العدد 4441 - الإثنين 03 نوفمبر 2014م الموافق 10 محرم 1436هـ

بنغلادش ومحاربة الإسلام

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

بودي في مقدمة هذا المقال أن أُذكر كل البنغاليين بمن فيهم حكومتهم، بالمبدأ العام الذي آمن به عالمهم وأديبهم الكبير طاغور، الذي نال جائزة نوبل للآداب العام 1913، والذي كان يردّد كثيراً نبذه للتعصب الذي كان سائداً بين أصحاب الطوائف والأديان في الهند، وكان دائماً يردّد مقولة: «إن المحبة وحدها يجب أن تسود بين الإنسانية جمعاء».

هذه النظرة التي كان يدعو إليها طاغور البنغالي حاربتها -ولازالت- حكومة بنغلادش وبشراسة، حيث أصبحت تقدم خيرة رجالها للقتل والسجن، كما أصبحت تحارب دين الغالبية العظمى من مواطنيها. ولم تكتف بهذا كله بل إنها حذفت من دستورها بند «الإيمان بالله هو دين الدولة»، مع أن حوالي 96 في المئة من المواطنين هم مسلمون، وبعد هذا كله بدأت بتمثيل مسرحية هزلية مكشوفة لتمكنها من قتل أفضل المخلصين من رجالها إرضاءً لبعض التيارات المتعصبة في الهند، وكذلك استجابةً لضغوط بعض الشيوعيين المتنفّذين في حكومتها.

قبل أيام حكمت محكمة خاصة شكلتها رئيسة الدولة (الشيخة حسينة) وبموجب قانون خاص، واختارت لها قضاة من نوع خاص، حكمت تلك المحكمة بإعدام زعيم الجماعة الإسلامية في بنغلادش الشيخ مطيع الرحمن نظامي. والتهمة الموجهة له هي: جرائم قتل واغتصاب، وكذلك جرائم باسم الإنسانية! وهذه الجرائم كما قالوا -قام بها المتهم قبل حوالي واحد وأربعين سنة أثناء حرب الانفصال التي جرت بين باكستان وبنغلادش (كانتا دولة واحدة)، وذلك عام 1971، وقد كان للهند دور بارز في هذه الحرب بهدف إضعاف دولة باكستان.

وكانت تلك المحكمة الخاصة قد حكمت بالسجن لمدة تسعين عاماً على الشيخ غلام أعظم لنفس الأسباب، وقد توفي الشيخ في سجنه عن عمر يناهز 93 عاماً! كما حكمت أيضاً بالسجن مدى الحياة على الشيخ عبدالقادر ملا، وهو من كبار علماء بنغلادش، وعندما اعترض الشيخ على هذا الحكم الظالم قرّر القاضي الحكم بقتله شنقاً، وقد نفذ فيه الحكم في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2013.

أحكام الإعدام والسجن شملت مجموعةً من كبار العلماء، كما شملت كذلك إيقاف العمل الإسلامي أحياناً، والتضييق عليه أحياناً أخرى. والسبب - كما أشرت إليه - أن هؤلاء العلماء كانوا مخلصين لبلدهم الأم - قبل الانفصال - وهي باكستان! كما أصبحوا بعد ذلك مخلصين لبلدهم الذي فرضه الواقع الدولي بعد الانفصال وهي بنغلادش. وهذا النوع من الرجال المخلصين كان يجب أن يكونوا هم القدوة لغيرهم في الإخلاص لدولهم.

إن الخائن هو الذي يساعد على تفتيت بلده وتسليمها للأعداء، ويوم أن وقف أولئك العلماء المخلصون ضد الانفصال كان بلدهم وبلد كل البنغاليين اليوم هي باكستان، ولم يكن آنذاك بلد اسمه «بنغلادش»، وكان الوقوف مع انفصال جزء من الوطن آنذاك يعد خيانةً عظمى في كل قوانين الأرض، فهل كانت حكومة بنغلادش تريد من علمائها أن يكونوا خونة؟

ثم لو أن جزءًا من بنغلادش اليوم أراد الانفصال عنها بالقوة، هل كانت الحكومة تؤيد مواطني ذلك القسم للمساعدة على الانفصال أم ستعتبرهم من الخونة الذين يستحقون الإعدام؟ أجزم أنها ستعدهم خونة، وما دام الأمر كذلك فلماذا تعد أفضل علمائها وأكثرهم إخلاصاً لها، تعدهم خونة وتلفق لهم التهم الزائفة لتحكم عليهم بالقتل والسجن؟

حكومة بنغلادش - للأسف - كان من واجبها أن تعمل على إفساح المجال للعمل الإسلامي بين مواطنيها المسلمين، ولكنها تجاهلت ذلك فضيّقت عليهم، بينما أفسحت المجال على مصراعيه للمنظمات التنصيرية لتعمل بكل قوة لتنصير المسلمين! وبحسب بعض الإحصاءات فإن عدد النصارى في بنجلادش كان خمسين ألفاً، فأصبح حوالي المليونين حالياً! كما أن الدولة ضيّقت كثيراً على المدارس الإسلامية وأقفلت بعض المساجد وسخرت بعض أجهزة إعلامها لمحاربة الإسلام والإسلاميين، وفوق هذا لم تسمح الدولة للجماعة الإسلامية بالمشاركة في الانتخابات بحجة أن نظامها لا يتفق مع دستور الدولة!

بعض جماعات حقوق الإنسان انتقدت طريقة عمل المحكمة الخاصة التي صنعتها الحكومة كما تريد وتشتهي، وذلك نظراً لافتقاد هذه المحكمة لأبسط المعايير الدولية في طريقة تحقيق العدالة. كما أن المتحدث باسم الأمم المتحدة انتقد أيضاً تلك المحكمة، وطالب بإيقاف تنفيذ الأحكام الجائرة على الشيخ عبدالقادر ملا.

دولة بنغلادش بهذه التصرفات تفقد بعدها الإسلامي وتعاطف المسلمين معها، كما أنها ستفقد تعاطف الشعب الباكستاني معها، وهذا بدأ فعلاً. ومن الخير لها المحافظة على نهجها الإسلامي وبعدها العربي والإسلامي.

أما رابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي، فهما غائبتان تماماً عن المشهد المأساوي في بنجلادش، وكأن الأمر لا يعنيهما تماماً مع أنه من صميم عملهما! ومادام الأمر هكذا بالنسبة للرابطة وللمنظمة، فهل يحق لنا لوم دول أخرى أو منظمات حقوقية في هذه الدولة أو تلك؟

يبدو أن المسلمين لا بواكي لهم، لا منهم ولا من غيرهم، ولكن الحقّ سيبقى وسينتشر ولو بعد حين. فلا ييأسن مسلمو بنجلادش مما يرون، فالله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 4441 - الإثنين 03 نوفمبر 2014م الموافق 10 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 10:10 ص

      هل تعلمون بأن الدعارة في بنقلادش مشروعة

      نعم هذا صحيح فالدعارة مسموح بها هناك لدرجة وجود نواد تعر علنية، تتعرى فيها المرأة أمام وحوش يسمونهم رجال

    • زائر 3 | 12:06 ص

      لاتخشى على بنقلادش ايها الكاتب

      قبل ان تتكلم عن بنقلادش اولا هل سألت عن نسبة الالحاد فى الجزيره العربيه والوطن العربي عامة الم تسال ... لماذا يحدث هذا لماذا تدعون الثقافه وانتم تدورون وتلفون وتتعامون عن الحقائق,ل....

    • زائر 9 زائر 3 | 11:04 م

      الرياض

      كلامك صحيح . اللهم انصر الاسلام والمسلمين في كل مكان .

    • زائر 2 | 11:58 م

      نظرة من زاوية أخرى

      أليس هذا ما تقوم به حكومة البحرين بمعارضيها. ان درسنا واقعنا السياسي فاننا نرى الاسلوب الممنهج للحكومات ذات السيادة المطلقه و التي تمني نفسها بتخوين اي فيصل يشكل لها تهديد.
      تعددت الاسباب و الموت واحد.

    • زائر 1 | 9:26 م

      احمد الله

      لو كتبت هذا المقال في بنغلادش لتمت محاكمتك و سجنت عشرون عاما بتهم التدخل في امر القضاء، الزدراء بمؤسسة حكومية، الدفاع عن مجرم ثبتت التهم عليه و اتهامك بالنيابة العامة البنغلاديشية بالكذب. احمد الله لا يصلون اليك. لربما استجلبوك بالانتربول.

اقرأ ايضاً