العدد 4414 - الثلثاء 07 أكتوبر 2014م الموافق 13 ذي الحجة 1435هـ

النِّفْط في بازار الجشع... يصنع الــــحروب ويفكِّك السلام

نفْط. كلمة من ثلاثة أحرف، لكنها تضبط إيقاع صراعات العالم على مصالحه. ثماني مئة مليار دولار، هي مداخيل النَّفْط السنوي، طبقاً لأرقام سابقة أصدرها صندوق النقد الدولي، نصفها تجنيه دول الخليج العربية. وفي مراحل تالية زادت تلك الأموال إلى الضعف. إنها أرقامٌ فلكية بامتياز. لكن هذه الأرباح يتم جَنْيها وفق نظام اقتصادي معقد. فمسألة اكتشاف النَّفْط حتى بيعه تمر بمراحل عديدة ومترابطة. في هذا الملف سنحاول تسليط الضوء على هذه الثروة المُكنَّاة بـ «الذهب الأسوَد» بما يتيح لنا فهم جزء من أسرارها الفنية والقانونية فضلاً عن كونها ثروة تساعد على إيجاد تنمية شاملة. بالتأكيد، لن نستطيع أن نسبر كل شيء، لكن شيئاً من ذلك يمكن التطرق إليه، معتمدين على العديد من المصادر المُدوَّنة وتحديداً المصادر الأجنبية:

الثروة المغيَّبة

أقصى ما تتعلَّمه الأجيال العربية في دراستها للمسألة النَّفْطية، هو تواريخ اكتشاف النَّفْط. يُذكَر لنا في الكتب، أنه وفي العام 1806م ظهر في الولايات المتحدة الأميركية. في كندا العام 1858م. في رومانيا العام 1860م. في بيرو العام 1863م. في إيران العام 1908م. في العراق 1923م. في البحرين 1932م. في السعودية 1936م. أو إذا زاد على ذلك، تُوضع صورة هنا وأخرى هناك لطريقة تخزينه بما لا يُزيدُ من فهمنا لتلك المسألة.

لكننا ندرك أن معرفة تلك التواريخ ليست هي الأهم. فما يهمنا، هو كارتلات النَّفْط العالمية وماهية الشركات الأخطبوطية المحتكرة له. أن نعرف أصول العرض والطلب، والاتفاقيات النَّفْطية وعقود الامتياز والمشاركة واقتسام الإنتاج، وأماكن تواجدها وكيفية تحديد الأسعار والمضاربات وحقيقة عائدات الطاقة، وصناعة التكرير، وقوانين البيئة وعلاقة النَّفْط بالسياسة. هذه العناوين هي الأهم في قضية النَّفْط. وهي في الحقيقة مسائل دقيقة، وتحتاج إلى أسفار كثيرة كي تُدرَك.

قال لي أحد خبراء النَّفْط، إن هناك سياسة عالمية تقوم على: التجهيل المُتعمَّد! نعم، تجهيل الرأي العام بأسرار وخفايا هذه الثروة العظيمة، التي منحها الله لبني البشر، كي لا يلتفت إليها أحد فيسأل. وعندما بدأتُ أبحث، تبيَّن لي أننا فعلاً مُغيَّبون عن حقيقة ما يجري. فبالإضافة إلى كونه ملفّاً مهمّاً «جداً» فهو ينطوي على الكثير من الغموض.

النّفْط ومعناه

جاء في معاجم اللغة العربية، أن النَّفْط هو دُهْن. والنَّفْط حلابة جبل في قعر بئر توقد به النار. والنَّفَّاطَةُ: مَوْضِعٌ يُسْتَخْرَجُ منه، وضَرْبٌ من السُّرُجِ يُسْتَصْبَحُ به، ويُخَفَّفُ فيهما، وأداةٌ من النُّحاسِ يُرْمَى فيها بالنَّفْط.

أما تعريفه العلمي والصناعي، فقد وصَّفته وزارة النَّفْط الكويتية بالقول: هو «مزيج مُعَقَّد من مُركَّبات هيدروكربونية أساسها عنصرا الهيدروجين والكربون، وأبسط هذه المُركَّبات هو غاز الميثان، ويتكون من ذرَّة واحدة من الكربون حولها أربع ذرات من الهيدروجين، ثم تتدرَّج المُركَّبات في التعقيد، بزيادة عدد ذرَّات الكربون، حتى تصل إلى جزئيات غاية في الكبر، بها مئات الذرَّات من الكربون، وتكون مواد صلبة أو شبه صلبة».

«وفي المسافة بين جزء غاز الميثان البسيط وجزيئات الإسفلت والقطران تقع السوائل البترولية مبتدئة بالخفيف منها مثل المكثفات والجازولين ثم النافثا ووقود الطائرات ثم الكيروسين والسولار والديزل حتى تصل إلى زيوت التزييت والشحوم، كل هذا يوجد مختلطاً بحيث يكون مادة واحدة هي الزيت الخام ومعه جزء كبير من الغاز الذائب الذي يخرج من بطن الأرض سائلاً يميل إلى اللون الأخضر أو اللون البني».

تاريخ النّفْط

اكتشفت أول بئر للنفط في الولايات المتحدة الأميركية وتحديد في ولاية فرجينيا سنة 1806م. وبعد الاكتشافات النَّفْطية التي ذكرناها سابقاً، والتي امتدت لاحقاً إلى غيرها من البلدان، كان الحديث الأكبر يدور حول مَنْ سيقوم بعملية الاستكشافات والتخزين والتصدير وغيرها من العمليات المتعلقة بالنَّفْط. وقد بدا حينها أن شركة ستاندرد أويل الأميركية لإنتاج ونقل وتكرير وتسويق النَّفْط، والتي تأسست العام 1870م، هي التي كانت تستحوذ على تلك الثروة. وخلال سبعة أعوام على إنشائها كانت الشركة تسيطر على 90 في المئة من النَّفْط الأميركي.

بعد ثلاثة عقود تقريباً، أصدرت المحكمة العليا الأميركية قراراً يقضي بتفكيكها تحت بند مكافحة الاحتكار. انشطرت الشركة الأم إلى 34 شركة متفرعة، أدت اندماجاتها والتحولات الصناعية والرأسمالية الجارية في تلك الفترة إلى نشوء شركات نفطية عملاقة أخرى متعددة الجنسيات في لحظات متباينة كـ ستاندارد جرسي وغلف وسوكوني وأتلانتيك وتكساكو وإكسون موبيل وشيفرون وشل وببريتش بيتروليوم وكونوكوفيليبس وتوتال، مع دخول تحولات في الاندماج.

منذ ما يزيد على الثمانية عقود، بدأت شركات النَّفْط العالمية في التمدد حتى أقصى الشرق والغرب وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط حيث كان حضورها في العراق (1925)، والبحرين (1932)، والكويت (1933)، والسعودية (1933)، وقطر (1935). وكانت عقود الامتياز تشترط إبقاءه لسنوات طويلة، وصلت إلى 90 سنة. وحتى عندما ظهرت قوة الشركات الوطنية المملوكة للدول المصدرة، لجأت تلك الشركات العالمية إلى إغراء الدول الصناعية الغربية للبحث عن النَّفْط خارج دول أوبك وتحديداً خارج منطقة الخليج العربي. وقد تجلى هذا الأثر بوضوح في النصف الشرقي للكرة الأرضية. وهو ما أشار إليه بشكل مفصَّل حسين عبدالله في كتابه القيِّم: «مستقبل النَّفْط العربي».

بالتأكيد، أصبح للشركات الوطنية في الدول المصدِّرة دور مهم في جَنْي الأرباح كشركة أرامكو السعودية (تُشغِّل خُمْس احتياطيات العالم من النَّفْط = 260 مليار برميل) والشركة الإيرانية الوطنية للنفط (137 مليار برميل من النَّفْط و 29 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي)، وقطر للبترول (1.842 مليون برميل من النَّفْط و 8 تريليونات قدم من الغاز الطبيعي)، وشركة العراق الوطنية للنفط (115 مليار برميل من النَّفْط و 119 مليار قدم من الغاز الطبيعي)، وشركة بيتروليوس دي فنزويلا (77 مليار برميل من النَّفْط و 150 تريليون قدم من الغاز الطبيعي) ، وهو ما أشارت إليه الـ Oil voice ضمن دراسة The Top 5 Oil Super Majors . ومن خلال ذلك الدور الذي بدأت تضطلع به الشركات الوطنية بدأ فصل جديد من التنافس الدولي على الطاقة.

عقود الامتياز التقليدية

من أهم الأمور المتعلقة بالثروة النَّفْطية هي الاتفاقيات والعقود، كونها الناظمة للعلاقة بين شركات النَّفْط العالمية والدول المُصدِّرة. وبناء على تلك الأهمية، نشير بشكل سريع إلى أبرز بنود عقود الامتياز التي تمَّت بشكل تقليدي، كما أشار إليها كتاب «مستقبل النَّفْط العربي»:

1. يحق للشركة النَّفْطية الممنوحة الامتياز أن تُغطِّي مساحة الدولة بالكامل، من دون أن تتخلى عن أي جزء منها في حال عدم عثورها على نَفْط.

2. طُوْل فترة التعاقد (90 سنة في بعض الحالات).

3. السيطرة المطلقة في يد الشركة، حيث هي التي تستكشف وتُنتِج وتُسوّق لحسابها على أن تدفع للدولة المضيفة ما ينص عليه الاتفاق.

4. لا تكون الشركة مُلزَمة بتكرير النَّفْط في الدولة المضيفة ولا بالاستثمار فيها ولا في عملية التوظيف الوطني وشراء حاجياتها من المواد والمعدات الخارج.

5. عدم خضوع الشركة الأجنبية للقضاء المحلي.

6. يحق للشركة تحديد حجم الإنتاج وإعلان سعر النَّفْط.

7. جمود معدل الضريبة:

طرق التنقيب عن النّفْط

تشير أمينة مخلفي إلى أن الصناعة النَّفْطية تعتمد على التكامل الرأسي عبر تداخل مراحل الإنتاج. ويمكن تلخيص هذه المراحل في: البحث والاستكشاف، والحفر والتنقيب، والاستخراج والإنتاج، والتجميع، والنقل، والتخزين، والتقطير، والتنقية، والتكرير، والمزج والتركيب، والتصنيع، والتوزيع بالإضافة إلى التسويق. وكل تلك المراحل تعتمد على توافر المهارات الفنية والعلمية العالية وتدريب خاص وتحصيل علمي متقدم.

وقد ثبت أن التقنيات الخاصة بالتنقيب هي ذات درجة عالية من الحساسية والتعرض للاحتكار من قِبَل الشركات الكبرى. لذلك فهي مجال هام للاستثمار المتبادل. وقبل سبعة أعوام قامت الصين باستثمار 240 مليون يوان «لتعزيز دراسة تقنيات التنقيب عن النَّفْط والغاز في حوض تشايدام»، كما أفادت بذلك وكالة شينخوا للأنباء.

أما بداية تواجد النَّفْط فـ «تتمثل في مصائد تركيبية أو استراتيغرافية، حيث تتجمع المواد الهيدروكربونية في طبقات الصخور الرسوبية ذات المسامات العالية التي تسمح بحركة النَّفْط خلالها، وتُغَطَّى هذه الطبقات بطبقات صخرية صَمَّاء لا تسمح بتحرّك المواد الهيدروكربونية خارج نطاق هذه المصائد، وتهدف العمليات الاستكشافية إلى تحديد أماكن تلك المصائد».

و«هناك أنواع من المسوحات الجيوفيزيائية، منها المسح المغناطيسي والتثاقلي والجوي - الاستشعار عن بعد - والزلزالي. أما عملية الاستكشاف فهي تتألف من عدة مراحل، تبدأ بتحديد منطقة معينة يتوقع الجيولوجيون توافر العوامل الرئيسية فيها لتكوين المكامن النَّفْطية، وتجرى بعدها عمليات المسح الجيوفيزيائي، التي تنقسم إلى عدة أنواع طبقاً لنوع المعلومات المراد تحصيلها». كما يذكر ذلك محمد دواس العجمي.

القيمة الصناعية للنفط

تُعتبر صناعة النَّفْط والغاز الطبيعي واحدة من أكبر وأهم الصناعات من حيث الكلفة والربح في العالم (حيث تساهم بـ 39 في المئة من استهلاك الطاقة العالمية). فأرباح هذه الصناعة تجعل من الممكن تنمية استثمارات ضخمة. وتُظهِر أحدث البيانات للربع الأول من العام 2012 حصول صناعة النَّفْط والغاز الطبيعي على 7.5 سنتات مقابل كل دولار من المبيعات، مقارنة بـ 8.9 سنتات مقابل كل دولار من المبيعات لجميع الصناعات التحويلية. وهي تفوق القطاعات الأخرى، كالأدوية، والكمبيوتر والمشروبات والتبغ، بثلاثة أضعاف وأكثر بحسب تقرير لـ gas prices explained.

وإذا ما وقفنا على تمويل مشروعات الطاقة في المنطقة العربية خلال العقد الماضي وأخذنا أرقام شركة أبيكورب مثالاً فإننا سنجد أن إجمالي صادرات الدول العربية من النَّفْط بلغ «أكثر من ثلاثة تريليونات دولار خلال الفترة من 2000م إلى 2009م، وارتفع ناتجها المحلي الإجمالي بأكثر من 250 في المئة، من 678 مليار دولار في العام 2000م إلى ما يزيد على 1713 مليار دولار في العام 2009م، فيما بلغت احتياطياتها من النقد الأجنبي 838 مليار دولار في 2009م، وتستثنى من ذلك الأموال المودعة في المحافظ السِّياديَّة والتي زادت على 2 تريليون دولار. مقابل ذلك بلغ إجمالي القروض الأجنبية 453 مليار دولار، وأكثرها ناتجة عن قروض مشروعات. كما زاد رصيدها التراكمي من الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة 7.2 أضعاف من 52 مليار دولار في 2000م إلى 377 مليار دولار في 2009. ومن جهة أخرى زاد رصيدها من الاستثمارات الأجنبية الخارجية بواقع 11.3 ضعفاً من 13 مليار دولار إلى 157 مليار دولار». وهو ما أسهب فيه بسام توفيق التميمي ضمن دراسة متخصصة في ذلك الشأن، ونقلنا عنها ضمن هذه الجزئية.

العوامل التي تؤثر على أسعار النّفْط

ضمن مسألة العوامل التي تؤثر في أسعار النَّفْط يجب التفريق (وبحسب رأي الخبير ماجد المنيف) «بين أسعار النَّفْط الخام وأسعار المنتجات في محطات التكرير وأسعارها للمستهلك النهائي. فأسعار الخام تتأثر بظروف العرض والطلب والمخزون، وبتنظيم السوق النَّفْطية على المستوى العالمي. أما أسعار المنتجات الخارجة من مصافي التكرير فتتأثر بأسعار النَّفْط الخام في كل منطقة جغرافية، وتكاليف التكرير ومواصفات المنتجات فيها. أما أسعارها للمستهلك النهائي فتتأثر بالعوامل السابقة مجتمعة إضافة إلى السياسات الضريبية لحكومات الدول المستهلكة» .

كما تعتبر المضاربات اليومية لأطراف البيع والشراء في الأسواق النقدية والآجلة وتوقعات العرض والطلب والنمو الاقتصادي والمخاطر الجيوسياسية، والظواهر الطبيعية وعمليات الجرد، وأسعار الصرف، والاستثمارات، وسياسات أوبك ونمو المعروض من خارج أوبك عوامل تتحكم في أسعار النَّفْط وبالتالي أسعار المنتجات المشتقة منه هبوطاً وصعوداً.

النّفْط الصخري

بدأ في السنوات الأخيرة يُثار موضوع النَّفْط الصخري بشكل متزايد، حيث قُدِّم على أنه ثروة منافسة للنَّفْط التقليدي. بل إن وكالة الطاقة الدولية أصدرت تقريراً قبل فترة تنبأت فيه بأن «الولايات المتحدة ستتخطى (إنتاج) السعودية وروسيا لتصبح أكبر منتج للنَّفْط في العالم بحلول العام 2017م وأنها ستحقق الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول 2035م» بحسب تقرير لوكالة «رويترز».

هذا الأمر الذي دفع بوزير النَّفْط الإماراتي السابق إلى أن يدعو أوبك إلى «أن تحمي نفسها عبر جعل نَفطها أكثر جاذبية للمستهلكين في العالم» وخصوصاً أن هذا النَّفْط الصاعد يُمكن أن يُغيِّر من استراتيجية الطاقة العالمية عبر ضعف الطلب على النَّفْط المتدفق من الدول النَّفْطية في الخليج العربي على رغم أن التوجه شرقاً باتجاه الصين والهند يبقى خياراً أمام هذه الدول. لكن ما هو النَّفْط الصخري؟

تعريف النّفْط الصخري

النَّفْط الصخري يعني الصخور الرسوبية التي تحتوي على مواد البيتومين الصلبة (وتسمى الكيروجين) التي يتم استخراج السوائل منها كـ النَّفْط عندما يتم تسخين الصخر في عملية كيميائية من الانحلال الحراري. وقد تشكَّل النَّفْط الصخري منذ ملايين السنين بواسطة ترسُّب الطمي والحطام العضوي في قيعان البحيرات وقيعان البحر.

لكن استخراج النَّفْط من الصخر الزيتي هو أكثر تعقيداً من استخراج النَّفْط التقليدي، وذو كلفة استخراج وإنتاج أعلى. حيث إن التقديرات تشير إلى تكلفة إنتاج برميل النَّفْط الواحد من النَّفْط الصخري تصل إلى ما بين 50 و75 دولاراً بينما تقل تكاليف الإنتاج للنَّفْط التقليدي في المتوسط عن 20 دولاراً بحسب تقرير لـ «رويترز». فمواد النَّفْط في الصخر الزيتي صلبة، ولا يمكن ضخها مباشرة من الأرض، حيث يجب أولاً تفجير الصخور ثم تسخينها إلى درجة حرارة عالية (التقطير) ثم فصل السائل الناتج عنها وجمعه.

وقد أشارت الدراسات الحديثة إلى أن هذا النوع من النَّفْط يتواجد في العديد من مناطق العالم، لكن النسبة الأكبر القابلة للاستخراج والإنتاج هي في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يُغطي أجزاء من مناطق كولورادو، ويوتا، وايومنغ. وتشير التقديرات إلى أن كمياته في الحوض الأخضر هي ما بين 1.8 و2.1 تريليون برميل من النَّفْط.

وتذكر الدراسات أيضاً أن 800 مليار برميل من النَّفْط الصخري القابل للاستخراج هو أكبر بثلاث مرات من الاحتياطي المؤكد في المملكة العربية السعودية. كما أن 70 في المئة من الأرض التي يقع فيها ذلك المخزون هي مملوكة ومُدارة من الحكومة الاتحادية. بحسب دراسة لـ Oil Shale and Tar Sands Programmatic EIS Information Center.

في العام 2010 بلغ إنتاج الولايات المتحدة من النَّفْط الصخري أقل من مليون برميل يوميّاً، إلا أن وكالة معلومات الطاقة تتوقع أن يصل إجمالي الإنتاج اليومي من ست مناطق مختلفة لإنتاج النَّفْط الصخري في أميركا إلى نحو 4.43 ملايين برميل يوميّاً، بل ووفقاً لبعض السيناريوهات يُتوقع أن تنتج الولايات المتحدة نحو 8.5 ملايين برميل يوميّاً من النَّفْط الصخري العام 2035م. ويُقدَّر أن درجة اكتفاء الولايات المتحدة الأميركية الذاتي تصل حاليّاً إلى ما يقارب 90 في المئة من احتياجاتها، بل ووصل الحال إلى أن بعض الأصوات بدأت تتعالى من (الداخل الأميركي) داعية الحكومة الأميركية إلى رفع الحظر عن تصدير النَّفْط، وخصوصاً أن جانباً مما يتم إنتاجه من النَّفْط الصخري لا يتوافق مع طبيعة المصافي القائمة حاليّاً في الولايات المتحدة؛ لأنه خفيف من حيث الكثافة. مثلما جاء في مجلة «الاقتصادية» في دراسة كتبها محمد إبراهيم السقا.

ليس ذلك فحسب، بل إن الخبير الاقتصادي وليد خدوري كتب تقريراً صادماً في صحيفة «الحياة» اللندنية قبل أسابيع ذكر فيه أن «الأمر لا يتعلق بالولايات المتحدة الأميركية كواحدة من أكبر مستوردي النَّفْط في العالم، بل هو أيضاً يشمل العديد من الدول التي تعتبر فقيرة في الطاقة الأحفورية كالأردن على سبيل المثال، حيث بدأت عَمَّان مشروعاً منذ سنوات للتنقيب عن النَّفْط الصخري في أراضها. و»تختلف التقديرات الأولية لاحتياط النَّفْط الصخري في الأردن. فقد أفاد تقرير لمجلس الطاقة العالمي صدر العام 2010م، بأن احتياطات البلاد من النَّفْط الصخري قد تبلغ نحو 34 مليار طن. كما أعلنت الحكومة الأردنية العام 2013م، أن تقديرات احتياط النَّفْط الصخري في البلد تبلغ 31 مليار طن. وتشير معلومات جيولوجية لخبراء مستقلين إلى أن نحو 60 في المئة من أراضي الأردن تحتوي على احتياط للنَّفْط الصخري. وهي طبعاً أرقام أولية وفرضيات لا يمكن التأكد منها قبل الانتهاء من أعمال الحفر والتقويم. وقد وقعت (جوسكو) امتيازاً مع الحكومة الأردنية العام 2009م، يشمل 22 ألف كيلومتر مربع أو تقريباً ربع مساحة الأردن، من أجل استغلال النَّفْط الصخري. وبدأت فعلاً تنفيذ أولى مراحل مسيرتها بالتنقيب في منطقة الامتياز في مايو/ أيار 2010م. وتتوقع الشركة الانتهاء من كل مراحل التقويم لتبدأ العمل بالمشروع والإنتاج في أواخر العام 2020م» .

أمام كل تلك الأرقام والتفاصيل الفنية، يبقى الأمر الأكثر أهمية، هو علاقة النَّفْط بالسياسة المحلية والدولية، مع ما تقوم به هذه الثروة من نَسْج للمصالح الاقتصادية. وهو ما لا يسعنا هنا تناوله بشكل تفصيلي.

المصادر:

- الدكتور حسين عبد الله، مستقبل النفط العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت – لبنان، الطبعة الثانية، ص 31

- The Top 5 Oil Super Majors, Oil voice, August 20, 2011

- الدكتورة أمينة مخلفي، مدخل إلى الاقتصاد البترولي (اقتصاد النفط)، جامعة قاصدي مرباح – ورقلة، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية والتسيير، ص 19

- محمد دواس العجمي، مبادئ التنقيب عن البترول، الملتقى الحادي والعشرون لأساسيات صناعة النفط والغاز 27 – 31 مارس/ آذار 2011م - الكويت

- بسام توفيق التميمي، تمويل المشروعات البترولية، الملتقى الحادي والعشرون لأساسيات صناعة النفط والغاز 27 – 31 مارس/ آذار 2011م - الكويت

- ماجد المنيف، التطورات في أسواق النفط العالمية، الملتقى الحادي والعشرون لأساسيات صناعة النفط والغاز 27 – 31 مارس/ آذار 2011م - الكويت

- Oil Shale and Tar Sands Programmatic EIS Information Center

The U.S. Department of the Interior, Bureau of Land Management (BLM), prepared a Programmatic Environmental Impact Statement (PEIS) for Oil Shale and Tar Sands resources on lands administered by the BLM in Colorado, Utah, and Wyoming. This Web site is the online center for public information and involvement in the PEIS process.

- محمد إبراهيم السقا، ثورة النفط الصخري، مجلة الاقتصادية، الجمعة 24 رجب 1435 هـ. الموافق 23 مايو 2014 العدد 7529

- وليد خدوري، أهمية النفط الصخري للأردن، صحيفة الحياة اللندنية، الأحد، 22 يونيو/ حزيران 2014م.

العدد 4414 - الثلثاء 07 أكتوبر 2014م الموافق 13 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 9:16 ص

      صالح نظمى

      أسعار النفط سيزيد فى غضون 3 شهور مما سيستقر عند مستوى 70 دولار للبرميل فى منتصف هذا العام بالنسبة لدول المصدرة للنفط الأوبك وسيزيد الطلب على النفط لسلة الأوبك نظرا لتراجع إنتاج النفط الصخرى الأمريكى من الأبار التى تم حفرها فى الشهور الماضية وتراجع الشركات الإنتاجية لخطة التطوير التى كانت متوقعة فى الإنتاج بعد أن كبدت غالبية شركات الحفر الأمريكية مبالغ وخسائر فادحة

    • زائر 5 | 8:49 ص

      سؤال مهم ( 2 )

      صحيح أن أمريكا قد تجد مصادر طاقة بديلة، لكن هذا لا يغنيها أبداً عن حقيقة أن قوة الدولار مرتبطة بالدرجة الأولى بكونه العملة التي يباع بها النفط عالمياً. تذكروا فقط أن أحد اسباب إسقاط صدام حسين كان تحديه لأامريكا وبيع النفط العراقي بعملة أخرى. )) . . . . ما رأي الأستاذ محمد في هذا الكلام ؟

    • زائر 4 | 8:48 ص

      سؤال مهم ( 1 )

      هل ستستغني امريكا عن حلفائها في الخليج إذا اكتفت بالنفط الصخري ؟ هذا تعليق لفيصل القاسم : ((هل تعلم أن أمريكا فكت ارتباط الدولار بالذهب واستبدلته بالبترول في بداية السبعينات، مما جعل النفط المعادل الذهبي للدولار. ولو باعت الدول الكبرى المصدرة للبترول نفطها بغير الدولار لتدهورت العملة الأمريكية. وبالتالي، مغفل من يعتقد أن أمريكا يمكن أن تخسر القوى النفطية التي تضمن لها بقاء عملتها. صحيح أن أمريكا قد تجد مصادر طاقة بديلة . . . للكلام تتمة

    • زائر 3 | 8:25 ص

      مشكور

      بارك الله في جهودك أ. محمد

    • زائر 2 | 7:06 ص

      متابع

      قبلة على الجبين للكاتب المبدع الكريم محمد عبدالله محمد ، طلبنا بحثا عن النفط الصخري فقط فكتب لنا بحثا عن النفط بالكامل !! أخجلتنا بمجهودك في الكتابة . . . أقترح أن تؤلف كتبا أستاذ محمد تضع فيها حصيلة التجارب والمعلومات التي اكتسبتها في شتى المواضيع كي لاتضيع .

    • زائر 1 | 4:18 ص

      معلومات قيمة

      جزاك الله خيرا لهذه المعلومات القيمة ابو عبدالله

اقرأ ايضاً