العدد 4413 - الإثنين 06 أكتوبر 2014م الموافق 12 ذي الحجة 1435هـ

المعلّم والقيمة المضافة

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

جميل أن يلتقي العيدان: عيد الأضحى وعيد المعلّم العالميّ، لكنّ الأجمل ألا يُنسَى الثاني في غمرة الاحتفال بالأوّل؛ وبهذه المناسبة وتلك نرفع للمعلمين والمعلّمات، بما يليق ويتوافق مع حجم تضحياتهم، أسمى عبارات الشكر والامتنان لدورهم العظيم في تربية المتعلمين وبناء عقولهم وصقل شخصياتهم. فكل عام وأنتم بخير، وأنتم بُناة، وأنتم حصون، وأنتم شموع.

وليس غريباً أن تحيي منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) يوم المعلم العالمي لهذا العام (2014) تحت شعار: “الاستثمار في المستقبل، الاستثمار في المعلمين”؛ فالمعلم هو استثمار في المستقبل، والمعلمون، وخصوصاً في عالمنا العربي، بحاجة إلى المعرفة والدعم اللذين من شأنهما تلبية احتياجات المعرفة المتنوعة عند كل طفل؛ ذلك أنّ الطفل في المقاربة الشاملة لا يحتاج فقط إلى التعليم، كما يتشدق بعض المعلمين بحجة أنّ وظيفتهم تعليمية فقط، وإنما يحتاج -إضافةً إلى التعليم- إلى التربية والرعاية، وهما أمران يقتضيان استثماراً أكبر في المعلمين من أجل الاستثمار في المستقبل من خلال تخريج أجيال لا تعرف القراءة والحساب و... فقط، وإنما أيضاً تفكر وبشكل سليم، وتميّز بين الغثّ والسمين، وتختار عن وعي وإدراك الطريق التي يجب أن تسير فيها.

وكم صارت الطريق صعبة وغامضة، هذه الأيام في عالمنا العربي، ونحن نرى أبناءنا تتلاعب بعقولهم ومصائرهم أفكار هدّامة وتوجّههم نحو مصير مجهول ما يستوجب، إضافةً إلى تعليم جيّد النوعية، التربية والرعاية اللامحدودة للأجيال القادمة؛ إذ لا شك أنّ انجذاب هذا العدد الكبير من الشباب العربي إلى هذه التيارات التكفيرية وانضمامهم إلى المجموعات القتالية، وفي أحيان كثيرة دون تفكير ولا نقاش، يعَدّ مؤشراً على إخفاق بعض الدول العربية في الإحاطة بأبنائها، من خلال التقصير في توظيف التعليم وتوجيهه نحو بناء أجيال متسامحة مفكرة ناقدة، لا تقبل أن تقاد نحو تنفيذ أجندات هدّامة، بل تقود نحو البناء والعلياء.

وفي هذا وذاك يكون للمعلم الدور العظيم في الإحاطة بالمتعلم؛ فإلى جانب الوالدين يعتبر المعلم المصدر الأساسيّ للمعلومات والقيم الحياتيّة للأطفال؛ فمعلّم واحد يمكنه أن يؤثر في حياة وشخصيّة أكثر من 3000 طالب خلال مشواره التعليميّ. ومن ثمّة كان النداء إلى الاستثمار في المعلمين، لأنه أساس الاستثمار في المتعلمين وعماد الاستثمار في المستقبل.

وعليه فقد تعاظم التعويل على المدرسة والمعلم في بناء شخصية الطفل، وبات الحديث عن القيمة المضافة التي يقدمها المعلم أمراً جوهرياً. لكن إذا كان تحليل القيمة المضافة وتقييمها طريقة لتقييم المعلم وقياس إسهامات ذلك المدرس في سنةٍ ما وذلك بمقارنة درجات اختبار الطلاب في العام الدراسي الحالي بدرجات هؤلاء الطلاب في العام الدراسي الماضي، بالإضافة إلى درجات طلاب آخرين في الصف الدراسي نفسه، فإنّ قيس القيمة المضافة للمعلمين في بناء اتجاهات الطلبة وميولاتهم قد لا يظهر في سنة واحدة وإنما قد يفاجئنا في مرحلة الطفولة المتقدمة بما لم نكن نتصوّره لضعف في التخطيط أو تقصير في الأداء.

والتأثير في ميولات الطلبة واتجاهاتهم قد يبدو من القضايا الشائكة في العالم العربي؛ فالمدرسون ليسوا سواءً في بنائهم الفكري والإيديولوجي ولا يمكن أن يسلم الحال من تمرير أفكار قد تزيد في سوء الحال، ومن هنا وجب التفكير في تطوير المناهج الدراسية التي على المعلم أن يتقيد بما فيها من مفاهيم وقيم واتجاهات. لذلك من المفيد أن تسارع الدول العربية إلى مراجعة مناهجها التعليمية حتّى تضمّنها ما يلزم من مفاهيم التربية على المواطنة وحقوق الإنسان، ذلك أن الالتقاء على عقيدة المواطنة بمفهومها الراقي هي الضمانة اليوم لتجاوز كل فكر طائفي أو تكفيري غريب عن حياتنا.

إنّ القيمة المضافة في بناء شخصيات المتعلمين وتوجيه ميولاتهم نحو الخير والبناء وحب الوطن والولاء له، هي الاستثمار الحقيقي في المستقبل عبر بوابة التعليم وبواسطة المعلم، وتظهر نتائجها على المدى البعيد ونجني ثمارها مع الأجيال القادمة.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4413 - الإثنين 06 أكتوبر 2014م الموافق 12 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 12:17 ص

      المعلّم والقيمة المضافة

      أكيد للمعلم قيمة مضافة في عمله ولا يجب أن يتخلى عن دوره التربوي لأنه فعلا تصاعدت بعض الأصوات منادية بالاكتفاء بالتعليم فقط

    • زائر 7 | 2:50 م

      وما أعطمها رسالة

      في هذا وذاك يكون للمعلم الدور العظيم في الإحاطة بالمتعلم؛ فإلى جانب الوالدين يعتبر المعلم المصدر الأساسيّ للمعلومات والقيم الحياتيّة للأطفال؛ فمعلّم واحد يمكنه أن يؤثر في حياة وشخصيّة أكثر من 3000 طالب خلال مشواره التعليميّ. ومن ثمّة كان النداء إلى الاستثمار في المعلمين، لأنه أساس الاستثمار في المتعلمين وعماد الاستثمار في المستقبل.

    • زائر 5 | 6:13 ص

      زائر 4

      شكرا على الدعاء
      نحن المعلمون لا ننتظر منكم إلا الدعاء

    • زائر 4 | 5:26 ص

      الله يحفظ معلمينا الاجلاء.

      اي عيد الله هداك انت. المعلمين عندنا الحكومه عطتهم عيد من الدرجه الممتازة . اللي فنشته . واللي اخرة ترقيتة.واللي ضغطت عليه حتي افينيش. والسنه هاي جابت لهم 300 معلم من الخارج والله يعلم بشهادتهم احسن من هالعيد بعد فيه .

    • زائر 3 | 3:58 ص

      لانقد الأمل

      إنّ القيمة المضافة في بناء شخصيات المتعلمين وتوجيه ميولاتهم نحو الخير والبناء وحب الوطن والولاء له، هي الاستثمار الحقيقي في المستقبل عبر بوابة التعليم وبواسطة المعلم، وتظهر نتائجها على المدى البعيد ونجني ثمارها مع الأجيال القادمة.

    • زائر 2 | 11:44 م

      الوافدون قسرا،سطو مضاف على المعلم البحريني

      نعم نرى نحن شباب وشابات البحرين بام العين كيف يسطو الغرباء من الاعراب على حقوقنا الثابتة في مهنة تعليم ابناء وطننا،وهؤلاء هم يد العون على ظلمنا ونهب حقوقنا، وفي عيد المعلم وعيد الاضحى يمرح الاغراب بخيرات بلادنا بعد توظيف نسائهم واولادهم، وتبقى القيمة الحقيقية التي يجب ان تضاف وهي ان ابن البلد هو الاقدر والاجدر بتعليم اجيالنا حب الوطن والولاء له، ولا احدغيرهم. كل عام وانتم بخير يالوسط، الشمعة في عتمتنا.

    • زائر 1 | 10:28 م

      لك الله

      المعلم ما عاد فيه روح ولا له قيمة ولا حق في التربية أصلا..وحتى طريقة التعليم وإيصال المعلومة للطالب ما عادت متروكة لإبداعه بقدر ما صارت قالب مفروض..لا المناهج ولا المسؤول عن المعلم ولا ولي الأمر في صف المعلم..لم يبق للمعلم سوى أن يفقد روحه وصبره وصحته وحتى احترامه لذاته مع كل ما هو فاشل مما يفرضه عليه هذا المجتمع ..في عيد المعلم هذا العام ينبغي أن يكون الشعار:لك الله

اقرأ ايضاً