العدد 4453 - السبت 15 نوفمبر 2014م الموافق 22 محرم 1436هـ

ما قبل المقاطعة أو المشاركة في الانتخابات

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

العملية الانتخابية، هي واحدة من الممارسات لتطبيق الديمقراطية، فينتخب الشعب بشكل أولي مجلسه الدستوري (التأسيسي)، الذي يؤسس للتوافق الوطني على النظام السياسي لإدارة الدولة، ويؤسس للمبادئ الحقوقية، سواء في جوانبها الإنسانية، التي تصونها جميع سلطات الدولة، وتكون المنارة التي تهتدي بنورها تلك السلطات، في التعامل مع المواطنين، بالعدالة والمساواة، لا تمييز بينهم، لحفظ إنسانيتهم وكرامتهم؛ أو في جوانبها الخدمية لحماية المواطنين ورعايتهم ضد العوز والجوع والجهل والمرض. فتعمل السلطات جادةً، وبالأمانة التي تستثمر للوطن ثرواته، لتنهض بخدمات الإسكان وتوفير فرص العمل في جميع التخصصات، وإشاعة التعليم المتطور من محو الأمية وصولاً إلى التعليم الجامعي العالي، عبر ربط مخرجات التعليم بسوق العمل، وتوفير وسائل التطبيب، من المستشفيات والمراكز الصحية، المعنية بالوقاية والعلاج، وتطوير البنى التحتية بما يسهل الحياة على الجميع.

والديمقراطية هي المحافظة على ثروات الوطن وحمايتها من السرقات والفساد، وحسن إدارتها بما يحفظ للأجيال المتعاقبة، الحياة الأفضل من آبائهم، وبما يؤصل ويطور للشعب، حقه في العيش بالعدالة والمساواة والكرامة والحرية، وبما يؤسّس ويطوّر آليات أن يمارس الشعب حقه في انتخاب سلطاته، وحق قبولها أو رفضها، وبالتالي إبدالها، ومحاسبتها عبر الرقابة، ووضع حدود مسئولياتها عبر التشريع، فينتخب الشعب من يمثله، سواء لسلطة الرئاسة، أو سلطة الشعب التشريعية، أو سلطة الشعب التنفيذية، وكذلك سلطته القضائية.

والديمقراطية مبنية أساساً، على أن الشعب الذي يجمع مواطني الدولة، بجميع مشاربهم، هو الأصل، وعلى مبدأ أن «الشعب مصدر جميع السلطات» وسيّدها، والسلطات هي الخادمة له، وهي تنبثق منه في أفرادها، عبر انتخاب الشعب لها، وتوكيلها إدارة شئونه، حسب ما رسم لها من مهام في توافقه الوطني على الدستور. فالسلطات موظَّفَةٌ لدى الدولة، يراقب الشعب أفرادها، ويحاسبهم ويعزلهم ويبدلهم، ويدينهم ويعاقبهم، من خلال ما ينتخب من سلطات، حسب دور كل منها الموصوف في الدستور، ما بين السلطة الرئاسية والقضائية والتشريعية والتنفيذية.

والديمقراطية هي الاكتمال بجمع الإختلاف، الذي يتبدى طبيعياً في تناوب سلطات الدولة، ما بين الطرف الحاكم القائم وما بين المعارضة، فيتناوب الطرفان مواقعهما، ما بين استفراد طرف، أو الطرف الآخر، أو جمعاً ما بين الطرفين، أو مزجاً بين عدة أطراف، استجابةً للقرار الشعبي الحر المباشر، من خلال صناديق الاقتراع، فلا ديمقراطية لدولة، تُنتهك فيها حقوق المواطنين، كونهم معارضين لسلطات الحكم، ولا ديمقراطية لدولة يصد ظلم سلطاتها القائمة، معارضيها عن المشاركة في إدارة الدولة، من حيث أن الوطن لا يملكه طرفٌ دون الآخر، بل يملك الوطن جميع مواطنيه، وحقّ على الجميع أن لا يهمّش أو يدفع الآخر خارج حدود الوطن، أو خارج سمات المواطنة والوطنية.

والديمقراطية هي أن تظل جميع هياكل الدولة، بإداراتها وموظفيها، دون مس بأي منهم، يواصلون العطاء الوطني، تحت قيادة هذا الطرف أو ذاك، من السلطات التي يختارها الشعب، وبالذات تلك الأجهزة المعنية بالأمن العام والدفاع عن الوطن ضد أي اعتداءٍ خارجي، فهذه يتأصل واجبها الوطني والوظيفي، في خدمة الوطن والمواطنين، ليس إكراماً لسواد عيون هذا المسئول أو ذاك، بل إخلاصاً للوطن وللمواطنين، فالوطن هو الباقي، والشعب هو المتجدّد في إستمراره، وأفراد السلطات أسرع فناءً، سواء وظيفياً أو حياة.

وفي الدولة المدنية الحديثة، السلطات مهما كان منشؤها، لا تكتسب شرعيتها، ما لم يقبلها شعب الدولة، سواءً بالرضا العام الجامع من الشعب، أو برضا الفريق الغالب منه تعداداً، مع حفظها، أي السلطات، لحقوق مخالفيها من المواطنين، على أرضية أن الشعب هو المعني بإيكال مهام إدارة الدولة (الوطن)، إلى هذا الفريق المواطني أو ذاك.

والقانون لا يكتسب صفته وقوته وحقوقيته، ما لم يتساوَ أمامه المواطنون، من أضعفهم إلى أقواهم، لأن القانون يسود على الجميع، ولا تتحقق للشعب، الذي هو جمع المواطنين، مصدرية السلطات، إلا من خلال صوته الحر المباشر، سواء الإنتخابي أو الإستفتائي، أو صوت وكيله الذي ينتخبه بصوته الحر المباشر، من دون أدنى وصاية أو ضغط، من قبل أية سلطة في الدولة، فمتى ما اختلّت هاتان القاعدتان للديمقراطية، سقطت الدولة في صفتها المدنية والديمقراطية والدستورية، وسقطت شرعية سلطاتها. ولنا مواصلة.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4453 - السبت 15 نوفمبر 2014م الموافق 22 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 3:10 م

      احسنت يا بن سيادي

      أشكرك على الروح المهنية العالية ، كيف لاتكون كذلك وأنت تنتمي إلى خيرة عوائل المحرق

    • زائر 8 | 7:40 ص

      تنظير لا يرتقي إلى الواقع

      الوطن يا سيدي لا يحتاج إلى تنظير منك .. الوطن يحتاج إلى أن تعيش الواقع وتطلب الممكن عبر القنوات المتاحة .. هذه أبجديات السياسة وان ذهب خيالك إلى ما تراه مثاليا فأنت لا تعيش الواقع

    • زائر 7 | 2:24 ص

      ديمقراطيه الغاب

      احسنت ايها الرجل الشريف فأنت رجل في زمن قلّ فيه الرجال وما سطره قلمك هو عين الحقيقه التي يريدون ان يطمسوها بظلمهم والله لهم بالمرصاد وإن غداً لناظرهِ قريب

    • زائر 6 | 2:24 ص

      لن

      لن تنصلح البحرين الى ان يكون الشعب مصدر السلطات وهاده هو الحل الانسب للديرة عشان تفتك الناس من الظلم يعنى الشعب مصدر السلطات والله ياخد الحق

    • زائر 5 | 1:36 ص

      سلمت يداك

      سيد القول يا ابن سيادي تحياتي لك

    • زائر 4 | 12:55 ص

      عن نفسي قاطعت في السابق ولم اندم وسأقاطع على طول

      لا ارى افقا ولا ارى ادنى مستويات الديمقراطية ولا ارى أي شيء يبعث على التفاؤل ابدا وانما ارى محاولات اعلامية تلميعية كلها ضحك على الناس في الداخل والخارج ومن يقبل على نفسه ان يستحمر المرّة والاثنتين والثلاث فلا يلومنّ الا نفسه

    • زائر 3 | 11:43 م

      البحرين

      كلامك أكاديمي و توصيفك للديمقراطية كلاسيكي لا بختلف اثنان فيه و لكن الواقع مختلف فأنت متحالف مع جماعة سياسية دينية و هذا ضد احد اهم مبادئ الدولة المدنية و هو فصل الدين عن الدولة لا يمكن لنا ان نقبل بالديمقراطية التامه قبل حظر الأحزاب الدينية بطرفيها السني و الشيعي و منع رجال الكهنوت من التدخل في الشأن العام

    • زائر 2 | 11:29 م

      كل عام

      كل عام وانت بالف خير

اقرأ ايضاً