العدد 4441 - الإثنين 03 نوفمبر 2014م الموافق 10 محرم 1436هـ

الشباب العربي والإنترنت: من خطر الإرهاب إلى غول المخدرات الرقمية

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

مثّل الدخول إلى عالم التكنولوجيا الرقمية في النصف الثاني من القرن العشرين رهاناً وتحدياً، طويلاً ما جاهدت الدول العربية أنفسها كي تتمكن من الولوج إليه حتّى حاز بعضها قصب السبق في نشر الثقافة الالكترونية بفضل ما تتوفّر عليه من إمكانات مادية وإرادة سياسية طموحة. لكن فات الكثير منّا أنّ هذه الثقافة الجديدة يمكن أن تحمل مخاطر لا حدود لها.

وليس المجال هنا لتعديد هذه المخاطر، ولكن الإلماع إلى خطرين -ازدادا تغوّلاً بفضل الأجهزة الالكترونية والرقمية عبر الشبكة العنكبوتية- من الأهميّة بمكان لأنهما ضربا الشباب العربي في الصميم من خلال نشر ثقافة الإرهاب ونشر ثقافة المخدرات الرقميّة.

صحيح أنّ الإرهاب والإدمان على المخدرات ليسا من صنع الثقافة الرقميّة، ولكن العديد من الجماعات الإرهابية في العديد من دول العالم العربي استغلت شبكة الانترنت للإطاحة بالعديد من شباب أمتنا العربية؛ حيث تنتشر المواقع التي تبث الفكر التكفيري وتدعو إلى الجهاد، والتي يقع من خلالها التغرير بالشباب من الجنسين من خلال الوعود الدنيوية والأخروية. ولاشك أن الأعداد المتضاعفة لهؤلاء المغُرّر بهم يُغني عن التعليق. ورغم محاولات أجهزة الأمن والاستخبارات الإيقاع بهذه الشبكات البشرية من خلال فك طلاسم شبكاتهم الرقمية، فإنّ سرعة تصميم صفحات جديدة على المواقع الالكترونية وعدم القدرة على السيطرة الكليّة على هذه الشبكات الرقمية الإرهابية، يجعل متابعة هؤلاء والحد من تحركهم الرقمي ومن بعده الميداني من الصعوبة بمكان.

وأمّا الخطر الثاني فيتمثّل في دخول نوع جديد من المخدرات إلى العالم العربيّ في الأعوام القليلة الماضية، وهو خطر المخدرات الرقميّة؛ وهو عبارة عن مجموعة من الأصوات الموسيقية لها تأثيرات على خلايا الأعصاب الدماغية من خلال اختلال التوازن في الأذنين، لكونهما المسببين لتوازن الإنسان، من خلال عدم التناسق في الموسيقى لكل أذن، ويؤدي ذلك إلى حدوث خلل في الجهاز العصبيّ للإنسان. وقد أدّى انتشار هذا الخطر إلى استنفار الجهات المعنيّة، حكومية كانت أم مدنيّة؛ وذلك لدرء خطره عن الشباب والمراهقين خصوصاً.

وتقوم المخدرات الرقمية التي تنساب من الأذنين على شكل نغمات، لتصل إلى الدماغ وتؤثر على ذبذباته الطبيعية، بإدخال متعاطيها إلى عالم آخر من الاسترخاء. وتتم تجارة هذا النوع من المخدرات عبر الإنترنت، وتأخذ منتجاته شكل ملفات صوتية (mp3) تحمّل أولاً بشكل مجاني كعيّنة تجريبية، غالباً ما تحقق غرضها وتوقع المستمع إليها ضحية الإدمان. وتتعدد أنواع المخدرات الرقمية واستعمالاتها ومسمّياتها (ماريوانا والكوكايين وغيرها)، ومسميات أخرى كـ «أبواب الجحيم» و»المتعة في السماء». وتنشر هذه المواقع خبرات أشخاص تعاطوا المخدرات الرقميّة، وتعرض «منتجاتها» بأسعار تنافسية تشجيعية على عكس المخدرات التقليدية، ودون تواصل مباشر ما يجعلها بمتناول الجميع ودون خطورة القبض على مروجيها.

ولئن يحاول المسوّقون لهذا المنتج الخطير التأكيد على خلوّه من المواد الكيميائية إلاّ أن الأخطار النفسية التي يخلفها هذا النوع من المخدرات تفوق أخطاره المادية أضعافاً مضاعفة؛ وقد خلصت دراسة قام بها نائب مدير إدارة أكاديمية العلوم الشرطية في الشارقة، المقدم سرحان حسن المعيني، العام 2012، إلى أن تأثير المخدرات الرقمية قد يعادل التأثير الذي تحدثه المخدرات التقليدية على عمل الدماغ والتفاعلات الكيميائية والعصبية والحالة النفسية للمتعاطي.

لكن، ومن جهة أخرى، تعتبر بعض المنظمات والجمعيات على غرار المنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات، وجمعية المعلوماتية المهنية في لبنان PCA، والتحالف العربي لحرية الإنترنت، والتحالف اللبناني للإنترنت، أنّ ما يسمّى المخدرات الرقمية هي أمر مبني على تقنية قديمة تسمى «النقر بالأذنين»، اكتشفها العالم الألماني هنري دوف العام 1839، واستخدمت لأول مرة العام 1970 في علاج بعض حالات الأمراض النفسية كالأرق والتوتر».

ووضحت الجمعيّات أنّ «المخدرات الرقمية هي ذبذبات الصوت دلتا وثيتا وألفا وبيتا، وليس هناك دليل على أنّها تسبب الإدمان». وهو ما جعل آراء الشباب العربي حول تأثير المخدرات الرقمية تتباين؛ فمنهم من يؤكد أنها وهم كبير وأنهم لم يشعروا بأيّ تأثير، بينما أحسّ آخرون منهم بدوخة وزغللة وسعادة وابتهاج أو نشاط وخفة يماثل التأثير الذي تحدثه بعض المواد المخدرة التي اعتادوا عليها، وأحياناً ضربات عالية وسريعة في القلب وصداع وضيق ورغبة في إنهاء التجربة بأسرع ما يكون.

لقد بات من المؤكد، حسب مستشار طب الأعصاب باللجنة الطبية للأمم المتحدة راجي العمدة، أنّ هذه الجرعات من الموسيقي الصاخبة تحدث تأثيراً سيئاً على مستوى كهرباء المخ، وهذا لا يشعر المتعاطي بالنشوة والابتهاج فقط، لكنه يحدث ما نسميه طبياً بلحظة شرود ذهني، وهي من أخطر ما يكون لأنهم يشعرون وهماً بأنها نشوة واستمتاع، بينما هي لحظة يقل فيها التركيز بشدة ويحدث خلالها انفصال عن الواقع. وتكرار اختلاف موجة كهرباء الدماغ بهذا العنف وتأثرها بالصخب يؤدي ليس فقط إلى لحظات شرود، ولكن إلى نوبات تشنج.

كما بات من المؤكد أيضاً اليوم أنّك قد تكون في بيتك مع أولادك وأنت تسهر وتظن أنّ أحد أبنائك يراجع دروسه عبر سماعات وملفات صوتية، والحقيقة أنّ ابنك قد يكون في حالة تعاطي للمخدرات وهو معك في المكان نفسه. كما قد تصادف شاباً في الجامعة أو في الشارع أو في المطعم أو الطائرة أو محطة انتظار، وهو يعلق على أذنيه سماعات، فيذهب بك الظن أنه يستمع إلى أغنية أو يتابع تعليق مباراة رياضية في حالة من الانتشاء بما يسمع، لكن حقيقة الأمر ليس بالضرورة أن يكون مندمجاً مع أغنية جميلة، وإنما يمكن أن يكون حينها في حالة تعاطي مخدرات رقمية.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4441 - الإثنين 03 نوفمبر 2014م الموافق 10 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 8:48 م

      المخدرات الرقمية

      فاطمة إبراهيم سلطان
      نعم لقد أصبح الانترنت عنصراً أساسيا في حياة الانسان و بالرغم من الإيجابيات في وجود الانترنت لا يمكن التغاضي عن حجم السلبيات الهائلة التي سببها فقد غزى فكر الشباب و له تأثير كبير فيهم و في التنشئة و الأثر السلبي على نفسياتهم و حقاً تأثيره كالمخدرات فهو يسلب عقلهم و يبعدهم عن الواقع الذي نعيشه و يحرفهم عن الطريق الصحيح و السبب في ذلك بعض الجماعات التي تسعى لتشويه فكر شباب المستقبل حتى على مستوى التخريب و الارهاب

    • زائر 6 | 4:12 ص

      يا لطيف! لكل جيل مخدراته؟؟؟؟؟؟

      تأثير المخدرات الرقمية قد يعادل التأثير الذي تحدثه المخدرات التقليدية على عمل الدماغ والتفاعلات الكيميائية والعصبية والحالة النفسية للمتعاطي.

    • زائر 5 | 11:25 م

      هذا خطر صار في كل بيت تقريبا

      ولكن العديد من الجماعات الإرهابية في العديد من دول العالم العربي استغلت شبكة الانترنت للإطاحة بالعديد من شباب أمتنا العربية؛ حيث تنتشر المواقع التي تبث الفكر التكفيري وتدعو إلى الجهاد، والتي يقع من خلالها التغرير بالشباب من الجنسين من خلال الوعود الدنيوية والأخروية.

    • زائر 4 | 3:14 م

      الشباب العربي والإنترنت: من خطر الإرهاب إلى غول المخدرات الرقمية

      شكرا على اختيار هذه المواضيع الموتكبة
      وواضح فيها الحرص على إرشاد الشباب والعواءل

    • زائر 3 | 10:03 ص

      أخطار من كل جانب

      شكرا على الموضوع
      لا بد من دور للمدرسة في توعية وتحسيس أولادنا

    • زائر 2 | 12:49 ص

      الله يسترنا

      ربي يحفظ أولادنا

    • زائر 1 | 12:13 ص

      المخدرات أنواع

      بعضهم يُؤثر التقليدي منها و البعض يفضل الرقمي منها Digital Drugs و آخر ينسخ و يلصق فقط !!!

اقرأ ايضاً