العدد 4445 - الجمعة 07 نوفمبر 2014م الموافق 14 محرم 1436هـ

خبير: الاحتياطي المالي لدى الدول النفطية معرض للاستنزاف

قال خبير اقتصادي متخصص إن الاحتياطيات والفوائض المالية لدى الدول النفطية معرضة للاستنزاف في حال استمرت أسعار النفط العالمية بالهبوط وظلت وتيرة الإنفاق العام ضمن المستويات العالية الحالية، ولاسيما أن معظم هذا الإنفاق ينصب نحو الإنفاق الجاري بأشكاله المختلفة.

وأضاف أستاذ الاقتصاد في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت محمد السقا في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن اقتصادات الدول النفطية أمام تحد حقيقي يتمثل بنمو الإنفاق العام بلا «ضابط» إلى مستويات عالية وسط هذا الانخفاض الذي تشهده أسعار النفط في الأسواق العالمية واقترابها من مستوى 80 دولاراً أميركياً.

وبين السقا أن هذا النمو في الإنفاق العام ترتب عليه ارتفاع الحد الأدنى لسعر برميل النفط اللازم لتوازن موازنات الدول النفطية والذي بلغ مستويات «لا يمكن أن تدعمها اتجاهات أسعار النفط في المستقبل إذا ما استمر هذا الانخفاض» حيث يبلغ على سبيل المثال السعر الذي تم تقدير الإيرادات النفطية على أساسه في موازنة الكويت الحالية 75 دولاراً للبرميل.

وتوقع أن تواجه بعض الدول النفطية عجزاً في ماليتها العامة في الجزء المتبقي من السنة المالية الحالية والأعوام المقبلة إذا استمرت أسعار النفط في التراجع أو حتى إذا بقيت على مستوياتها المنخفضة حالياً.

وأوضح أن التطورات التي شهدتها أسعار النفط في الفترة الأخيرة يترتب عليها اتجاهان مهمان بالنسبة للمالية العامة في الدول النفطية يتمثل أولهما بارتفاع نسبة مساهمة الإيرادات النفطية في إجمالي الإيرادات العامة إلى مستويات عالية تتجاوز في بعض الحالات 90 في المئة في حين يتمثل الاتجاه الثاني باختلال العلاقة بين الإنفاق الجاري والإنفاق الرأسمالي للدولة.

وأضاف أنه على رغم أهمية الإنفاق الرأسمالي في دعم تنافسية الاقتصادات النفطية فإن النمو في الإنفاق العام انصب بصورة أساسية على الإنفاق الجاري بأشكاله المختلفة مثل الرواتب والدعم الذي تقدمه الدولة لعديد من السلع والخدمات مثل البنزين والماء والكهرباء وغير ذلك.

وبين أن الخطورة الأساسية في هذه التطورات تعزى إلى أن الإنفاق الجاري متى ما ارتفع يصبح من الصعب السيطرة عليه في المستقبل، مشيراً إلى أن التجارب في العالم أثبتت أن برامج الإصلاح المالي التي تهدف إلى السيطرة على الإنفاق الجاري لم تكن سهلة أبداً.

وذكر «أن أسعار النفط أخذت في التراجع إلى مستويات تهدد قدرة الدول النفطية في المنطقة على الاستمرار في سياسات الإنفاق التوسعية التي لجأت إليها في السنوات القليلة الماضية اعتقاداً منها بأن الاتجاهات الحالية لأسعار النفط ستستمر عند مستوياتها المرتفعة وأن عصر النفط الرخيص قد ذهب بلا رجعة».

وأشار إلى أن هذا الاعتقاد دفع بعض الدول النفطية إلى رفع مستويات الدعم «لكل ما يستحق الدعم وما لا يستحق» فيما اتجه البعض الآخر إلى رفع مستويات الرواتب ما يكبد الإنفاق الجاري أموالاً ضخمة.

ومع ذلك كله أوضح السقا أن جانباً من النمو في الانفاق العام كان «ايجابيا» عندما جاء في صورة زيادة في الانفاق الرأسمالي لدعم البنى التحتية الامر الذي من شأنه رفع قدرة الاقتصادات المحلية في هذه الدول على تحمل مستويات أعلى من الاستثمار ولاسيما الآتية من القطاع الخاص ودعم مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج ومحاولة التنويع بعيداً عن النفط.

وبشأن أبرز التوقعات لاتجاه أسعار النفط في الفترة المقبلة رأى أنها ستستمر منخفضة بسبب عوامل عدة أهمها تراجع آفاق النمو في الاقتصاد العالمي وزيادة العرض من مصادر الطاقة غير التقليدية وعلى وجه الخصوص النفط والغاز الصخري وزيادة كفاءة عمليات استهلاك الطاقة.

ولمواجهة ذلك الانخفاض وتأثيراته على مالية الدولة العامة بين السقا عدداً من الحلول الحقيقية التي تضمن استدامة سلامة المالية العامة للدول النفطية (الخليجية على وجه الخصوص) على المدى الطويل من خلال برنامج مكثف للإصلاح المالي يتناول بعض السياسات في جانب الإنفاق.

واكد في هذا الصدد أهمية السيطرة على النمو في الانفاق العام الجاري بكل السبل وإعادة تقييم ما هو ضروري من هذا الإنفاق وما يمكن وقفه إلى جانب اهمية رفع كفاءة الانفاق العام بالسيطرة على مواطن الهدر فيه.

ومن جملة الحلول التي قدمها شدد على أهمية إعادة دراسة الأشكال المختلفة للدعم والتي أصبحت تستنزف مبالغ طائلة من الانفاق العام قاربت ستة مليارات دينار كويتي في مشروع الموازنة الأخيرة وإلغاء غير الضروري منها وترشيد الضروري بحيث تقتصر الاستفادة منه على الفئات ذات الدخل المحدود.

ودعا إلى وقف عمليات التعيين في القطاع الحكومي وإجبار القطاع الخاص على تحمل مسئوليته المجتمعية في توظيف العمالة الوطنية إضافة إلى احتواء المطالب الداعية إلى رفع الرواتب بنسب كبيرة دون أية اعتبارات للتكلفة الحقيقية الحالية والمستقبلية لتلك المطالب في وقت تتراجع أسعار النفط وتتزايد المخاوف من العجز المالي.

وبين أن زيادة الرواتب تحمل التزامات وأعباء إضافية على المال العام كما أن رفع الرواتب الحكومية سيترتب عليه رفع المساهمات التي تدفعها الدولة للعاملين في شركات ومؤسسات القطاع الخاص.

ورأى السقا أهمية النظر بجدية في تنويع الإيرادات العامة للدولة من خلال إدخال الضرائب على ارباح الشركات والغاء الازدواجية القائمة حالياً في هيكل الضرائب على الشركات الوطنية والشركات الأجنبية كما انه ينبغي إعادة تسعير السلع والخدمات العامة للدولة لكي تقترب من التكلفة الحقيقية لها ورفع الرسوم المختلفة.

وعلى المدى الطويل لفت إلى أنه لا يوجد خيار آخر أمام الكويت من تنويع هيكلها الاقتصادي بعيداً عن القيد النفطي من خلال رؤية واقعية لما تمتلكه من مزايا نسبية ومكتسبة يمكن أن تعزز ناتجها غير النفطي وتضمن استدامة مستويات الرفاهية الحالية وخلق وظائف كافية للمواطنين خارج القطاع الحكومي.

وكانت الفترة الأخيرة شهدت تراجعاً في أسعار النفط الخام لأسباب عديدة عزاها بعض المتخصصين الى تراجع الطلب العالمي على النفط الخام نتيجة تراجع معدلات النمو في مراكز الاستهلاك الرئيسة في العالم ولاسيما في أوروبا وأسواق الدول الناشئة وعلى رأسها الصين.

فيما أرجع البعض الآخر ذلك إلى التوقعات المتشائمة حول اتجاهات النمو في الاقتصاد العالمي في المستقبل ولاسيما في منطقة اليورو في حين عزا طرف ثالث التراجع إلى فقدان منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) القدرة على السيطرة على السوق العالمي للنفط الخام.

وقال البعض الآخر من المتخصصين إن تزايد الإنتاج من خارج دول (أوبك) وتزايد الاكتشافات خارجها فضلاً عن تكثيف عمليات إنتاج النفط الصخري أدى إلى تراجع الأسعار.

يذكر أن سعر برميل النفط الخام الكويتي انخفض في تداولات يوم الجمعة الماضي إلى مستوى 80.66 دولاراً أميركياً وفقاً للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية في وقت يبلغ متوسط إنتاج الكويت من النفط نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً.

العدد 4445 - الجمعة 07 نوفمبر 2014م الموافق 14 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً