيين على أن تكون الهيئات نصف منتخبة ونصف معينة للإشراف على التعليم والصحة والبلديات، وكذلك وافق الحاكم على دعوة الخبير الدستوري المصري السنهوري لإصلاح القضاء وأن الشرطة تحتاج لإصلاح)».
وأكمل «انتخابات مجلس المعارف تمت ولكن الحكومة ماطلت في تحديد أعضائها المعينين وأن انتخابات هيئة الصحة لم تتم، وكانت هناك مطالب أخرى للإصلاحيين هي: عزل تشارلز بلغريف، التحقيق في شغب 11 مارس 1956، والاعتراف بالهيئة العليا التنفيذية، ورفض اقتراح أن يقود الشرطة ضابط عراقي، وبناء على المفاوضات التي قادها الوكيل السياسي بين الحاكم والإصلاحيين، وتم الاعتراف بهيئة الاتحاد الوطني كحزب سياسي، ووافق على تأسيس المجلس الإداري، وتمت الموافقة على التحقيق في أعمال الشغب منذ 2 مارس».
وتابع خليل «أما بخصوص عزل بليغريف، فرغم أن الإصلاحيين تراجعوا عن مطلب عزله ولكن كان هناك أيضاً تردد وإرباك عند المسئولين البريطانيين بين تركه على حاله حتى يترك أو التخلص منه أو يتم اختيار وقت لتقاعده».
وأكمل «ومال قرار الحكومة البريطانية لتحديد وقت لتقاعده بعد وضع شخصية بريطانية مكانه وخصوصاً أن البريطانيين المقيمين في البحرين وبعض السياسيين كانوا أيضاً يحبّذون هذا الخيار حتى لا يجلب الغضب على بريطانيا».
وواصل خليل «وختمت الوثيقة البريطانية بالقول «يجب ألا نخشى من التدخل في الشئون الداخلية والبحث - مع عدم استعداء الحاكم - لكسب تعاطف الإصلاحيين المعتدلين في البحرين».
وأشار إلى أنه «وفي 16 أبريل/ نيسان 1956 قالت الوثيقة «ليس هناك أي شك بخصوص عزمنا لدعم الحاكم لأن كل اتفاقياتنا تعتمد على علاقتنا به ولكن هذا لا يعني أن نشجع الميول الاستبدادية للدرجة التي نكون فيها مجبورين بالزج بقواتنا لحفظ الأمن والقانون».
وبيّن أنه «في وثيقة 10 مايو 1956 في اجتماع لمجلس الوزراء البريطاني قرر عدم إخبار الحاكم بموضوع تقاعد بليغريف وناقش السيناريوهات»، ولفت إلى أن «في نهاية 1956 تدخل بعض المخربين وهجموا وأحرقوا بعض المباني البريطانية بعد العدوان على مصر، فتدخل الجيش البريطاني وأنهى مرحلة الهيئة».
وتحت عنوان «بريطانيا تعلن الانسحاب في 1968»، قال خليل: «تشير الوثائق البريطانية إلى أنه في 8 يناير/ كانون الثاني 1968 أبلغ وزير الدولة البريطاني للشئون الخارجية روبرتس الحكومة أنه جاء بنفسه لأهمية الموضوع قائلاً: أصبح معروفاً أن بريطانيا تعاني من المصاعب المالية ومنذ نوفمبر 1967 حان الوقت لإعادة النظر في نفقاتنا الداخلية والخارجية، وقال: في اجتماعي بكم في نوفمبر 1967 لم يكن هناك موعد محدد لانسحاب القوات البريطانية من الخليج ولكن الآن فقد تحدد تاريخ 31 مارس 1971، رغم أن البعض من أعضاء الحكومة كان يريد انسحاباً فورياً ولكن الحكومة قررت إعطاء ثلاث سنوات ونصف كمهلة كافية».
وذكر أن «المسئولين البحرينيين أعربوا عن أسفهم عن سماع هذا الخبر بعد التطمينات التي سمعوها في اجتماع نوفمبر الماضي وأنه قلق من ردة فعل إيران وسأل عمّن سيقوم مكان البريطانيين في حماية الخليج وماذا عن اتفاقيات البحرين مع بريطانيا، أما روبرتس، فأكد بعد زيارته لإيران أثناء جولته أنه تباحث مطولاً مع الشاه، وأنه مقتنع وحكومة صاحبة الجلالة مقتنعة بأنه لن يكون هناك تدخل من إيران أما من سيحلّ محل البريطانيين في البحرين فلا أحد، وقال إن تاريخ الانسحاب لا يمكن التراجع عنه بسبب الصعوبات المالية وعلى دول الخليج أن تجتمع لحل مشاكلها».
وأشار خليل إلى أن «المسئولين البحرينيين وصفوا هذا الخبر أنه صاعقة وهو آخر شيء نريد سماعه وأن وضع الخليج سيئ ومهتز، وقالوا كم كلفة مصاريف بريطانيا العسكرية في الخليج مقارنة بمصروفاتها في أماكن أخرى، النسبة عبارة عن 1:1000 بالإضافة للخلافات الخليجية/ الخليجية ولا يمكن بناء قوة حماية في ثلاث سنوات وستكون الخليج مفتوحة للقوى الكبرى والبحرين معرّضة للخطر».
وأفاد «في 10 يناير 1968 كتب روبرتس مرة أخرى: إني التقيت المسئولين البحرينيين مرة أخرى وتحدثوا عن قلقهم أكثر من قرارنا وإنه حتى المستثمرين سيهربون وبعض المشاريع ستتأثر مثل مشروع «ألبا» والمطار، وستحتاج البحرين لبناء حرس وطني مكون من 1000 للأمن الداخلي والخارجي وإن الشرطة غير كافية وإن ثلاث سنوات ونصف غير كافية لإعداد وتدريب هذه القوات، وقالوا إنهم لن ينتظروا اتحاد المشيخة في الخليج وإنهم سيبحثون عن قوة أخرى تحميهم».
وأكمل خليل «في وثيقة تعتبر هي الأهم صادرة من آخر مقيم سياسي بريطاني في البحرين إلى الخارجية البريطانية إلى جيفري آرثر في يوم توقيع إنهاء الاتفاقيات مع البحرين في 15 أغسطس 1971، ذكر فيها التحديات قبل إعلان الاستقلال «قبل إعلان حكومة صاحبة الجلالة عن الانسحاب كان علينا إعداد البحرين للاستقلال التام، الإدارة البحرينية كانت تحتاج لاعتراف من العالم، وكذلك تنظيفها من العناصر الفاسدة إذا كانت لتتحمل مسئوليتها الدولية ولتكون قادرة على حكم شعبها بصورة صحيحة، كما أن المطالبات الإيرانية كان يجب التخلي عنها وحلها إذا كانت البحرين ستدخل المجتمع الدولي بلا مشاكل، وإن المشاكل الداخلية كان يجب أن تحلّ إذا كنا نريد لتلك الأهداف أن تتحقق».
وواصل «ويستطرد آخر مقيم سياسي في البحرين (أعتقد ما كان يجب علينا عمله قد أنجز، الإدارة تم ترشيدها والمناصب الفعلية تم تفويضها للكفاءات من العوام والادعاءات الإيرانية تم حلها والمحاكم المحلية تم إدارتها بقضاة أكفاء ولا توجد أي اضطرابات داخلية منذ 1965)».
وبيّن أنه «ولحسن الحظ أن مثيري المشاكل كانوا غير راغبين أو غير مستعدين للتدخل في البحرين وإثارة المشاكل في السنوات الأخيرة وأن البحرينيين يستحقون الشكر أنهم قبلوا بالفرص التي عرضت عليهم. ولكن الوضع الحالي كان نتيجة أكبر من محض الصدفة وجهود البحرينيين فقط بل ما تم الوصول إليه كان بفضل حكومة صاحبة الجلالة التي ساهمت بشكل رائع للتطوير الصناعي والتقني البحريني، ولأن حاكم البحرين وحكومته بلا كلل تم تشجيعها وإرشادها من قبل من سبقني في المناصب السابقة».
وختم خليل «والخلاصة من خلال القراءة المتأنية لوثائق الاستقلال أن الإصلاح الحقيقي ضرورة وهو الضمانة أمام الاضطرابات الداخلية والتهديدات الخارجية، وأن ما جرى من تصويت لعروبة البحرين قبل الاستقلال ومن قيام مجلس تأسيسي أصدر الدستور ومجلس وطني بعد الاستقلال كانت هي الصيغة التوافقية التي أنقذت البحرين قبل أن تنزلق مرة أخرى في الاضطرابات بعد حل المجلس الوطني».

العالي: حل أزمة البحرين سياسي


ومن جهته، تحدث الأمين العام لجمعية التجمع القومي الديمقراطي حسن العالي عن غياب العقد الاجتماعي والأزمة السياسية في البحرين، وقال: «إنَّ الحكم المستقر يقوم على ركن أساسي هو العقد الاجتماعي الذي يقوم بين الشعب بمختلف مكوناته والحاكم، بحيث يحدِّد العقد كيف يريد الشعب أن ينظم أموره ويوكل للحاكم مهمة تنفيذ ذلك، ويُبْنَى هذا الاستقرار على احترام الحاكم لهذا العقد الاجتماعي، فإذا فُقِدَتْ ثقة هذه المكونات جميعاً بالسلطة أو بعضها، أو فُقِدَتْ ثقة السلطة بجميع هذه المكونات أو بعضها، انفرط العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه الدولة وفق ما انتهى إليه الفلاسفة في نشوء الدول، ومن ثم تبدأ الأزمات السياسية والاجتماعية بالبروز والتفجر بين الآونة والأخرى وفي كل مرة تكون أشد من سابقتها».
وأضاف «وبالنظر لأصالة هذا الشعب ووعيه المبكر بحقوقه، قد يستغرب المراقبون في الخارج أن محاولات ونضالات شعب البحرين لوضع عقد اجتماعي يتراضى عليه مع الحكم تمتد لنحو قرن كامل اليوم، أو على الأقل هذا ما تحمله الذاكرة الجمعية الوطنية وربما أكثر».
وأردف العالي «فالتاريخ الحديث يعود بنا لانتفاضة الغواصين 1922 - 1923 نتيجة تذمرهم على أوضاعهم المزرية في بداية العشرينيات من القرن الماضي، حيث كانوا يعاملون من قبل أرباب العمل «النواخذة» مثلما يعامل المزارعون في «نظام السخرة» على طريقة نظام العبودية أو النظام الإقطاعي».
وتابع «ثم يأخذنا التاريخ للحركة الاحتجاجية العام 1923 بقيادة الشيخ عبدالوهاب الزياني وأحمد بن لاحج بإجراء الإصلاحات في البحرين وانتخاب مجلس الشورى، ورفض التدخل البريطاني في شئون البلاد الداخلية، وتشكيل محكمة تنظر في الدعاوى المتعلقة بالغوص، وهي جميعها مطالب تصبّ في صلب العقد الاجتماعي».
وأكمل «وظهرت في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين مطالب شعبية بحرينية متكررة بإقامة مجلس شورى للبلاد يحدّ من التدخل البريطاني في إدارة شئونها. وفي العام 1938 تجددت هذه المطالب وتحددت أكثر في الرغبة في إنشاء مجلس تشريعي يشارك من خلاله ممثلو الشعب الأسرة الحاكمة في صنع القرار السياسي وإدارة شئون البلاد».
وذكر العالي أن «مختلف التيارات السياسية بالبحرين توحّدت في منتصف الخمسينيات في ظل هيئة موحدة أطلق عليها ««الهيئة التنفيذية العليا» التي غيّرت اسمها لاحقاً إلى «هيئة الاتحاد الوطني» بعد أن تم الاعتراف بها من قبل الحكومة كحركة سياسية، وطالبت بالعديد من القضايا أهمها سنّ دستور للبلاد وإنشاء مجلس تشريعي وإصلاح القضاء».
وواصل «وعندما بدأ الحديث عن الانسحاب البريطاني من شرق السويس ومستعمراته في الخليج كان هناك عدم ارتياح لدى الحكم من قرار الانسحاب من البحرين، وخصوصاً إزاء المخاوف من المطالب الإيرانية بضم البحرين».
وأردف «ثم جاءت لجنة تقصي الحقائق الأممية برئاسة الإيطالي فوتوريو. وعلى رغم أن التقرير الذي رفعته في 17 صفحة وتاريخه 30 أبريل 1970 ركز على تأكيد أهل البحرين على استقلال البلاد وعروبتها، إلا أن من عاصروا هذه الفترة كانوا يربطون قضية الاستقلال بالإصلاح السياسي ووجود دستور للبلاد ومجلس تشريعي منتخب وغيرها من المطالب التي رفعت قبل ذلك بنصف قرن، كما لا ننسى هنا دور الحركة الوطنية في البحرين آنذاك ونضالاتها التي أكدت على تلك المطالب، بل وصعود نجم الحركات المسلحة التي كانت تطالب بتحرير عمان والخليج العربي».
وأشار العالي إلى أن «الحكم أدرك آنذاك أن أهل البحرين صوّتوا للاستقلال وهو يعني فعلياً بقاء العائلة الحاكمة تحكم في البحرين وذلك مقابل التأسيس لعقد اجتماعي جديد يسمح بالمشاركة الفعلية لأهل البلاد في إدارة شئون الحكم».
ولفت إلى أنه «ونتيجة لمواقف شعب البحرين من الاستقلال والنضالات والتضحيات لأكثر من نصف قرن، استجاب حاكم البحرين آنذاك لهذه المطالب حيث نقرأ في إعلان الاستقلال العام 1971، أن هذه المبادئ الأساسية التي تؤمن بها البحرين تتلخص في ضرورة وضع دستور حديث يقوم على مبدأ فصل السلطات وتوزيع الاختصاصات بين الأجهزة الحكومية ويوفر للمواطنين الحقوق والحريات السياسية والمدنية، وهذا كله مع عدم المساس بحقوق المواطنين الدستورية المتعلقة بمبدأ تمثيلهم في مجلس وطني نيابي ينتخب انتخاباً صحيحاً على أساس الكثافة السكانية».
وأضاف «ثم تشكيل المجلس التأسيسي العام 1972 ليضع أول دستور في البلاد يترجم العقد الاجتماعي بين الحاكم والمواطنين العام 1973، ولكن شكَّل حل المجلس الوطني انقلاباً على الدستور والعقد الاجتماعي، ولا غرابة أن قرار حل المجلس لم يقتصر على تعطيل عمل المجلس فحسب بل تعطيل العديد من الآليات والتشريعات التي كانت تجسد العقد الاجتماعي في البحرين مثل القضاء والحريات العامة والصحافة وغيرها، بل وشنّ اعتقالات ومحاكمات جائرة».
وأردف «ومع مطلع الألفية الجديدة دخلنا مرحلة الميثاق، والحق أن العديد من الأوساط والقطاعات المعبرة عن الرأي العام البحريني قد تلقت فكرة الاستفتاء على ميثاق للعمل الوطني بالكثير من الحذر والخوف من أن تكون هذه الفكرة محاولة للالتفاف على دستور 1973 الذي توافق عليه شعب البحرين مع الأمير».
وتابع العالي «وقد أكدت تلك الأوساط التي تمثلت في العديد من الشخصيات السياسية والوطنية والدينية والجمعيات المهنية والتنظيمات العمالية على حاكمية الدستور وعلى الثوابت الدستورية بما فيها طبيعته العقدية باعتبارها الأساس الذي يحكم أية تعديلات مقبلة على الدستور، فجاء رد الحكم ممثلاً في الأمير وولي العهد ووزير العدل حينئذ بصفته رئيس لجنة إعداد مشروع الميثاق مؤكداً الالتزام بالثوابت التي رسمها الدستور، وبأن الميثاق لا يلغي الدستور وإنما هو مقدمة لتفعيله، وأن السلطة التشريعية ستكون قصراً على المجلس المنتخبن أما المجلس المعيّن فإنه سيكون للمشورة فقط».
وأكمل «وعلى ضوء تعهدات وتصريحات رموز الحكم سالفة الذكر تم بتاريخ 14 فبراير 2001 إقرار ميثاق العمل الوطني شعبياً بأغلبية ساحقة، وينبغي في هذا الصدد أن نشير إلى أن البعض يعتبر الاستفتاء على الميثاق بمثابة الاستفتاء الدستوري والحال أنه استفتاء سياسي فقط وليس دستورياً».
واستدرك العالي «ولكن سرعان ما تم التخلي عن ما ورد في الميثاق من حيث صلاحيات السلطة التشريعية والدوائر الانتخابية والحريات، فصدر دستور 2002 بإرادة منفردة مدشناً بذلك عودة الأزمة السياسية إلى المربع الأول، واليوم بعد مرور أكثر من 12 عاماً يتأكد لنا أن الانقلاب على العقد الاجتماعي قد فاقم من مشكلات الناس السياسية والاقتصادية».
وأوضح «فعلى مستوى الترتيبات السياسية، هناك دوائر انتخابية غير عادلة وبرلمان منقوص الصلاحيات، وعلى المستوى الاجتماعي هناك انقسام اجتماعي خطير ونبرة طائفية عالية، وعلى المستوى الاقتصادي هناك أزمات خانقة، إذ إن نحو 28 في المئة من الشباب عاطل عن العمل، ونحو 75 في المئة من الأسر البحرينية يتراوح دخلها بين 300 إلى 700 دينار، كما أن أكثر من ثلث الموازنة يذهب إلى الدفاع والداخلية والأمن، بل إن الإيرادات النفطية الحقيقية لا تذهب كلها إلى الموازنة، وذلك بحسب دراسات خليجية أكيدة تشير إلى أن 25 في المئة من الإيرادات النفطية لا تدخل في الموازنة، بخلاف أزمة السكن التي بلغت 50 ألف طلب إسكاني، ناهيك عن انخفاض معدلات الأجور».
وذكر «على هذه الخلفية كانت الجماهير في البحرين على كامل الاستعداد للتجاوب مع انتفاضات «الربيع العربي» قبل نحو ثلاث سنوات، فتفجرت انتفاضة الجماهير في 14 فبراير 2011 لتعيد الأزمة السياسية المستفحلة للواجهة».
وأفاد العالي «نريد أن نؤكد هنا أن جذور الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المواطن تعود لغياب العقد الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، المظهر الأول للإخلال بالعقد الاجتماعي: (غياب الحكومة المعبِّرة عن إرادة الشعب)، وهو ما يجعل الحكومة في مأمن من الرقابة الفاعلة، وهو ما قاد إلى ممارسة عملية أفضت إلى أن يتم التعيين فيها على أساسات لا تكون الكفاءة من بينها أحياناً، ما يؤثر على عمل الحكومة وأدائها سلباً».
واستطرد «علاوة على ما تقدم، فإن القرارات الأساسية لا تُبنى على أسس علمية في كثير من الأحيان، وإنما بصورة عكسية من أعلى إلى أسفل، وتصدر خارج إطار الحكومة والعمل الحكومي، وغياب الرقابة والمحاسبة هو ما يؤدي لتفشي الفساد والمحسوبية وسرقات المال العام وهدر الثروات وحتى برامج الإسكان والتعليم تتم على أساس الولاء والطائفة وحتى التوظيف في العمل، وهي كلها تفضي لتفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية».
وتابع «المظهر الثاني للإخلال بالعقد الاجتماعي: (مخالفة مبادئ الملكية الدستورية)، وقد ضاعف من هذا الاختلال الممارسة العملية السيئة النابعة من عدم إيمان الحكومة بالدور التشريعي، ووصول نواب للبرلمان هم أكثر عوناً لها في تقييد الحريات ومحاصرة الحركة الشعبية وشرعنة التشريعات القمعية ضدها، كما أطلق ذلك يد المتنفذين في مواصلة مظاهر الفساد والسرقات وغيرها».
وواصل العالي «المظهر الرابع لاختلال العقد الاجتماعي: (عدم قيام السلطة القضائية الموثوقة وفق المعايير الدولية)، لتكون الضامن الأساسي للعدل والحريات والحقوق في الدولة، وبشكل أساسي في مواجهة تعدي السلطة على حقوق وحريات الأفراد، وضمان قيام دولة القانون، إذ ظلَّت السلطة القضائية دائماً خاضعة للسلطة التنفيذية، وما واجهته الدولة من إدانات من دول ومنظمات في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة ناعتة أحكام القضاء الأخيرة بـ «الاضطهاد السياسي»، ومناشدتها للسلطة في البحرين بالوفاء بالتزاماتها الدولية في قيام محاكمة عادلة عجزت محاكم السلامة الوطنية - كنموذج للقضاء البحريني - عن إقناع المجتمع الدولي بتوافر ذلك فيها، يمثل اهتزازاً في وجود السلطة القضائية الموثوقة».
وبيّن أن «المظهر الخامس لاختلال العقد الاجتماعي: (غياب مفهوم الأمن الاجتماعي السليم)، هو أن العقد الاجتماعي في الدولة يقوم على ضمان أمن المجتمع بمختلف زواياه وسهر السلطة على صون حريات أفراده وحقوقه، إذ إن غاية النظام هو تمكين كل فرد في المجتمع من التمتع بحقوقه وحرياته، وهو ما غاب عن الواقع - منذ الاستقلال - بوجود عقيدة أمنية تواجه الناس في حرياتهم وعقائدهم وفي أخذ حقوقهم، وتعتبر الحريات الخطر الأول للاستقرار، فانطبعت صورة الأمن في أنَّ رجاله هم من يستأصل المطالبات الشعبية، ويحمي الحكومة في مواجهة الشعب، على النحو الذي ظهر جلياً في الفترة الأخيرة».
وشدد على أن «الحل هو العودة لتلبية مطالب القوى السياسية المعارضة في الوصول إلى الملكية الدستورية، فيما تكون سلطات الدولة ناتجة عن إرادة الشعب، وحيث تكون السلطة تكون المسئولية، استناداً إلى مبدأ دولة القانون التي يخضع فيها الحكّام إلى القانون، فتكون مباشرة الملك اختصاصاته عن طريق وزرائه الذين يُساءلون أمام السلطة التشريعية والقضائية، وذلك انطلاقاً ممَّا نص عليه ميثاق العمل الوطني، وما كان مقرراً في دستور 1973م، وما هو معمول به في دولة الكويت».

المتحدثون في الندوة (من اليمين): رضي الموسوي، مدير الندوة، عبدالجليل خليل، حسن العالي
المتحدثون في الندوة (من اليمين): رضي الموسوي، مدير الندوة، عبدالجليل خليل، حسن العالي

العدد 4360 - الخميس 14 أغسطس 2014م الموافق 18 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 6:10 ص

      اهم شي أنتم

      مصالحكم ورغبتكم في الحصول على المناصب اما بقية الشعب مجرد أدوات حسبي الله عليكم من معارضة

    • زائر 8 | 3:08 ص

      بسكم كذب ورحموا الناس

      ملينا من المعارضه صارت الطائفه الشيعيه مكروها ومنبوذه بسبب تلك المعارضه عشتنا صارت عذاب وكنا في احسن حال مذا فعلت المعاضه لمن قتل وسجن وسحبت جنسيته وفصل من عمله لاشيئ سوى الكلام ينوموننا بهذا الكلام بس كفا ضيعتون شبا بنا ضيعكم الله

    • زائر 12 زائر 8 | 8:59 ص

      صدقت

      صدقت ورب الكعبة

    • زائر 7 | 2:59 ص

      استعدو يا دولة للارهاب فقد اعطيه الضوء الاخظر من خلال هذا المؤتمر

      تهديد مبطن واعطاء الضوء الاخظر للارهاب

    • زائر 5 | 2:10 ص

      طارت لطيور بأرزاقها ..

      اتركو ها لهرار .. ضيعتو البحارنه .. منهم ولد عمي ، تفنش من شغله و انسجن ثلاث سنوات ، ضاعت من عمره ، بعد ما كان..راتبه الف و خمسمائة دينار ، الحين صار يطر الدينار من اخواته ، اصيب بمرض نفسي ، ما سمعنا شعب انتصر با السلميه ،

    • زائر 3 | 1:42 ص

      راي

      معارضه مرتهنه بالخارج...الله يحمي البحرين .... وستبقي البحرين مملكه عربيه مسلمه سنيه في خليج عربي سني في علم عربي سني

    • زائر 2 | 12:54 ص

      كلام وكلام وكلام

      مالى نفس اقرا كل هذا الكلام ونتيجه معروفه كلام وكلام ثم كل واحد يذهب الى المنزل وكئنه ما كان ملينا من هذا الكلام المعارضه بياعين كلام فقط
      كلام
      كلام
      كلام المفلسين

    • زائر 6 زائر 2 | 2:45 ص

      ولد الرفاع

      اخوي كلام مكرر مافي جديد مطالب دستورية إصلاحات

اقرأ ايضاً